كيف أتخلص من ذنوب الماضي؟.. 3 أمور و7 دعوات لا تغلفها
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
كيف أتخلص من ذنوب الماضي؟ سؤال يشغل الكثيرين من المسلمين، لأن كل بني آدم خطاء، وخير بني آدم من يبادر إلى التوبة وفق ما أرشدنا القرآن الكريم وهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وفي التقرير التالي نوضح كيفية التخلص من الذنوب، والدعاء الذي يغفر جميع الذنوب ولو كانت كزبد البحر.
التوبةكيف أتخلص من ذنوب الماضي؟التوبة من المعصية واجبة شرعًا باتفاق الفقهاء؛ لأنها من أهم قواعد الإسلام، قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (12/ 238، ط.
ووفق دار الإفتاء فإن التوبة من الذنوب واجبة، على المذنب أن يبادر بها؛ ليخرج من الدنيا سليمًا معافًى آملًا وراجيًا من الله عزَّ وجلَّ أن يتفضَّل عليه ويُدخله الجنة وينجيه من النار، وإذا تعلَّق الذنب بحقوق العباد فلا بد من التحلل من المظلمة؛ لأن الله تعالى قد يغفر ما كان من الذنوب متعلقًا بحقه، ولا يغفر ما كان متعلقًا بحقوق العباد، إلا إذا تحلَّل الظالم من المظلوم فسامحه.
وشددت: فمَن كان مِن المسلمين يفعل ذنبًا أو معصية فعليه بالتوبة من ذلك، وقد تفضل الله تعالى على عباده بقبول توبتهم والعفو عن سيئاتهم، فمتى تاب العاصي من معصيته واستغفر الله لذنبه قَبِل الله توبته وغفر له؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 110]، وقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25]، وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه الشريف؛ فعن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه، أن رسول صلى الله عليه وآله وسلَّم قال: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» أخرجه ابن ماجه والبيهقي في "السنن"، والطبراني في "الكبير"
من أسباب غضب الله تعالىيقع من المسلم شيء من الزّلل أو الغفلة تجعله يقع في المعصية ومخالفة الشرع، وإذا حصل من الإنسان شيء من ذلك فعليه المبادرة بالاستغفار والتوبة عما وقع فيه، وقد بيّن القرآن الكريم حال المسلم إذا وقعت منه الذنوب والمعاصي، قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} الزمر/ 53.
ووفقًا للإفتاء الأردنية فإنّ المعصية في الأصل سبب من أسباب غضب الله تعالى، وموجبة للعقوبة في الآخرة، بل قد تؤثر على حياة الإنسان في الدنيا، فتجعله مضطرباً في سلوكه وعلاقته بالآخرين، ولا يصاحبه التوفيق في أعماله وأوقاته، سواء لاحظ ذلك بالفعل أو لم يلاحظه، ولذلك فإنّ الله تعالى شرع لنا في الإسلام طرقاً كثيرة للتوبة من المعاصي واستدراك ما فات.
وشددت إذا كانت المعصية التي وقع فيها العبد كبيرة من الكبائر، كالرّدة والزّنا والرّبا وشرب الخمر وعقوق الوالدين وقذف المحصنات وقتل النّفس وأكل مال اليتيم، فإنه يجب عليه وجوباً عينياً أنْ يتوب منها، والتوبة تتحقق بأمور ثلاثة: أن يقلع عن المعصية فوراً، ويعزم على عدم العودة إليها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وأن يجد في قلبه ندماً على ما قصر فيه فيستغفر الله على ما كان، فإذا فعل ذلك غفر الله تعالى له كما وعد، قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} الشورى/25، وإذا كانت المعصية متعلقة بحقّ من حقوق الناس كأن يأخذ مال أحدٍ، فيجب عليه أيضاً أن يعيد الحقّ لصاحبه.
وأمّا إذا كانت المعصية دون الكبائر؛ فإن الله تعالى جعل لها أسباباً كثيرة للمغفرة رحمةً منه وفضلاً، ولو شاء لما عفا عن شيء، قال الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} الشورى/30، ومن هذه الأسباب: التوبة بحسب الشروط المذكورة آنفاً، وإسباغ الوضوء، والمشي إلى المساجد، والسجود، وصوم رمضان، وقيام الليل، واجتناب الكبائر، ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} النساء/31، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟( قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: (إسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخطا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ) رواه مسلم، وقوله عليه الصلاة والسلام: (مَا مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ) رواه مسلم.
هل يقبل الله التوبة مع تكرار العودة إلى الذنب .. فيديو هل يشترط لإكمال التوبة الزواج ممن زنيت بها؟.. علي جمعة يحدد 6 أعمال حكم الإصرار على ارتكاب الصغائرذكر علماء الشّريعة أنّ الإصرار على الصغائر كبيرة من الكبائر؛ لأنّ الإصرار على المعصية فيه استهانة وقلّة مبالاة، فينبغي للمسلم أن يحرص على التوبة الدائمة من كل ذنب، وأن لا يكرر المعاصي، وأن لا يسأم من التوبة مهما وقع في المعصية، وأن لا يقنط من رحمة الله تعالى، فإن القنوط أحد المعاصي؛ لأن القانط كأنه يستقل رحمة الله وفضله.
ومهما كان الذنب الذي يقع فيه المسلم من صغيرة أو كبيرة، فإن الله يغفره بتوبة صاحبه عنه، ولا يجوز تكفير المسلمين بذنوبهم مهما كانت، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وتكفير المسلمين بارتكاب الذنوب هو مذهب الخوارج، وهو مذهب باطل لا يصح شرعاً، جاء في [تحفة المحتاج 3/ 92]: "... وإلا فكل مسلم ولو فاسقاً يدخلها أي الجنة، ولو بعد عذاب وإن طال، خلافاً لكثير من فرق الضلال كالمعتزلة والخوارج".
وعليه؛ فإنّ المسلم الذي يقارف ذنباً من الذنوب مؤمن ليس بكافر، ويجب عليه شرعاً أن يتوب من ذنبه ويعزم على عدم الوقوع فيه ويرد الحقّ لصاحبه، ولو وقع مرة أخرى في المعصية عاد إلى التوبة، وأعاد تجديد عهد العبودية لله تعالى، ولا يقنط من معصية أبداً، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
كيف أتخلص من ذنوب الماضي؟يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، إنه على المسلم أن تحفظ قلبك من كل خاطر ردي وأن تطرده وأن تنظفه ؛فإنه محل لسطوع شموس المعرفة، فلابد عليك أن تحرس قلبك، وحراسة القلب لا تتأتى إلا بالمراقبة ،فدائما يراقب الإنسان نفسه حتى يحرس قلبه كما حُرست السماء والتي فيها مطالع أنوار الأكوان بالشهب حتى لا يعتدي عليها معتدٍ ويجعلها شهابا رصدا ،فكذلك لابد أن تحرس قلبك من هذه التغيرات التي تحدث في الأرض من شهوات ورغبات وحجب.
وتابع من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: نور القلب في داخل القلب لكنك تحجبه بالذنوب والمعاصي، وكان سيدنا أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه يقول: «لو كُشف عن نور قلب المؤمن العاصي» انظروا للكلام المؤمن العاصي لأنه مؤمن لأن بعض الناس تقول : هذا مؤمن وعاصي فكيف يكون له نور ؟ لأن الإيمان له نور لو كشف عن نور قلب المؤمن العاصي لطبق ما بين السماء والأرض بالإيمان، إذن أنت معك كنز فلابد عليك أن تستغل هذا الكَنز وتعلم هذا الكنز، لا تستقل هذا الكنز واحترم هذا الكنز واعمل لله به.
وأوضح أن ابن عطاء الله السكندري يقول: «نورٌ في القلوب مدده من النور الوارد من خزائن الغيوب» فإذا حصل وجليت عن ما في قلبك من نور بالطاعة والذكر والالتزام والديمومة والتعرض لنفحات الله، أو التعرض لنفحات الله في أماكن نفحاته، إذا فعلت ذلك وجاءك وصادفك النور الذي هو ممتدٌ من خزائن الغيوب فتغرق في النور.
وشدد: هناك نور في القلب ينتظر ويتشوف أن يتعشق مع النور الوارد من خزائن الغيوب، فنبه على ذلك بألطف عبارة وقال: «هذا التوافق بين ذكرك وطاعتك وعملك، وبين توفيق الله لك، والتوافق بين نيتك واختيارك الصالح، وبين أمر الله فيك بأحسن عبارة» هذا التوافق فيقول: «نورٌ مستودع في القلوب مدده من النور الوارد من خزائن الغيوب» فإذا حدث هذا المدد والاتصال بين النورين فإنه يتم النور.
وبين علي جمعة، أن الإنسان يحتاج إلى التوبة دائمًا لأن الله قد أمر بتوبة مخصوصة وهي التوبة النصوح، مستدلًا بقول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
الذكرشروط التوبة النصوحوأوضح شروط التوبة وهي أن يقلع الإنسان عن الذنب ويفارقه ويبتعد عنه، ثم يندم القلب على ما فرط واقترف في حق الله، ثم يعزم بإخلاص ويعاهد الله على عدم العودة للذنب مرة أخرى، مؤكدًا أن مراجعة الإنسان الدائمة عظيمة النفع في ترقي الإنسان وخلاصه من الدنايا، ولقد ضرب لنا المصطفى -صلى الله عليه وسلم- مثلًا من نفسه؛ حيث قال: «يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة» [رواه الترمذي]، وسنة الله في طبيعة البشر اقتضت أن تكون تلك التوبة والمراجعة دائمة، ولا ينبغي أن نمل من كثرة التوبة إلى الله، ولا نمل من مصارحة النفس بالعيوب والقصور، لا نمل من الإقلاع بهمة متجددة لرب العالمين.
وتابع: الله يحب من عبده إذا أخطأ أن يرجع عن خطئه، حتى لو تكرر الخطأ أو الخطيئة، فهو يقبل التوبة من عبادة ويعفو عن كثير، ويقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» [رواه أحمد والترمذي]، مشددًا: أن التوبة فلسفة كبيرة في عدم اليأس، وفي وجوب أن نجدد حياتنا وننظر إلى المستقبل، وأن لا نستثقل حمل الماضي، وإن كان ولابد أن نتعلم منه دروسًا لمستقبلنا، لكن لا نقف عنده في إحباط ويأس، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.
بينما قال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء: « مطلوب منك الاستغفار، والتوبة، والحفاظ على الأعمال الصالحة».
وأوضح « شلبي» أن أولى خطوات التوبة: الاعتراف بالخطأ، ثم استغفار الله عليه بطلب العفو منه - سبحانه-، إضافة إلى الإصرار والصدق فيها بعدم العودة إلى الذنب مرة أخرى، مستدلًا بقوله - تعالى-: «وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا»، ( سورة النساء: الآية 110).
دعاء التوبة والاستغفار من الذنوباللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض، ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض، ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن. أنت الحق وقولك الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت، فاغفر لى ما قدمت وأخرت وأسررت وأعلنت أنت إلهي لا إله إلا أنت.
اللهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي، وتجمع بها شَمْلِي، وتَلُمُّ بها شَعَثي، وتَرُدُّ بها أُلْفَتِي وتُصلِحُ بها دِيني، وتحفظ بها غائبي، وترفع بها شاهدي، وتُزَكِّي بها عملي، وتُبَيِّضُ بها وجهي، وتلهمني بها رُشْدي، و تعصمني بها من كل سوء.
اللهم إني أُنْزِل بك حاجتي وإن ضَعُفَ رأيي وقصر عَمَلي وافتقرت إلى رحمتك، فأسألك يا قاضي الأمور ويا شافي الصدور كما تجير بين البحور، أن تجيرني من عذاب السعير ومن دعوة الثُّبور وفتنة القبور.
اللهم أعطني إيماناً صادقاً، ويقيناً ليس بعده كفر، ورحمةً أنالُ بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة.
اللهم إني أسألك الفوز عند القضاء، ومنازل الشهداء، وعيش السعداء، والنصر على الأعداء، ومرافقة الأنبياء.
اللهم إني أُنْزِل بك حاجتي وإن ضَعُفَ رأيي وقصر عَمَلي وافتقرت إلى رحمتك، فأسألك يا قاضي الأمور وياشافي الصدور كما تجير بين البحور أن تجيرني من عذاب السعير ومن دعوة الثُّبور وفتنة القبور.
اللهم ما قصر عنه رأيي، وضعف عنه عملي، ولم تبلغه نيتي وأمنيتي من خيرٍ وعَدْتهُ أحداً من عبادك وخيرٍ أنتَ مُعْطِيه أحداً من خلقك، فإني أرغب إليك فيه وأسألك يا رب العالمين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التوبة من المعصية صلى الله علیه وسلم اللهم إنی أ الله تعالى التوبة من من الذنوب إلى الله الله فی وأن لا ر الله ل الله ما کان
إقرأ أيضاً:
التواضع زينة الأخلاق.. تأملات في قول الله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ}
التواضع سمة عظيمة تزين الإنسان وترفع قدره بين الناس، وهو خلق دعا إليه الإسلام وأكد عليه القرآن الكريم في مواضع عديدة، ومن أبلغ هذه الدعوات ما ورد في قوله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18].
التواضع في القرآن الكريمفي هذه الآية الكريمة، يوجه الله تعالى الإنسان إلى التحلي بفضيلة التواضع، محذرًا من مظاهر الكبر والغرور التي تتنافى مع جوهر الإيمان. فقد نهى الله عز وجل عن صعر الوجه، وهو الميل به عن الناس تكبرًا واحتقارًا لهم، كما نهى عن المشي في الأرض بمرح وأشر، لأن ذلك يعكس غطرسة لا تليق بالإنسان المؤمن.
وقد جاء في تفسير الإمام النسفي: أن المقصود بـ {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ} هو الإقبال على الناس بوجه بشوش وعدم إظهار التعالي عليهم. أما {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا}، فهو تحذير من المشي بغرور وتفاخر، لأن الله لا يحب المتكبر الذي يعدد مناقبه ويتفاخر على الآخرين.
التواضع في السنة النبويةالتواضع خلق عظيم تجسد في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان خير قدوة في معاملته للناس. فقد كان يجالس الفقراء ويزور المرضى ويجيب دعوة الضعفاء. وقال صلى الله عليه وسلم: "وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ" [رواه مسلم].
أثر التواضع في بناء المجتمعالتواضع لا يقتصر على كونه خلقًا فرديًا، بل هو ركيزة أساسية في بناء مجتمع متحاب ومتسامح. فالإنسان المتواضع يُحبّه الناس ويقتربون منه، بينما ينفرون من المتكبر الذي لا يرى سوى نفسه.
كيف نطبق التواضع في حياتنا اليومية؟استقبال الآخرين بوجه بشوش: كن ودودًا وبشوشًا في تعاملك مع الجميع، بغض النظر عن مكانتهم أو حالتهم الاجتماعية.
الاعتراف بفضل الآخرين: لا تجعل النجاح يدفعك لتقليل قيمة من حولك، بل اشكر من ساعدك وأثنِ على جهودهم.
التواضع في الحديث: تجنب التفاخر بإنجازاتك أمام الآخرين، وشاركهم قصصك بروح متواضعة.
الإنصات للآخرين: اجعل وقتًا للاستماع لآراء من حولك، واحترم أفكارهم دون تقليل من شأنها.
التواضع خلق عظيم يجلب المحبة والقبول، وهو مفتاح السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة. فلنجعل من هذه الآية الكريمة نبراسًا نهتدي به في تعاملاتنا اليومية، ولنتذكر أن الكبر لا يزيد الإنسان إلا بعدًا عن الآخرين وعن رحمة الله.