✒️ حاج ماجد سوار: خارطة طريق لترتيبات ما بعد الحرب
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
بات جلياً أن الحرب المفروضة على بلادنا بواسطة تحالف ( المليشيا المتمردة / قحت / قوى الشر الإقليمية و الدولية / الرأسمالية المتوحشة ) في نهاياتها ، و أن القضاء على أخطر و أكبر مؤامرة مثلت تهديداً وجودياً للسودان أصبح أقرب من أي وقت مضى و ذلك بفضل مجاهدات و تضحيات قواتنا المسلحة و شعبنا الصابر الصامد الأبي .
و حتى لا يحدث أي فراغ سياسي بعد نهاية الحرب فلابد من التفكير في صياغة رؤية سياسية تبنى عليها الترتيبات اللازمة التي تحقق أكبر قدر من التوافق و تضمن إستقرار البلاد و أمنها وصولاً إلى محطة الإنتخابات ليقول الشعب صاحب الحق الأصيل كلمته و يختار من يحكمه .
و لكن و قبل كل ذلك لا بد من الوقوف على مسببات الأزمة السياسية التي دخلت فيها البلاد منذ أبريل 2019 و نتج عنها إنسداد الأفق الأمر الذي أدى إلى تقدم الحلول العسكرية بدلاً عن الحلول السياسية و قادنا إلى الوضع الراهن .
حسب معظم المراقبين و المحللين السياسيين فإن الأسباب التي أنتجت الأوضاع الحالية تعود إلى الآتي :
1/ إنفراد قوى سياسية ( قحت) بالمشهد و ادعائها بأنها هي صاحبة الملكية المطلقة للتغيير الذي شهدته البلاد في الحادي عشر من أبريل 2019 و إصرارها على فرض رؤيتها و أجندتها الفكربة و السياسية على الشعب السوداني دون تفويض أو شرعية إنتخابية .
2/ إصرار هذه القوى على إقصاء كل من يخالفها الرأي الأمر الذي لم يسلم منه حتى حلفائها في الجبهة الثورية ( قوى سلام جوبا ) و بعض المكونات السياسية و المدنية .
3/ إصرار هذه القوى ( قحت ) على تمديد الفترة الإنتقالية لفترة تتراوح بين 10 – 15 سنة دون إجراء أي إنتخابات .
4/ خيانة رئيس وزرائها عبد الله حمدوك للبلاد و لشركائه من المكون العسكري باستدعائه للبعثة الأممية التي ساهمت بصورة كبيرة في تأزيم و تعقيد الأوضاع السياسية .
5/ تنفيذ ما سمى ( بإزالة التمكين و تصفية نظام الثلاثين من يونيو ) دون مراعاة للحقوق الدستورية و القانونية للمواطنين حيث تم فصل و تشريد الآلاف من وظائفهم بتلك الذريعة و صودرت الأموال و الممتلكات الخاصة و أموال المستثمرين الوطنبين و الأجانب .
6/ فشل السياسات الإقتصادية و الإجتماعية التي اتبعتها هذه القوى ( قحت ) و حكومتها في تحسين معاش و في تحريك الوضع الإقتصادي نحو الأفضل الأمر الذي نتج عنه تدهور مريع في الخدمات و تراجع النمو الإقتصادي إلى السالب ، و وصل الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 50 مليار دولار في العام 2022 بينما كان أكثر من 900 مليار دولار في العام 2018 .
7/ تأزم العلاقة بين (قحت) و المكون العسكري بسبب إصرارها على تفكيك القوات المسلحة و القوى النظامية و الأمنية الأخرى تحت ذريعة الإصلاح العسكري و الأمني ، و قد وصلت العلاقة إلى أسوأ مراحلها عند محطة الإتفاق الإطاري و مخرجاته .
8/ دخول هذه القوى ( قحت ) في تحالف سياسي / عسكري مع زعيم قوات الدعم السريع و اتفاقمها على قاعدة ( إما الإتفاق الإطاري أو الذهاب إلى الحرب ) .
هذه الأسباب مجتمعة و غيرها ساهمت في تأزبم المشهد السياسي و الوصول به إلى مرحلة الإنفجار عندما حاولت هذه القوى متحالفة مع قوات الدعم السريع و بدعم و تمويل مباشر من الدولة الخليجية الإستيلاء على السلطة بالقوة في الخامس عشر من أبريل الماضي و عندما فشلت المحاولة إنتقلوا إلى إشعال حرب شاملة في البلاد .
و حتى لا تتشابك الخطوط و تتوه الدروب فإن ترتيبات ما بعد إنتهاء الحرب يجب أن تقوم على :
الدعوة للجلوس إلى مائدة حوار مستديرة تضم جميع القوى السياسية في البلاد و لا تستثني إلا المليشيا المتمردة و القوى السياسية التي شاركتها جرائمها و انتهاكاتها و مثلت لها الظهير السياسي . على ألا تتجاوز فترة الحوار أكثر من عشرة أيام .
الهدف الرئيسي من هذا الحوار الذي يجب أن يتم برعاية مجلس السيادة و دون أي مشاركة جهات خارجية دول أو منظمات هو التوافق على أجندة الفترة الإنتقالية التي يجب ألا تتجاوز سنتين في حدها الأقصى .
و هنا فإنني و بصفتي الشخصية أتقدم بخارطة طريق مختصرة و في نقاط محددة و محدودة علها تسهم في الحوار و تساعد في الوصول إلى رؤية موحدة و توافق يخرج البلاد من مأزقها :
أولاً :
الفترة الإنتقالية مدتها بين سنة إلى سنتين كأقصى حد تبدأ من يوم التوقيع على وثيقة الأجندة .
ثانياً :
تحكم الفترة الإنتقالية بمراسيم دستورية يصدرها مجلس السيادة القائم بعد تنقيته ، و بالقوانين القائمة مع إجراء التعديلات اللازمة عليها .
ثالثاً :
التأمين على المضي قدماً في تنفيذ إتفاق جوبا بعد مراجعته و تنقيته بواسطة لجنة مشتركة من القوات المسلحة و الحركات الموقعة عدا التي شاركت المليشيا المتمردة في حربها على الدولة السودانية على أن يتم تفويض القوات المسلحة لإكمال ملف الترتيبات الأمنية مع هذه الحركات .
رابعاً :
تفويض مجلس السيادة لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة و تحديد مهامها و واجباتها و التي بالضرورة تأتي في مقدمتها برامج إعادة الإعمار و الإنعاش الإقتصادي بما لا يتعارض مع المهام المتعارف عليها في الفترات الإنتقالية.
خامساً :
تشكيل لجنة من خبراء قانونيين مستقلين و مشهود لهم بالإستقامة لإعداد قانون الإنتخابات و القوانين المصاحبة و الضرورية لتنظيم الحياة السياسية على أن تستمع لآراء و مقترحات القوى السياسية ، و يتم إعتماد هذه القوانين بواسطة مجلس السيادة و مجلس الوزراء مجتمعين .
سادساً :
تتفرغ الأحزاب للمراجعة و لتنظيم صفوفها و الإستعداد للإننخابات .
هذه النقاط في تقديري تمثل المخرج الصحيح من الأزمة السياسية المتطاولة و من صدمة الحرب و الآثار التي ترتبت عليها و تهيئ للتحول و الإستقرار في بلادنا .
(و الله من وراء القصد و هو يهدي السبيل)
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
30 أغسطس 2023
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الفترة الإنتقالیة مجلس السیادة هذه القوى
إقرأ أيضاً:
(دخل شوقي من نفس الباب الذي خرج منه حافظ)
(دخل شوقي من نفس الباب الذي خرج منه حافظ) وسيدخل الروس من نفس الباب الذي سيتركونه وراءهم في سوريا ونعرف أن الدب الروسي يحب اراضي الغير ومواردهم وسواحلهم الدافئة فهذا الدب اللعين رغم عنجهيته لايخجل أن يعيش عالة علي دول العالم الثالث ... فهل ثمة علاج لهذا
الفلم القادم هو قصة حكومتين في بلد واحد وهذا البلد مزقته الحرب ولا يحتاج في الوقت الحاضر غير أن تتوقف عجلة القتل والدمار عن الدوران ... ولو قدر لنا أن نسأل الطرفين المتحاربين ... أي شعب تريدان أن تحكما وباية كيفية وهل حصل أن تم بينكما وبين المواطنين تشاور وتفاهم حول برنامج محدد بمقتضاه ينال حزب أو نفر منهم تفويضا موثقا باي شكل كان ليباشروا مهمة الحكم والإدارة القائمين علي الرضا والاقتناع علي أن يفهم من تم اختيارهم لهذه المهمة الجسيمة أنهم تحت الاختبار وتحت المراقبة وهنالك محاسبة وتدقيق ومن لم يرتفع لمستوي المسؤولية فلا بد أن تطاله يد العدالة وليس له من مهرب من العقاب !!..
هل هذه الأجواء التي يعيشها بلدنا الحبيب يمكن أن يجتمع فيها فريقان لا نري بينهما غير المكايدة والتشفي وروح الانتقام وماالذي الذي يجنيه المواطن المسكين الذي لم يسلم من الاذي وهو في داخل معسكرات النزوح واللجوء وتنهال عليه الدانات هو داخل بيته ويظن أنه محصن ضد القذائف التي تهبط عليه بالليل والنهار وهو يتقلب في فراشه بسبب حمي الضنك ، الملاريا ، الكوليرا ، نقص الماء والكهرباء وانعدام الغذاء والدواء ... !!..
العالم كله من أقصاه الي أقصاه في هذه الحرب اللعينة العبثية المنسية التي شكلت اكبر كارثة إنسانية عرفتها الإنسانية وكل فجر يوم جديد لا جديد غير تصاعد أعمدة اللهب والدخان ليس في العاصمة فقط بل في كل عموم السودان ويبدو أن هذه الحرب تنتظر طلوع الفجر بفارغ الصبر حتي تواصل عزفها المنفرد علي الحديد والنار والامدادات العسكرية تصل بسرعة البرق للطرفين ويتعثر وصول الغذاء والدواء وخيام الايواء وفي هذا الاثناء ورغم خروج معظم المشافي من الخدمة تطال الضربات الموجعة ماتبقي منها علي قيد الحياة فيموت المرضي والأطباء علي حد سواء !!..
قالوا إن مجلس الأمن هو اعلي حكومة في عالمنا المعاصر ولكنه مثله مثل الاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية وكل المنظمات الإقليمية والعالمية نراهم ينظرون إلي مأساة القرن في السودان وليس عندهم غير سلعة مستهلكة عفي عليها الزمن وهي الشجب والاستنكار ومطالبة الطرفين المتحاربين بإيقاف هذه المحرقة فورا ... والطرفان لا يابهان وقد تعودا علي مثل هذه المناشدات والمطالبات الفجة ويمضيان في طريقهما قتلا ودمارا وكل طرف تخرج ابواقه من بعض القنوات يعلن أنه المنتصر ولا ندري حتي الآن مع من لواء النصر !!..
والشعب مشرد ينوء بالجوع والمرض يريدون تكوين حكومة له تنظر في تنميته وديمقراطيته وحريته ورفاهيته واحدة حددوا لها أن تكون علمانية دون أن يستفتي الشعب في ذلك والشعب يمكن أن يقول لا أو نعم هذا اذا كان له ممثلون شرعيون يتحدثون باسمه وإذا كان عندنا قضاء عادل ومحكمة دستورية ورئيس منتخب ... هذه الأدوات كلها نحن نفتقر إليها وكما قلنا وسنظل نردد أن الأولوية لإيقاف الحرب وعودة النازحين واللاجئين الي الوطن الحبيب والتصافي الوطني وغسل القلوب مما لحق بها من ادران وأحقاد وبعد ذلك كل شيء ملحوق وبعد أن ننتظم في أحزاب لها برامج وسياسات واضحة وكل حزب يمكن أن يعرض بضاعته علي الملأ في الهواء الطلق وعلي المواطن أن يختار الجهة التي تقدم له البرنامج الذي يوافق ميوله وأفكاره وان يجعله مطمئنا غاية الاطمئنان ومرتاح الضمير وسعيد في حياته من كل الجوانب .
نعم نريد جيشا واحد مهني احترافي قوي يحرس الدستور والحدود ولا شغل له ولا مشغلة بالسياسة والتجارة والتموين وفي مجال الصناعة مرحبا بالجيش في الصناعات الحربية لصالح المواطن وليس لفئة محدودة سواء كانت بالجيش ام بخارجه.
لا لأي حكومة هنا او هنالك إلا بعد أن يلتئم الشمل ونكون جميعا علي قلب رجل واحد لا تفرقنا قبلية ولا جهوية ولا عصبية ... عاش السودان حرا مستقلا ونريد أن نكون كلنا سواسية مثل اسنان المشط !!..
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com