بات جلياً أن الحرب المفروضة على بلادنا بواسطة تحالف ( المليشيا المتمردة / قحت / قوى الشر الإقليمية و الدولية / الرأسمالية المتوحشة ) في نهاياتها ، و أن القضاء على أخطر و أكبر مؤامرة مثلت تهديداً وجودياً للسودان أصبح أقرب من أي وقت مضى و ذلك بفضل مجاهدات و تضحيات قواتنا المسلحة و شعبنا الصابر الصامد الأبي .

و حتى لا يحدث أي فراغ سياسي بعد نهاية الحرب فلابد من التفكير في صياغة رؤية سياسية تبنى عليها الترتيبات اللازمة التي تحقق أكبر قدر من التوافق و تضمن إستقرار البلاد و أمنها وصولاً إلى محطة الإنتخابات ليقول الشعب صاحب الحق الأصيل كلمته و يختار من يحكمه .
و لكن و قبل كل ذلك لا بد من الوقوف على مسببات الأزمة السياسية التي دخلت فيها البلاد منذ أبريل 2019 و نتج عنها إنسداد الأفق الأمر الذي أدى إلى تقدم الحلول العسكرية بدلاً عن الحلول السياسية و قادنا إلى الوضع الراهن .

حسب معظم المراقبين و المحللين السياسيين فإن الأسباب التي أنتجت الأوضاع الحالية تعود إلى الآتي :
1/ إنفراد قوى سياسية ( قحت) بالمشهد و ادعائها بأنها هي صاحبة الملكية المطلقة للتغيير الذي شهدته البلاد في الحادي عشر من أبريل 2019 و إصرارها على فرض رؤيتها و أجندتها الفكربة و السياسية على الشعب السوداني دون تفويض أو شرعية إنتخابية .
2/ إصرار هذه القوى على إقصاء كل من يخالفها الرأي الأمر الذي لم يسلم منه حتى حلفائها في الجبهة الثورية ( قوى سلام جوبا ) و بعض المكونات السياسية و المدنية .
3/ إصرار هذه القوى ( قحت ) على تمديد الفترة الإنتقالية لفترة تتراوح بين 10 – 15 سنة دون إجراء أي إنتخابات .
4/ خيانة رئيس وزرائها عبد الله حمدوك للبلاد و لشركائه من المكون العسكري باستدعائه للبعثة الأممية التي ساهمت بصورة كبيرة في تأزيم و تعقيد الأوضاع السياسية .
5/ تنفيذ ما سمى ( بإزالة التمكين و تصفية نظام الثلاثين من يونيو ) دون مراعاة للحقوق الدستورية و القانونية للمواطنين حيث تم فصل و تشريد الآلاف من وظائفهم بتلك الذريعة و صودرت الأموال و الممتلكات الخاصة و أموال المستثمرين الوطنبين و الأجانب .
6/ فشل السياسات الإقتصادية و الإجتماعية التي اتبعتها هذه القوى ( قحت ) و حكومتها في تحسين معاش و في تحريك الوضع الإقتصادي نحو الأفضل الأمر الذي نتج عنه تدهور مريع في الخدمات و تراجع النمو الإقتصادي إلى السالب ، و وصل الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 50 مليار دولار في العام 2022 بينما كان أكثر من 900 مليار دولار في العام 2018 .
7/ تأزم العلاقة بين (قحت) و المكون العسكري بسبب إصرارها على تفكيك القوات المسلحة و القوى النظامية و الأمنية الأخرى تحت ذريعة الإصلاح العسكري و الأمني ، و قد وصلت العلاقة إلى أسوأ مراحلها عند محطة الإتفاق الإطاري و مخرجاته .
8/ دخول هذه القوى ( قحت ) في تحالف سياسي / عسكري مع زعيم قوات الدعم السريع و اتفاقمها على قاعدة ( إما الإتفاق الإطاري أو الذهاب إلى الحرب ) .
هذه الأسباب مجتمعة و غيرها ساهمت في تأزبم المشهد السياسي و الوصول به إلى مرحلة الإنفجار عندما حاولت هذه القوى متحالفة مع قوات الدعم السريع و بدعم و تمويل مباشر من الدولة الخليجية الإستيلاء على السلطة بالقوة في الخامس عشر من أبريل الماضي و عندما فشلت المحاولة إنتقلوا إلى إشعال حرب شاملة في البلاد .
و حتى لا تتشابك الخطوط و تتوه الدروب فإن ترتيبات ما بعد إنتهاء الحرب يجب أن تقوم على :
الدعوة للجلوس إلى مائدة حوار مستديرة تضم جميع القوى السياسية في البلاد و لا تستثني إلا المليشيا المتمردة و القوى السياسية التي شاركتها جرائمها و انتهاكاتها و مثلت لها الظهير السياسي . على ألا تتجاوز فترة الحوار أكثر من عشرة أيام .
الهدف الرئيسي من هذا الحوار الذي يجب أن يتم برعاية مجلس السيادة و دون أي مشاركة جهات خارجية دول أو منظمات هو التوافق على أجندة الفترة الإنتقالية التي يجب ألا تتجاوز سنتين في حدها الأقصى .
و هنا فإنني و بصفتي الشخصية أتقدم بخارطة طريق مختصرة و في نقاط محددة و محدودة علها تسهم في الحوار و تساعد في الوصول إلى رؤية موحدة و توافق يخرج البلاد من مأزقها :
أولاً :
الفترة الإنتقالية مدتها بين سنة إلى سنتين كأقصى حد تبدأ من يوم التوقيع على وثيقة الأجندة .
ثانياً :
تحكم الفترة الإنتقالية بمراسيم دستورية يصدرها مجلس السيادة القائم بعد تنقيته ، و بالقوانين القائمة مع إجراء التعديلات اللازمة عليها .
ثالثاً :
التأمين على المضي قدماً في تنفيذ إتفاق جوبا بعد مراجعته و تنقيته بواسطة لجنة مشتركة من القوات المسلحة و الحركات الموقعة عدا التي شاركت المليشيا المتمردة في حربها على الدولة السودانية على أن يتم تفويض القوات المسلحة لإكمال ملف الترتيبات الأمنية مع هذه الحركات .
رابعاً :
تفويض مجلس السيادة لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة و تحديد مهامها و واجباتها و التي بالضرورة تأتي في مقدمتها برامج إعادة الإعمار و الإنعاش الإقتصادي بما لا يتعارض مع المهام المتعارف عليها في الفترات الإنتقالية.
خامساً :
تشكيل لجنة من خبراء قانونيين مستقلين و مشهود لهم بالإستقامة لإعداد قانون الإنتخابات و القوانين المصاحبة و الضرورية لتنظيم الحياة السياسية على أن تستمع لآراء و مقترحات القوى السياسية ، و يتم إعتماد هذه القوانين بواسطة مجلس السيادة و مجلس الوزراء مجتمعين .
سادساً :
تتفرغ الأحزاب للمراجعة و لتنظيم صفوفها و الإستعداد للإننخابات .
هذه النقاط في تقديري تمثل المخرج الصحيح من الأزمة السياسية المتطاولة و من صدمة الحرب و الآثار التي ترتبت عليها و تهيئ للتحول و الإستقرار في بلادنا .
(و الله من وراء القصد و هو يهدي السبيل)
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
30 أغسطس 2023

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الفترة الإنتقالیة مجلس السیادة هذه القوى

إقرأ أيضاً:

يعقوب التقى باسيل: الرهان على الحرب خاطئ

زار رئيس "حركة النهج" النائب السابق حسن يعقوب رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، واعتبر بحسب بيان، أن "من يراهن على الحرب واحتمال إنقلاب الموازين يخطئ من جديد كما أخطأ برهانات سابقة كانت نتائجها وخيمة عليه وعلى الوطن، كما أنه من غير المقبول استفادة فريق آخر من أجواء المواجهة القائمة واستباحة الدولة والمؤسسات في ظل استمرار الفراغ الرئاسي وجمود الحياة السياسية ومن الواضح أن الشرخ بين الواقع  السيئ للشعب اللبناني والمنظومة الحاكمة يزداد اتساعا وكأنهم منفصلون عن الواقع". وأكد الطرفان أن "الأخطار التي يتعرض لها لبنان هي اكبر من كل الخلافات السياسية ومن الضروري العمل على تماسك الوحدة الوطنية أمام الاعتداءات الصهيونية والاستفادة من قوة الردع للمقاومة التي تمنع الحرب المفتوحة مع إسرائيل".

 

مقالات مشابهة

  • وزير الإسكان يستعرض مع جهات وقطاعات الوزارة خارطة طريق الفترة المقبلة
  • يعقوب التقى باسيل: الرهان على الحرب خاطئ
  • المؤتمر السوداني: نرحب بدعوة مصر للمشاركة في مؤتمر القوى السياسية
  • اجتماع بالجامعة العربية لمناقشة خارطة طريق للاستعداد والاستجابة للطوارئ النووية
  • مؤتمر القاهرة.. الفرصة الأخيرة للقوى السياسية السودانية
  • محافظ القاهرة الجديد: أسعى لاستكمال مسيرة العمل لتحقيق رؤية مصر 2030
  • عضو بـ«النواب»: التغيير الوزاري خارطة طريق جديدة لتلبية مطالب الشعب
  • الحركة الوطنية: بيان 3 يوليو نقطة تحول تاريخية لانتصار إرادة الشعب
  • السودان بحاجة إلى حليف ٱستراتيجي
  • الجامعة العربية تناقش خارطة طريق للاستعداد للطوارئ النووية والإشعاعية غدًا