جريدة الوطن:
2024-12-24@13:20:50 GMT

بريكس تشكل النظام العالمي

تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT

بريكس تشكل النظام العالمي

قمَّة «بريكس» التي عُقدت في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا (22ـ24 أغسطس 2023م) تُعدُّ محطَّة انطلاق فعليَّة لنظام عالَمي جديد. هذه المجموعة التي تأسَّست رسميًّا في روسيا عام 2009م بالإعلان عن تأسيس نظام عالَمي ثنائي القطبيَّة، وضمَّت أهمَّ خمسة اقتصادات عالميَّة صاعدة هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا والتي تُشكِّل 40% من نسبة السكَّان حَوْلَ العالَم، ورُبع مساحة اليابسة.

وتُسهم اقتصادات المجموعة بنسبة وصلت إلى 31.5% من الناتج العالَمي متجاوزةً بذلك مجموعة الدوَل الصناعيَّة السَّبع الكبرى التي تُسهم بنسبة 30.7% من الناتج الاقتصادي العالَمي. ويبرز مشهد الانطلاقة الجديدة للمجموعة من خلال الإعلان عن انضمام ستَّة أعضاء جُدد من مختلف دوَل الجنوب العالَمي هي الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعوديَّة والإمارات بحيث اصطلح على تسمية المجموعة «بريكس+». ومع انضمام هذه الدوَل الاقتصاديَّة إلى المجموعة، ومن ضِمْنها أهمُّ دوَل الطَّاقة في العالَم إيران والسعوديَّة، سوف تُمثِّل قوَّة اقتصاديَّة ضاربة، وستُحقِّق انطلاقة عالميَّة. وتنوي «بريكس» وضع سلَّة عملات للتعامل التجاري بَيْنَ دوَل المجموعة وقروض ميسَّرة، كما يؤمَّل أن تضمَّ دوَلًا أخرى في المستقبل القريب بشكلٍ منتظم ومتوازن، حيث تقَدَّمت (24) دولةً بطلبٍ رسميٍّ للانضمام إلى مجموعة «بريكس»، وهناك (40) دولةً لدَيْها الرغبة بالانضمام إلى المجموعة، وبالتَّالي فإنَّ الهدف الذي أنشئت من أجْلِه هذه المجموعة يتجسَّد على أرض الواقع رغم بعض الصعوبات التي يحاول المحور المنافس ترويجها بالحديث عن نُظُم غير متجانسة في المجموعة أو هيمنة الاقتصاد الصيني عَلَيْها أو الحديث عن قروض غير مستدامة. لكنَّ هذه التنظيرات ـ بطبيعة الحال ـ ليست إلَّا محاولة تشويش للتقليل من أهمِّيتها، ومحاولة التأثير على الاهتمام الدولي للانضمام إليها، ولا شكَّ أنَّ هذا التوجُّه العالَمي للانضمام إلى مجموعة «بريكس» يُمثِّل أكبر تهديد للنظام العالَمي أحادي القطبيَّة.
يتحدث البروفيسور ريتشارد وولف أستاذ الاقتصاد الأميركي بشكلٍ واقعي عِندما يحذِّر الولايات المُتَّحدة من هذا الواقع العالَمي الجديد، وتهافُت الدوَل للانضمام إلى مجموعة «بريكس» رغبة في الانعتاق من الهيمنة الأميركيَّة والنظام الأحادي القطبيَّة، وعَدَّ وولف أنَّ الواقع الدولي سوف يفرز نظامًا عالميًّا جديدًا، كما يُلقي باللوم على بلاده بسبب ممارساتها الاستعلائيَّة مع دوَل العالَم الثالث وأسلوب القرصنة والسَّطو على أموال الدوَل دُونَ وجْه حقٍّ. وما ذكَره وولف في الحقيقة هو واضح للعيان منذ أن تصدَّرت الولايات المُتَّحدة المشهد العالَمي أعقاب الحرب العالَميَّة الثانية، ولكنَّ أميركا ما زالت تعوِّل على قُدْرتها في إحداث توازن مع التحَوُّلات الدوليَّة بالنظر إلى قُدْراتها العسكريَّة والاقتصاديَّة ونطاقها السِّياسي حَوْلَ العالَم واستمرار نفوذها. لكنَّ تلك السِّياسة الأميركيَّة التي اعتمدت العصا والجزرة وممارسات واشنطن السِّياسيَّة والاقتصاديَّة والعسكريَّة هي السَّبب الحقيقي في تآكل صُورتها وتململ المُجتمع الدولي من قيادتها الأحاديَّة، وهذا الواقع لا يزيد دوَل العالَم إلَّا إصرارًا على الانعتاق من هذا النظام العالَمي أحادي القطبيَّة وهو ما يحدث الآن.
الوعي العالَمي ـ لا سِيَّما في دوَل الجنوب ـ يرتكز على حقيقة واحدة تقول إنَّ عالَمًا أحادي القطبيَّة لَمْ يؤسِس للعدالة الدوليَّة، وهو نظام لا ينبغي أن يستمرَّ في قيادة العالَم، وبالتَّالي هو مُعرَّض للسقوط متى ما توافر البديل المناسب. وبالفعل فإنَّ شواهد الظُّلم والطُّغيان جاوزت الحدود منذ الحرب العالَميَّة الثانية واستخدام القنابل الذريَّة، مرورًا بالكثير من التدخُّلات العسكريَّة حَوْلَ العالَم، واستخدام البَند السَّابع، وقضيَّة العقوبات الاقتصاديَّة المستمرَّة حتَّى اليوم، هو ما شكَّل حالة الرفض لعالَمٍ أحادي القطبيَّة، والبحث عن نظام أكثر أمنًا وعدالةً وتوازنًا في العلاقات الدوليَّة. وهنا برز الحراك السِّياسي الاقتصادي لمجموعة «بريكس» التي تشقُّ طريقها لتشكيل نظام عالَمي جديد مُتعدِّد الأقطاب.
المُسكِّنات الاقتصاديَّة الأميركيَّة التي يزمع أن تقَدَّمَ عَبْرَ قمَّة مجموعة العشرين أو قمَّة أميركا مع دوَل الآسيان أو قمَّة السَّبع الصناعيَّة الكبرى «خطَّة مارشال جديدة» كُلُّها لَنْ تُغيِّرَ من الواقع العالَمي الرافض للأحاديَّة القطبيَّة، وهذا التغيُّر في المناخ السِّياسي الدولي بدأت بوارقه تلمع بشكلٍ متصاعد لتشكيل نظام دولي جديد.

خميس بن عبيد القطيطي
khamisalqutaiti@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: العال م نظام ا التی ت الدو ل

إقرأ أيضاً:

إقرار الأسباب الموجبة لتعديل نظام إدارة الموارد البشرية

#سواليف

كشف وزير الدولة لتطوير القطاع العام، خير أبو صعيليك، السبت، عن #إقرار #الأسباب_الموجبة لتعديل #نظام #إدارة #الموارد_البشرية، حيث سينتقل النظام إلى اللجنة القانونية لدراسته.

وأضاف أبو صعيليك أنه بموجب التعديلات أصبح إنهاء عقد الموظف تحت التجربة يستند لأسباب واضحة ومبررة، وفق قناة المملكة.

ولفت أبو صعيليك أنه بموجب التعديلات سمح بإجراءات للترقية المهنية تصب في التوجه نحو تعزيز العمل المهني.

مقالات ذات صلة الصحة تنفي تصريحات بناء مستشفى متخصص للسرطان في الكرك 2024/12/21

واشار أبو صعيليك أن التعديلات شملت ما يتعلق بالدوام الجزئي بما يوفر مرونة أكبر.

ونوه أبو صعيليك أن النظام شمل تعديلات عدة أدت لتجويده.

وبحسب البيانات الحكومية، فإن نسبة الموظفين الحاصلين على موافقة للعمل خارج أوقات الدوام الرسمي لا تتجاوز 5 بالألف من إجمالي موظفي الخدمة المدنية.

ومن المتوقع أن تسهم هذه التعديلات في تحسين كفاءة العمل الحكومي وزيادة مستوى الأداء في القطاعات العامة، بما يعزز المصلحة العامة ويلبي احتياجات المواطنين بشكل أفضل.

مقالات مشابهة

  • بعد انسحاب السودان.. المرصد العالمي للجوع يصدر تقريرا بشأن المجاعة
  • تليفزيون بريكس: منح 9 دول صفة شريك في المجموعة مطلع 2025
  • بريكس: منح 9 دول صفة شريك في المجموعة أول 2025
  • سوريا الجديدة ليست صيدًا سهلًا
  • بعد سقوط نظام الأسد.. سوريون يحدوهم الأمل بغدٍ أفضل
  • روسيا تعلن تجميد السعودية انضمامها إلى “بريكس”
  • تحقيق للوموند: أزمة عميقة تضرب النظام الدولي بسبب حرب غزة
  • سوريا تبدأ مرحلة جديدة بعد سقوط نظام البعث
  • مخاوف إسرائيلية من القيادة الجديدة في سوريا
  • إقرار الأسباب الموجبة لتعديل نظام إدارة الموارد البشرية