جريدة الوطن:
2024-11-07@12:56:43 GMT

بريكس تشكل النظام العالمي

تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT

بريكس تشكل النظام العالمي

قمَّة «بريكس» التي عُقدت في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا (22ـ24 أغسطس 2023م) تُعدُّ محطَّة انطلاق فعليَّة لنظام عالَمي جديد. هذه المجموعة التي تأسَّست رسميًّا في روسيا عام 2009م بالإعلان عن تأسيس نظام عالَمي ثنائي القطبيَّة، وضمَّت أهمَّ خمسة اقتصادات عالميَّة صاعدة هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا والتي تُشكِّل 40% من نسبة السكَّان حَوْلَ العالَم، ورُبع مساحة اليابسة.

وتُسهم اقتصادات المجموعة بنسبة وصلت إلى 31.5% من الناتج العالَمي متجاوزةً بذلك مجموعة الدوَل الصناعيَّة السَّبع الكبرى التي تُسهم بنسبة 30.7% من الناتج الاقتصادي العالَمي. ويبرز مشهد الانطلاقة الجديدة للمجموعة من خلال الإعلان عن انضمام ستَّة أعضاء جُدد من مختلف دوَل الجنوب العالَمي هي الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعوديَّة والإمارات بحيث اصطلح على تسمية المجموعة «بريكس+». ومع انضمام هذه الدوَل الاقتصاديَّة إلى المجموعة، ومن ضِمْنها أهمُّ دوَل الطَّاقة في العالَم إيران والسعوديَّة، سوف تُمثِّل قوَّة اقتصاديَّة ضاربة، وستُحقِّق انطلاقة عالميَّة. وتنوي «بريكس» وضع سلَّة عملات للتعامل التجاري بَيْنَ دوَل المجموعة وقروض ميسَّرة، كما يؤمَّل أن تضمَّ دوَلًا أخرى في المستقبل القريب بشكلٍ منتظم ومتوازن، حيث تقَدَّمت (24) دولةً بطلبٍ رسميٍّ للانضمام إلى مجموعة «بريكس»، وهناك (40) دولةً لدَيْها الرغبة بالانضمام إلى المجموعة، وبالتَّالي فإنَّ الهدف الذي أنشئت من أجْلِه هذه المجموعة يتجسَّد على أرض الواقع رغم بعض الصعوبات التي يحاول المحور المنافس ترويجها بالحديث عن نُظُم غير متجانسة في المجموعة أو هيمنة الاقتصاد الصيني عَلَيْها أو الحديث عن قروض غير مستدامة. لكنَّ هذه التنظيرات ـ بطبيعة الحال ـ ليست إلَّا محاولة تشويش للتقليل من أهمِّيتها، ومحاولة التأثير على الاهتمام الدولي للانضمام إليها، ولا شكَّ أنَّ هذا التوجُّه العالَمي للانضمام إلى مجموعة «بريكس» يُمثِّل أكبر تهديد للنظام العالَمي أحادي القطبيَّة.
يتحدث البروفيسور ريتشارد وولف أستاذ الاقتصاد الأميركي بشكلٍ واقعي عِندما يحذِّر الولايات المُتَّحدة من هذا الواقع العالَمي الجديد، وتهافُت الدوَل للانضمام إلى مجموعة «بريكس» رغبة في الانعتاق من الهيمنة الأميركيَّة والنظام الأحادي القطبيَّة، وعَدَّ وولف أنَّ الواقع الدولي سوف يفرز نظامًا عالميًّا جديدًا، كما يُلقي باللوم على بلاده بسبب ممارساتها الاستعلائيَّة مع دوَل العالَم الثالث وأسلوب القرصنة والسَّطو على أموال الدوَل دُونَ وجْه حقٍّ. وما ذكَره وولف في الحقيقة هو واضح للعيان منذ أن تصدَّرت الولايات المُتَّحدة المشهد العالَمي أعقاب الحرب العالَميَّة الثانية، ولكنَّ أميركا ما زالت تعوِّل على قُدْرتها في إحداث توازن مع التحَوُّلات الدوليَّة بالنظر إلى قُدْراتها العسكريَّة والاقتصاديَّة ونطاقها السِّياسي حَوْلَ العالَم واستمرار نفوذها. لكنَّ تلك السِّياسة الأميركيَّة التي اعتمدت العصا والجزرة وممارسات واشنطن السِّياسيَّة والاقتصاديَّة والعسكريَّة هي السَّبب الحقيقي في تآكل صُورتها وتململ المُجتمع الدولي من قيادتها الأحاديَّة، وهذا الواقع لا يزيد دوَل العالَم إلَّا إصرارًا على الانعتاق من هذا النظام العالَمي أحادي القطبيَّة وهو ما يحدث الآن.
الوعي العالَمي ـ لا سِيَّما في دوَل الجنوب ـ يرتكز على حقيقة واحدة تقول إنَّ عالَمًا أحادي القطبيَّة لَمْ يؤسِس للعدالة الدوليَّة، وهو نظام لا ينبغي أن يستمرَّ في قيادة العالَم، وبالتَّالي هو مُعرَّض للسقوط متى ما توافر البديل المناسب. وبالفعل فإنَّ شواهد الظُّلم والطُّغيان جاوزت الحدود منذ الحرب العالَميَّة الثانية واستخدام القنابل الذريَّة، مرورًا بالكثير من التدخُّلات العسكريَّة حَوْلَ العالَم، واستخدام البَند السَّابع، وقضيَّة العقوبات الاقتصاديَّة المستمرَّة حتَّى اليوم، هو ما شكَّل حالة الرفض لعالَمٍ أحادي القطبيَّة، والبحث عن نظام أكثر أمنًا وعدالةً وتوازنًا في العلاقات الدوليَّة. وهنا برز الحراك السِّياسي الاقتصادي لمجموعة «بريكس» التي تشقُّ طريقها لتشكيل نظام عالَمي جديد مُتعدِّد الأقطاب.
المُسكِّنات الاقتصاديَّة الأميركيَّة التي يزمع أن تقَدَّمَ عَبْرَ قمَّة مجموعة العشرين أو قمَّة أميركا مع دوَل الآسيان أو قمَّة السَّبع الصناعيَّة الكبرى «خطَّة مارشال جديدة» كُلُّها لَنْ تُغيِّرَ من الواقع العالَمي الرافض للأحاديَّة القطبيَّة، وهذا التغيُّر في المناخ السِّياسي الدولي بدأت بوارقه تلمع بشكلٍ متصاعد لتشكيل نظام دولي جديد.

خميس بن عبيد القطيطي
khamisalqutaiti@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: العال م نظام ا التی ت الدو ل

إقرأ أيضاً:

«الموارد البشرية والتوطين» تدعو أصحاب العمل إلى الاشتراك في «نظام الادخار» الاختياري

 أكدت وزارة الموارد البشرية والتوطين، فاعلية وكفاءة «نظام الادخار» الاختياري البديل لمكافأة نهاية الخدمة للعاملين في القطاع الخاص، في تعزيز سهولة الأعمال ودعم قدرة شركات القطاع الخاص في المحافظة على المواهب واستقطابها، وضمان حماية المستحقات المالية للعاملين فيها وإتاحة فرص ادخارها وتنميتها لتحقيق عوائد استثمارية عليها، وذلك في ضوء موثوقية صناديق الادخار التي حصلت على الاعتمادات اللازمة في الدولة.
وكانت وزارة الموارد البشرية والتوطين وهيئة الأوراق المالية والسلع، اعتمدتا مجموعة من صناديق الادخار للنظام الاختياري البديل لمكافأة نهاية الخدمة، وذلك بعد التأكد من استيفاء الجهات المشغلة لها لكافة معايير وشروط انشاء صناديق الادخار وإدارتها.
ودعت الوزارة، في بيان صحفي، شركات القطاع الخاص في دولة الإمارات إلى الاشتراك في «نظام الادخار» لتعزيز رفاهية الموظفين وجذب المواهب وترسيخ سمعة الشركات المؤسسية في سوق عمل دولة الإمارات الذي يشهد تنافسية متزايدة، حيث يتيح النظام للشركات تعزيز مكانتها كوجهات متميزة للعمل تهتم بالنمو المالي والأمان المستقبلي لموظفيها، بما يعزز ولاء الموظفين للشركة ويسهم في استقطاب المواهب المتميزة.
وأضافت أن الاشتراك في نظام الادخار يعزز من إنتاجية الموظفين، حيث يمكّنهم من تنمية أصولهم المالية والحصول على عوائد استثمارية على مدخراتهم عبر فرص استثمارية آمنة وموثوقة، كما يعزز نظام الادخار النهج الاستباقي في إدارة الالتزامات المالية ويدعم الصحة المالية للشركات على المدى الطويل، لا سيما وأن التكلفة على المدى المتوسط التي يدفعها صاحب العمل في حال اشتراكه في «نظام الادخار» أقل من تكلفة سداد مكافأة نهاية الخدمة نتيجة الاشتراك عن قيمة الأجر الأساسي في شهر السداد وليس عن قيمة الأجر الأساسي عند انتهاء الخدمة والتي تكون أعلى دائماً.
ويمكن للشركات الراغبة في الاشتراك في نظام الادخار التقدم بطلب الاشتراك إلى الوزارة عن طريق قنوات تقديم الخدمة واختيار أحد صناديق الاستثمار المعتمدة وسداد الاشتراك عن العمالة التي ترغب بتسجيلها في النظام.
يشار إلى أنه يتم الاحتفاظ بمستحقات العمال الذين يقرر صاحب العمل إشراكهم في النظام، وذلك عن الفترة التي تسبق الاشتراك، حيث يتم في هذه الحالة إيقاف العمل بنظام مكافأة نهاية الخدمة التقليدي المنصوص عليه في قانون تنظيم علاقات العمل للعاملين المسجلين، واحتساب المبالغ المستحقة لكل عامل منهم عن سنوات خبرته وفق قانون تنظيم علاقات العمل وحتى تاريخ التحاقه بنظام الادخار، على أن يتم احتساب مستحقاته وفق النظام الجديد من تاريخ تسجيله فيه، وتصرف جميع المستحقات (السابقة والجديدة) عند انتهاء العلاقة التعاقدية مع صاحب العمل.
ويحق للعامل دفع المساهمة الإضافية اختيارياً لزيادة وتنمية مدخراته والعوائد الاستثمارية الخاصة به وذلك في حدود 25% من الأجر الاجمالي في الاشتراك الطوعي، بينما يحق له سحب جزء أو كل المبالغ أو العوائد الاستثمارية، حسب شروط وضوابط النظام.
ويجوز للعامل عند انتقاله من صاحب العمل الحالي إلى صاحب عمل جديد الحصول على مستحقاته من الصندوق عن اشتراكات صاحب العمل الحالي أو الابقاء عليها بالصندوق بهدف استكمال الاستثمار مع إمكانية تحصيلها في أي وقت، ولصاحب العمل الجديد أن يحل محل صاحب العمل السابق في استكمال سداد الاشتراك لدى الصندوق ذاته بعد أن يقوم بالتعاقد معه، كما يجوز له تسجيل العامل لدى مدير صندوق آخر وسداد مبالغ الاشتراك الأساسي.
ويتيح النظام للعامل الماهر حرية اختيار أي نوع من أنواع خيارات الاستثمار المقدمة في النظام حسب تفضيلاته للمحافظ الاستثمارية، فيما يتم إدراج العامل غير الماهر في محفظة ضمان رأس المال فقط.كما يتيح النظام المشاركة الاختيارية لفئات إضافية وفق رغبتها بهدف الاستفادة من المزايا التي يوفرها حيث يستطيع أصحاب الأعمال المستقِلّين والحاصلين على تصريح العمل الحر، والموظفين غير المواطنين العاملين في الجهات والمؤسسات الحكومية، والمنشآت والشركات التابعة لها، بالإضافة إلى المواطنين العاملين في القطاع الحكومي والخاص التسجيل في «نظام الادخار» وفق المساهمة الاختيارية الإضافية فقط وبالتالي حفظ واستثمار مدخراتهم وتنميتها بشكل آمن مع التزام واستمرار أصحاب العمل بسداد الاشتراكات عن المواطنين في أنظمة وهيئات المعاشات والتأمينات الاجتماعية.
وتوفر وزارة الموارد البشرية والتوطين على موقعها الالكتروني www.mohre.gov.ae كافة المعلومات بشأن صناديق الادخار المعتمدة والتي يتم تحديثها دوريًا فضلا عن تفاصيل حول نظام الادخار الاختياري البديل لمكافأة نهاية الخدمة للعاملين في القطاع الخاص.

أخبار ذات صلة الإعلان عن جناح الإمارات في COP29 "نسرع العمل معًا" زكي نسيبة: الإمارات قطعت شوطاً كبيراً في تطوير أنظمة تخزين المياه وإدارة الكوارث المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • الإمارات.. "نظام الادخار" البديل لمكافأة نهاية الخدمة يعزز سهولة الأعمال
  • «الموارد البشرية والتوطين» تدعو أصحاب العمل إلى الاشتراك في «نظام الادخار» الاختياري
  • «التوطين» تدعو أصحاب العمل إلى الاشتراك في «نظام الادخار» الاختياري
  • خلال اجتماعات حكومة الإمارات .. راي داليو يحدد 5 محطات تشكل العالم الجديد
  • التدفق الكثيف على "نظام نور" يبطئ إعلان النتائج
  • التدفق الكثيف على "نظام نور" يبطئ إعلان النتائج - عاجل
  • محمد بن سعود يطلق نظام الحر القضائي برأس الخيمة
  • تلفزيون "بريكس": جنوب إفريقيا تشارك بكثافة في معرض الصين الدولي للاستيراد
  • نظام غذائي مستوحى من الصيام يعزز صحة الكلى
  • هل عملة «بريكس» ستهدد عرش الدولار؟