«إسرائيل» وتهتك مفهوم المناعة
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
«المناعة القوميَّة تتراجع»، جملة أعلنها قَبل أيَّامٍ خَلتْ، وبكُلِّ وضوح الجنرال (يواف جالانت) وزير الحرب في «إسرائيل» خلال اجتماعٍ مُغلق للَّجنة الخارجيَّة والأمن في الكنيست، عِندما قال: «إنَّ المناعة القوميَّة تضرَّرت بشكلٍ قَدْ يستهدف الأمن القومي، ومن شأنه أن يؤثِّرَ في المدى البعيد بتراجع التماسُّك الداخلي».
إذًا، استطاعت مقاومة الشَّعب الفلسطيني على امتداد الأرض المحتلَّة، من القَدْس إلى جنين ومخيَّمها إلى حوَّارة ونابلس والخليل، أن تضعَ «الإسرائيليين» أمام واقعٍ صعب، يضاف إليها، الأزمات الداخليَّة التي باتت فاقعة على السطح داخل «إسرائيل» من خلال الحراكات المناهضة لنتنياهو من جهة، والمؤيِّدة لها من جهة ثانية، بشأن تخفيض سُلطة القضاء، وكُلُّها تُلخِّصُ في حقيقتها عُمق الأزمات التي بدأت تضرب كيان دولة الاحتلال، وليس كما يُشاع حَوْلَ مشروع نتنياهو وحكومته بتخفيض سُلطة القضاء ودَوْر «محكمة العدل العُليا» فقط.
إنَّ حالة الخلل والتنابذات في الوضع الداخلي في «إسرائيل» تحَوَّلَت عمليًّا إلى ما قَدْ نقول عَنه بأنَّه بدايات أولى للتفكك وإن كانت تحتاج لوقتٍ طويل نظرًا لعدَّة اعتبارات، وأهمُّها تدخُّل واشنطن لحفظ حالة من التوازن في الوضع الداخلي «الإسرائيلي» ومنع أيِّ انهيارات داخليَّة ذات معنى أو تأثُّر على أمن «إسرائيل».
إنَّ الحالة التي أشَرنا لها أعلاه، بَدَت في أحد تجلِّياتها المهمَّة في صفوف «الجيش الإسرائيلي»، وهو ما يلحق بتأثيراته على قُدراته وجهوزيَّته. ففي الثالث والعشرين من تموز/يوليو 2023 الماضي، أعلن أكثر من 951 عنصر احتياط نشطًا في شُعبة الاستخبارات، تعليق خدمتهم العسكريَّة، احتجاجًا على خطَّة حكومة نتنياهو لإضعاف جهاز القضاء.
ويعتقد مُعظم المتابعين من الكتَّاب والصحافيين «الإسرائيليين»: «أنَّ عمليَّة تآكل كفاءات الجيش الإسرائيلي للحرب قَدْ بدأت، وأنَّ هذه الكفاءات ستتراجع خلال الفترات القريبة القادمة». وتردَّدت تقارير منشورة على صفحات المطبوعات «الإسرائيليَّة» خلال الفترات الأخيرة، جاء فيها «أنَّ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، حذَّر من أنَّ دفع تشريعات الخطَّة القضائيَّة بشكلٍ أحادي الجانب ومن دُونِ توافُق واسع من شأنه أن يؤدِّيَ إلى تسييس في هرميَّة قيادة الجيش ومغادرة ضبَّاط للجيش وتراجع في قُدرات التجنيد بسبب احتجاجات عناصر الاحتياط في الجيش الإسرائيلي ورفض المئات مِنهم الامتثال في الخدمة العسكريَّة».
بالنتيجة، نستطيع القول بأنَّ «إسرائيل» التي كانت تقاتل على أكثر من جبهة في وقتٍ واحد كما حدث تاريخيًّا في معظم حروب «إسرائيل» العدوانيَّة التوسُّعيَّة، هي الآن في واقع آخر تمامًا؛ نتيجة تراجع مكانة وقوَّة وتماسُك جيشها، مضافًا إليه الأزمات القائمة حاليًّا. وهي أزمات كامنة في كيان وبنية الدولة قَبل أن تكُونَ أزمة تخفيض لسُلطة القضاء كما يُشاع، وإن كان لهذا الأمْرِ باع في الأزمات الأخيرة.
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی
إقرأ أيضاً:
إعلام عبري يكشف خطط الجيش الإسرائيلي لإدارة قطاع غزة من دون حكم عسكري
#سواليف
كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن #خطط للجيش الإسرائيلي لإدارة الأمن في قطاع #غزة من دون #حكومة_عسكرية، وذلك من خلال السيطرة على الممرات والمحاور التي بناها.
وتضيف الصحيفة أن هذا الوجود الاستخباراتي العملياتي، الذي سيعطي الأمن والشعور بالأمان لسكان #إسرائيل في غياب تسوية سياسية أو #صفقة_تبادل أسرى ينوي #الجيش تنفيذه من خلال السيطرة على “ممرات آمنة”، تشمل محور فيلادلفيا بالإضافة إلى منطقة أمنية بعرض حوالي كيلومتر على طول كامل حدود قطاع غزة.
ونظرا لهذا الوضع، ينتشر الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة لتوفير الأمن لسكان جنوب إسرائيل ومواصلة الضغط العسكري لتهيئة الظروف لعودة الأسرى.
مقالات ذات صلة جيش الاحتلال ينشر بيانات محدثة مفصلة عن عدد قتلاه في غزة ولبنان 2024/11/15ويضيف مراسل الصحيفة بن يشاي، أن التحرك الذي يتم الآن خاصة في شمال قطاع غزة، يأتي لمنع استعادة قدرات حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” على شن حرب عصابات ضد مستوطني الغلاف، وتشير الصحيفة إلى ما أسمته “الأهداف التي يحاول الجيش الإسرائيلي تحقيقها من خلال الممرات التي يقيمها في غزة” وهي كالتالي:
أولا: نشاط استخباراتي لمراقبة ومتابعة ما يحدث في القطاع عن كثب، بهدف تحديد أي محاولة من جانب حماس لإعادة تأسيس قوتها العسكرية في القطاع.
ثانيا: التحرك السريع للجيش لمهاجمة اي منطقة في قطاع غزة.
ثالثا: منع المساعدات من الوصول إلى “حماس” من الخارج، وخاصة عبر سيناء ومصر، من خلال السيطرة على محور فيلادلفيا. وذلك لحين الاتفاق مع القاهرة على الإجراءات والتحضيرات التي ستتم على طول محور فيلادلفيا، لمنع تهريب الأسلحة.
رابعا: السيطرة على خطوط مساعدات السكان كوسيلة للضغط على “حماس” لإطلاق سراح الأسرى، ومنع تحركات عناصرها إلى شمال القطاع.
خامسا: السماح للجهات الفاعلة الدولية بتقديم المساعدات الإنسانية وتوزيعها بأمان.
وبحسب “يديعوت أحرونوت”، محور نتساريم على سبيل المثال سيتحول إلى محور لوجستي يسمح بالعمليات منه شمالا إلى مدينة غزة وجنوبا إلى منطقة المعسكر المركزي في خان يونس، ويكون الوجود الإسرائيلي عسكريا فقط ويقتصر على ممر عرضه 7 كيلومترات وطوله 9 كيلومترات.
هذه الأهداف تقول الصحيفة هي في مراحل متقدمة من البناء، وستبقى وفقا لخطة الجيش الإسرائيلي، لعدة سنوات حتى يتم التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى، الأمر الذي سيتطلب على الأرجح تغيير الخطط فيما يتعلق بمستقبل القطاع.
لكن في غياب صفقة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وفي غياب إدارة بديلة في غزة سيستمر الجيش الإسرائيلي في إنشاء الممرات، والسبب الثاني هو عدم وجود أي مؤشر على إحراز تقدم في تشكيل حكومة بديلة للحكم المدني في غزة.
وبينما هناك دول عربية مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ترغب في المشاركة في قوة حفظ سلام دولية وحكومة مدنية في غزة، إلا أنها تطالب بمشاركة السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس في مؤسسات الحكم المدني والحكومة المدنية، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يوافق على ذلك لأسباب سياسية وخوفا من تفكك ائتلافه.