جريدة الوطن:
2024-07-03@19:01:59 GMT

آفاق بريكس

تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT

حَظِيَتِ القمَّة الخامسة عشرة لمجموعة بريكس في جنوب إفريقيا بتغطية أوسع من سابقاتها في الصحافة العربيَّة، وهذا أمْرٌ مفهوم مع قرار المجموعة قَبول عضويَّة ثلاث دوَل عربيَّة مطلع العام القادم. وقرار توسيع عضويَّة المجموعة مُهمٌّ في حدِّ ذاته؛ لأنَّه يأتي بعد أكثر من عقْدٍ على المرَّة الوحيدة التي ضمَّت إليها عضوًا جديدًا.

فقَدْ تأسَّس تجمُّع دوَل الاقتصادات الصاعدَّة عام 2009 من أربع دوَل هي البرازيل وروسيا والهند والصين، والتي يتكوَّن اسم المجموعة من الأحرف الأولى لتلك الدوَل. وفي العام التَّالي ضمَّت إليها جنوب إفريقيا؛ كَيْ تتمثلَ في المجموعة القارَّات الثلاث غير أوروبا وأميركا الشماليَّة. حتَّى في قرار التوسُّع الأخير راعت المجموعة تمثيل القارَّات الثلاث: السعوديَّة وإيران والإمارات من آسيا ومصر وإثيوبيا من إفريقيا والأرجنتين من أميركا اللاتينيَّة. أمَّا المغالاة في التحليل والتعليقات على القمَّة، حتَّى في بعض صحافة الغرب وليس العرب فقط، فلَمْ تتعلق بتجمُّع بريكس وأعضائه أكثر ممَّا كانت حَوْلَ منافسة أميركا والغرب.
تردَّد قَبل القمَّة أنَّها ستبحث إصدار عملة لدوَل المجموعة على غرار اليورو للاتِّحاد الأوروبي، لكنَّها مدعومة بالذَّهب وذلك للتخلِّي عن استخدام الدولار الأميركي. وبلغ الشَّطط مبلغه لدى البعض بأنَّ تلك ستكُونُ «نهاية الدولار» الذي يتربَّع على عرش النظام المالي العالَمي منذ أكثر من نصف قرن. ورغم أنَّ الدولة المُضيفة نفَتْ أن يكُونَ إصدار عملة موَحَّدة للمجموعة محلَّ مناقشة، إلَّا أنَّ التحليلات لَمْ تتوقف. وبُنيت استنتاجات على مناقشة القمَّة التبادل فيما بَيْنَ أعضائها بالعملات المحلِّيَّة باعتبارها «ضربة قويَّة للدولار» مع أنَّ دوَل المجموعة لدَيْها منذ سنوات نظام مدفوعات للتعامل فيما بَيْنَها بالعملات المحلِّيَّة دُونَ حاجة لحسْمِ سعر الصَّرف على أساس الدولار. حتَّى «بنك التنمية الجديد» الذي أسَّسته بريكس عام 2014 لِيكُونَ بديلًا للمؤسَّسات الدوليَّة التي تهيمن عليها أميركا كالصندوق والبنك الدوليَّيْنِ ما زال التعامل بالدولار يُشكِّل القَدْر الأكبر من محفظته الائتمانيَّة، ولا تتجاوز القروض بالعملات المحلِّيَّة خمس ما يقَدِّمه للدوَل الأعضاء. صحيح أنَّ دوَلًا كثيرة حَوْلَ العالَم، وليس ضِمْن مجموعة «بريكس» فحسب، تحاول التخلِّي عن الدولار في تعاملاتها التجاريَّة، بل وتقلِّل نصيب العملة الأميركيَّة من احتياطيَّاتها الأجنبيَّة، خصوصًا بعدما فعلته أميركا ضِمْن العقوبات على روسيا بسبب الصراع في أوكرانيا. فتجميد الأصول الخارجيَّة الروسيَّة بالدولار جعل أغلب الدوَل تتخوَّف من احتمال تعرُّضها لذلك في أيِّ لحظة إذا لَمْ ترْضَ واشنطن عَنْها. لكن نهاية عصر الدولار لا يزال بعيد المنال حاليًّا.
لا تقتصر أهمِّية الحديث عن عملة موَحَّدة لـ»بريكس» أو تبادل دوَلها بالعملات المحلِّيَّة للابتعاد عن استخدام الدولار على موقف من الولايات المُتَّحدة. إنَّما هي كُلُّها في سياق تصوُّر تكتُّل «بريكس» كمنافس موازٍ لتجمُّعات تغْلب عليها دوَل الغرب مِثل دوَل مجموعة السَّبع الغنيَّة أو حتَّى تجمُّع دوَل العشرين. مع أنَّ التكتُّل الأخير قصدت به الدوَل الغنيَّة ضمَّ دوَل صاعدة لتوسيع قاعدة تحالف اقتصادي عالَمي لا يقتصر على دوَل الغرب الغنيَّة فقط. لكنَّ الانطباع السَّائد، ليس في عالَم الجنوب النَّامي، وإنَّما حتَّى في الشَّمال الغنيِّ هو أنَّ كُلَّ تلك التجمُّعات ما هي إلَّا أدوات لضمان استمراريَّة الهيمنة الأميركيَّة كقوَّة عظمى متفرِّدة وقطب وحيد في العالَم، بَيْنَما هناك توجُّه متنامٍ لأنْ يصبحَ العالَم «متعدِّد الأقطاب». تَقُودُ هذا التوجُّه بالطبع الصين، ومعها روسيا والبرازيل. أمَّا الهند فموقفها مختلف، ليس من تعدُّديَّة الأقطاب ولكن من أن تسلِّمَ زمام القيادة في هذا المنحى لمُنافِستها الصين. وربَّما ترى الهند أنَّ تجمُّع دوَل العشرين، الذي تترأَّس دَوْرته الحاليَّة وتستضيف قمَّته في سبتمبر وتشترك معها فيه الصين، هو نموذج أمثل للتعدُّديَّة القطبيَّة في إدارة شؤون العالَم. وبالتَّالي من الصَّعب تصوُّر أن يُشكِّلَ تجمُّع «بريكس»، وتحديدًا مع توسيع عضويَّته، قطبًا متماسكًا في عمليَّة مستمرَّة لتشكيل عالَم متعدِّد الأقطاب. حتَّى فكرة المنافسة الاقتصاديَّة لا تبدو أساسًا لمناوأة أميركا والغرب. فأغلب تلك الاقتصادات الصَّاعدة تعتمد بشكلٍ كبير على التبادل التجاري مع أميركا والغرب، ولا يتحمل اقتصادها خسارة أسواقها. ولعلَّ العقوبات على روسيا والضغط والقيود على الصين خير شاهد على حاجة «بريكس» وأعضائها المؤسِّسين للتعامل أكثر مع أميركا والغرب.
تبقى أهمِّية تجمُّع «بريكس»، وخصوصًا مع بدء توسيع عضويَّته، في التعاون ما بَيْنَ الدوَل الصَّاعدة فيما بَيْنَها وربَّما علاقتها بشركائها التجاريين حَوْلَ العالَم. بالطَّبع سيظلُّ التوجُّس من أنَّ الصين، باعتبارها الأقوى في بريكس، ربَّما تريد استغلال التجمُّع لمصلحتها الاستراتيجيَّة، سواء داخل دوَل الجنوب أو في صراعها الاستراتيجي مع الشمال وتحديدًا أميركا والغرب. وربَّما يتطلب الأمْرُ من القيادة الصينيَّة التعامل في اتِّجاهين. الأوَّل هو حلُّ خلافاتها مع الهند وإزالة أسباب أيِّ قلق محتمل من نفوذها لدى الأعضاء الآخرين. والثاني الاستمرار في دَوْرها الإيجابي في الجنوب، ليس اقتصاديًّا فقط بزيادة مساهماتها التنمويَّة في البُلدان التي تحتاجها في القارَّات الثلاث، وإنَّما أيضًا بجهد دبلوماسي مِثل ذلك الذي أسْهمَ في المصالحة بَيْنَ إيران والسعوديَّة. كُلُّ ذلك مرهون بالطَّبع بوضع الصين الداخلي من ناحية وقُدْرتها على إصلاح المشاكل التي يعاني مِنْها ثاني أكبر اقتصاد في العالَم، وكذلك بعلاقة الصين بأميركا والغرب.

د.أحمد مصطفى أحمد
كاتب صحفي مصري
mustafahmed@hotmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: العال م ما ب ی ن الدو ل

إقرأ أيضاً:

البرازيل تواجه كولومبيا في صدام ناري ببطولة كوبا أميركا

تصطدم البرازيل بطلة كأس العالم 5 مرات وكولومبيا المتألقة غدا الثلاثاء في مواجهة مرتقبة في بطولة كوبا أميركا لكرة القدم، ستكون أكثر من مجرد مباراة على صدارة المجموعة الرابعة.

ويمكن القول إن كولومبيا هي الفريق الأكثر ندية في الأميركتين بعد سلسلة مميزة من 10 انتصارات متتالية ولم تهزم في آخر 25 مباراة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2حتى الأرقام السلبية تجمع رونالدو وميسي في يورو 2024 وكوبا أميركاlist 2 of 2تشيلي تتقدم بشكوى ضد التحكيم في كوبا أميركاend of list

وكانت هزيمتهم الأخيرة قبل أكثر من عامين حين خسرت 1-صفر أمام الأرجنتين التي أنهت فعليا آمالهم في التأهل لكأس العالم 2022.

وأقالت كولومبيا المدرب رينالدو رويدا وأعادت نيستور لورينزو، اللاعب الأرجنتيني السابق الذي عمل لعدة سنوات مساعدا لخوسيه بيكرمان عندما كان مسؤولا.

وضخ لورينزو دماء جديدة في مجموعة موهوبة من اللاعبين لكنها متقدمة في السن وتمكن من إخراج أفضل نسخة من اللاعبين أصحاب الخبرة مثل جيمس رودريغيز وجون كوردوبا ويوهان موخيكا الذين كانوا يظنون أنهم قد تجاوزوا أوج تألقهم.

ومنح تألق ريتشارد ريوس وجون أرياس وجيفرسون ليرما كولومبيا التوازن الذي تحتاجه، وتضمن مشوارها الفوز على إسبانيا وألمانيا وانتفاضة قوية أمام البرازيل عندما سجل الجناح لويس دياز ثنائية متأخرة ليحقق فوزا مفاجئا بعد أيام من إطلاق سراح والده المختطف من قبل جيش التحرير الوطني الكولومبي.

وقدمت كولومبيا كرة هجومية مميزة بوتيرة ولياقة بدنية لا غبار عليها، واستهلت مشوارها في كوبا أميركا بالفوز على باراغواي وكوستاريكا وتصدرت المجموعة بالتعادل مع البرازيل.

وقال لورينزو بعد فوز فريقه على كوستاريكا 3-صفر يوم الجمعة إن الفوز على بطل العالم 5 مرات من شأنه أن يبعث رسالة مفادها أن أميركا الجنوبية لديها قوة جديدة لا يستهان بها.

وقال "أعلم أن مشجعينا يشعرون بحماس كبير. لست الشخص الذي بوسعه منح النصائح بشأن طموحات الناس ومشاعرهم. نحن متحمسون أيضا، لذلك دعونا نستمتع".

وتعاني البرازيل منذ هزيمة تفطر القلب بركلات الترجيح أمام كرواتيا في دور الثمانية بكأس العالم 2022.

وكان الظهور الأول للبرازيل في كوبا أميركا مخيبا للآمال بقيادة المدرب الجديد دوريفال جونيور، إذ تعادلت دون أهداف مع كوستاريكا وكانت مباراتهم الرسمية الخامسة على التوالي دون فوز وهي أسوأ سلسلة لهم منذ 23 عاما.

وانتعشت البرازيل بالفوز 4-1 على باراغواي بعد الأداء الرائع للمهاجم فينيسيوس جونيور، الذي أظهر سببا قويا للمنافسة على الكرة الذهبية بعد أن قاد ريال مدريد إلى ثنائية الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا.

وقال لاعب الوسط البرازيلي برونو غيمارايش في مؤتمر صحفي يوم الأحد "كولومبيا عقبة في طريقنا سنحاول التخلص منها المباراة المقبلة. لديهم العديد من اللاعبين الذين يمكنهم حسم النتيجة بمهارة فردية".

وأضاف "إنه فريق يتمتع بقوة بدنية وسيكون من الجيد اللعب ضدهم. سيكون اختبارا رائعا لنا، مباراة كبيرة نرغب في الفوز بها لحسم صدارة المجموعة، هذا هو المطلوب عندما ترتدي قميص البرازيل".

مقالات مشابهة

  • الرئيس الصيني: ندعم كازاخستان في الانضمام إلى "بريكس"
  • ميسي خارج «أولمبياد باريس»!
  • شاهد..كولومبيا تفرض التعادل على البرازيل بكوبا أميركا
  • الهيدروجين حلبة صراع جديد بين الصين والغرب
  • أميركا والصين تستعدان لحرب كبرى تستمر لسنوات.. فلمن ستكون الغلبة؟
  • مادورو يعلن قبوله استئناف المحادثات مع أميركا
  • 860 مليون رحلة ركاب عبر السكك الحديدية الصينية في يوليو وأغسطس
  • المنتخبات المتأهلة لربع نهائي كوبا أميركا 2024
  • البرازيل تواجه كولومبيا في صدام ناري ببطولة كوبا أميركا
  • عند التشكيلي أحمد عبد العال.. الفن فكر وصورة يشهدان بألا لا إله إلا الله