جريدة الوطن:
2025-01-30@08:27:46 GMT

آفاق بريكس

تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT

حَظِيَتِ القمَّة الخامسة عشرة لمجموعة بريكس في جنوب إفريقيا بتغطية أوسع من سابقاتها في الصحافة العربيَّة، وهذا أمْرٌ مفهوم مع قرار المجموعة قَبول عضويَّة ثلاث دوَل عربيَّة مطلع العام القادم. وقرار توسيع عضويَّة المجموعة مُهمٌّ في حدِّ ذاته؛ لأنَّه يأتي بعد أكثر من عقْدٍ على المرَّة الوحيدة التي ضمَّت إليها عضوًا جديدًا.

فقَدْ تأسَّس تجمُّع دوَل الاقتصادات الصاعدَّة عام 2009 من أربع دوَل هي البرازيل وروسيا والهند والصين، والتي يتكوَّن اسم المجموعة من الأحرف الأولى لتلك الدوَل. وفي العام التَّالي ضمَّت إليها جنوب إفريقيا؛ كَيْ تتمثلَ في المجموعة القارَّات الثلاث غير أوروبا وأميركا الشماليَّة. حتَّى في قرار التوسُّع الأخير راعت المجموعة تمثيل القارَّات الثلاث: السعوديَّة وإيران والإمارات من آسيا ومصر وإثيوبيا من إفريقيا والأرجنتين من أميركا اللاتينيَّة. أمَّا المغالاة في التحليل والتعليقات على القمَّة، حتَّى في بعض صحافة الغرب وليس العرب فقط، فلَمْ تتعلق بتجمُّع بريكس وأعضائه أكثر ممَّا كانت حَوْلَ منافسة أميركا والغرب.
تردَّد قَبل القمَّة أنَّها ستبحث إصدار عملة لدوَل المجموعة على غرار اليورو للاتِّحاد الأوروبي، لكنَّها مدعومة بالذَّهب وذلك للتخلِّي عن استخدام الدولار الأميركي. وبلغ الشَّطط مبلغه لدى البعض بأنَّ تلك ستكُونُ «نهاية الدولار» الذي يتربَّع على عرش النظام المالي العالَمي منذ أكثر من نصف قرن. ورغم أنَّ الدولة المُضيفة نفَتْ أن يكُونَ إصدار عملة موَحَّدة للمجموعة محلَّ مناقشة، إلَّا أنَّ التحليلات لَمْ تتوقف. وبُنيت استنتاجات على مناقشة القمَّة التبادل فيما بَيْنَ أعضائها بالعملات المحلِّيَّة باعتبارها «ضربة قويَّة للدولار» مع أنَّ دوَل المجموعة لدَيْها منذ سنوات نظام مدفوعات للتعامل فيما بَيْنَها بالعملات المحلِّيَّة دُونَ حاجة لحسْمِ سعر الصَّرف على أساس الدولار. حتَّى «بنك التنمية الجديد» الذي أسَّسته بريكس عام 2014 لِيكُونَ بديلًا للمؤسَّسات الدوليَّة التي تهيمن عليها أميركا كالصندوق والبنك الدوليَّيْنِ ما زال التعامل بالدولار يُشكِّل القَدْر الأكبر من محفظته الائتمانيَّة، ولا تتجاوز القروض بالعملات المحلِّيَّة خمس ما يقَدِّمه للدوَل الأعضاء. صحيح أنَّ دوَلًا كثيرة حَوْلَ العالَم، وليس ضِمْن مجموعة «بريكس» فحسب، تحاول التخلِّي عن الدولار في تعاملاتها التجاريَّة، بل وتقلِّل نصيب العملة الأميركيَّة من احتياطيَّاتها الأجنبيَّة، خصوصًا بعدما فعلته أميركا ضِمْن العقوبات على روسيا بسبب الصراع في أوكرانيا. فتجميد الأصول الخارجيَّة الروسيَّة بالدولار جعل أغلب الدوَل تتخوَّف من احتمال تعرُّضها لذلك في أيِّ لحظة إذا لَمْ ترْضَ واشنطن عَنْها. لكن نهاية عصر الدولار لا يزال بعيد المنال حاليًّا.
لا تقتصر أهمِّية الحديث عن عملة موَحَّدة لـ»بريكس» أو تبادل دوَلها بالعملات المحلِّيَّة للابتعاد عن استخدام الدولار على موقف من الولايات المُتَّحدة. إنَّما هي كُلُّها في سياق تصوُّر تكتُّل «بريكس» كمنافس موازٍ لتجمُّعات تغْلب عليها دوَل الغرب مِثل دوَل مجموعة السَّبع الغنيَّة أو حتَّى تجمُّع دوَل العشرين. مع أنَّ التكتُّل الأخير قصدت به الدوَل الغنيَّة ضمَّ دوَل صاعدة لتوسيع قاعدة تحالف اقتصادي عالَمي لا يقتصر على دوَل الغرب الغنيَّة فقط. لكنَّ الانطباع السَّائد، ليس في عالَم الجنوب النَّامي، وإنَّما حتَّى في الشَّمال الغنيِّ هو أنَّ كُلَّ تلك التجمُّعات ما هي إلَّا أدوات لضمان استمراريَّة الهيمنة الأميركيَّة كقوَّة عظمى متفرِّدة وقطب وحيد في العالَم، بَيْنَما هناك توجُّه متنامٍ لأنْ يصبحَ العالَم «متعدِّد الأقطاب». تَقُودُ هذا التوجُّه بالطبع الصين، ومعها روسيا والبرازيل. أمَّا الهند فموقفها مختلف، ليس من تعدُّديَّة الأقطاب ولكن من أن تسلِّمَ زمام القيادة في هذا المنحى لمُنافِستها الصين. وربَّما ترى الهند أنَّ تجمُّع دوَل العشرين، الذي تترأَّس دَوْرته الحاليَّة وتستضيف قمَّته في سبتمبر وتشترك معها فيه الصين، هو نموذج أمثل للتعدُّديَّة القطبيَّة في إدارة شؤون العالَم. وبالتَّالي من الصَّعب تصوُّر أن يُشكِّلَ تجمُّع «بريكس»، وتحديدًا مع توسيع عضويَّته، قطبًا متماسكًا في عمليَّة مستمرَّة لتشكيل عالَم متعدِّد الأقطاب. حتَّى فكرة المنافسة الاقتصاديَّة لا تبدو أساسًا لمناوأة أميركا والغرب. فأغلب تلك الاقتصادات الصَّاعدة تعتمد بشكلٍ كبير على التبادل التجاري مع أميركا والغرب، ولا يتحمل اقتصادها خسارة أسواقها. ولعلَّ العقوبات على روسيا والضغط والقيود على الصين خير شاهد على حاجة «بريكس» وأعضائها المؤسِّسين للتعامل أكثر مع أميركا والغرب.
تبقى أهمِّية تجمُّع «بريكس»، وخصوصًا مع بدء توسيع عضويَّته، في التعاون ما بَيْنَ الدوَل الصَّاعدة فيما بَيْنَها وربَّما علاقتها بشركائها التجاريين حَوْلَ العالَم. بالطَّبع سيظلُّ التوجُّس من أنَّ الصين، باعتبارها الأقوى في بريكس، ربَّما تريد استغلال التجمُّع لمصلحتها الاستراتيجيَّة، سواء داخل دوَل الجنوب أو في صراعها الاستراتيجي مع الشمال وتحديدًا أميركا والغرب. وربَّما يتطلب الأمْرُ من القيادة الصينيَّة التعامل في اتِّجاهين. الأوَّل هو حلُّ خلافاتها مع الهند وإزالة أسباب أيِّ قلق محتمل من نفوذها لدى الأعضاء الآخرين. والثاني الاستمرار في دَوْرها الإيجابي في الجنوب، ليس اقتصاديًّا فقط بزيادة مساهماتها التنمويَّة في البُلدان التي تحتاجها في القارَّات الثلاث، وإنَّما أيضًا بجهد دبلوماسي مِثل ذلك الذي أسْهمَ في المصالحة بَيْنَ إيران والسعوديَّة. كُلُّ ذلك مرهون بالطَّبع بوضع الصين الداخلي من ناحية وقُدْرتها على إصلاح المشاكل التي يعاني مِنْها ثاني أكبر اقتصاد في العالَم، وكذلك بعلاقة الصين بأميركا والغرب.

د.أحمد مصطفى أحمد
كاتب صحفي مصري
mustafahmed@hotmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: العال م ما ب ی ن الدو ل

إقرأ أيضاً:

علاء عبد العال يدفع بثلاثي هجومي أمام الزمالك في الدوري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

اعلن علاء عبدالعال المدير الفني لفريق الجونة ، عن التشكيل الرسمي الذي سيواجه به فريق الزمالك اليوم الاثنين ضمن منافسات الجولة العاشرة من عمر الدوري المصري الممتاز.

حيث يلتقي الفريقين ، على استاد القاهرة الدولي في تمام الساعه الرابعة عصرا.

 

تشكيل الجونة امام الزمالك 

حراسة المرمى : محمد علاء.

خط الدفاع : أحمد مجدي كهربا  - أحمد العش -  أحمد حسام - أحمد رضا.

خط الوسط :  عبد الجواد محمد  تعلب- رضا صلاح - بلال السيد .

خط الهجوم :  أرنو راندريانتيناينا – مروان محسن - علي الزاهدي.

ويتواجد على مقاعد البدلاء، عمرو شعبان وأحمد شوشة وعصام صبحي وسيف شيكا ومحمود حسونة ونور السيد وأمين فافور ومازن ياسر وشامسو كابير.

وكان قد وصل منذ قليل فريق الجونة بقيادة علاء عبد العال المدير الفني لاستاد القاهرة الدولي وذلك لخوض مباراته امام نادي الزمالك  اليوم الاثنين ضمن منافسات الجولة العاشرة من عمر الدوري المصري الممتاز.

يُدير هذا اللقاء الدولي أحمد الغندور ومعه شريف عبد الله ومحمد عاطف الزناري (مساعدين) ’ السيد منير (حكماً رابعاً) ’ محمد نهاد وأحمد ناجي (تقنية الفيديو).

يدخل الزمالك هذا اللقاء وفي رصيده 17 نقطة يحتل بها المركز الرابع في جدول الترتيب ويبحث عن تجاوز خسارته غير المتوقعة أمام مودرن سبورت في الجولة التاسعة من أجل التقدم للمركز الثاني مستغلاً تعادل الأهلي مع بيراميدز في اليوم الأول.

أما الجونة الذي تكبد 4 خسائر متتالية كان أخرها على أرضه أمام البنك الأهلي (1 – 2) في الجولة التاسعة وتجمد رصيده عند 6 نقاط في المركز الثامن عشر والأخير، فيطمح في وقف نزيف النقاط وتحقيق نتيجة إيجابية تبعده عن قاع الترتيب.

مقالات مشابهة

  • 26فبراير.. الحكم في دعوى رضا عبد العال ضد الإعلامي تامر أمين
  • 26 فبراير.. الحكم فى دعوى رضا عبد العال ضد تامر أمين بقضية سب وقذف
  • بسبب السب والقذف.. 26 فبراير الحكم في دعوى الكابتن رضا عبد العال ضد الاعلامى تامر امين
  • وزير البيئة العراقي يتحدث عن آفاق جديدة للرقابة
  • رضا عبد العال للأهلي: حاولوا تصنعوا نجوم بدل ما تخطفوهم من الفرق التانية
  • عُمان وقطر.. تعاون وتفاهم وإخاء
  • نيجيرفان بارزاني يؤكد رغبة كوردستان بتوسيع آفاق التعاون مع الهند
  • علاء عبد العال يدفع بثلاثي هجومي أمام الزمالك في الدوري
  • علاء عبد العال يعلن تشكيل الجونة أمام الزمالك في الدوري الممتاز
  • لوكاشينكو يكتسح الانتخابات الرئاسية في بيلاروس والغرب يندد