جريدة الوطن:
2024-11-16@02:24:34 GMT

تأملات تربوية من سورة يوسف

تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT

«.. وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا..»

يأتون بالمجرم الذي ثبتت عليه الجريمة، ويضعونه في مسرح الجريمة، ويأمرونه أن يتتبع الأحداث خطوة خطوة منذ بدء تنفيذها إلى نهايتها، وكيفية استخدام السلاح ـ مثلًا ـ وكيفية التلويح بإصبعه بزناد القتل وهكذا بالتفصيل الواقعي الدقيق.
فإن ذلك يجعل من المجرم يتأثر تأثّرًا عميقًا يحتمل أن يؤدي به إلى التوبة والاتعاض، فضلًا على إفادتهم (أي: محققو الجنايات) خبرة بحيثيات تنفيذ الجرائم، للتحرز من وقوعها مستقبلا في المجتمع.


ولعلهم عرفوا أم لم يعرفوا أن ذلك ما فعله نبيهم يوسف (عليه السلام)، فقد هيأ لهم مسرح جريمتهم، ووضع معالم تنفيذها، فأصعدهم عليها ليعيدوا مسرحية ما فعلوه بيوسف من تفريط وتغريب مع أخيه بنيامين، ووضع صواع الملك في رحله ليتهموه بالسرقة كما اتهموه بالسرقة.. فعادت عليهم ويلات الأب تمامًا كما كانت وقت جريمتهم الأولى.. كل تلك المشاهد والآلام المصاحبة لها عادت إليهم من جديد لتهز نفسياتهم من داخلها وتفتح الجروح طرية غضة، وكل مجرم يعلم أنه أذنب، فلما أعيد لتمثيل ذنبه تأتيه صدمة مصحوبة بالندم فوق تكابره عليها. إنّ هذا علم متقدم جدا وعميق جدا داخل في براثن علم النفس.. ألم تعلموا الآن مدى قوله تعالى:(نحن نقص عليك أحسن القصص)؟ ومدى تربيته ليوسف (وكذا باقي رسله) والعلم الذي آتاه (ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذاك نجزي المحسنين)؟ كل ذلك يعزز يقيننا بالله العظيم وقرآنه الحكيم، وأنبيائه المعلمين البارعين.

سامي السيابي
فريق ولاية بدبد الخيري

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

أسرار السور.. الفاتحة الرقية والشفاء والدعاء في أعظم سور القرآن الكريم

سورة الفاتحة، أعظم سور القرآن الكريم، تتميز بكونها أساسًا في العبادة والتوجه إلى الله. هي السورة التي لا تقتصر على كونها جزءًا من الصلاة اليومية فحسب، بل هي دعاء وشفاء ورقية. تحمل الفاتحة معانٍ عميقة، تُظهر كيف يمكن للكلمة أن تكون علاجًا، وكيف أن التوجه إلى الله في ظل كلماتها يُحسِّن من حال المسلم الروحي والجسدي.

الفاتحة: مفتاح الدعاء في الإسلام

تبدأ سورة الفاتحة بكلمات "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، التي تُذكّر المسلم بعظمة الله ورحمته الواسعة، هذه الكلمات هي مقدمة للفاتحة التي تفتح الباب أمام الدعاء، فتشمل طلب الهداية، الرحمة، والمغفرة.

 تتألف السورة من سبع آيات قصيرة، لكنها تحتوي على معانٍ عميقة تجسد علاقتنا بالله سبحانه وتعالى، في كل مرة نردد فيها الفاتحة، نحن نطلب من الله أن يهدي قلوبنا ويعطينا القوة للتعامل مع مصاعب الحياة.

الدعاء في الفاتحة يركز على طلب الهداية إلى الصراط المستقيم، ويطلب العون الإلهي في مسيرتنا الحياتية. الفاتحة ترفع من مستوى العلاقة بين العبد وربه، وتعلم المسلم كيف يكون توكله على الله في كل صغيرة وكبيرة.

الشفاء الروحي والجسدي

من أبرز ميزات سورة الفاتحة أنها تعتبر رقية عظيمة للشفاء، ليس فقط في الأمراض الجسدية بل أيضًا في الأمراض النفسية والروحية. تعتبر السورة إحدى أقوى وسائل الشفاء التي وردت في السنة النبوية، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج المرضى بقراءتها. وقد ورد في الحديث الصحيح أن الصحابة كانوا يستخدمون الفاتحة لعلاج المرضى، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ الفاتحة على مريض أو كرباء من الناس، فُرِّج عنه".

الشفاء الروحي في الفاتحة يتحقق من خلال تأثير الكلمات التي تدعو الله فيها، بداية من طلب الهداية إلى طلب المغفرة، مرورًا بالرحمة. فكلما قرأ المسلم السورة، يطهر قلبه ويرتقي روحيًا، ويشعر بالطمأنينة والسكينة. أما على المستوى الجسدي، فإن الفاتحة تُستخدم لعلاج أمراض عديدة، من خلال ترديدها بنية الشفاء.

الفاتحة: دروس في التفكر والتدبر

سورة الفاتحة ليست مجرد كلمات نرددها، بل هي مدرسة للتفكر والتدبر في معاني الحياة. فهي تُعلم المسلم كيف يطلب الهداية من الله ليُرشد خطواته في الحياة، وكيف يطلب الرحمة والمغفرة في حال خطأه، بل وتعلمه أن الحياة لا تتم إلا في ظل الاعتراف بالله وعبادته.

كل آية في الفاتحة تحمل دروسًا عظيمة، فآية "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" تدعونا للتفكير في نعم الله علينا، و"الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" تعلمنا أن الله هو الأرحم بعباده. أما "مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ" فتذكّرنا بأننا سنقف يومًا بين يدي الله، محاسبين على أعمالنا.

أما "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" فتؤكد على ضرورة التوكل على الله وحده في جميع أمورنا. بينما "اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ" تدعونا للتوجه في حياتنا نحو الطريق الصحيح الذي يرضي الله. وفي الآيات الأخيرة من السورة، نجد دعاءً للابتعاد عن سبل الضلال والغضب الذي يؤدي إلى الخروج عن الطريق المستقيم.

الفاتحة: رقية لعلاج القلوب المريضة

القلوب المريضة تحتاج إلى العلاج الروحي، والفاتحة تقدم هذه الرقية المتمثلة في الكلمات التي تُلامس الفؤاد وتُعالج الهموم. القلوب التي تعاني من القلق والخوف والضغوطات تجد في ترديد الفاتحة مصدرًا للراحة والطمأنينة. فهي تمنح المسلم الطاقة الإيمانية التي يحتاجها لمواجهة الحياة والابتلاءات.

من خلال الدعاء في الفاتحة، يفتح المؤمن قلبه لله، ويترك له أمره كله، مما يعزز ثقته بالله، ويساهم في تطهير روحه. الفاتحة هي أداة قوية لتحصين النفس من الشرور والأفكار السلبية، ولها تأثير نفسي مريح.

الطريق إلى النور من خلال الفاتحة

في النهاية، تُعدّ سورة الفاتحة مرشدًا روحيًا يفتح الطريق إلى النور الإلهي. هي سر الهداية والشفاء والطمأنينة، إذا ما تم تدبر معانيها وقراءتها بصدق وإيمان. لا تقتصر فائدتها على كونها جزءًا من الصلاة فقط، بل هي دعاء يومي في كل لحظة، تحمل معها الكثير من البركة والخير لكل من جعلها رفيقًا في حياته.

إن قراءة الفاتحة ليست مجرد ترديد كلمات بل هي اتصال مباشر مع الله، تدعو إلى التواضع والطلب، وتفتح أبواب الفرج والشفاء. الفاتحة هي القوة التي يحتاجها المسلم ليواجه تحديات الحياة، وتظل دومًا رقية وشفاء للقلب والعقل والجسد.

 

مقالات مشابهة

  • "من قرأها وهو ضال هدي" أسرار سورة يس وفضلها
  • أسرار السور.. الفاتحة الرقية والشفاء والدعاء في أعظم سور القرآن الكريم
  • أسرار سورة الكهف للرزق يوم الجمعة.. داوم عليها كل أسبوع
  • 9 كلمات تقضي حاجتك يوم الجمعة.. داوم عليها
  • من واشنطن إلى بري.. مقترح تهدئة مع إسرائيل وشرط يعيق تنفيذها
  • حكم قراءة سورة الفاتحة وأول سورة البقرة بعد ختم القرآن
  • جريمة بشعة تثير الرعب في حضرموت: القاتل يروي تفاصيل الجريمة
  • «محلية النواب» تمهل جهات حكومية أسبوعا للرد على المشروعات المتوقف تنفيذها
  • أذكار المساء كاملة مكتوبة .. رددها تحفظ من كل سوء
  • ما الذي تراهن عليه تركيا في سوريا بعد فوز ترامب؟