إثر وفاة الشاب حمزة الفناطسه أثناء حفل زفافه بمحافظة معان

عادت ظاهرة إطلاق العيارات النارية بالمناسبات في الأردن، للظهور مجددا عقب وفاة العريس الشاب حمزة الفناطسه أثناء حفل زفافه بمحافظة معان.

اقرأ أيضاً : رصاصة طائشة تحول الفرح إلى ترح.. وفاة عريس أثناء حفل زفافه في معان

وبحسب مصدر أمني لـ"رؤيا"، توفي ظهر الأربعاء، شخص عشريني أثناء حفل زفاف في محافظة معان اثر اصابته بعيار ناري طائش، وفق ما ذكر مصدر أمني.

وقال المصدر لـ"رؤيا"، إنه جرى إسعافه الى مستشفى معان الحكومي وما لبث ان فارق الحياة، وبوشرت التحقيقات.

من جانبه، أكد مدير مستشفى معان الحكومي الدكتور وليد الرواد لـ"رؤيا"، أن الإصابة كانت بالصدر والحالة وصلت للمستشفى متوفية.

الأمن العام حذر وتوعد

وكانت مديرية الأمن العام قد دعت إلى الإبلاغ حالات إطلاق العيارات، مؤكدة أنه لا مبرر لفعل قد يودي بحياة شخص، ويقود لعقوبة مغلّظة وتسبب بدمار وأذى لعائلتين الضحية والجاني.

وفي التفاصيل، أوعز مدير الأمن العام اللواء عبيدالله المعايطة، بمتابعة أية قضية تتعلق بإطلاق العيارات النارية، لحين ضبط مرتكبها وتوديعه للقضاء، لا سيّما القضايا التي تتسبب بخسائر مادية أو بشرية. 

وأضافت، أن كوادر إدارة المختبرات والأدلة الجرمية لديها القدرة التامة على كشف ملابسات أية قضية لإطلاق العيارات النارية من خلال أساليب تحقيقية فنية تحدد مسار العيارات النارية، ومصدر إطلاقها، والسلاح المستخدم بنسبة تيقّن تصل إلى 100% .

وأوضحت أن قانون العقوبات الأردني يعاقب كل من يطلق عيارات نارية دون داعٍ وينجم عن الفعل وفاة إنسان بالأشغال المؤقتة لمدة لا تقل عن عشر سنوات.

وبينت، أن جميع القضايا المتعلقة بإطلاق العيارات النارية تُعد قضايا مفتوحة وقيد التحقيق حتى إلقاء القبض على مرتكبيها، مؤكدة أنه ليس بمقدور أي كان الإفلات من العقاب في حال الإقدام على هذا الفعل الذي يمثل جريمة اعتداء على الحياة إذ أن مطلق النار يقبل ضمنيا نتائج وخيمة قد تصل للتسبب بوفاة أشخاص.

القبض على كل من تسبب بوفاة شخص

وعلى الرغم من صعوبة التحقيق في قضايا إطلاق العيارات النارية، إلا إنّ كوادر البحث الجنائي والوحدات المختصة في مديرية الأمن العام، ألقت القبض على كل مَن تسبب بوفاة ناجمة عن إطلاق العيارات النارية منذ العام 2017.

وأضافت، أنه تم التعامل في العام الماضي مع أربع قضايا تم إنزال العقوبات الرادعة بمرتكبيها، وفي إحداها أُلقي القبض على الفاعل وكان أطلق عيارات نارية في الهواء من سلاح أتوماتيكي وتسببت بمقتل شاب على بعد حوالي 1860 متراً. 

من جانبه، أكد أمين عام دائرة الإفتاء العام الدكتور أحمد الحسنات، أن إطلاق العيارات النارية يشكل ممارسة تؤذي الآخرين، وتضر بأرواحهم أو بممتلكاتهم وترعب الآمنين، كما أن إطلاق النار دون داعٍ هو إتلاف للمال ومرتكبه آثم شرعاً وهو قاتل شبه عمد، لعلمه بأنه قد يضر بأرواح وممتلكات الآمنين.

وأضاف، أن مدير الأمن العام وجه إلى متابعة كل القضايا المتعلقة بإطلاق العيارات النارية واتخاذ الإجراءات الحازمة بحق مرتكبيها، مع التوسع في حملة إعلامية ومجتمعية تؤكد على رفض هذه العادة القاتلة، وتدعو المجتمع إلى محاربتها حتى التخلص منها.

المصدر: رؤيا الأخباري

كلمات دلالية: معان وقف إطلاق نار عرس الأردن إطلاق العیارات الناریة الأمن العام أثناء حفل القبض على

إقرأ أيضاً:

رابطة الكُتاب الأردنيين في يوبيلها الذهبي.. ذاكرة موشومة بالصبر وجمر الكلمات

قطعت رابطة الكُتاب الأردنيين، أهم الهيئات الثقافية الأردنية على مدار عقود، شوطا بعيدا متعدّد المراحل، متنوع المحتوى، من الإنجاز الثقافي والفكري منذ تأسيسها رسميا بتاريخ 1974/5/19، مرورا بالهيئات الإدارية المتعاقبة التي تولت إدارتها حتى اليوم.

وقد ظلت الرابطة طوال هذه السنوات الـ50 الضمير الحي المعبّر عن كتّاب الأردن ومثقّفيه، وظلت محافظة على استقلالها وعلى انحيازها للإبداع المستقل في عصر مثقفي "التبعية" الملحقين بالسلطات من كل نوع.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ما زال حاضرا بعد 35 عاما من الغياب.. غالب هلسا مثقف أردني بهوية عربية مركّبةlist 2 of 2الأديب الغزي محمود عساف يوثق أهوال الحرب في "كم موتًا يريدنا"end of list

ولقد تميزت الرابطة بعطاء غير منقطع إبداعيا ووطنيا، محليا وعربيا ودوليا، وكان لها دور كبير في المحافظة على موقع الثقافة والكتابة، وفي تشكيل أجيال متتابعة من المبدعين ورعايتهم في مناخها وظلالها حتى غدوا في طليعة الكُتاب والمثقفين والمبدعين العرب.

وهو دور نحسب أن الأوان قد حان لمراجعته ودراسته وتنظيم حلقات بحث حوله، بعدما صار للرابطة تاريخ ثقافي حري بالاهتمام والدراسة والتأمل، وهو أمر نقترحه أمام الدارسين والجامعات المعنية بدراسة دور المؤسسات الثقافية ذات الأثر والتاريخ.

كانت طلقة المسدس التي أودت بحياة تيسير السبول طلقة مدوية، دفعت زملاءه للمّ شتات الأدباء والدعوة القاطعة لتأسيس رابطة أو هيئة تعنى بالأدب والكتابة (مواقع التواصل) قصة التأسيس وأطياف تيسير السبول

تواصل الرابطة مشوارها الثقافي الممتد، وهي تستند إلى ذاكرة موشومة بالصبر وجمر الكلمات، فلقد انطلقت فكرة تأسيسها الجادة والعملية متأثرة بانتحار واحد من أبرز مثقفي الأردن وأدبائه هو تيسير السبول (مواليد الطفيلة 1939) في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني عام 1973، عندما أطلق النار على رأسه في منزله، تاركا رواية وحيدة مؤثرة فازت بجائزة النهار للرواية العربية، هي (أنت منذ اليوم)، وديوان شعر بعنوان (أحزان صحراوية).

إعلان

ويمكن أن نعدّ روح تيسير السبول المتألّمة أبرز مؤسسي الرابطة -على المستوى الرمزي- وإن لم يسجّل اسمه في سجل الأعضاء، فلقد كانت طلقة المسدس التي أودت بحياته طلقة مدوية دفعت زملاءه للمّ شتات الأدباء والدعوة القاطعة لتأسيس رابطة أو هيئة تعنى عناية حقيقية بالأدب والكتابة وبشؤون الأدباء ومشاغلهم.

وهناك عدة روايات وكتابات تحدّثنا عن مرحلة التأسيس، وقد استقر عندي أن هناك جهودا متداخلة أسهمت في إنجاح الفكرة وتحقيق الهدف. فلقد اجتمع نحو (20) كاتبا في منزل الأديب الراحل عدي مدانات بتاريخ 1973/11/22، إثر انتحار تيسير السبول، ووفق وصف الراحل عز الدين المناصرة لهذا اللقاء، "فقد فجّرت مأساة سبول مشاعر أصدقائه، فأرادوا تحويل هذا الحدث المأساوي إلى قيمة إيجابية، فاقترح عدد من الحضور مناقشة موضوع (تأسيس رابطة للكُتاب في الأردن)، وفعلا تمت المناقشة لساعات طويلة".

الأديب الراحل عدي مدانات (الجزيرة)

ولقد سبقت هذه المرحلة دعوات كثيرة لتأسيس رابطة أو اتحاد أو هيئة للكتاب، ففكرة وجود رابطة أدبية تجمع الأدباء وتعبر عن قوة حضورهم في مجتمعهم موجودة في التاريخ الثقافي الأردني منذ خمسينيات القرن الماضي، كما تأسست في بعض الأقطار العربية الشقيقة هيئات أدبية معروفة، ولذلك كتب كثيرون وحاول كثيرون تأسيس الهيئة المأمولة، من مثل محاولات: حسني فريز، وأمين شنار، وعيسى الناعوري، وغيرهم.

وعندما تأسس اتحاد الأدباء العرب كان الأدباء الأردنيون يشاركون بصفتهم الفردية ويعجبون من عدم نجاحهم في تأسيس رابطتهم كما هو حال زملائهم من الأدباء العرب، إلى أن نجحت المحاولة الأخيرة بُعيد انتحار تيسير السبول.

الاجتماع الفاصل في نادي خريجي الجامعة الأردنية

واستئنافا لما تم الاتفاق عليه في هذه الجلسة انعقدت ندوة للجنة التحضيرية التأسيسية في نادي خريجي الجامعة الأردنية مساء يوم 1973/12/23، وتحدث فيها: محمود السمرة، وعيسى الناعوري، ومحمود سيف الدين الإيراني، وعز الدين المناصرة إلى جانب عصام زواوي رئيس نادي خريجي الجامعة الأردنية آنذاك، وحضر الندوة نحو 40 كاتبا.

إعلان

وفي هذا الاجتماع المصيري اتفق المجتمعون على تسمية هذه الهيئة (رابطة الكتاب الأردنيين) وأقروا أسماء الأعضاء المؤسسيين لغاية ترخيص الرابطة رسميا، ووضع النظام الداخلي للرابطة، وغير ذلك من خطوات تنظيمية وإدارية مهمة. أما نص (النظام الداخلي) فقد صاغه عز الدين المناصرة وراجعه الأديب المحامي عدي مدانات، وأقره الآخرون بعد المناقشة والتعديل، بحسب رواية المناصرة.

أهداف الرابطة

نصّت (المادة الثالثة) من أول نظام داخلي للرابطة على الأهداف التي تعمل على تحقيقها، وهي الأهداف الطموحة الآتية:

تنشيط الحركة الفكرية والأدبية في الأردن وتوسيع قاعدتها، والعمل على توسيع دائرة القارئ الأردني، وتعميق ثقافته الفكرية. العمل على توفير الظروف الملائمة، لنمو وتطور الطاقات الإبداعية لدى الكُتاب في الأردن في مجالات الخلق والتعبير الفكري، في جو من الحرية والانطلاق. استلهام الجوانب الإنسانية والوطنية في التراث القومي والأدب الشعبي، من أجل وضعه في تيار الأدب العالمي. رصد الواقع العربي، والبيئة الأردنية، فيما يبدعه الكاتب الأردني، والعمل على جعل الأدب مرآة صادقة للواقع الحياتي، ومعبرا عن طموحات وآمال الإنسان الأردني والعربي. تشجيع ورعاية وتنظيم الندوات والمؤتمرات الأدبية والفكرية، وتقديم العون الممكن للكُتّاب الأردنيين، الذين يقومون بأبحاث ودراسات في المجالات الفكرية والأدبية، بما يتفق وأهداف الجمعية. الانفتاح على الثقافة الإنسانية في الوطن العربي والعالم. تعزيز الصلات بين الأدباء الأردنيين (من خلال الرابطة)، وبين المؤسسات الأدبية والثقافية في الوطن العربي والعالم، خصوصا اتحاد الكتّاب العرب، والاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين. إصدار المطبوعات والمجلاّت الأدبية والثقافية، التي تكون منبرا للكاتب العربي في الأردن ونشر إنتاجه، لتكون صلة الوصل بين ما ينتجه الكاتب في الأردن، والفكر العربي والعالمي. استكشاف وتشجيع المواهب الفتية وإبرازها، والعمل بكل الوسائل على رعايتها، وإتاحة الفرص أمامها، لتتطور وتأخذ مكانها المناسب في الحركة الأدبية والفكرية الأردنية. العمل على تأمين مستوى حياة لائق للكاتب العربي في الأردن، بحيث يتمكن من الإبداع في جو من الاستقرار المادي والمعنوي، في ظل ديمقراطية (مسؤولة). العمل على وضع أسس كفيلة بأن تجعل الكتابة، (مهنة)، تُؤَمن للكتَّاب، فرص الإبداع والعيش الكريم. العمل على وضع الأسس والتشريعات، التي تكفل للكتّاب حماية آثارهم وحقوقهم الأدبية وحريتهم. العمل على تأمين نشر الإنتاج الأدبي والفكري في الأردن، والسعي لتأمين المصادر المالية اللازمة لذلك، دون أن يترتب على ذلك أي شروط من قبل الجهات الداعمة. تنظيم ندوات ومؤتمرات تنسجم وأهداف الجمعية أو الرابطة. إعلان

أما الهيئة التأسيسية الرسمية التي تقدمت بطلب الترخيص وقيدت أسماء أعضائها في وثائق الرابطة فتضم أسماء 13 أديبا وكاتبا هم:

(محمود السمرة، عبد الرحيم عمر، خليل السواحري، سالم النحّاس، جمال أبو حمدان، فواز طوقان، أمينة العدوان، هاشم ياغي، هاني العمد، سليمان عرار، روكس بن زائد العزيزي، عبد الرحمن ياغي، مفيد نحلة).

ونضيف إلى هؤلاء جهود الأدباء والمثقفين الذين أسهموا في التأسيس ولم تقيد أسماؤهم في طلب الترخيص الرسمي من مثل: محمود سيف الدين الإيراني، عيسى الناعوري، عدي مدانات، عز الدين المناصرة، عوني فاخر، راكان المجالي، عصام العجلوني، إحسان رمزي وغيرهم من أبناء تلك المرحلة التأسيسية العريقة.

وبعد الحصول على موافقة الحكومة الأردنية على التأسيس بتاريخ 1974/5/19 جرت أول انتخابات للرابطة وتسمية الهيئة الإدارية الأولى في تاريخها يوم 1974/6/2 وتشكلت على النحو الآتي: (عبد الرحيم عمر (رئيسا)، وعضوية: خليل السواحري، وسالم النحاس، وروكس العزيزي، وهاني العمد، وسليمان عرار، وهاشم ياغي).

وقد غاب عن الخطوات الفعلية والعملية الأولى للرابطة عدد من الأدباء ممن كان لهم دور فاعل في تأسيسها، مثل: الأديب القاص محمود سيف الدين الإيراني بعدما رحل عن الدنيا يوم 31 مايو/أيار 1974، بعد أيام قليلة من الحصول على الترخيص الرسمي للرابطة.

كما غاب الشاعر عز الدين المناصرة فغادر عمّان إلى بيروت بتاريخ 14 يناير/كانون الثاني 1974 ملتحقا بالثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير في المرحلة اللبنانية. وعند عودته إلى عمان بداية تسعينيات القرن العشرين منحته الهيئة الإدارية برئاسة الأديب الراحل فخري قعوار عام 1992 بطاقة عضوية (تحمل صفة: مقرر الهيئة التأسيسية)، ذلك أنه غادر الأردن قبل تأسيس الرابطة بشهور، ولم يتقدم بطلب عضوية في أي مرحلة من تاريخ الرابطة.

الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة (الجزيرة) الحياة الأدبية الأردنية في ظلال الرابطة

لقد وضع المؤسسون الأوائل أهدافا رفيعة لرابطتهم وعملت الرابطة طوال تاريخها الممتد لـ50 عاما على تحقيقها وتوسيعها، ولكنها لم تبعد عنها في معظم الأحوال، وما من شك في أن مسيرة الرابطة تترجم هذه الأهداف الطموحة.

إعلان

فالحياة الأدبية والثقافية في الأردن منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى اليوم تدين في تطورها وتقدمها لتأثير الرابطة وحركتها الدائمة، فهي الحاضنة الأساسية لأبرز مفاصل تلك الحياة وملامحها الأساسية، ولقد ساهمت أجيال متتابعة في بناء ذلك "التاريخ" الثقافي المؤثر، وفي تكوين شخصية الرابطة، لتغدو تنظيما ثقافيا ديمقراطيا، يضم كُتابا وأدباء ومفكرين من مختلف الاتجاهات والاجتهادات، يتفقون على استقلالية الرابطة وشخصيتها الاعتبارية الحرة ويختلفون في التعبير عن ذلك.

ولم يشهد تاريخ الرابطة إقصاء لأي كاتب بسبب رأيه أو فكره، وباستثناء قلة قليلة أدينت في مجال "التطبيع" فليس في تاريخ الرابطة أي مؤشرات على قلة الصبر على المختلفين أو المعارضين.

ومن أقدار الرابطة اقتران العمل الثقافي والإبداعي بالموقف السياسي والاجتماعي، وجرت محاولات وعلت مطالبات لقصر دورها في المجال "الأدبي" و"الإبداعي" وحده، ولكن ذلك كله لم يفض إلى شيء ذي بال، بل ظلت الرابطة تجمع بين الأدب وامتداداته السياسية ودوره المأمول في المجتمع.

ولذلك يبدو النهج الديمقراطي الوطني نهجا أصيلا راسخا في وعي الرابطة وتاريخها الطويل، وهو أحد معالمها البارزة التي تعتز بها وتعمل على ترسيخها للأجيال المتتابعة من المنتسبين إليها.

ولقد أثبتت التحولات المتتابعة أن فكرة الكاتب "المهني" الذي يضع يده على خده ويكتب ما توحي به آلهة الإلهام فكرة بائسة بل لا وجود لها خصوصا في العالم العربي المشتعل، فالكاتب مثقف فاعل عضوي له دور وموقف، ولا بد أن تتأسس رسالة الجمال التي يحملها على عناصر الواقع الذي يعيشه، دون أن يعني ذلك أن يغدو الكاتب بوقا دعائيا لسلطة أو أيديولوجيا محددة، فالكاتب سلطته هي موقفه واستقلاله عن كل السلطات الأخرى.

لقد نهضت الرابطة بدور مؤثر في تطوير الحركة الثقافية وتوجيهها على مدى عقود، ملتزمة بنهجها الديمقراطي الحقيقي، فهي تفرز قياداتها في صورة هيئات إدارية منتخبة كل عامين، وهي لا تسمح بتكرار الانتخاب أكثر من دورتين متتابعتين لمقاومة ما قد ينشأ من أمراض السلطة حتى بالمعنى الثقافي، ومن يعرف تاريخ انتخاباتها يدرك أنها مثال للديمقراطية الحقيقية يتنافس المتنافسون أمام الهيئة العامة وعندما تنتهي الانتخابات تعود الرابطة لوحدتها رابطة واحدة موحدة بعيدا عن تأثيرات التيارات المتنافسة على قيادة الرابطة.

إعلان

وللرابطة دور مبكر في نشر إنتاجات أعضائها، ولقد استمر نشاطها في مجال نشر الإنتاج الإبداعي والثقافي حتى اليوم، ومن بين منشوراتها أعمال متميزة في الشعر والسرد والنقد لا تزال من أبرز معالم المكتبة الأدبية والثقافية الأردنية والعربية.

وأصدرت الرابطة مجلة ثقافية معروفة باسم "أوراق" لا تزال تصدر حتى اليوم رغم تقطع نشرها في بعض المراحل، وهي من أبرز المجلات العربية التي تصدر عن الهيئات الثقافية، من ناحية تنوُّع محتواها ومستوى ما ينشر فيها، وإن أي عودة إلى أعدادها السابقة تشهد على أنها تعكس صورة الرابطة ومستوى استقلالها ووعيها الثقافي والإبداعي.

المجلة الثقافية "أوراق" التي أصدرتها الرابطة لا تزال تصدر حتى اليوم، رغم توقفها في بعض المراحل (الجزيرة) أول كتاب في مسيرة الرابطة

أول كتاب صدر عن الرابطة عام 1975، هو مختارات قصصية لعدد من الكُتاب يمثلون أجيالا متعددة ويلتقون في اهتمامهم بالإبداع القصصي، ونقرأ في هذه البداية عدة أمور، منها: مكانة الإبداع الأدبي في توجهات الرابطة ومواقفها واهتماماتها، فقد كان الأدب والأدباء العمود الأساس في نشأة الرابطة وتأسيسها، ذلك أنها ليست حزبا ولا هيئة سياسية أو فكرية في المقام الأول، وإنما هي هيئة أدبية ثقافية، تضع الأدب في مقدمة اهتمامها ثم تنتقل إلى ما يرفده ويقويه ويرتبط به، فالسياسة -على سبيل المثال- مهمة بوصفها خيطا أو مكونا أدبيا وثقافيا، لا بصفتها المستقلة العملية.

وقد حمل غلاف الإصدار عنوان "17 قصة قصيرة" وعلى الغلاف أسماء الكتّاب مؤلفي القصص: (إبراهيم العبسي، إبراهيم الخطيب، أحمد عبد الحق، أحمد عودة، أنور أبو مغلي، حسن أبو لبة، خليل السواحري، سالم النحاس، سعادة أبو عراق، عدنان علي خالد، محمد أبو صوفة، محمد صالح خروب، مصطفى صالح، وليم هلسة، يوسف الغزو، يوسف ضمرة، يوسف يوسف).

إعلان

وقد حمل الإصدار على الجهة اليسرى رقما متسلسلا (1) ولكن الرابطة لم تواصل لاحقا ترقيم منشوراتها بعدما كثرت وتداخلت، ولا نعرف على نحو دقيق عدد منشوراتها، وللأسف ليس هناك سجل (ببليوغرافي) دقيق لمنشوراتها، ولا أرشيف موثق يضم نسخا من تلك المنشورات. وهو أمر ينبغي معالجته وتداركه في إطار شامل لمراجعة موقع الرابطة وتوثيق منجزاتها بشكل علمي دقيق.

القصة القصيرة.. أول نوع أدبي في تاريخ الرابطة

البداية دائما لها قيمة وأهمية، ومن حظ هذه القصص أن تُفتتح بها منشورات الرابطة، بل من حظ "القصة القصيرة" أن تكون أول نوع أدبي تعنى الرابطة به، ولعل في ذلك مؤشرا على النشاط السردي والقصصي عند عدد من مؤسسي الرابطة وكُتابها وأعضائها الأوائل، فإذا أرادت إيضاح صورتها أول مرة اعتمدت بثقة على المخزون القصصي عند مبدعيها قبل الشعر وقبل النقد وغير ذلك من ضروب الكتابة.

وقد يكون في هذا الاختيار السردي بعض أثر من تيسير سبول الذي تأسست الرابطة بعد مناقشات تبعت انتحاره المدوي، وكأن فكرة الرابطة تريد ضمنا وصراحة أن تكفل الحياة للمبدعين ولما يحملون من ثقافة جديرة بالحياة، ومنها هذه القصص المبكرة التي تمثل فيما تمثل أبرز اتجاهات كتابة القصة وميولها الإبداعية في النصف الأول من عقد السبعينيات من القرن الماضي.

ويمكن أن نتبين في تلك الأسماء تداخل الأجيال وتجاورها وتواصلها في إطار التراحم الإبداعي، فخليل السواحري وسالم النحاس مثلا من جيل الستينيات وهما يتجاوران ويتحاوران مع جيل جديد وجد في الرابطة ومناخها النضالي والثقافي ضالته المنشودة وتطور لاحقا في ظلالها، بل وأسهم في رحلة الرابطة وفي تطورها على مر السنوات، وهذا ينطبق على أسماء جديدة آنذاك؛ كيوسف ضمرة وأحمد عودة ويوسف يوسف وغيرهم.

وهذه العلاقة التواصلية بين الأجيال ظلت تميز مسيرة الرابطة حتى اليوم بعيدا عن صدام الأجيال وتناحرها، فنبرة "قتل الأب" و"صراع الأجيال" وما يفضي إليه ذلك من معارك أدبية نبرة غائبة أو خافتة في مسيرة الرابطة ومسيرة الكتابة الأردنية بشكل عام.

إعلان

واليوم حين نعود لأسماء القصاصين الذين أسهموا في هذا الكتاب نتذكر مع كل منهم طرفا من تاريخ الرابطة، كما نتأمل فعل التاريخ ومسار الزمن، فلقد توزعت السبل بهؤلاء الكتاب، فبعضهم واصل طريق الكتابة القصصية وأسهم إسهاما حاسما في تطويرها، وبعضهم انصرف عنها إلى غيرها من مجالات الكتابة الأدبية أو غير الأدبية. ويحس المرء بالحزن والأسف لفقد عدد من هؤلاء الكُتّاب، بعدما غادروا كتاب الدنيا إلى كتاب الآخرة.

لقد رحل عدنان علي خالد، الذي كوّن ما يشبه الصالون الأدبي في صالون الحلاقة الذي يديره في مدينة الزرقاء ويعرفه جيدا أبناء تلك المدينة أو زوارها من أعضاء الرابطة، ورحل خليل السواحري وسالم النحاس وإبراهيم العبسي، وهم من الرواد الذين لا تنسى بصماتهم النقابية إلى جانب تميزهم الإبداعي المعروف. ورحل غير هؤلاء أيضا، وظل غيرهم أحياء يواصلون إبداعهم، أو أنهم صمتوا وغابوا في زحمة الحياة.

حفل إشهار كتاب رسائل كسرت القيد للأسير أسامة الأشقر (رابطة الكتاب الأردنيين-الصفحة الرسمية)

هذا إذن أول كتاب تنشره رابطة الكتاب الأردنيين نستذكر معه روح الرابطة ومكانتها العالية، ونعلم أن المسيرة لم تكن كلها سهلة، ولكن الأمور بخواتيمها وبمآلاتها، والرابطة اليوم بيت متسع تتعايش فيه اتجاهات وتيارات أدبية وفكرية، وتتنافس الكتل والتجمعات في مواسمه الانتخابية، والكل حريص على النهوض بدور يليق به في الرابطة.

والمأمول أن تظل روح الرابطة الديمقراطية موجهة للجميع، يسندها تاريخ طويل من العمل والنضال كتابة وسياسة، وصلت إلى حدود التصادم مع السلطة إلى حد إغلاق الرابطة وشمعها بالشمع الأحمر، وذلك عندما حُلّتْ بقرار عرفي صادر من الحاكم العسكري، بتاريخ 1987/6/17، وقد قوبل هذا القرار بالرفض من أعضاء الرابطة وهيئتها الإدارية، ومن الاتحاد العام للأدباء والكُتاب العرب، الذي استمر في اعتبارها عضوا فيه، وأعيد فتحها بتاريخ 1989/12/15 بعد انفراج الأحوال السياسية نحو المرحلة الديمقراطية في الأردن.

إعلان

نستذكر-أخيرا- بهذا الكتاب جانبا مضيئا من تراث الرابطة، يستذكر فيه قدامى الكُتاب شبابهم وشباب زملائهم في تلك المرحلة، ويطلع كتاب المرحلة الراهنة على اهتمامات الكتابة ونبراتها السردية قبل نحو 50 عاما، تقلبت خلالها الاتجاهات وتغيرت النبرات، لكن نبرة المقاومة وطنيا واجتماعيا ظلت على حالها تبدل أشكالها وتقنياتها ولا تبدل جوهرها الإنساني المدافع عن فلسطين وعن كل شبر عربي محتل، مثلما تدافع عن حقوق الفقراء الذين أرهقتهم نظم الاقتصاد المعولم وما يتداخل معها من استبداد الشركات العابرة للحدود.

وليس الهم العام ببعيد عن مناخات القصص التي نشرتها الرابطة في كتابها الأول، فكلها انتصرت للإنسان وأبرزت الهم العام، وعلى رأسه همّ فلسطين وقضيتها التي لم تزل القضية العربية الأولى منها المنطلق وبها المسير وإليها المصير.

تاريخ عريق ومستقبل مفتوح

وبمناسبة ذكرى تأسيسها يمكن أن نذكّر ببعض ما ينبغي القيام به:

فالتاريخ العريق الممتد يحتاج إلى توثيق لمختلف نشاطاتها ومنشوراتها ووثائقها وبياناتها منذ التأسيس وحتى عهدها الراهن، وهو عمل يمكن أن يقوم به متطوعون من أعضائها بإشراف الهيئات الإدارية.

الأمر الثاني أننا نلاحظ غلبة الفعاليات اليومية أو الاحتفالية وهي فعاليات ضرورية لكنها لا بد أن تستكمل بنشاطات وفعاليات دورية مدروسة على هيئة ملتقيات ومؤتمرات تتسع لخبرات أعضاء الرابطة ولاختصاصاتهم المختلفة، ويقتضي هذا مواصلة عقد "ملتقى السرد العربي" الذي شرعت الرابطة في تنظيمه ابتداء من عام 2008.

كما ينبغي تأسيس ملتقى لشؤون الشعر وقضاياه، وملتقى ثالث يختص بمجالات الفكر والدراسات الثقافية لتتكامل هذه الملتقيات معا ومع الفعاليات اليومية في تطوير الحركة الأدبية والثقافية خصوصا مع ما يشهده العالم من تطورات في مختلف المجالات الثقافية.

والدعوة الثالثة تتصل بمزيد من الاهتمام بالأصوات الجديدة في المجالات الأدبية المختلفة كيلا تشيخ الرابطة وتقتصر على الأجيال السابقة، ويقتضي هذا تفعيل مسابقة الرابطة للأدباء الجدد والاهتمام بهذه الفئة من الكُتّاب اهتماما حقيقيا، لأنها تمثل مستقبل الرابطة وضمان استمرارها.

إعلان

مقالات مشابهة

  • وفاة طالبة إثر سقوطها من أعلى منزلها بالفيوم
  • ضبط عنصر إجرامي لقيامه بإدارة ورشة لتصنيع الأسلحة النارية داخل منزله
  • وفاة الفنان السعودي محمد الطويان تفجع الجمهور.. وتركي آل الشيخ يعلق (تفاصيل)
  • تقرير: اعتراض أكثر من 1300 مهاجر غير شرعي قبالة السواحل الليبية خلال أسبوع
  • حملة أمنية لمكافحة مخالفات الدراجات النارية والجريمة
  • تقرير يكشف معلومة "غريبة" عن حادث مطار رونالد ريغان الكارثي
  • رابطة الكُتاب الأردنيين في يوبيلها الذهبي.. ذاكرة موشومة بالصبر وجمر الكلمات
  • هل يصمد وقف النار بين حزب الله وإسرائيل؟.. تقريرٌ يُجيب
  • الأمن يداهم وكرا لتجارة الأسلحة النارية في بني سويف
  • الأمن يشن حملة ضد الدراجات النارية المخالفة في المدينة العتيقة بمراكش