أكد الدكتور علي محمد الخوري، رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، أن العالم يشهد موجات حرارة غير مسبوقة منذ بداية فصل الصيف من عام 2023، تُعد الأعلى في تاريخ الكرة الأرضية خلال العصر الحديث، تعود أسبابها إلى التغيرات المناخية الناتجة عن الانبعاث المفرط للكربون في الغلاف الجوي.

وقال إن هذه الأحداث المناخية تثير حالة من الهلع والخوف لدى المجتمعات الإنسانية، من أن تؤدي درجات الحرارة القياسية وظروف الجفاف، في انتشار حرائق الغابات والفيضانات وآثار بيئية حادة، مما أدى إلى ارتفاع أصوات المجتمع العلمي والدولي للمطالبة باتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انبعاثات الكربون، والانتقال إلى مصادر طاقة نظيفة ومتجددة، للتخفيف من الآثار المدمرة المحتملة للاحتباس الحراري.

تغيرات المناخ تزداد سوءاً على الكوكب

وبحسب خبير الاقتصاد الرقمي، فإن التقارير العالمية تشير إلى أن تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للأرض يتزايد بشكل متسارع، مع حدوث معظمها في العقود القليلة الماضية، وارتباطها المباشر بالأنشطة البشرية، وفي المقام الأول استخدام الوقود الأحفوري، فقبل الثورة الصناعية، كانت مستويات ثاني أكسيد الكربون حوالي 280 جزءاً في المليون، ووصلت مستوياته بحلول عام 2021 إلى ما يقرب من 415 جزء في المليون، وهو أعلى مستوى له منذ 800 ألف عام على الأقل.

استمرار الزيادة في درجات الحرارة

ويرى المجتمع العلمي أن استمرار هذه الزيادة في درجات الحرارة قد تؤدي إلى مجموعة من الآثار الكارثية على البيئة والنظم البيئية والمجتمعات البشرية، كالتسبب في الفيضانات والأعاصير والعواصف، وموجات الحر والجفاف الأكثر تواتراً وشدة، والتأثير على الحياة البحرية والنباتية والحيوانية وفقدان التنوع البيولوجي، وتدمير ملايين الهكتارات من المحاصيل حول العالم، فضلاً عن الآثار الضارة على صحة الإنسان كتفشي الأمراض والأوبئة والمجاعات الشديدة في المستقبل القريب.

تأثير تغير المناخ على جنوب شرق آسيا

وأكد ان صندوق النقد الدولي كشف عن حجم الآثار الخطيرة لتغير المناخ على دول جنوب شرق آسيا، وتوقع انخفاضاً بنسبة 11% في الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة في السنوات المقبلة إذا ظلت أزمة المناخ خارجة عن السيطرة. وبينت دراسة أخرى أجرتها مجموعة (Versk Maplecroft) المتخصصة في تحليل المخاطر والقضايا البيئية، عن احتمال وصول الخسائر في هذه الدول إلى 35% من ناتجها المحلي الإجمالي بحلول عام 2050.

وتوضح التقارير بأن تغيرات المناخ قد تؤدي إلى نكسة اقتصادية في هذه البلدان ونزوح جماعي محتمل وارتفاع أنماط الهجرة إلى الخارج، مع لجوء الملايين إلى الدول الأكثر ثراءً، بما في ذلك دول منطقة الخليج العربي - التي تستضيف حالياً ما يقرب من 25 مليون عامل من آسيا - وهو ما قد يضع هذه الدول أمام تحديات مختلفة ستمثل ضغوط اقتصادية مرهقة وأمنية واجتماعية في الوقت نفسه.

معالجة أزمة المناخ: توصيات السياسة

وأشار من الواضح بأنه لم يعد أمام صانعي السياسات سوى التركيز على معالجة الأسباب الجذرية للتحديات التي تواجهها، خاصةً أزمة المناخ وتأثيرها المحتمل على معدلات الهجرة. وينبغي هنا العمل على عدة مسارات إجرائية. تأتي في مقدمتها إعطاء الأولوية لتطوير وإنفاذ السياسات التي تهدف إلى الحد من انبعاثات الكربون، ويشمل ذلك الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة، وتعزيز كفاءة الطاقة، وتشجيع الممارسات المستدامة في القطاعات الصناعية.

المسار الذي يليه مرتبط بتعزيز مستوى التأهب للكوارث والمرونة. فالاستثمار في تدابير التأهب للكوارث والقدرة على الصمود يمكن أن يخفف من تأثير الكوارث المناخية، وذلك يتطلب تخصيص الموارد لبناء البنية التحتية التي يمكن أن تصمد أمام الظواهر الجوية المتطرفة ووجود آليات الاستجابة الفعالة للكوارث.

المسار الاستراتيجي الآخر متعلق بتعزيز التعاون الإقليمي، والذي يستوجب تطوير نهج شامل لمواجهة تحديات الهجرة الناشئة عن تغير المناخ. ويمكن أن يشمل ذلك مبادرات مشتركة للتنمية الاقتصادية، وتوفير فرص العمل، واستراتيجيات التكيف مع تغير المناخ.

وأكد في هذا السياق، لا بد للدول خاصةً دول الخليج التخطيط الاستباقي للتعامل مع التوترات الاجتماعية والاقتصادية المحتملة المصاحبة للهجرة الناجمة عن تغير المناخ. فتبني السياسات المستدامة والتطلعية أمر بالغ الأهمية لضمان الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والقدرة على مواجهة هذه الأزمة العالمية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأزمة العالمية دول الخليج الاقتصاد الرقمي التغيرات المناخية كوكب الأرض تغیر المناخ

إقرأ أيضاً:

مطاعم غزة تنفض غبار الحرب وتعيد الحياة للمدينة الجريحة (شاهد)

نفضت مطاعم غزة غبار الحرب والدمار سريعا، وبدأت في إعادة فتح أبوابها أمام الزبائن، رغم التحديات الكبيرة والعقبات الهائلة أمام أصحابها الذين أصروا على إعادة الحياة للمدينة الجريحة.

ورصدت "عربي21" حركة نشطة لعودة عمل القطاع التجاري، خصوصا المطاعم التي اشتهرت بها غزة قبل الحرب، والتي بدأت بالفعل في تقديم أصنافها المختلفة من الأطعمة للزبائن، رغم الحالة الاقتصادية المتردية.

منذ إعلان وقف إطلاق النار في غزة في الـ19 من كانون الثاني/ يناير الماضي، شرعت بعض المحال التجارية في فتح أبوابها من جديد، رغم ما حل بها من دمار، في محاولة لتحدي الظروف الراهنة التي أحدثها العدوان الوحشي، وحرب الإبادة الجماعية.


ولكن مع بدء عودة النازحين من جنوب قطاع غزة إلى شماله، في الـ27 من الشهر الماضي، تصاعد النشاط التجاري في القطاع، لا سيما مدينة غزة، التي شهدت انتعاشة واضحة في قطاع المطاعم.

رغم شح المواد الأساسية ومقومات الإنتاج الرئيسية، كغاز الطهي، والوقود، إلا أن عددا كبيرا من المطاعم أعاد فتح أبوابه أمام حركة الزبائن، واستأنفت العمل فيها ، متحدية كل الظروف التي خلقها الاحتلال لقتل الحياة وتهجير الفلسطينيين من غزة.

"مقاومة حقيقية"
مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي، إسماعيل الثوابتة، قال إن ما نشهده من إعادة فتح المحال التجارية والمطاعم، رغم الدمار الهائل، "ليس مجرد محاولة للعودة إلى الحياة الطبيعية، بل هو فعل مقاومة حقيقي ورسالة واضحة بأن شعبنا الفلسطيني العظيم متمسك بأرضه ويرفض التهجير القسري".

وشدد الثوابتة على أن "أهل غزة يثبتون اليوم أنهم أقوى من كل محاولات الاقتلاع، وأن إرادتهم في البقاء تفوق كل التحديات"، مشددا على أن "إعادة فتح المحال المدمرة بأموال شخصية محدودة، وفي ظل شح الموارد، هي رسالة تحدٍ للعالم بأسره أن غزة تنهض رغم الجراح، ولن يسمح أهلها بأن تتحول مدينتهم إلى أرض مهجورة".

وأكد المسؤول الفلسطيني على أن "إعادة الإعمار هنا ليست مجرد ترميم للمباني والمحال التجارية، بل هي بناء للأمل، وإعلان صمود أمام آلة التدمير التي تستهدف وجود شعبنا الفلسطيني العظيم". 
ولفت الثوابتة إلى أن "إعادة تشغيل المصالح التجارية في ظل الدمار والانهيار الاقتصادي تعني أن أصحابها يعلنون التحدي بكل ما يملكون، في وقت لا تتوفر فيه أي ضمانات لاستمرار النشاط التجاري". 


"خطوة تستحق الدعم"
"ورغم غياب الدعم الكافي لأصحاب المحال والمطاعم، وتحملهم تكاليف باهظة في سبيل الحفاظ على مصدر رزقهم والبقاء في أرضهم، إلا أنهم يصرون على استئناف العمل فيها"، وهذه خطوة من وجهة نظر الثوابتة، "تستحق كل الدعم من الجهات المانحة والمؤسسات الإنسانية، فالاقتصاد المحلي هو شريان الحياة لغزة، وأهله مصممون على إنعاشه ولو بجهودهم الذاتية". 

وعبر مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي عن تقدير الحكومة الفلسطينية "هذه الروح الاستثنائية لدى أهلنا وشعبنا الفلسطيني العظيم"، مؤكدا "العمل على توفير كل ما يمكن لدعم صمودهم"، ومشددا على أن "إعادة الإعمار ليست مسؤولية الأفراد فقط، بل هي مسؤولية جماعية، ويجب أن يتحرك المجتمع الدولي لتحمل واجباته تجاه قطاع غزة وشعبنا الصامد".


View this post on Instagram A post shared by شبكة قدس | Quds network (@qudsn)
عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎الشيف وريف قاسم‎‏ (@‏‎chefwarif‎‏)‎‏



مقالات مشابهة

  • خبير اقتصادي: سياسات ترامب التجارية تهدد استقرار أسواق السلع «فيديو»
  • اكتشاف يقلب الموازين.. التوصل إلى كوكب جديد قد يهاجر إليه البشر
  • مطاعم غزة تنفض غبار الحرب وتعيد الحياة للمدينة الجريحة (شاهد)
  • خبير اقتصادي: في ظل حكومات الفشل والفساد والتبعية “اقتصاد الظل” يفوق حجم “الاقتصاد الرسمي”
  • طور أنواعا من البطاريات لا تنفجر.. عالم مصري ضمن قائمة الأفضل عالميا.. ماهر القاضي: إنقاذ كوكب الأرض يتطلب كهربة كل شيء.. وأستاذ فيزياء: فخر للبلد
  • ما هي وحدة "سابير" التي أنقذت إسرائيل من صواريخ إيران؟
  • تغير المناخ يهدد “شوكولاتة عيد الحب”!
  • الصديق القاتل.. جرائم قتل الأصدقاء ظاهرة مرعبة تهدد استقرار المجتمع .. خبير في كشف الجرائم: البطالة والمخدرات أبرز عوامل انتشارها
  • خبير: تغير الموقف الأمريكي من تهجير الفلسطينيين جاء استجابة للرفض العربي
  • تغير المناخ يهدد شوكولاتة عيد الحب