عقد الجامع الأزهر، أمس الثلاثاء، حلقة جديدة من ملتقى «شبهات وردود»، ودار موضوعها حول «الإسلام والأمن المجتمعي»، وحاضر فيها الدكتور صلاح عاشور، عميد كلية اللغة العربية بالقاهرة، والدكتور عبد الله عزب، العميد السابق لكلية أصول الدين، والدكتور أيمن فتحي، أستاذ الفقه المقارن، ورئيس قطاع الشريعة في كلية الدراسات العليا، وأدار الندوة الدكتور حازم مبروك عطية، الباحث ببرنامج كتب التراث بالجامع الأزهر الشريف.

«عاشور»: الرسول عقد معاهدة مع اليهود لتكون دولة الإسلام آمنة 

وقال الدكتور صلاح عاشور، عميد كلية اللغة العربية بالأزهر بالقاهرة، إن الأمن المجتمعي ضرورة ملحة للتعايش بين أفراد المجتمع، وقد أسس رسول الله ﷺ لمجتمع آمن حين هاجر من مكة إلى المدينة، فآخى بين المهاجرين والأنصار، وحتى الذين لم تسعهم بيوت الأنصار، أسس لهم رسول الله ﷺ الصفة، التي كان يجلس فيها فقراء المسلمين، وقد عقد ﷺ معاهدة مع اليهود بعدم الاعتداء لتكون دولة الإسلام آمنة، حتى مع الذين يغايروها في الدين.

دور الشريعة الإسلامية في نشر الأمن

وأشار «عاشور» إلى أن القرآن الكريم يدعو إلى الأمن، إذ قال الله تعالى «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ»، وهذه سمات المجتمع الإسلامي، حيث يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وقد أنعم الله – تعالى – على قريش بالأمن فقال «لِإِيلَٰفِ قُرَيۡشٍ (١) إِۦلَٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيۡفِ (٢) فَلۡيَعۡبُدُواْ رَبَّ هَٰذَا ٱلۡبَيۡتِ (٣) ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ (٤)» فالأمن ضرورة اجتماعية حثت عليها الشريعة الإسلامية، بالحفاظ على الدين والنفس والمال والولد والمجتمع، فلم تهمل الشريعة الإسلامية هذا الجانب؛ حتى يستطيع الإنسان أن يعيش فيها بعيدًا عن المنازعات، والبغضاء.

الأمن الاجتماعي ضرورة مُلّحة

من جانبه، أكد الدكتور عبد الله عزب، العميد السابق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، أن الأمن الاجتماعي موضوع واسع متشعب يدخل في شتى مناحي الحياة بالنسبة للأفراد والأسر والمجتمعات والمؤسسات، بل إن الأمن تقاس به حضارات الأمن، فعلى قدر الأمن المجتمعي تقاس حضارة الأمة من عدمها، فالأمن ضد الخوف والأمن قبل الغذاء، فبدونه لا يستطيع الفرد أن ينعم بنعم الحياة مهما كانت متوفرة.

وتابع:، بأنه باستقرار الأمن يسير الإنسان إلى مصنعه ومزرعته وعمله في أمن واطمئنان، فينتج لمجتمعه، ويفيد نفسه وغيره، ولا يمكن للإنسان أن يستمتع بأي شيء في حياته وهو خائف، وقد رأينا في فترة من الفترات العصيبة التي مرت على مصر، كيف أن عدم استتباب الأمن كان سببا في خلق لجان شعبية، حيث لم يهنأ الناس بالعيش، ولذلك خاطب القرآن الكريم سيدنا موسى – عليه السلام – حين أمره الله – تعالى أن يلقي عصاه" وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚ يَا مُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ"، وفي اللغة الإيمان من الأمن، ولما فتح سيدنا رسول الله ﷺ مكة، وكان المشركون يعتقدون أنه سيقتص منهم، قال لهم قولته الشهيرة: «اذهبوا فأنتم الطلقاء».

«فتحي»: الممارسة غير المنصفة للحوار بين الأفراد تؤدي إلى التناحر 

من جانبه، قال الدكتور أيمن فتحي، أستاذ الفقه المقارن، ورئيس قطاع الشريعة في كلية الدراسات العليا: إن من أهم جوانب الأمن المجتمعي، الفكرة والحوار، فالحَجْر على الرأي ليس من الإسلام في شيء، وإنما الدين قائم على المحاورة، والمناقشة بالحجة والبرهان، فالإسلام يرسخ دعائم الأمن بالمناقشة والاستماع للرأي الآخر، فلابد من اتباع منهج الوسطية في مواجهة الغلو والتطرف، وهذا المنهج هو ما تعلمناه في الأزهر الشريف.

وأضاف أن هناك بعض الإشكاليات التي تكدر الأمن المجتمعي، مثل العلاقات العدائية مع الطرف الآخر، فالسياق العام للأمن المجتمعي يقوم على احترام الطرف الآخر، واستماع رأيه مهما كان، ثم مناقشته بالقعل والحكمة؛ للوصول إلى الحقيقة، فالممارسة غير المنصفة للحوار بين الأفراد تؤدي إلى التناحر والشقاق.

وأكد أن الحوار يجب ألا يكون وسيلة للإعلان عن الذات وحب الانتصار للرأي، فلا يفرض الرأي بالقوة، وإنما بالحوار السوي المستقيم، فإما أن تقنعني وإما أن أقنعك، ففرض الرأي وادعاء الحقيقة المطلقة منهج المفسدين في الأرض كفرعون، حين قال لقومه: «قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ»، وهو في هذا متبع للشيطان الذي رأى أنه أفضل من سيدنا آدم، ففي الحوار السليم، لابد أن نبتعد عن أسئلة التعنت والإيقاع والجدل العقيم، فالسؤال يكون من باب استيضاح الفكرة، ومناقشتها.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأمن المجتمعي الحوار الأمن المجتمعی

إقرأ أيضاً:

قضية «قطر غيت».. اتهامات مثيرة للجدل وردود قطرية حاسمة

وصف وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قضية “قطر غيت” بأنها مجرد “بروباغندا صحفية لأغراض سياسية” ولا أساس لها من الصحة.

وقال في مؤتمر صحفي مع نظيره التركي، هاكان فيدان، إن “العمل على شيطنة الدور القطري في مفاوضات الإفراج عن المحتجزين بين حركة “حماس” الفلسطينية وإسرائيل بغرض تحجيمه لن ينجح”.

كما شدد الوزير القطري على “أهمية التعاون مع مصر لتحقيق تهدئة دائمة وحماية المدنيين، مع التركيز على تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني وتحقيق تسوية عادلة ومستدامة وفقًا لحل الدولتين”.

وأضاف وزير الخارجية القطري: “لا أعلم سوى فضيحة “ووتر غيت” في عهد الرئيس الأمريكي الراحل، ريتشارد نيكسون، وعندما تحدثوا عن أن قطر مخترقة مكتب نتنياهو، لا أعلم من أين أتوا بهذه الادعاءات، ولا أعلم من أين جاءوا بسيناريوهات بأن قطر ظبّطت مستشاري نتتياهو”.

وقال: “الغرض من استهداف الدور القطري هو تشويه سمعة مصر، لكننا نعمل مع القاهرة كفريق عمل واحد، وعلى اتصال وتنسيق مستمر مع الأشقاء في مصر بشأن مفاوضات الإفراج عن المحتجزين لدى “حماس” وإسرائيل”.

يذكر أن قضية “قطر غيت” هي فضيحة سياسية أثارت جدلاً واسعًا في إسرائيل، وتتعلق القضية بمزاعم تورط مستشارين مقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تلقي أموال من قطر عبر جماعات ضغط لتحسين صورتها دوليًا وتعزيز مصالحها داخل إسرائيل، وتشمل التحقيقات اتهامات بالرشوة، الاتصال بعميل أجنبي، خيانة الأمانة، غسيل الأموال، وجرائم ضريبية.

مقالات مشابهة

  • المكتب الإعلامي في وزارة الداخلية: على إثر ذلك، توجهت وحدات من قوى الأمن العام مدعومة بقوات من وزارة الدفاع لفض الاشتباك وحماية الأهالي والحفاظ على السلم المجتمعي، كما تم فرض طوق أمني حول المنطقة لمنع تكرار أي حوادث مشابهة
  • منهج الله أم العلمانية
  • الإسلام.. يجرّد الدين من الكهنوت
  • رد أحمد كريمة على سعد الدين الهلالي بشأن الميراث
  • الدين ليس وجهة نظر.. سعاد صالح تهاجم سعد الدين الهلالي بسبب المواريث
  • قضية «قطر غيت».. اتهامات مثيرة للجدل وردود قطرية حاسمة
  • ولي العهد يوجه بإطلاق اسم الدكتور مطلب النفيسة على أحد شوارع الرياض
  • ولي العهد يوجه بإطلاق اسم الدكتور مطلب النفيسة على أحد شوارع العاصمة الرياض
  • مديرية الكفرة: شرعنا في مكافحة ظاهرة تشغيل النساء الوافدات في مقاهي مخصصة للرجال
  • أمين الأعلى للشئون الإسلامية يلقي كلمة وزارة الأوقاف في مؤتمر كلية الشريعة