ملتقى «شبهات وردود»: الأمن المجتمعي ضرورة للتعايش.. وفرض الرأي منهج المفسدين
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
عقد الجامع الأزهر، أمس الثلاثاء، حلقة جديدة من ملتقى «شبهات وردود»، ودار موضوعها حول «الإسلام والأمن المجتمعي»، وحاضر فيها الدكتور صلاح عاشور، عميد كلية اللغة العربية بالقاهرة، والدكتور عبد الله عزب، العميد السابق لكلية أصول الدين، والدكتور أيمن فتحي، أستاذ الفقه المقارن، ورئيس قطاع الشريعة في كلية الدراسات العليا، وأدار الندوة الدكتور حازم مبروك عطية، الباحث ببرنامج كتب التراث بالجامع الأزهر الشريف.
وقال الدكتور صلاح عاشور، عميد كلية اللغة العربية بالأزهر بالقاهرة، إن الأمن المجتمعي ضرورة ملحة للتعايش بين أفراد المجتمع، وقد أسس رسول الله ﷺ لمجتمع آمن حين هاجر من مكة إلى المدينة، فآخى بين المهاجرين والأنصار، وحتى الذين لم تسعهم بيوت الأنصار، أسس لهم رسول الله ﷺ الصفة، التي كان يجلس فيها فقراء المسلمين، وقد عقد ﷺ معاهدة مع اليهود بعدم الاعتداء لتكون دولة الإسلام آمنة، حتى مع الذين يغايروها في الدين.
دور الشريعة الإسلامية في نشر الأمنوأشار «عاشور» إلى أن القرآن الكريم يدعو إلى الأمن، إذ قال الله تعالى «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ»، وهذه سمات المجتمع الإسلامي، حيث يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وقد أنعم الله – تعالى – على قريش بالأمن فقال «لِإِيلَٰفِ قُرَيۡشٍ (١) إِۦلَٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيۡفِ (٢) فَلۡيَعۡبُدُواْ رَبَّ هَٰذَا ٱلۡبَيۡتِ (٣) ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ (٤)» فالأمن ضرورة اجتماعية حثت عليها الشريعة الإسلامية، بالحفاظ على الدين والنفس والمال والولد والمجتمع، فلم تهمل الشريعة الإسلامية هذا الجانب؛ حتى يستطيع الإنسان أن يعيش فيها بعيدًا عن المنازعات، والبغضاء.
الأمن الاجتماعي ضرورة مُلّحةمن جانبه، أكد الدكتور عبد الله عزب، العميد السابق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، أن الأمن الاجتماعي موضوع واسع متشعب يدخل في شتى مناحي الحياة بالنسبة للأفراد والأسر والمجتمعات والمؤسسات، بل إن الأمن تقاس به حضارات الأمن، فعلى قدر الأمن المجتمعي تقاس حضارة الأمة من عدمها، فالأمن ضد الخوف والأمن قبل الغذاء، فبدونه لا يستطيع الفرد أن ينعم بنعم الحياة مهما كانت متوفرة.
وتابع:، بأنه باستقرار الأمن يسير الإنسان إلى مصنعه ومزرعته وعمله في أمن واطمئنان، فينتج لمجتمعه، ويفيد نفسه وغيره، ولا يمكن للإنسان أن يستمتع بأي شيء في حياته وهو خائف، وقد رأينا في فترة من الفترات العصيبة التي مرت على مصر، كيف أن عدم استتباب الأمن كان سببا في خلق لجان شعبية، حيث لم يهنأ الناس بالعيش، ولذلك خاطب القرآن الكريم سيدنا موسى – عليه السلام – حين أمره الله – تعالى أن يلقي عصاه" وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚ يَا مُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ"، وفي اللغة الإيمان من الأمن، ولما فتح سيدنا رسول الله ﷺ مكة، وكان المشركون يعتقدون أنه سيقتص منهم، قال لهم قولته الشهيرة: «اذهبوا فأنتم الطلقاء».
«فتحي»: الممارسة غير المنصفة للحوار بين الأفراد تؤدي إلى التناحرمن جانبه، قال الدكتور أيمن فتحي، أستاذ الفقه المقارن، ورئيس قطاع الشريعة في كلية الدراسات العليا: إن من أهم جوانب الأمن المجتمعي، الفكرة والحوار، فالحَجْر على الرأي ليس من الإسلام في شيء، وإنما الدين قائم على المحاورة، والمناقشة بالحجة والبرهان، فالإسلام يرسخ دعائم الأمن بالمناقشة والاستماع للرأي الآخر، فلابد من اتباع منهج الوسطية في مواجهة الغلو والتطرف، وهذا المنهج هو ما تعلمناه في الأزهر الشريف.
وأضاف أن هناك بعض الإشكاليات التي تكدر الأمن المجتمعي، مثل العلاقات العدائية مع الطرف الآخر، فالسياق العام للأمن المجتمعي يقوم على احترام الطرف الآخر، واستماع رأيه مهما كان، ثم مناقشته بالقعل والحكمة؛ للوصول إلى الحقيقة، فالممارسة غير المنصفة للحوار بين الأفراد تؤدي إلى التناحر والشقاق.
وأكد أن الحوار يجب ألا يكون وسيلة للإعلان عن الذات وحب الانتصار للرأي، فلا يفرض الرأي بالقوة، وإنما بالحوار السوي المستقيم، فإما أن تقنعني وإما أن أقنعك، ففرض الرأي وادعاء الحقيقة المطلقة منهج المفسدين في الأرض كفرعون، حين قال لقومه: «قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ»، وهو في هذا متبع للشيطان الذي رأى أنه أفضل من سيدنا آدم، ففي الحوار السليم، لابد أن نبتعد عن أسئلة التعنت والإيقاع والجدل العقيم، فالسؤال يكون من باب استيضاح الفكرة، ومناقشتها.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأمن المجتمعي الحوار الأمن المجتمعی
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: تنوع مصادر الدين يضمن المرونة والتيسير على المسلمين
قال الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، إن مصادر الدين التي يجب الاعتماد عليها متنوعة ومتعددة، وذلك من رحمة الله بعباده، حيث لم يجعل المصدر واحدًا فقط، بل أتاح عدة مصادر تضمن المرونة والتيسير وتناسب كل زمان ومكان.
وأكد مفتي الديار المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأربعاء، أن القرآن الكريم يأتي في مقدمة هذه المصادر، فهو الذي يحتوي على أصول العقيدة والشريعة والأخلاق، ثم تأتي السنة النبوية المشرفة التي تعتبر بيانًا وتفسيرًا للقرآن الكريم، يليها الإجماع والقياس، إضافةً إلى مجموعة أخرى من المصادر التي وقع الاختلاف حولها، مثل الاستحسان والمصالح المرسلة، وعمل الصحابة.
حكم التبرك بقبور الأنبياء والصالحين.. مفتي الجمهورية: يجوز بشرط
مفتي الجمهورية: الإسلام حدد 3 أنواع من حقوق الجوار
مفتي الجمهورية: الزعم بأن الإنسان مجبر على المعصية باطل لهذه الأسباب
لماذا يحاسبنا الله طالما أقدارنا مكتوبة؟.. مفتي الجمهورية يوضح الحقيقة
وأضاف المفتي أن فهم هذه المصادر يجب أن يكون من خلال العلماء الثقات، الذين لديهم القدرة على الجمع بين النصوص الشرعية وفهم الواقع، لتقديم الأحكام الصحيحة التي تحقق مقاصد الشريعة دون تعقيد أو تشدد، مستشهدا بقول الله تعالى: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"، مشددًا على أن أخذ الدين عن غير أهله يؤدي إلى الفهم الخاطئ والتشدد غير المبرر.
وفيما يتعلق بالتحقق من صحة الأفكار والمعارف الدينية، أوضح الدكتور نظير عياد، أن هناك عدة معايير يجب اتباعها، منها: عدم تناقضها مع نصوص الدين الصحيحة، وأن تكون مستندة إلى مصادر موثوقة وعلماء معتمدين، وألا تصطدم بالواقع والتجربة العملية.
وأكد المفتي على ضرورة الابتعاد عن الذاتية والهوى في طلب المعرفة، مستشهدًا بقول الله تعالى: "وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ".