الخرطوم – نبض السودان

نتائج استطلاع رأي عام عبر الإنترنت عن ظهور الفريق البرهان على المشهد السياسي والعسكري نفذه مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية ودراسات الرأي العام.

81% من المشاركين يرون أن ظهور الفريق البرهان خارج أسوار القيادة يضاعف من القناعة بقرب اعلان نهاية الحرب.

71% من المشاركين يقولون أن خروج الفريق البرهان خارج أسوار القيادة العامة يعني تغير في استراتجية الحرب وتكتيكات القتال.

27.6% من المشاركين لاترى أي ثأثيرات سالبة لغياب الفريق البرهان عن المشهد السياسي والدولي فى الفترة الماضية.

متوسط الأراء بنسبة تصل الى 70% أن في ظهور البرهان وإعادة مباشرته لمهامه السياسية والسيادية والعسكرية فرصة أكبر لوضع حد لأعمال القتال الدائرة وإعادة بسط هيبة الدولة.

عند صباح الخميس يوم 25 اغسطس 2023، أثار ظهور القائد العام لقوات الشعب المسلحة رئيس مجلس السيادة السوداني، بمنطقة امدرمان مفاجأةً داويةً على الصعيد الوطني والدولي .

إذ من المعلوم أن الفريق البرهان ظل متوارياً عن الأنظار منذ بداية الأحداث عند اندلاع الحرب فجر يوم 15 ابريل 2023، فلم تسجل له حالات ظهور إلا نادراً متفقداً من خلالها الخطوط الأمامية للمقاتلين داخل القيادة العامة، أو من خلال صور منشورة له داخل غرفة القيادة والسيطرة بالقيادة العامة لقوات الشعب المسلحة، ولعل أكثرها تداولاً هو مقطع فيديو حضوره داخل اجتماع هيئة القيادة وهو المقطع الأكثر تداولاً عشية انتشار شائعة وسط قوات الدعم السريع بالقبض عليه وهو الفيديو المشهور بـــ( ناس الشجرة بيسلموا عليكم ).

فترة اختفاء الفريق البرهان جعل منها مادة خصبة لقوات الدعم السريع التي كانت تجزم بمحاصرته فى (البدروم) داخل القيادة العامة وأنها على وشك القبض عليه .. بل وظل مستشارو قوات الدعم السريع يتحدثون عن عدم امكانية خروج البرهان الى أي مكان إلا بإذن من قائد قوات الدعم السريع .

في المقابل ظل غياب الفريق البرهان عن مسرح قيادة الدولة السودانية يفتح الباب لفراغ عريض رغماً عن المجهودات التي أطلع بها السيد مالك عقار، بعد تعينه نائباً لرئيس مجلس السيادة في الفترة الاخيرة.. كما ظل الجهاز التنفيذى للدولة ممثلاً في مجلس الوزراء يحتاج الي استكمال شواغر عديدة في الحضور تساعد فى تجويد الأداء وسرعة اتخاذ فى اتخاذ القرار . .

العلاقات الخارجية والتواصل مع المنابر العالمية فى ظل الأزمة الماثلة ظلت هى الأكثر تأثراً بغياب رئيس مجلس السيادة عن المنابر والمحافل والاتصالات ومتابعة القمم والاجتماعات التى عقدت حول الأزمة في السودان سواء في مجلس الأمن أو الاتحاد الأفريقي أو دول الجوار .

من جانب آخر فإن القوات المسلحة نفسها ظلت تتأثر هى الأخرى بغياب القيادة التى تتصدى لمتابعة الأداء العسكرى العام الذى لايركز على الأداء العملياتي فحسب.

قياساً لمردود هذا الحدث ، وبحثاً للآثار المترتبة عليه ، وسعياً نحو إدراك نتائجه المتوقعة، وتأثيراته على المشهد السياسي والعسكري والدولي قام مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية ودراسات الرأي العام باستطلاع رأي قصيرعلى الانترنت لمدة 48 ساعة شارك فيه 14378 مشاركاً وفق استبيان محدد منحت فيه (3) خيارات للإجابة (أوافق – محايد – لا أوافق).

 

كانت نتائج الإستطلاع على النحو التالي:ــ

1. فيما يلي السؤال عن دلالة ظهور الفريق البرهان خارج أسوار القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة ومباشرته لمهامه السياسية وهل يقدم ذلك أي مؤشرات عن الإعتقاد بقرب اعلان نهاية الحرب؟ أجاب 81% بالموافقة بينما خالفهم الرأي 11% من المشاركين والتزمت نسبة 8% بخانة الحياد.

2. بشأن ما إذا كان ظهور الفريق البرهان وتجواله فى العديد من الوحدات العسكرية بل وبعض الأحياء الشعبية يكذب الإدعاءات المستمرة لمتحدثي قوات الدعم السريع فى القنوات الفضائية والمقاطع المصورة بمحاصرته في (البدروم) داخل القيادة العامة، ويكذب المزاعم بعدم استطاعته الخروج منه إلا بإذن من قائد الدعم السريع، أشار 85% الى موافقتهم على ذلك ، بينما خالفتهم الرأي نسبة 9% والتزم الحياد 6% من المشاركين.

3. أعرب 71% من المشاركين عن قناعتهم بأن خروج الفريق البرهان خارج أسوار القيادة العامة وطوافه على عدد من الوحدات العسكرية بالخرطوم والولايات يعني تغير في استراتجية الحرب وتكتيكات القتال، بينما لم تر نسبة 18 % أي تاثير لذلك على تغير مجريات المعارك العسكرية، والتزمت نسبة 11% بخانة الحياد.

4. وعما إذ كان هناك تأثير سالب على تواصل السودان مع المجتمع الدولى والمحيط الإقليمي ودول الجوار بسبب بقاء الفريق البرهان طوال الفترة الماضية داخل أسوار القيادة لاسيما فى ظل اهتمام مجلس الأمن الدولي وانعقاد قمة الإتحاد الأفريقي واجتماعات دول الجوار .. أعرب 62% من المشاركين عن موافقتهم على وجود هذا التاثير السالب ..وخالفتهم الرأى نسبة 27.6% بأنها لاترى أن هناك أي ثاثيرات سالبة .. بينما التزمت الحياد كذلك نسبة مقدرة وصلت الى 10.4%.

5. بشأن السؤال عن تاثير ظهور الفريق البرهان على قوة الدفع وارتفاع الروح المعنوية للقوات المسلحة، وانها كانت بحاجة الى ظهوره فى المشهد أكدت نسبة 76% على تحقق ذلك وساهم هذا الظهور فى تجدد الثقة فى قيادة القوات المسلحة وتماسك الجبهة الداخلية بينما خالفتهم الرأي نسبة 16% …. وفي ذات السياق ذهبت مجموعة كبيرة من المشاركين وصلت 91% إلى أن الظهور المفاجىء للفريق البرهان ساهم في خفض الروح المعنوية لدى مقاتلي الدعم السريع وقياداتهم على السواء.

6. بشكل عام انتهت غالبية المشاركين فى الاستطلاع بنسب متفاوتة تتراوح بين 75 ـــــ 80% إلى أن فرصة ظهور الفريق البرهان على المسرح السياسي والتنفيذي للدولة بعد مرور أربعة اشهر ونيف على اختفائه عن المشهد تساعد من جديد فى تفعيل وتنشيط الجهاز التنفيذي للدولة ..

حيث أعرب 81% من المشاركين عن توقعاتهم فى أن يسفر ظهور البرهان في تشكيل حكومة تصريف أعمال لمعالجة الفراغ التنفيذي الماثل وأن تؤدي الى إعادة التوازن في صورة السودان الخارجية لدى دول الجوار والمجتمع الدولي عموماً والذي كان يلمح إلى فراغ فى سدة القيادة السودانية.

وأعربت متوسط الاراء بنسبة وصلت الى 70% على أن في ظهورالبرهان وإعادة مباشرته لمهامه السياسية والسيادية والعسكرية فرصة أكبر لوضع حد لأعمال القتال الدائرة واعادة بسط هيبة الدولة وإحداث حالة أوسع من الإستقرار والأمن وسط المواطنين .

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: استطلاع حول مثيرة نتائج قوات الدعم السریع القیادة العامة من المشارکین

إقرأ أيضاً:

على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (12 – 20)

"لن يستطيعَ أحدٌ أنْ يركبَ على ظهرِك، ما لمْ تَكُنْ منحنياً"

مارتن لوثر كينج

النور حمد

وجدت مصر ضالتها في البرهان

منذ الغزو المصري الخديوي للسودان في الربع الأول من القرن التاسع عشر، لم تجد مصر حاكمًا سودانيًا أتاح لها نهب موارد السودان كما فعل الفريق عبد الفتاح البرهان. وسنأتي لاحقًا إلى ذكر ذلك بشيء من التفصيل. وعمومًا، إن نهب موارد السودان ظل منذ العصور الغابرة هو الهم الأكبر المسيطر على العقلية المصرية. وقد سبق أن ذكرت كيف أن للجغرافيا وفقر مصر من الموارد دورٌ في هذا الهوس المصري بالسودان وبموارده؛ من أراضٍ خصبةٍ شاسعةٍ، ومن مواردَ طبيعيةٍ ثرةٍ؛ نباتيةٍ وحيوانيةٍ ومعدنية. يُضاف إلى ما تقدَّم، أن السودان يمثل خطرًا على حصة مصر من مياه النيل، الأمر الذي يفرض على مصر التحكُّم في نموِّه بمختلف الطرق. وكما سلف القول، فإن الفريق البرهان منذ أن اعتلى قمة السلطة، رئيسًا لمجلس السيادة للفترة الانتقالية، كانت خطته ألا تكمل الفترة الانتفالية مدتها. وألا تجري انتخابات تقود إلى أن يتولى المدنيون زمام الحكم، وفقًا لنهج التبادل الديمقراطي السلمي للسلطة. وبالفعل، أطاح الفريق البرهان بالوثيقة الدستورية وبحكومة الفترة الانتقالية، بالانقلاب الذي نفذه في 25 أكتوبر 2021، التي ترأس وزارتها الدكتور عبد الله حمدوك. وقد انقلب الفريق البرهان على حكومة حمدوك، بعد أن وضع في سبيلها كل العراقيل الممكنة، كما سبق أن ذكرنا. خطة البرهان، وقد أثبتتها الأحداث التي ظلت تجري منذ وصوله إلى قمة هرم السلطة وإلى اليوم، هي أن يحكم منفردا. وهذا يجعله في مواجهة قوتين هما: قوى الثورة، من جهة، والإسلامويون من الجهة الأخرى.

للنجاح في هذه اللعبة الخطرة المركبة، اهتم الفريق البرهان، أولاً، بالحرب على قوى الثورة. وأصبح عليه أن يلعب على التناقض بين حليفيه المتمثلين في الإسلامويين، والنظام. فمن جهةٍ، وافق فتون البرهان وجنونه بالسلطة ما يريده النظام المصري وهو وجود جنرال على قمة السلطة في السودان يكون خاضعًا بالمطلق *لإرادة* المصرية. ومن الجهة الأخرى يحتاج البرهان العون الدبلوماسي والعسكري المصري، لكي يبقى في السلطة. ولكي يجد العون الدبلوماسي والعسكري المصري عليه أن يقدم شيئًا في مقابل ذلك، وهو فتح الباب على مصراعيه للنظام المصري، ولمجموعات المصالح الخاصة المصرية الملتفة حول النظام المصري، لنهب موارد السودان؛ بلا قيد أو شرط، وبأقل الأسعار، بل وبلا مقابل أحيانا. وكذلك، الخضوع الكامل لمصر فيما يتعلق برؤيتها حول مياه النيل. وأيضًا، أن يصبح مخلب قطٍّ لمصر في تسبيب الغلاغل والمتاعب لإثيوبيا، ولغيرها من دول حوض النيل. وقد قام البرهان بكل أولئك كما أُرادت منه مصر، منذ أن أصبح رئيسًا لمجلس السيادة.

في فترة سيطرة البرهان على السلطة في السودان، ظلَّت مصر تشتري مختلف موارد السودان بالعملة السودانية المحلية. ولم نعرف أبدًا أن دولةً ما في العالم رضيت أن تبيع لدولةٍ أخرى مواردها بالعملة المحلية للبلد البائع. بل تردَّد كثيرًا أن العملة التي يشتري بها المصريون الموارد السودانية عملةٌ مزيفةٌ تجري طباعتها في القاهرة. وقد وردت في شهادات سودانيين مقيمين في القاهرة أن هناك من عرض عليهم حزمًا كبيرةً من الأوراقٍ النقدية السودانية، نظير مبالغ زهيدةٍ للغاية بالجنيه المصري. خلاصة القول، إن شراء موارد السودان بعملته المحلية، المُبرِّئة للذمة والمزيَّفة، يعني أن موارد السودان تذهب إلى مصر مجانا. أما فيما يخص ملف مياه النيل وتسبيب الغلاغل لإثيوبيا فقد اصطف البرهان وراء مصر اصطفافًا كاملاً، بل ومنح مصر قاعدةً مروي الجوية في شمال السودان لتصبح منصةً عسكرية متقدمةً لتهديد الجارة إثيوبيا.

يعرف البرهان أن نظام السيسي قد سحق حركة الإخوان المسلمين في مصر، ونكَّل بهم شر تنكيل. وهو يعرف أن نظام السيسي يقف ضد الإخوان المسلمين حيثما كانوا، ولكنه استثنى إخوان السودان لخدمة هدف تكتيكي مرحلي، هو مساعدة الفريق البرهان للبقاء في السلطة حتى تثبت فيها قدماه، ثم يجري التخلص منهم عقب ذلك. أيضًا، يعرف الفريق البرهان أن مصر تعرف أنه عمل ضابطًا في الجيش السوداني في خدمة الحركة الإسلامية السودانية، وذراعهاالمؤتمر الوطني لعقود طويلة. ولذلك، لكي يجعل الفريق البرهان نظام السيسي ينخرط في دعمه سياسيًّا وعسكريًا بالطريقة التي ظهرت في هذه الحرب، لابد أن يكون الفريق البرهان قد قدَّم للنظام المصري، في لقاءاته العديدة بالفريق عبد الفتاح السيسي وجهاز مخابراته، تطميناتٍ فيما يخص حلفه مع الإسلامويين. وغالبًا ما تكون هذه التطمينات أنَّ حلفه مع الإسلامويين حلفٌ تكتيكيٌّ قصيرٌ الأمد، من أجل خدمة مرحلةٍ بعينها. فحزب المؤتمر الوطني وما تسمى الحركة الإسلامية السودانية يتشاركان مع الفريق البرهان الحرص على هزيمة الثورة. لكنهما يختلفان معه في أنهما يريدان العودة إلى الحكم من جديد. ولذلك، هم يتعاملون مع الفريق البرهان بحذر وشكٍّ كبيرين لمعرفتهم برغبته في الحكم منفردًا وبعلاقته الوطيدة بمصر. وقد بان في مراتٍ عديدةٍ أن الفريق البرهان والإسلامويين يتربصان ببعضهما. فلكل واحدٍ منهما خطته الجاهزة للانقضاض على الآخر، عندما تصل الأمور نقطة مفترق الطرق.

أيضًا، ربما توصل النظام المصري عبر اختراقه للنخب العسكرية والأمنية والسياسية التي عملت مع نظام الرئيس المخلوع عمر البشير إلى قناعةٍ مفادها أن قادة ما تسمى "الحركة الإسلامية في السودان"، ليسوا قادةً مبدئيين بقدر ما هم حارسين لمصالح تخصهم. أي، أنهم ليسوا سوى مجموعة من الأوليغارك الغارقين في حب المال والسلطة حتى أذنيهم. وأنهم في حقيقة أمرهم براغماتيون، وليسوا مبدئيين. وأن ذلك يجعل اصطحابهم في خدمة مرحلة بعينها ثم رميهم جانبًا أو تطويعهم بصورةٍ دائمةٍ خيارًا ممكنا. لكن، في تقديري، أن هذا التصور، إن وُجد، فإنه تصورٌ خاطئ. فما تسمى الحركة الإسلامية في السودان ليست بمفردها وإنما مرتبطة بمنظومة إقليمية معقدة متضاربة الأجندة تشكل تركيا وإيران وقطر. ولذلك بقيت ما تسمى الحركة الإسلامية السودانية، تلعب على عدة حبالٍ. وقد عرفت عبر ما يزيد على الخمسة والثلاثين عامًا من التجربة، كيف تتلون وتخدع، وتنافق، وتلعب على عنصر الوقت وعلى متغيرات الأحداث وعلى تضارب أجندة دول الإقليم.

العلاقة الملتبسة بين البرهان والإسلامويين

من الشواهد على العلاقة الملتبسة بين الفريق البرهان ومجموعة الإسلامويين، ما نراه بين فترةٍ وأخرى من انتقال الأبواق الإعلامية الناطقة باسم الإسلامويين في السودان، بين الإسراف في تمجيد الفريق البرهان ووضعه في مكانة البطل القومي، وبين تحولها، في أحيانٍ أخرى، إلى الهجوم عليه، بل، ومُلصقةً به أسوأ التهم. فقد قال إمام مسجد جبرة في الخرطوم، المتطرف، عبد الحي يوسف، المقيم حاليًّا في تركيا: إن الإسلاميين لا يثقون في البرهان، وأن الفضل في الانتصارات الأخيرة للجيش، حسب زعمه، يعود إلى الإسلاميين وليس إلى الجيش. وأضاف واصفًا البرهان بأنه شخصٌ: "ليس له دين ويحمل النصيب الأوفر في التسبب في هذه الأزمة. فتقوية قوات الدعم السريع عدةً وعتادًا كانت تحت سمعه وبصره". وأضاف أيضًا: أن "البرهان أعجز من أن يقضي على الإسلاميين، فهم موجودون حتي في مكتبه". وينطوي هذا على أن لدى "الإسلاميين" شعورًا قويٍا وربما شواهد على أن البرهان يتربص بهم. وقد حذر عبد الحي يوسف الإسلامويين قائلاً إن البرهان في آخر زيارة له إلى أميركا قبل شهرين من حديثه هذا، التقى مسؤولين أميركيين ولم يصدر بيانٌ عن تفاصيل الاجتماع. وتنطوي هذه على تهمة للبرهان بأنه ربما يخطط مع الأمريكيين للغدر بهم. وعزا عبد الحي يوسف الانتصارات التي تحققت أخيرًا إلى المقاومة الشعبية وليس إلى الجيش، قائلاً: "إن الله ساق هذه الحرب من أجل أن يُعيد للحركة الإسلامية ألقها وقوتها". (راجع: صحيفة سودان تربيون، على الرابط: https://shorturl.at/Em5aa).

لم يقتصر الهجوم على الفريق عبد الفتاح البرهان على إمام مسجد جبرة، عبد الحي يوسف، وحده، وإنما شارك في الهجوم عليه، أيضًا، بل والسخرية منه، في بضع مراتٍ، كلٌّ من الإعلامي، الطاهر حسن التوم، ومهرِّج "السوشال ميديا" الملقب بـ "الانصرافي". بل وتشير بعض حوادث المسيَّرات التي أسقطت قذائفها على بعض اللقاءات الجماهيرية التي حضرها الفريق البرهان، إلى أنها قد كانت رسائل تحذيرية له من دهاقنة ما تسمى "الحركة الإسلامية"، عبر جناحها الداعشي المتطرف المسمى "كتائب البراء". وغرض تلك الرسائل التحذيرية هو ألا يجنح البرهان قط إلى أي حلٍّ تفاوضيٍّ لإيقاف الحرب، يمكن أن يقصي الحركة الإسلامية وحزبها المؤتمر الوطني من المشاركة في الحكم، وهو المطلب الرئيس لثوار ثورة ديسمبر. أو، أن يكتفي بمنحها دورًا هامشيًا في المرحلة المقبلة بناءً على ما يتوصل إليه التفاوض. فإرسال المُسيَّرات وإلقاءها قنابلها على اللقاءات الجماهيرية التي يحضرها البرهان تعني أن الحركة الإسلامية تستطيع أن تصل بهذه المُسيَّرات إلى عقر دار الفريق البرهان. فالحركة الإسلامية لا تريد حلاً تفاوضيًا تفرضه القوى الدولية أو الإقليمية. فهي أصلاً لم تشعل الحرب إلا لكي تقضي نهائيًا على قوات الدعم السريع، وهو السبيل الوحيد في نظرها الذي يمكنها من العودة إلى السلطة بمفردها. ولتتفرغ، من ثم لذبح الثوار المدنيين المطالبين بالتحول الديمقراطي. وهو، كما ذكرنا، السبب الرئيس الذي جعلها تقود الأمور عبر الفترة الانتقالية لتصل إلى نقطة إشعال الحرب الشاملة الجارية حاليا.

في 8 فبراير 2025 تحدث الفريق البرهان من عاصمة حكمه البديلة بورتسودان داعيًا المؤتمر الوطني المحلول للابتعاد عن المزايدات السياسية، مخاطبًا لهم بقوله: أنه لا فرصة لهم في الحكم، مرةً ثانية، على أشلاء السودانيين في هذه المرحلة، وإلا فلن يكون هناك فرق بينهم وبين تنسيقية "قحت"، أو "تقدم"، حسب قول البرهان. وقال إذا أراد المؤتمر الوطني أن يحكم، عليه أن يتنافس في المستقبل مع بقية القوى السياسية. فانبرى في الرد عليه وبسرعة حزب المؤتمر الوطني ببياناتٍ مقتضبةٍ جنحت إلى اللوم والعتاب. أما إعلاميو الإسلامويين والمؤتمر الوطني فقد انتقدوا ما ورد في الخطاب بلهجة بالغة الحدة. وأما قائد ميليشيا لواء البراء الذي يمثل الذراع العسكري المتطرف في المؤتمر الوطني فقد قال: لا ننتظر شكرًا أو تقييمًا من أي شخص، ونرجو من الله أن يتقبل الجهد والجهاد، وسنظل ندافع عن كل شبر في الوطن. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الفريق البرهان كان قد زار قائد لواء البراء المصباح أبوزيد طلحة، عقب هروبه مباشرة من مباني القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم التي كان محاصرًا فيها لأربعة أشهر عقب اندلاع الحرب. الشاهد، فيما يتعلق بمناقضة البرهان المتكررة لنفسه أنه رجع بعد يومين من خطابه الذي حذر فيه الإسلامويين وحزبهم المؤتمر الوطني بألا يفكروا في العودة إلى السلطة ليقول: الذين حاربوا إلى جانبنا سيكون لهم مكانٌ في السلطة. ومعلومٌ أن الذين حاربوا إلى جانبه هم الإسلامويون وكتائبهم الجهادية المتطرفة.

انكشاف خضوع البرهان للمتطرفين

تناقلت عديد المواقع الإلكترونية تسريباتٍ نشرتها كاتبة العمود بصحيفة الجريدة، صباح محمد الحسن، ذكرت فيها أن إجتماعًا عاصفًا جمع الأمين العام لما تسمى "الحركة الإسلامية"، علي كرتي، وقائد الجيش، الفريق عبد الفتاح البرهان. تقول التسريبات أن علي كرتي هدد الفريق البرهان في ذلك الاجتماع بأنه، في حال انصياع الفريق البرهان للضغوط الدولية والإقليمية، سوف يكشف عن الكثير من الوثائق السرية المفصلية المتعلقة بالحرب الحالية وبإنقلاب أكتوبر 2021، وبعملية فض الإعتصام. وذكرت الصحفية أن مصادر سياسية خارجية رفيعة كشفت عن ورقةٍ جديدةٍ على طاولة الحل للأزمة السودانية. وأن تلك الورقة وضعها تحالفٌ دوليٌّ ضم دول الوساطة بالتعاون مع دولٍ إقليميةٍ، من بينها دولٌ حليفةٌ للمؤسسة العسكرية. وذكرت أن تلك الورقة تتضمن خطةً عاجلةً، قد لايتجاوز مدى وضعها موضع التنفيذ شهرًا. وتهدف الخطة للقضاء على ما أسمته "المد الإسلامي الإخواني بالسودان" وأقتلاعه من جذوره، عبر عدة آليات قالت أنها متاحة. وتقول الصحفية أن تلك المصادر رجَّحت أن قناعة تلك الدول جاءت لسببين: أولهما أن قائد الجيش السوداني أخلَّ بإتفاق سبقت موافقته عليه. وهو السيطرة على القيادة العامة التي كان من المقرر أن يؤكد الفريق البرهان عقب انسحاب قوات الدعم السريع منها، ذهابه إلى التفاوض. لكن، كما هو واضحٌ الآن، فقد مر أكثر من شهر من نشر تلك التسريبات، ولم يتغير شيءٌ في المشهد السوداني.

أيضًا، أضافت الصحفية قائلةً: إن تلك المصادر ذكرت أن البرهان كان في نيته تنفيذ الاتفاق. حيث لمَّح إلى ذلك في خطابه الأخير في مباني القيادة العامة، في حين صرح به بوضوح أكثر، نائبه مالك عقار. إلا أن القيادات الإسلامية حاصرت البرهان ومنعته من تنفيذ الخطوة. وبعد الإجتماع وعدول البرهان عن رأيه خرج قائد كتيبة البراء ليعلن ألا تفاوض مطلقًا مع قوات الدعم السريع. الأمر الذي كشف لتلك الدول أن قادة الكتائب الإسلامية هم الذين يقررون بدلاً عن الفريق البرهان، وأثبتوا عمليًا أنهم الطرف الأقوى. وتخلص الصحفية إلى القول إن إزاحة البرهان الذي أصبح عقبةً، ضرورةٌ ينبغي أن تسبق التفاوض المنتظر. وتقول الكاتبة: إن الذي دفع تلك الدول لقرار إقتلاع الإسلاميين، إضافةً إلى ما تقدم، ووفقًا لتك المصادر، هو الجرائم الأخيرة التي قامت بها كتائب البراء بن مالك ومليشيا درع السودان. وزعمت الكاتبة إن تلك الجرائم قد نسفت الدعم الدولي المؤسسة العسكرية السودانية، وباعدت بينها وبين الدول التي فضلت الوقوف إلى جانبها، بإعتبارها تمثل الجهة الرسمية بالبلاد. خاصةً أن الفريق البرهان والمؤسسة العسكرية وقفوا متفرجين وعاجزين. ولم يفعلوا شيئًا أمام الجرائم الوحشية التي إرتكبتها تلك الكتائب والمليشيات بإسم الجيش. (راجع: موقع أخبار السودان، على الرابط: https://shorturl.at/kSwME).

(يتواصل)

elnourh@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • منصة محايدة!!
  • خطاب قائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو “حميدتي”: استمعوا إليه بدلًا من الردح والشتائم
  • الجيش السوداني يقترب من مقر القيادة العامة والقصر الرئاسي
  • محمد أبو العينين: الإعلام أداة فعالة لنقل المعرفة وتشكيل الرأي العام
  • كيفية التعامل مع مريض الكلى بعد ظهور الأعراض.. خبراء الطب ينصحون
  • بعثة “صقور الجديان” تصل بنغازي وسط استقبال حاشد والقنصل العام يرحب بأبطال الفريق القومي
  • بالفيديو .. قائد لواء البراء بن مالك يرد على حميدتي .. القصر الجمهوري افرشوا تب” وقوات المدرعات تقترب من القيادة العامة للجيش
  • على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (12 – 20)
  • البرهان يقدم 1000 وجبة يومية لدعم مشروع عابر سبيل
  • النائب العام يشهد إفطار رمضان مع موظفي النيابة العامة