استنزاف للموارد المائية.. تحذيرات بيئية ترافق طفرة إنتاج الأفوكادو بالمغرب
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
تتوالى تحذيرات سياسيين وخبراء بيئيين بالمغرب من مخاطر إنتاج وتصدير فواكه معروفة باستنزافها للموارد المائية، على غرار فاكهة الأفوكادو التي تتطلب زراعتها كميات كبيرة من الماء، في وقت تعاني فيه البلاد من إجهاد مائي حاد.
وتصاعدت خلال الفترة الأخيرة الدعوات المطالبة بإيجاد بدائل لزراعة الأفوكادو وتقليص حجم إنتاجها وتصديرها نحو الخارج، بعد أن كشفت معطيات تضاعف إجمالي صادرات المملكة من هذه الفاكهة، لترتقي الرباط إلى المرتبة التاسعة في قائمة أكبر مصدريها.
النائبة عن "فدرالية اليسار الديمقراطي" (معارضة)، فاطمة التامني، تقول إنه في الوقت الذي يواجه فيه المغرب "أزمة ماء حقيقية، دفعت بعض المواطنين للهجرة من قراهم والمناطق التي يعيشون فيها بحثا عنه.. تكشف تقارير عن تصدير المغرب لآلاف الأطنان من الأفوكادو لدول أوروبية".
وتشير النائبة البرلمانية في مراسلة مكتوبة إلى وزير الفلاحة، إلى أن "الجميع يعرف أن الأفوكادو من أكثر الفواكه والخضراوات استنزافا للماء"، موضحة أن تقارير علمية تكشف "أن زراعة كيلوغرام واحد منها تستنزف أكثر من ألف لتر".
وأظهرت أرقام منصة "إيست فروت" المتخصصة في تحليل صادرات الخضراوات والفواكه، أن مبيعات المغرب من الأفوكادو بلغت "أرقاما غير مسبوقة خلال المواسم الأخيرة"، كاشفة عن "تضاعف إجمالي الصادرات أربع مرات في آخر ست سنوات".
وصدّر المغرب خلال الفترة، بين يوليو من العام الماضي ومايو المنصرم، 45 ألف طن من الأفوكادو بقيمة 139 مليون دولار، كما قام المصدرون المغاربة بتوسيع جغرافية مبيعاتهم لتشمل 25 دولة مستوردة، وفقا للمنصة.
وذكّرت النائبة البرلمانية بتحذيرات مجموعة من الحركات البيئية والفعاليات المدنية بخطورة زراعة هذه الفاكهة على الموارد المائية، داعية إلى "اعتماد زراعات أخرى يمكن تصديرها دوليا وتضمن الاستعمال السليم للثروة المائية".
"خطر حقيقي"مصطفى بن رامل، رئيس منظمة "المنارات الإيكولوجية للبيئة والتنمية"، قال إن "الأفوكادو تمثل خطرا حقيقيا على الثروات المائية بمناطق زراعتها، في غرب البلاد وبمنطقة سوس (وسط)"، لافتا إلى "أن هذه المناطق تواجه أصلا تهديدات ندرة المياه".
وتضرر المغرب، العام الماضي، من تأثيرات أسوأ موجة جفاف تضرب البلاد منذ عقود، مع تراجع كبير في معدلات تساقط الأمطار، أعقبه انخفاض غير مسبوق في نسب ملء السدود التي لا تتعدى حاليا 27 في المئة.
ويكشف الخبير البيئي في حديثه لموقع "الحرة" أن دولا رائدة في تصدير هذه الفاكهة مثل إسبانيا والبرتغال، "قلصت إنتاجها لوعيها بخطورتها على مواردها المائية، في الوقت الذي تواصل فيه السلطات الفلاحية بالبلاد تشجيع هذه الزراعة، بل وتعمل على استقطاب مستثمرين في المجال من الخارج".
ملايين الأمتار المكعبة تبخرت خلال 3 أشهر.. هل يشهد المغرب "إجهادا مائيا"؟ دخل المغرب مرحلة "إجهاد مائي" بعد تراجع مستويات ملء السدود بشكل ملحوظ، بحسب ما ذكره خبراء، بعد أن كشفت أرقام رسمية أن الحرارة المفرطة سببت تبخر الكثير من المخزون من المياه.وتظهر المعطيات الرسمية التي أعلنتها وزارة التجهيز والماء أن نسبة ملء السدود تراجعت خمسة في المئة، خلال أشهر يونيو ويوليو الماضيين وأغسطس الحالي، بفعل ارتفاع درجات الحرارة وتبخر أزيد من 820 مليون متر مكعب من المياه.
وتحذر دراسات دولية ومحلية من أن المملكة تواجه عجزا مائيا متسارعا، وكشف تقرير رسمي أن "منحى الإجهاد المائي بالمغرب يكتسي بعدا حرجا للغاية، من شأن تأثيراته أن تطال قطاعات الصناعة والزراعة التي تستهلك المياه بشكل كبير".
وأوضح تقرير "الاستقرار المالي" الصادر عن بنك المغرب، بالتعاون مع مؤسسات مالية رسمية، بداية الشهر الحالي، أن أنشطة الفلاحة وحدها تستهلك أكثر من 80 في المئة من المياه على المستوى الوطني".
وفيما تسعى وزارة الفلاحة المغربية إلى تنمية القطاع الفلاحي الذي يساهم بأكبر نسبة في إجمالي الناتج المحلي باقتصاد البلاد (15 في المئة)، يرى بن رامل أن على السلطات المعنية أن توازي بين الرهانات الاقتصادية والتحديات البيئية التي تفرضها تقلبات المناخ.
ويشير إلى أن فواكه الأفوكادو والبطيخ الأحمر الموجهة للأسواق الخارجية، "تأخذ مكان بعض الزراعات الأساسية، مثل الخضراوات الضرورية في مطابخ الأسر المغربية"، حيث يمكن أن يؤدي التركيز على أنشطة التصدير إلى "ارتفاع أسعارها، وبالتالي التأثير على قدرة الأسر الشرائية".
ويدعو الخبير البيئي المسؤولين الحكوميين بالبلاد إلى "إعادة النظر في هذا التوجه في وقت نعاني فيه حالة طوارئ مائية وتهديدات إجهاد مائي خطير"، مذكرا أن الموارد المائية بالمغرب من بين الأضعف في العالم، وتقدر بـ 22 مليار متر مكعب في السنة، أي ما يعادل 700 متر مكعب للفرد سنويا" بحسب أرقام رسمية.
وتواصل موقع "الحرة" مع وزارة الفلاحة بالمغرب لطلب توضيحات حول إنتاج وزراعة الأفوكادو، دون الحصول على رد.
"تغيير السياسات"من جهتها، طالبت "حركة مغرب البيئة 2050" بـ"تغيير السياسات الفلاحية بالمغرب ووقف زراعة وتصدير البطيخ الأحمر والأفوكادو"، مشيرة إلى أن المملكة "تصدر مياهها الجوفية التي تمثل أغلى مواردها الطبيعية نحو الخارج".
واعتبرت الحركة أن "كيلوغراما من البطيخ الأحمر المغروس بالصحراء يستهلك 45 لترا من الماء في حالة الاعتماد على تقنية التقطير، وهذا يعني أن بطيخة بوزن 10 كيلوغرام قد تستهلك 450 لترا من الماء العذب".
وتساءلت المنظمة البيئية: "هل نحتاج في المغرب لهذه المواد كي نعيش؟ وهل نحن بحاجة لتصدير هذه المنتوجات؟ وهل من المعقول تصدير الماء بينما بلادنا في خصاص مائي؟"، مؤكدة "أن الأجوبة واضحة وتتمثل في تعديل السياسات الخاصة بهذه الزراعات الدخيلة التي أصبحت أمرا ملحا ومستعجلا".
بالمقابل، يرى الخبير البيئي، علي شرود، أنه قبل إصدار أي أحكام أو استنتاجات حول "إنتاج وتصدير فاكهة الأفوكادو، ينبغي إنجاز دراسات محلية وخاصة حول زراعتها بالمغرب".
ويلفت شرود في حديثه لموقع "الحرة" إلى أن "هذه الدراسات ينبغي أن تراعي المناطق الفلاحية التي يتم فيها زراعة هذه الفاكهة، إذ أن كل منطقة وكل حوض مائي يختلف عن الآخر في خصائصه ومميزاته وفي الطريقة المعتمدة في الري".
ويضيف أنه ينبغي التفكير في حلول لأزمة المياه "دون المساس بمياه الري الخاصة بالفلاحين"، معتبرا أنها "واجبة وضرورية".
وأضاف أنه إلى جانب الحديث عن الأمن المائي، "هناك أيضا ضرورة ضمان الأمن الغذائي، والذي لا يتحقق سوى بتشجيع القطاعات الفلاحية والزراعية، وليس بالدعوة لمقاطعتها".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: هذه الفاکهة فی المئة إلى أن
إقرأ أيضاً:
طفرة ترامب
«نحن نعيش في عصر ترامب». بعد عودة دونالد ترامب المذهلة والحاسمة إلى السلطة، تحولت هذه المقولة إلى واقع رسمي. كانت الأزمة المالية العالمية في عام 2008 نقطة تحول في التاريخ، ومن الواضح الآن أن ترامب هو الشخصية السياسية المهيمنة في فترة ما بعد الأزمة.
بدأ ترامب صعوده إلى السلطة في عام 2015 واعتلى أحداث العقد الحالي. وسوف يعمل نائب الرئيس المنتخب جيه دي فانس على تمديد إرثه إلى ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين. فمثله كمثل أندرو جاكسون في القرن التاسع عشر وفرانكلين د. روزفلت في القرن العشرين، خلق ترامب وحدد حقبة فريدة في التاريخ السياسي الأمريكي. لكن قوة إرث ترامب وصموده سوف يعتمدان على ما إذا كانت سياساته لتعزز الرخاء في الأمد البعيد. وكما يقول المثل، لا شيء أكثر نجاحا من النجاح. وسوف تأتي فرصته الكبيرة الأولى على الفور. فمع انتهاء العمل في نهاية عام 2025 بأحكام رئيسية في قانون التخفيضات الضريبية والوظائف الذي أقره ترامب في عام 2017 ــ بما في ذلك خفض معدلات الضرائب على الأفراد وتوسيع الائتمان الضريبي للأطفال ــ سيقضي الكونجرس والإدارة الجديدة قسما كبيرا من العام المقبل في إقرار حزمة ضريبية جديدة. سوف يَـنصَـب قدر كبير من التركيز على تجنب الزيادات الضريبية على الأسر. ولكن لأن الجمهوريين سيسيطرون على مجلس النواب ومجلس الشيوخ على مدار العامين المقبلين، فسوف يحظى ترامب أيضا بالفرصة لتمديد التخفيضات الضريبية لصالح الشركات. بموجب فقرة منتهية الصلاحية في قانون التخفيضات الضريبية والوظائف، يُسمح للشركات بخصم التكلفة الكاملة لبعض الاستثمارات في العام الذي يحدث فيه الإنفاق، وليس بمرور الوقت.
يشجع خصم «كامل النفقات» على هذا النحو مزيدا من الاستثمار من خلال زيادة العائدات. وتعمل تخفيضات ضريبة الأعمال لعام 2017 بالفعل على تعزيز الاستثمار وأجور العمال، فضلا عن دعم عمليات الشركات المتعددة الجنسيات المحلية. أثناء مفاوضات الضرائب في العام المقبل، ينبغي لترامب أن يجعل الإنفاق الكامل جزءا دائما من قانون الضرائب، كما فعل مع خفض معدل الشركات في عام 2017. وينبغي له أن يسعى إلى خفض معدل الشركات بدرجة أكبر وتعزيز حافز الشركات للمشاركة في البحث والتطوير. بطبيعة الحال، ستؤدي التخفيضات الضريبية الإضافية إلى زيادة العجز والديون، وهو ما سيعمل في الأمد الأبعد على تقليص الاستثمار وإضعاف التأثيرات الاقتصادية الإيجابية المترتبة على التخفيضات الضريبية. ومن الممكن أن يستفيد ترامب والكونجرس من ثلاثة مصادر للإيرادات لتعويض خسائر الإيرادات الناجمة عن خفض الضرائب على الشركات.
أولا، أنشأ قانون خفض التضخم لعام 2022 حوالي عشرين ائتمانا ضريبيا لتشجيع الابتكار والتصنيع في مجال الطاقة النظيفة المحلية، وهو يقدم ائتمانا بقيمة 7500 دولار للمشتريات الفردية من المركبات الكهربائية الجديدة التي تعمل بالبطاريات أو خلايا الوقود الهيدروجينية. ومن المرجح أن يكلف القانون أكثر من تريليون دولار في العقد الأول، وتريليونات أخرى بعد ذلك. ينبغي للكونجرس وترامب إلغاء قانون خفض التضخم واستخدام جزء من العائدات لخفض الضرائب المفروضة على الشركات. وحتى الإلغاء الجزئي لقانون خفض التضخم ــ مثل إعانات دعم شراء المركبات ــ من شأنه أن يوفر عائدات وفيرة للتعويض عن تكلفة التخفيضات الضريبية.
يتمثل الخيار الثاني في زيادة الإيرادات من الأسر. قد يسمح الكونجرس بانتهاء العمل ببعض التخفيضات الضريبية على الدخل الفردي من عام 2017، وقد يلغي تماما بعض الخصومات التفصيلية، بما في ذلك تلك المخصصة لفائدة الرهن العقاري ومدفوعات الضرائب على مستوى الولايات والحكومات المحلية. أخيرا، يستطيع المشرعون الأمريكيون ملاحقة إصلاحات ضريبية أكثر جوهرية. لقد أصبح نظام ضريبة الدخل في الولايات المتحدة معطلا. ويؤدي تعقيده المحير إلى إدخال تشوهات اقتصادية كبيرة تؤدي إلى إبطاء النمو وخفض الأجور.
إن فرض الضرائب على الدخل يثبط العمل والادخار والاستثمار. كان النظام السياسي في الولايات المتحدة عاجزا لفترة طويلة عن تغيير قانون الضرائب حتى يتمكن من جمع الإيرادات المطلوبة لتمويل الإنفاق الحكومي. الواقع أن الكونجرس وترامب لديهما فرصة كبيرة لإصلاح هذا النظام. فبدلا من فرض الضرائب على دخل الشركات، من الممكن تنفيذ ضريبة استهلاك وطنية وضريبة على التدفقات النقدية للشركات. ومع تحمل النفقات الكاملة للاستثمار، فإن الضريبة الأخيرة من شأنها أن تعمل على تسريع الإنتاجية ونمو الأجور. وعلى جانب الأسر، سوف تخضع الأجور للضريبة ولكن لن تخضع لها مكاسب رأس المال، وبالتالي يعمل هذا على تشجيع الادخار والاستثمار. وقد تضاهي الضريبة على الأجور تصاعدية نظام ضريبة الدخل الحالية. ولأن بعض السلع الاستهلاكية مستوردة وبعضها الآخر يُصدَّر (ولا يُستهلك محليا)، فإن هذا النظام يتطلب بند تعديل الحدود. وسوف تخضع الواردات للضريبة، ولن تخضع الصادرات للضريبة. تعديل الحدود ليس تعريفة جمركية؛ ولكن لأنه يشبه التعريفة الجمركية، فبوسع ترامب أن يروج لها على أنها تحقق وعده بدعم الإنتاج المحلي. إلى جانب إصلاح السياسات الضريبية الأمريكية، يستطيع ترامب أيضا تأمين إرثه الداعم للرخاء من خلال تحرير الاقتصاد من الضوابط التنظيمية. لتحقيق هذه الغاية، يتعين عليه أن يبدل لينا خان، رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية المثيرة للجدال، والتي عملت على تجميد إبرام الصفقات طوال فترة رئاسة جو بايدن. لسبب وجيه، قوبل فوز ترامب هذا الشهر بتنفس الصعداء جماعيا من قِبَل قادة الأعمال والمستثمرين وصانعي الصفقات، الذين اضطروا إلى تعليق عمليات الاندماج والاستحواذ. على نحو مماثل، من المتوقع أن يلغي ترامب الأمر التنفيذي الصادر عن بايدن بشأن تنظيم الذكاء الاصطناعي، والذي كان من شأنه أن يجعل الإبداع والنمو والازدهار في الأمد البعيد خاضعا للمخاوف بشأن المساواة العِـرقية والحد من تعطيل الوظائف.
الواقع أن نهج بايدن مضلل إلى حد كبير. فكما أوضحت في ورقة بحثية حديثة، ينبغي لنا أن نكون شاكرين لأن صناع السياسات في الماضي لم يحاولوا كبح أو تشكيل التكنولوجيات الجديدة، وسوف يكون أبناؤنا وأحفادنا ممتنين لنا إذا واصلنا هذا التقليد. ترامب لديه الفرصة الآن ليصبح الرئيس الذي يتذكره الناس لأنه فتح الباب أمام عصر الذكاء الاصطناعي. ولكن إذا لم يكن أي شيء ناجحا مثل النجاح ذاته، فلا شيء أكثر فشلا من الفشل. لم تحقق الحرب التجارية التي شنها ترامب أثناء ولايته الأولى هدفها المتمثل في إضعاف الروابط الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، بل تسببت في تقليص فرص العمل في قطاع التصنيع في الولايات المتحدة، وجعلت التصنيع المحلي أقل قدرة على المنافسة. ومن شأن حرب تجارية ثانية أن تهدد إرث ترامب باعتباره أحد الرؤساء العظماء المؤيدين للازدهار. على نحو مماثل، سيعمل ترحيل عدة ملايين من المهاجرين غير الشرعيين ــ وخاصة أولئك الذين لم يرتكبوا جرائم ــ على تعطيل العمليات التجارية ويتطلب من أجهزة إنفاذ القانون التدخل في الشركات والمجتمعات الخاصة بطرق ضارة. هل يريد ترامب أن يتذكره الناس باعتباره بطل الازدهار العظيم؟ أو بصفته الرئيس الذي فَـجَّـرَ العجز، وجمَّد استثمارات القطاع الخاص، وألحق الضرر بالأعمال التجارية؟ بعد عودته السياسية المذهلة، سنكتشف الإجابة قريبا.
مايكل ر. سترين، مدير دراسات السياسة الاقتصادية في معهد أميركان إنتربرايز، هو مؤلف كتاب «الحلم الأميركي لم يمت: لكن الشعبوية قد تقتله».
خدمة بروجيكت سنديكيت