نجيب محفوظ يكشف لماذا اختار طريق الأدب وفن الرواية
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
في كتابه “ صفحات من مذكرات نجيب محفوظ” يتحدث الكاتب رجاء النقاش عن أديب نوبل الذي تحتفل الأوساط الأدبية هذه الأيام بذكرى رحيله كاشفا لماذا اختار نجيب محفوظ فن الرواية وهو الطريق الصعب على الرغم من أنه خريج كلية الآداب بجامعة القاهرة وسار في طريق الدراسات الفلسفية؟
نجيب محفوظ يتحدث عن هذا الامر قائلا : أنه في المرحلة الابتدائية قرأ لكبار الكتاب والأدباء وحاول تقليد أسلوبهم ، ونجد هذا في محاولة له تقليد اسلوب المنفلوطي في كتابه “ نظرات وعبرات” ، وحاول ايضا كتابة قصة حياته على غرار “ طه حسين ” في كتابه “ الأيام" وأسماها "الأعوام" .
يبين نجيب محفوظ ان عام 1936 كان هو الفيصل في حياته الذي قرر فيه احتراف كتابة القصة بعد ان خاض شوطا كبيرا في المفاضلة بين الفلسفة والادب لكنه اختار الطرق الصعب وهو طريق الادب وذلك لعدة أسباب هو أن الادب العربي كان يفتقر الى فن الرواية بشدة ، وكان التراث الروائي الموجود في ذلك الوقت محدودا للغاية والاعمال الموجودة قليلة وهي اقرب الى فن السيرة الذاتية مثل عودة الروح لتوفيق الحكيم وزينب للدكتور محمد حسين هيكل والايام لطه حسين ، كما ان الطريق كان يقتضي منه قراءات واسعة في الادب العربي والعالمي على حد سواء ، وما كان ممهد له هو طريق الشعر لانه كان يحب الشعر وكان بالامكان ان يستمر نجيب محفوظ في كتابة الشعر كما يقول خاصة ان الشعر له تراث عميق في الادب العربي لكن ما جعله يتراجع عن ذلك هو افتقاده لملكة الحفظ التي يقوم عليه الشعر .
وبين محفوظ ان فن الرواية وجد نفسه فيه وكانت اعماله الاولى عبارة عن روايات تاريخية كتبها تأثرا بقراءاته في التاريخ الفرعوني القديم خاصة اعمال “ رايد هارجارد” صاحب رواية “ عائشة” الي حصل على لقب “ سير” ، وأعمال “ هوك كين ” الاديب الانجليزي الذي اشتهر بكتابة التاريخ الفرعوني، ولما بدأت قراءات محفوظ تتسع في التاريخ الفرعوني ويتعمق في كتابة الادب الحديث قل حماسه في الكتابة التاريخية وبعد تعمق في الادب الحديث تأكد محفوظ ان الرواية لها دور مؤثر بشكل كبير في معالجة قضايا المجتمع والتعبير عن هموم الانسان ومشاكلهم ومنها اتجه الى كتابة الرواية الواقعية .
يوضح محفوظ أن المذاهب الأدبية لا تجذبه لذاتها بل يظل المذهب الفني بالنسبة له مجرد أداة وليس هدفا في ذاته وذلك مثلما حدث مع توفيق الحكيم الذي كان في أوقات كثيرة يتجاوب مع المذاهب الفنية لذاتها،وعلى الرغم من أن المذاهب الأدبية لم تكن تستهوي محفوظ إلا أنه كان يتابعها جيدا وينظر إليها بعين الناقد ،فرفض بعضها خاصة تيار اللا رواية فقد قرأ ما كتبه رموزه لكنه وجد صعوبة في فهم ما يقصدون .
بين محفوظ أنه لم يكن يرغب من وراء فهم هذا التيار تقليده لكنه كان يريد الاستمتاع الفني لذاته، وواجه كثيرا من المتاعب في فهمه لهذا التيار، على العكس تماما لم يجد أي صعوبة في فهم المدرسة التعبيرية فالاصل في هذا المذهب أن الفنان لا يصور الأشخاص والأحداث عن طريق التقليد والمحاكاة للواقع بل يعتمد على إحساسه الخاص بالواقع كما يبدو له داخل نفسه وليس كما يراه في واقع الحياة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: نجيب محفوظ أديب نوبل نجیب محفوظ
إقرأ أيضاً:
ناشرون: الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً عن الإبداع الروائي
محمد عبدالسميع (الشارقة)
أخبار ذات صلةدائماً ما يُطرح موضوع الذكاء الاصطناعي وأثر هذا الذكاء كقنية جديدة وثورة معلوماتية نوعية وإضافية، وخطيرة في الوقت ذاته، على أوجه الحياة.
ولم يكن الأدب ليخلو من هذا التأثّر، فقد أعرب عدد من الكتاب وممثلي دور النشر المشاركين في معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025، عن تخوّفهم وقلقهم من تدخل الذكاء الاصطناعي بالأعمال الأدبية وصياغة هذه الأعمال، بل وكل المؤلفات العلمية والثقافية بشكلٍ عام.
كما كان ثمّة تأكيد بأنّ الذكاء الاصطناعي لا يمكنه الإقناع بإنجاز رواية حقيقيّة دون بصمة صاحبها، وإن كان سهّل كثيراً على الروائيين والكتاب والقراء، وبالتالي فقد دخل إلى هذه الصناعة الأدبية المميزة التي كانت تأخذ حضورها وعنفوانها من داخل الكتّاب أنفسهم، في حين أنّ من الروائيين من قالوا بأنّ مرحلة الذكاء الاصطناعي هي مرحلة مفيدة للبشرية، في حضور المعلومة والسرعة في استقدامها والحصول عليها.
يقول هشام عبدالله، مدير دار الرواق للنشر، إنّ الذكاء الاصطناعي جعل كثيراً من المؤلفات الأدبية ذات طعم آلي، لدرجة أنك تستطيع اكتشاف أنّ هذا العمل ليس فيه روح صاحبه الكاتب، اعتماداً على أنّ كتّاباً وأدباء وروائيين باتوا يذهبون إلى الذكاء، فيستلّون منه ويجمعون مادتهم، فهي مرحلة وعلينا أن نتعامل معها، وعلينا أن ندرك أنّ الكتّاب المعروفين لهم شهرتهم وأسماؤهم التي لا يمكن أن يغامروا بها عن طريق الاستعانة بالذكاء الاصطناعي.
وتقول رقية كنعان، من دار جبرا للنشر، إنّ الأمر مختلف في مرحلة ما قبل الذكاء الاصطناعي وما بعده بالنسبة لترويج الكتاب، فقبل الذكاء الاصطناعي كان الترويج قليلاً وفيه تراجع ملحوظ، ولذلك علينا أن نتعامل بشكل إيجابي مع هذه التطبيقات وبرامج الذكاء الاصطناعي. لافتةً إلى «الاقتباس»، كتقنية، سابق للذكاء الاصطناعي.
وتنوّه كنعان بأنّ لمسة الأديب وروحه وإحساسه وبصمته هي الأهم، ويجب أن تكون حاضرة في أعماله، أمام سرعة اكتشاف العمل المنسوب إلى الذكاء الاصطناعي والتحقق منه في مجال الروايات، على صعوبة ذلك في الحقول الأخرى، وهو ما يستوجب تقنيات جديدة للتعامل مع هذا الأمر.
من جهتها، تقول الروائية نهى محمود إنها تشعر على المستوى الشخصي والأدبي بخوف شديد من الذكاء الاصطناعي والحياة التكنولوجية والرقمية الجديدة وانعكاسها على الأدب، فبرامج المساعدة الشخصية استولت على كثير من العقول والناس الذين باتوا يرون في هذه التطبيقات ما ينوب عنهم في مختلف أوجه الكتابة والمعرفة، فكانت حياتهم أسهل في البحث والتحليل وإيجاد الحلول.
وتدعو إلى مواجهة هذه الهجمة وأن نكون على حذر أمام منافسة الآلات والبرامج لأعمالنا الأدبية ومواهبنا التي تخرج من روحنا، على صعوبة فصل التكنولوجيا عن عالمنا الذي نعيش.
ويقول منذر الساسي، من دار المتوسطية، إنّه ليس قلقاً من الذكاء الاصطناعي في الأدب والتأليف، بل على الحياة بأجمعها، لافتاً إلى أنّ هناك فيديوهات عن طريق الذكاء الاصطناعي باتت تستعيد أطياف الموتى وتربطهم بالحاضر وما إلى ذلك، فالقلق الأدبي على الأدب لا يمثل بالنسبة له سوى 10% من القلق العام أمام واقع حياتي أشمل.
أخيراً، يرى الروائي والمترجم أحمد عبد اللطيف أننا يجب أن نخاف من تطور الذكاء الاصطناعي، باعتبار هذا الذكاء يقلّل من حضور الإنسان، بل ويُلغي دوره على الساحة. ومن وجهة نظر أخرى، فإنّ الذكاء الاصطناعي مفيد في النواحي العلمية، أمّا في الأدب والكتابة، فهو ضارّ جداً، حتى إنّ العالَم اليوم في موضوع الترجمة بدأ يضع قيوداً على الأعمال المترجمة بالذكاء الاصطناعي، باعتبار هذا يضرّ بالنص ويجعله آلياً وخالياً من حضور الإنسان، فالتطوّر ليس مفيداً في كلّ الأحيان.