في كتابه “ صفحات من مذكرات نجيب محفوظ” يتحدث الكاتب رجاء النقاش عن أديب نوبل الذي تحتفل الأوساط الأدبية هذه الأيام بذكرى رحيله كاشفا لماذا اختار نجيب محفوظ فن الرواية وهو الطريق الصعب على الرغم من أنه خريج كلية الآداب بجامعة القاهرة وسار في طريق الدراسات الفلسفية؟ 

نجيب محفوظ يتحدث عن هذا الامر قائلا : أنه في المرحلة الابتدائية قرأ لكبار الكتاب والأدباء وحاول تقليد أسلوبهم ، ونجد هذا في محاولة له تقليد اسلوب المنفلوطي في كتابه “ نظرات وعبرات” ، وحاول ايضا كتابة قصة حياته على غرار “ طه حسين ” في كتابه “ الأيام" وأسماها "الأعوام" .

يبين نجيب محفوظ ان عام 1936 كان هو الفيصل في حياته الذي قرر فيه احتراف كتابة القصة بعد ان خاض شوطا كبيرا في المفاضلة بين الفلسفة  والادب لكنه اختار الطرق الصعب وهو طريق الادب وذلك لعدة أسباب هو أن الادب العربي كان يفتقر الى فن الرواية بشدة ، وكان التراث الروائي الموجود في ذلك الوقت محدودا للغاية والاعمال الموجودة قليلة وهي اقرب الى فن السيرة الذاتية مثل عودة الروح  لتوفيق الحكيم وزينب للدكتور محمد حسين هيكل والايام لطه حسين ، كما ان الطريق كان يقتضي منه قراءات واسعة في الادب العربي والعالمي على حد سواء ، وما كان ممهد له هو طريق الشعر لانه كان يحب الشعر وكان بالامكان ان يستمر نجيب محفوظ في كتابة الشعر كما يقول خاصة ان الشعر له تراث عميق في الادب العربي لكن ما جعله يتراجع عن ذلك هو افتقاده لملكة الحفظ التي يقوم عليه الشعر .

وبين محفوظ ان فن الرواية وجد نفسه فيه وكانت اعماله الاولى عبارة عن روايات تاريخية كتبها تأثرا بقراءاته في التاريخ الفرعوني القديم خاصة اعمال “ رايد هارجارد” صاحب رواية “ عائشة” الي حصل على لقب “ سير” ، وأعمال “ هوك كين ” الاديب الانجليزي الذي اشتهر بكتابة التاريخ الفرعوني، ولما بدأت قراءات محفوظ تتسع في التاريخ الفرعوني ويتعمق في كتابة الادب الحديث قل حماسه في الكتابة التاريخية وبعد تعمق في الادب الحديث تأكد محفوظ ان الرواية لها دور مؤثر بشكل كبير في معالجة قضايا المجتمع والتعبير عن هموم الانسان ومشاكلهم ومنها اتجه الى كتابة الرواية الواقعية .

يوضح محفوظ أن المذاهب الأدبية لا تجذبه لذاتها بل يظل المذهب الفني بالنسبة له مجرد أداة وليس هدفا في ذاته وذلك مثلما حدث مع توفيق الحكيم الذي كان في أوقات كثيرة يتجاوب مع المذاهب الفنية لذاتها،وعلى الرغم من أن المذاهب الأدبية لم تكن تستهوي محفوظ إلا أنه كان يتابعها جيدا وينظر إليها بعين الناقد ،فرفض بعضها خاصة تيار اللا رواية فقد قرأ ما كتبه رموزه لكنه وجد صعوبة في فهم ما يقصدون .

بين محفوظ أنه لم يكن يرغب من وراء فهم هذا التيار تقليده لكنه كان يريد الاستمتاع الفني لذاته، وواجه كثيرا من المتاعب في فهمه لهذا التيار، على العكس تماما لم يجد أي صعوبة في فهم المدرسة التعبيرية فالاصل في هذا المذهب أن الفنان لا يصور الأشخاص والأحداث عن طريق التقليد والمحاكاة للواقع بل يعتمد على إحساسه الخاص بالواقع كما يبدو له داخل نفسه وليس كما يراه في واقع الحياة. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: نجيب محفوظ أديب نوبل نجیب محفوظ

إقرأ أيضاً:

عمرو دنقل: الرواية تستوعب إبداعي.. وأميل للكتابة الفلسفية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال الكاتب والروائى عمرو دنقل، إنه لا يوجد وقت فراغ عند الكاتب، أو أي شخص مهتم بمن حوله، الكاتب في عملية مراقبة دائمة لسلوكيات البشر، قد يكون ذلك عبر الورق أو من خلال المعاملات اليومية.

واضاف "دنقل" فى تصريحات خاصة لـ "البوابة نيوز"، أن الرواية بالنسبة له  تأتى في المقام الأول، فهى لا يتقيد بجنسية أو جنس الروائي، كل من يكتب للإنسان وعن الإنسان جدير بالقراءة، موضحًا انه يميل للكتابة الفلسفية، لو خُير بينها وبين أنواع الكتابة الأخرى، ويحب أيضا قراءة ما يكتب عن الواقع، ثم تأتي بعد ذلك باقي أقسام الأعمال الروائية، أعمال الفنتازيا والخيال العلمي تبقى بالنسبة له في نهاية قائمة اختياراته.

وعن روايته فيلا القاضي، أشار الى انها  تجربته الثانية في العمل الروائي، بلا شك تمثل له الكثير، فالعمل الأول قد تتسرب فيه بقصد أو بغير قصد جزء من السيرة الذاتية للكاتب، لذا كانت فيلا القاضي العمل الذي تحرر فيه من عمرو دنقل الإنسان، هذه الحرية هي بوابة نجاح النص.

وتابع:  رشُحت الرواية للقائمة القصيرة، لم تفز بالمركز الأول كما اعتقد البعض، بيدو أن ترشح العمل الثاني لي لجائزة كان في حد ذاته جائزة كبيرة لم أتوقع الحصول عليها بعد ٣ سنوات فقط من دخولي عالم الأدب.

عمرو دنقل.. كاتب وروائي من مواليد محافظة سوهاج، صدرت له روايتان هما “نادى الأربعين” فى عام 2022، ورواية “فيلا القاضى” فى عام 2023، ورغم أن ثقافة الجوائز ليست ضمن أولوياته، إلا أن روايته الثانية "فيلا القاضى"، رشُحت للقائمة القصيرة بجائزة طه حسين للرواية المنشورة 2024،  وأشاد كبار الكتاب بكتاباته.

مقالات مشابهة

  • "أنقذ القطة".. الكتاب الذي غيّر قواعد لعبة كتابة السيناريو في العالم
  • الثقافة تحتفي بالأديب العالمي نجيب محفوظ بجميع مواقعها
  • الكاتب عمرو دنقل لـ "البوابة نيوز": الرواية تستوعب إبداعي.. وأميل للفلسفة .. ولا أستطيع الكتابة فى شهر رمضان.. ولكنى أقرأ
  • عمرو دنقل: الرواية تستوعب إبداعي.. وأميل للكتابة الفلسفية
  • أفضل تطبيقات أذكار وأدعية مستجابة 2025.. اختار الأنسب لك
  • مُخرج مسلسل "طريق إجباري" يكشف سر استخدام كاميرا مهتزّة خلال التصوير
  • خصوبة الشر.. سرد 60 عاما من الذاكرة الجزائرية بأسلوب الرواية السوداء
  • مخرج مسلسل "طريق إجباري" عبد العزيز حشاد يكشف في حوار مع "الموقع بوست" تفاصيل الإخراج ويؤكد: كسر التابوهات وفتح آفاق جديدة للدراما اليمنية
  • علي جمعة يكشف مفاجأة: لو كان دارون صح لماذا لم يتحول قرد إلى إنسان
  • كاتب سويسري: ترامب وكيه جي بي وإعادة كتابة التاريخ