طرد السفراء.. العلاقات الدبلوماسية الدولية وفق اتفاقية فيينا
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
حدّدت اتفاقية فيينا الدولية للعلاقات الدبلوماسية الموقّعة سنة 1961، من طرف 191 دولة، الإجراءات والضوابط الخاصة بالعمل الدبلوماسي بين الدول مهما اختلفت دساتيرها، لذا تعد المرجعية الأهم في تبيان الحقوق والواجبات الخاصة بأفراد البعثات الدبلوماسية، كما أتت على تحديد عدة مفاهيم منها الحصانة الدبلوماسية والعلاقات والامتيازات الممنوحة للبعثات الدبلوماسية، وحددت الإجراءات التي يجب اتباعها حتى في قطع العلاقات بين الدول والتعامل مع الدبلوماسيين في حالات الأزمات بين الدول.
في المادة التاسعة من اتفاقية فيينا، تم التنصيص على أنه "للدولة المعتمد لديها في أي وقت وبدون ذكر الأسباب أن تبلغ الدولة المعتمدة أن رئيس أو أي عضو من طاقم بعثتها الدبلوماسي أصبح شخصا غير مقبول أو أن أي عضو من طاقم بعثتها (من غير الدبلوماسيين) أصبح غير مرغوب فيه، وعلى الدولة المعتمدة أن تستدعي الشخص المعني أو تنهي أعماله لدى البعثة وفقا للظروف".
وحسب المادة نفسها "يمكن أن يصبح الشخص غير مقبول أو غير مرغوب فيه قبل أن يصل إلى أراضي الدولة المعتمد لديها، فإذا رفضت الدولة المعتمدة التنفيذ أو لم تنفذ في فترة معقولة الالتزامات المفروضة عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة، فللدولة المعتمد لديها أن ترفض الاعتراف للشخص المعني بوصفه عضوا في البعثة".
مهمة الدبلوماسيالسفارات هي المكان الذي تطبخ وتدار وتسيَّر فيه السياسات الخارجية للدول، وتتجاوز مسؤوليات الدبلوماسيين من مجرد تمثيل دولهم بالخارج إلى مهام في غاية الدقة والحساسية، حيث إن الكثير من الدبلوماسيين حسب المختصين هم "مخبرون محميون قانونا" وهذا أمر تقره القوانين الدولية، بما فيها اتفاقية فيينا التي تنص على السماح للدبلوماسي بجمع المعلومات بكل الوسائل من داخل الدولة المضيفة، وذلك ضمن معايير محددة ومضبوطة، وهو أيضا محمي ليس فقط بالحصانة المقررة، بل أيضا بالحقيبة الدبلوماسية التي تتيح سرية الاتصالات.
وبما أن عمل السفراء والدبلوماسيين له حدود معينة، ففي أكثر من مناسبة اندلعت أزمات دبلوماسية أدت إلى اتخاذ بعض الدول قرارات بطردهم واستبعادهم من أراضيها بشبهة ارتكاب مخالفات خطيرة، والتي غالبا ما تتعلق بممارسات تتعدى دورهم ومهامهم الدبلوماسية أو بتهمة ارتكاب جرائم خطيرة تتحول إلى قضايا رأي عام ورأي عام دولي.
أسباب طرد الدبلوماسيين والسفراءفي بعض الحالات تتوصل الدول المضيفة -إثر تحقيقاتها الأمنية- إلى معلومات وحقائق تتعلق بارتباط دبلوماسيين بمعارضين لنظام الحكم في الدولة أو تمويل حركات معارضة شرعية وغير شرعية، أو الارتباط بعمليات استخبارية سرية خطيرة بهدف تقويض الأمن العام وتهديد سيادة الدول، بما في ذلك تنفيذ عمليات اغتيال أو اكتشاف علاقة مباشرة بين دبلوماسيين واغتيال لاجئين معارضين أو التواصل مع قوى معارضة مسلحة تعتبرها الدول تهديدا مباشرا لأمنها الوطني.
وبما أن الدبلوماسي تتوفر له الحصانة وفقا للقانون الدولي، فإن الإجراء الأقصى المتاح أمام الدولة المضيفة حسب اتفاقية فيينا هو طرده من أراضيها، وتمنحه في الغالب فترة زمنية معينة للمغادرة، وتعلن أنه غير مرغوب به أراضيها.
ومع ذلك، فإن هذا الإجراء لا يعني ضرورة إنهاء العلاقات الدبلوماسية بين أي بلدين، إذ يصنف هذا الإجراء غالبا ضمن المواقف التصعيدية الرامية لتسجيل موقف معين من دولة تجاه أخرى أمام المجتمع الدولي.
الأسباب الأمنية والسياسية ليست بالضرورة الدافع الوحيد وراء طرد الدبلوماسيين، إذ نجد أيضا التهم المتعلقة بالجرائم الجنائية الخطيرة التي تجعل من الطرد الخيار الوحيد المتاح للدولة المستضيفة، وعلى سبيل المثال فقد طردت الفلبين في مايو/أيار 2012 دبلوماسيا من سفارة بنما اتُّهم بالاغتصاب.
وبعض الدول مثل الولايات المتحدة، وفي حال ارتكاب جرائم جنائية خطيرة، فإنها تسعى أولا إلى رفع الحصانة الدبلوماسية عن المتهم من هذا النوع بغرض محاكمته على أراضيها، ولا تطرده منها إلا في حال فشلها التام في هذا المسعى.
وفي حالات أخرى يُطرد الدبلوماسي لأنه، من وجهة نظر الحكومة المضيفة، يقوم بتحركات مشبوهة تتجاوز حدود مهامه أو بالتنسيق مع دول أخرى للإضرار بطريقة غير مباشرة بسير المرافق الحكومية.
ومن الأمثلة على ذلك ما حدث في يناير/كانون الثاني 2012 حين طردت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما القنصل العام الفنزويلي المعتمد في ميامي لاتهامه بمناقشة وتدبير هجمات إلكترونية على الولايات المتحدة، أثناء مهمة له بالمكسيك.
وتعتبر التصريحات وإبداء المواقف من أسباب طرد السفراء، فقد أعلن الاتحاد السوفياتي السابق، في سبتمبر/أيلول 1952، أن السفير الأميركي (حينئذ) جورج كينان "شخص غير مرغوب فيه" بعد أن أدلى بتصريح اعتبرت موسكو أنه يربط بينها وبين ألمانيا النازية.
وفي الإكوادور عام 2011، طردت حكومة الرئيس رافائيل كوريا السفيرة الأميركية هيذر هودجيز، بسبب تعليقاتها على "الفساد الحكومي" بالبلاد، وهي التعليقات التي كشفت عنها برقية مسرّبة نشرت ضمن مئات آلاف البرقيات الدبلوماسية المشابهة التي نشرها موقع ويكيليكس، وفي موقف كهذا أيضا طردت حكومة ملاوي السفير البريطاني لأن برقية مسربة كشفت رأيه الصريح في رئيس هذه الدولة الأفريقية.
وقد يكون طرد الدبلوماسيين أيضا بمثابة رد من الدولة المستضيفة على قرار طرد دبلوماسييها من الطرف المقابل.
الإجراءاتفي حال ثبوت قيام سفير الدولة المستضافة بأعمال تمس من أمن وسيادة الدولة المستضيفة، فإن خارجية الدولة المستقبلة تستدعي الدبلوماسي المعني لتشرح له الأسباب وراء طرده من أراضيها، رغم أن هذا ليس شرطا واردا باتفاقية فيينا، وتمنح أغلبية الدول الدبلوماسيين المطرودين مهلة 72 ساعة لمغادرة أراضيها.
في حالات أخرى، لا يجري احترام مبادئ اتفاقية فيينا، ويعلن عن الطرد الفوري للسفير أو الدبلوماسي دون منحه وأعضاء طاقمه مهلة زمنية، ويتم اللجوء لهذا في حالات إعلان الحرب أو الأزمات السياسية والنزاعات التي يصعب إخضاع حلّها لجدول زمني، وهي غالبا ما تشير إلى أو ترافق تغييرا جذريا في سياسة الدولة المستضيفة تجاه نظيرتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: اتفاقیة فیینا غیر مرغوب فی حالات
إقرأ أيضاً:
بينها اليمن.. قائمة الجنسيات التي ستفرض عليها إدارة ترامب حظر سفر
نقلت رويترز عن مصادر "مطلعة" ووثيقة داخلية أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدرس فرض قيود سفر واسعة على مواطني عشرات الدول بينها اليمن، في إطار حظر سفر جديد.
وقال مسؤول أميركي لرويترز تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته إن القائمة قد تتغير، كما أنها في انتظار موافقة الإدارة بما في ذلك وزير الخارجية ماركو روبيو.
وفيما يلي قائمة الدول المعنية بالقرار وفقا لما ورد في المذكرة مقسمة إلى ثلاث مجموعات منفصلة:
تعليق كامل لتأشيرات السفر
يشمل أفغانستان وكوبا وإيران وليبيا وكوريا الشمالية والصومال والسودان وسوريا وفنزويلا واليمن.
تعليق جزئي لتأشيرات السفر
يشمل إريتريا وهايتي ولاوس وميانمار وجنوب السودان، ويطال السائحين والطلبة كما أن بعض التأشيرات الأخرى قد تتأثر.
دول مرشحة لتعليق جزئي لتأشيرات السفر
تشمل أنغولا وأنتيغوا وباربودا وروسيا البيضاء وبنين وبوتان وبوركينا فاسو والرأس الأخضر وكمبوديا والكاميرون وتشاد وجمهورية الكونجو الديمقراطية والدومينيك وغينيا الاستوائية وغامبيا وليبريا ومالاوي وموريتانيا وباكستان وجمهورية الكونغو وسانت كيتس ونيفيس وسانت لوسيا وساو تومي وبرينسيب وسييرا ليون وتيمور الشرقية وتركمانستان وفانواتو.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعطى وزارة الخارجية الأميركية مهلة 60 يومًا لإعداد تقرير للبيت الأبيض بتلك القائمة، مما يعني أنه يجب تقديم هذه القائمة الأسبوع المقبل.
وقالت وزارة الخارجية في بيان إنها تتبع الأمر التنفيذي وإنها "مُلتزمة بحماية أمتنا ومواطنيها من خلال الحفاظ على أعلى معايير الأمن القومي والسلامة العامة من خلال عملية التأشيرات لدينا".
تعود سياسة ترامب في حظر دخول مواطني بعض الدول إلى حملته الانتخابية في ديسمبر 2015، وبعد أن تولى منصبه في يناير 2017، أصدر ما أصبح أول سلسلة من قرارات حظر السفر.
في البداية، كانت تركز على مجموعة من الدول ذات الأغلبية المسلمة، لكن لاحقًا شملت أيضًا دولًا أخرى منخفضة الدخل، بما في ذلك في أفريقيا.
وعندما تولى جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة في يناير 2021، ألغى حظر السفر وعاد إلى نظام التدقيق الفردي للأشخاص من تلك الدول.
وفي أمره التنفيذي في يناير، قال ترامب إنه يتخذ هذه الإجراءات لحماية المواطنين الأميركيين "من الأجانب الذين ينوون ارتكاب هجمات إرهابية أو تهديد أمننا القومي أو تبني أيديولوجيات كراهية أو استغلال قوانين الهجرة لأغراض خبيثة".
ومن غير الواضح ما إذا كان الأشخاص الذين لديهم تأشيرات سارية سيتم استثناؤهم من الحظر، أو إذا كانت تأشيراتهم ستُلغى. والصورة غير واضحة أيضا ما إذا كان حاملو البطاقة الخضراء، الذين تمت الموافقة على إقامتهم الدائمة، سيتأثرون بالقرارا أم لا.