وفاة طبيب الغلابة في المنوفية.. الكشف كان ببلاش
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
توفي صباح اليوم الأربعاء الدكتور سامي النجار، طبيب الغلابة، استشاري العظام الشهير بالمنوفية، وتستعد قرية زاوية بمم التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية، لتوديعه وسط حالة من حزن الأهالي لأثرة الباقي ووقوفة المستمر مع المرضى غير القادرين.
شهادة أهالي زاوية بمم عن الدكتور سامي النجار طبيب الغلابةوأكد عطية شرارة أحد أهالي قرية زاوية بمم أن الدكتور سامي النجار طبيب الغلابة، رئيس قسم العظام بمستشفى بنها العام لسنوات طويلة قبل المعاش، كان دائما خير سند لأهله وكل محتاج وكان لا يأخذ ثمن الكشف من أهالي تلا بالكامل ولا الفقراء وغير القادرين من كافة المحافظات.
وأضاف شرارة أن الراحل كان يخصص يوما أسبوعيا للنزول لقرية زاوية بمم مسقط رأسه للكشف على المواطنين بأجر رمزي، ويخصص ثمن الكشف لأعمال الخير في القرية، وكل من يحتاج عملية جراحية في العظام كان يتكفل بها الطبيب الراحل.
وواصل: «يعد الدكتور سامي النجار الطبيب الأب لكل مرضاه لما يضع من علمه لتخليص الناس من الألم ومساندتهم، قد يتناسى البعض أن مهنة الطب هي في الواقع من المهن التي يتحتم فيها الواجب الإنساني بكل شغف، وإذا ذكرنا أحدا فلا نجد أفضل من الدكتور سامي النجار الذي يضع كل علمه لتخفيف آلام الناس».
تابع: «الدكتور سامي النجار كان يعالج بعض الحالات مجانا، وهو ابن بار بأبناء بلدته لدرجة كبيرة وبار بمرضاه ويراعي الله فيهم، الدكتور سامي النجار طبيب الغلابة، قبل خروجه على المعاش بـ 5 سنوات، عُرض عليه تكليفا لرئاسة مستشفى بنها العام لكنه رفض، ليتفرغ لعلاج الناس وظل في منصبه رئيس قسم العظام بمستشفى بنها وسط المرضى».
موعد صلاة الجنازة على الدكتور سامي النجار طبيب الغلابة بمسقط رأسه بالمنوفيةتشيع الجنازة اليوم الأربعاء من مسجد الشهيد غازي بمقابر العائلة بزاوية بمم التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية.
اقرأ أيضاً11 سبتمبر.. محاكمة زوج مذيعة شهيرة في وفاة ضحية كلب الشيخ زايد
المستشار سامح عبد الحكم ينعي وفاة والد زوجة وزير شئون المجالس النيابية
كوب الماء القاتل.. طبيبة تحذر من مخاطر شرب المياه المثلجة في عز الحر
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: وفاة المنوفية الإنسانية تلا طبيب الغلابة
إقرأ أيضاً:
المرحوم الدكتور زكي مصطفي: العالم واللغو
(أدين للدكتور زكي مصطفي، شقيق الدفعة كامل مصطفى، بالاجتهادات التي أخاطر بها في موضوع الماركسية والإسلام. وأدين في هذا لكتابه "القانون العام في السودان: في سيرة مادة العدل والقسط والوجدان السليم" (1971).The Common Law in the Sudan: An Account of the 'justice, Equity, and Good Conscience' Provision
وكتبت أنعيه لمأثرته رحمه الله
توفي في ديسمبر 2003 الدكتور زكي مصطفي عميد كلية القانون بجامعة الخرطوم والنائب العام الأسبق. ولم يكن زكي قانونياً فحسب، بل كان مفكراً قانونياً من الطراز الأول. ولم أجد له مثيلاً في غلبة الفكر عنده على محض الممارسة سوي المرحوم الدكتور نتالي أولاكوين والدكتور أكولدا ماتير وعبد الرحمن الخليفة (في طوره الباكر). وقد قطع عليه انقلاب مايو في طوره اليساري الباكر حبل تفكيره نتيجة تطهيره من الجامعة ضمن آخرين بغير جريرة سوي الظن برجعيتهم. وهذه الخرق العظيم لحقوق الإنسان ظل عالقاً برقبة الشيوعيين. وقد نفوا مراراً وطويلاً أنهم كانوا من ورائه. وربما كان إنكارهم هذا حقاً. فقد كانت مايو سراديب تنضح بما فيها. فأنا أشهد بالله أن الشيوعيين لم يصنعوا التقرير الختامي المنشور للجنة إصلاح جامعة الخرطوم (1970) على انهم كانوا عصبة لجان ذلك الإصلاح. فقد أملى المرحوم محي الدين صابر التقرير النهائي من رأسه وكراسه معاً. وهذه عادة فيه. وما زلت احتفظ بأوراق اعتراضاتنا الشيوعية على ذلك التقرير لمفارقته لتوصيات اللجان. وتحمل الشيوعيون وزر التقرير وبالذات ما ورد عن تحويل الكليات الي مدارس. وعليه ربما لم يأمر الشيوعيون بتطهير زيد أو عبيد غير انهم لم يدافعوا صراحة عن حق العمل. بل أداروا له ظهرهم مطالبين بحق الشورى قبل أن تقدم مايو علي خطوة في خطر التطهير في مجال عملهم. وفهم الناس أنهم لا يمانعون في فصل الناس متي شاوروهم في الأمر.
حين قطعنا حبل تفكير المرحوم زكي في 1969 كان مشغولاً بأمرين. كان عميداً للقانون في قيادة مشروع قوانين السودان (1961) الذي هدف لتجميع السوابق بتمويل من مؤسسة فورد. وقد تم علي يد المشروع توثيق كل القضايا التي نظرتها المحاكم قبل 1956. أما الأمر الثاني الذي لم يكتب لزكي أن ينشغل به حقاً بسبب التطهير فهو تطوير فكرته المركزية التي درسها في رسالة الدكتوراة ونشرها في كتاب في 1971. فقد تساءل زكي في كتابه لماذا لم يأذن الاستعمار الإنجليزي للشريعة أن تكون مصدراً من مصادر القانون السوداني. وأستغرب زكي ذلك لأن الإنجليز لم يجعلوا قانونهم قانوناً للسودان، بل وجهوا القضاة للاستعانة بما يرونه من القوانين طالما لم تصادم العدالة والسوية وإملاءات الوجدان السليم. وقال زكي لو ان الإنجليز أحسنوا النية بالشريعة لوجدوها أهلاً للمعاني العدلية المذكورة. وقد صدر زكي في فكرته هذه من خلفية إخوانية. ولكنه شكمها بلجام العلم فساغت. وستنفلت قضية الشريعة والقانون في السودان من أعنة زكي الأكاديمية الشديدة لتصبح محض حلقمة سياسية دارجة ما تزال ضوضاؤها معنا.
ولعله من سخرية القدر أن يسترد زكي بعد 15 عاماً القانون الموروث عن الإنجليز الذي خرج لمراجعته وتغييره في دعوته التي أجملناها أعلاه. فقد أصبح في 1973 نائباً عاماً مكلفاً بإعادة ترتيب البيت القانوني على هدي من القانون الموروث عن الاستعمار. فقد اضطرب القانون كما هو معروف علي عهد نميري. وأشفق زكي كمهني مطبوع على فكرة القانون نفسها من جراء هذا الاضطراب. وكان أكثر القوانين استفزازاً هو القانون المدني لعام 1971 الذي نجح القوميون العرب في فرضه على البلد بليل. وقد وجد فيه زكي إساءة بالغة للمهنية السودانية. فتحول من فكرته الإسلامية التي أراد بها هز ساكن القانون الموروث عن الاستعمار الي الدفاع عن إرث ذلك القانون. ففي مقالة بليغة في مجلة القانون الأفريقي لعام 1973 جرّد زكي علي القانون المدني حملة فكرية عارمة. فقد ساء زكي أن لجنة وضع القانون المدني تكونت من 12 قانونياً مصرياً و3 قضاة سودانيين لنقل القانون المصري بضبانته قانوناً للسودان. وعدد أوجه قصور القانون الموضوعية بغير شفقة. واستغرب كيف نسمي استيراد القوانين العربية تحرراً من الاستعمار بينما هي في أصلها بنت الاستعمار الفرنسي. وأحتج زكي أن القانون المدني أراد ان يلقي في عرض البحر بخبرة سودانية عمرها سبعين عاماً واستحداث قانون لم يتهيأ له المهنيون وكليات القانون ولا المتقاضون.
لم اقصد في هذه السيرة القول أن زكي لم يثبت على شيء. فعدم ثباته على شيء هو نفسه ميزة. فقد أملت عليه مهنيته العالية أن "خليك مع الزمن" بما يشبه الإسعاف حتى لا تسود الفوضى في حقل حرج كالقانون بفضل النَقَلة ضعاف الرأي. رحم الله زكي مصطفي فهو من عباد ربه العلماء.
ibrahima@missouri.edu