المهاجرون الأفارقة في اليمن... رحلة شاقّة ومفجعة
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
(عدن الغد)متابعات:
تتحدد بشاعة الجريمة في القصدية الكامنة في إزهاق أرواح الأبرياء، تجريدها من القيمة ومن ثم تحويلها إلى هدفٍ مشروع للقتل، إلى جانب ما تخفيه تلك الجرائم أحيانا من تمييز عرقي أو ديني أو اجتماعي. وإذا كانت أطراف الحرب في اليمن، من الجماعات المسلحة، على اختلافها، إلى الدول المتدخلة قد ارتكبت جرائم لاإنسانية في حق اليمنيين، فإن جرائمها في حقّ المهاجرين أكثر بشاعة، فإلى جانب تجريدهم من كل وسائل الحماية، والرعاية أيضا، فإنها جعلتهم أهدافا مباشرة للقتل.
على امتداد العقود الأخيرة، ظلت اليمن الوجهة الرئيسية للمهاجرين من دول القرن الأفريقي، وبوّابة تفضي إلى الأراضي السعودية، إذ إن استمرار النزاعات الأهلية وحالة الفقر في البلدان الأفريقية تدفع موجات متعاقبة ومستمرّة من المهاجرين لاجتياز ما عُرف بـ"طريق الشرق"، فعبر شبكات التهريب التي تمتد عبر الأراضي الصومالية والحدود الإثيوبية - الجيبوتية، ينتقل المهاجرون بحراً من الصومال إلى مدينة شبوة أو مدينة حضرموت شرقاً، أو غرباً إلى ميناء الحديدة على البحر الأحمر، هذا الواقع المأساوي أنتج مجالا نشطا اقتصادياً يتحرّك بين الحدود البحرية اليمنية - الأفريقية تديره شبكات التهريب العابرة للحدود ضمن اقتصاد التهريب والاتّجار بالبشر، مقابل مأساة يومية مستمرّة يعانيها المهاجرون الأفارقة من التخفّي في قوارب صيد في ظروف غير آدمية إلى المعاملة اللاإنسانية من المهرّبين، إلى الغرق في البحر، وأمام تدفّقات المهاجرين إلى اليمن، فإن السلطات اليمنية المتعاقبة، وإن ظلت قاصرةً في استيعاب جموعهم، ودمجهم مجتمعيا واقتصاديا، وأيضا ملاحقة شبكات عصابات التهريب، فإنها ظلّت السلطة السياسية المركزية المعنية بشؤون المهاجرين، وبمساعدة الجهات الأممية، وفرت لهم الحد الأدنى لهم من الإيواء في مخيّمات اللاجئين، وشكلا ما من الحماية، والاستقرار الاقتصادي النسبي قبل الحرب، جعلت بعض المهاجرين يفضّلون قسريا او اختياريا الاندماج في المجتمع والبحث عن فرص عمل، إلا أن حالة الحرب في اليمن، فاقمت أوضاع المهاجرين، فإلى جانب تجريدهم من الحماية، ومن ثم إهدار حقوقهم كمهاجرين، فإنهم أصبحوا عُرضةً لجرائم متنوعة من أطراف الحرب وشبكاتها سواء في أثناء مرور المهاجرين في الطرقات البرّية أو انتقالهم إلى وجهتم الأخيرة نحو الحدود اليمنية - السعودية.
تظهر تداعيات سقوط الدولة اليمنية المركزية في مأساة المهاجرين الأفارقة، فإلى جانب انتقال هذه المسؤولية إلى جهات دولية، فإن غياب سلطة مركزية تشرف على أراضيها البرّية أو البحرية أدّى إلى عدم رصد أعداد المهاجرين وحصر تدفقاتهم ومن ثم إشرافها على إيوائهم وتوفير الإغاثة والرعاية الصحّية، كما أن تحوّل سلطات الحرب نفسها إلى سلطات أمر واقع، ضاعف مأساتهم وإخضاعهم للعزل، وتحوّلهم إلى مجاميع غفل مجرّدة من أي حقوق اجتماعية أو اقتصادية، بما في ذلك أشكال الحماية، وحرمانهم من وسائل الإيواء والإغاثة والرعاية الصحية، ومن ثم تعرّضهم لجرائم عديدة، ففي حين يصل آلاف المهاجرين يوميا إلى السواحل اليمنية، إلى مدينة عدن، وشرقا إلى حضرموت وشبوة وغربا إلى مدينة الحديدة، بحيث تختلف محطّاتهم من صنعاء الخاضعة لجماعة الحوثي أو عبر البيضاء ثم صعدة في اتجاه الحدود، فإنهم يتعرّضون لجرائم وانتهاكات عديدة، من السجن من السلطات المحلية، إلى السرقة من العصابات، كما أن عدم وجود وسائل الإعاشة تجعلهم عرضة للموت جوعا.
ومع أن المهاجرين يلجأون أحيانا لأعمال منخفضة الأجر من الزراعة في المناطق الريفية إلى غسل السيارات في المدن لتأمين جزء من رحلتهم نحو الحدود السعودية، فإنهم قد يفشلون في العثور على العمل بسبب حاجز اللغة، وأيضا خوف السكّان المحليين منهم، وأحيانا يتعرّضون لأذى من هؤلاء، الى جانب قتل جماعة الحوثي عشرات من اللاجئين الإثيوبيين من إثنية الأورومو قبل ثلاث سنوات في صنعاء.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: إلى جانب فی الیمن
إقرأ أيضاً:
كيف استطاعت إسبانيا التفوق على باقي أوروبا وأن تزدهر اقتصاديًا بفضل المهاجرين؟
وفقًا لتقديرات بنك إسبانيا، فإن البلاد ستحتاج إلى 30 مليون مهاجر في سن العمل خلال العقود الثلاثة المقبلة للحفاظ على التوازن بين العمال والمتقاعدين، وضمان استدامة النظام الاقتصادي.
في مصنع لإنتاج لحوم الخنزير في إسبانيا، يعمل أكثر من 60 شخصًا من 62 جنسية مختلفة جنبًا إلى جنب، مساهمين في استمرار نشاط شركة "بونابريا"، حيث تعبر ملايين الأرجل من لحم الخنزير خطوط الإنتاج يوميًا.
وقد لعب هؤلاء العمال الأجانب دورًا محوريًا في دعم الاقتصاد الإسباني، الذي سجل نموًا بنسبة 3% العام الماضي، متجاوزًا معظم اقتصادات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، التي سجلت معدلات نمو أقل.
من جانبه، أكد خافيير مورينو، مدير الموارد البشرية في الشركة، أن المصنع لم يكن ليحقق هذا النجاح دون العمال الأجانب، مضيفًا: "يجب أن نكون ممتنين لهم إلى الأبد".
ووفقًا لوزارة الضمان الاجتماعي والهجرة الإسبانية، فإن 45% من الوظائف التي أُنشئت منذ عام 2022 قد شغلها نحو نصف مليون عامل أجنبي. بينما أشارت البيانات الحكومية إلى أن نحو 3 ملايين أجنبي يمثلون اليوم 13% من إجمالي القوى العاملةفي البلاد.
وخلال مقابلة لوكالة "أسوشييتد برس"، ذكرت إيلما سايز، وزيرة الضمان الاجتماعي والهجرة أنه: "كان أمامنا خياران: أن تكون إسبانيا دولة مغلقة وفقيرة، أو أن تكون منفتحة ومزدهرة".
Relatedهل تنجح إسبانيا في كبح شهية الأجانب العقارية لحل أزمة الإسكان عبر رفع الضريبة 100%؟ إسبانيا: تصاريح عمل وإقامة لـ 25,000 مهاجر أجنبي تضرروا من فيضانات فالنسياقطاع التصنيع في إسبانيا يتحدى الفيضانات ويحقق نموًا يفوق التوقعات.. ماذا عن بقية أوروبا؟أكثر من 41 ألف مهاجر إلى جزر الكناري في 2024.. رقم قياسي يثير القلق في إسبانيا وأوروباأما بيدرو أزنار، أستاذ الاقتصاد في كلية "إيساد" للأعمال في برشلونة، يرى أن تدفق العمال الأجانب ساعد إسبانيا على التفوق على ألمانيا، التي طالما اعتُبرت المحرك الاقتصادي لأوروبا.
وأوضح أزنار أن الاقتصاد يعتمد بشكل أساسي على قطاع الخدمات، خاصة السياحة، حيث يشغل الأجانب وظائف ذات أجور منخفضة لا يُقبل عليها العديد من الإسبان.
ويعمل المهاجرون غالبًا في مجالات مثل البناء، الزراعة، صيد الأسماك، والرعاية المنزلية. تستقبل إسبانيا سنويًا نحو 458 ألف مهاجر، يشكل الوافدون من دول الاتحاد الأوروبي 31% منهم، فيما تأتي النسبة الأكبر من المغرب وكولومبيا وفنزويلا والصين وبيرو وأوكرانيا.
في ظل تصاعد المشاعر المناهضة للهجرة في أوروبا، تتبع إسبانيا نهجًا أكثر انفتاحًا. وفي هذا السياق، أكد، رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أن استقبال المهاجرين ليس مجرد التزام إنساني، بل ضرورة لضمان مستقبل اقتصادي مستدام.
وأضاف في خطاب له: "الترحيب بأولئك الذين يأتون إلى هنا بحثًا عن حياة أفضل ليس مجرد التزام، بل هو أيضًا خطوة أساسية لضمان ازدهارنا في المستقبل".
كما أوضح أن إسبانيا ستحتاج إلى 30 مليون مهاجر خلال العقود الثلاثة المقبلة للحفاظ على التوازن بين القوى العاملة ونظام التقاعد.
وصل محمد الصايلي (38 عامًا)، مغربي الأصل، إلى إسبانيا بطريقة غير شرعية عندما كان عمره 16 عامًا، بعد عبوره إلى سبتة في شمال إفريقيا.
واليوم، هو يعمل بشكل قانوني كهربائي في شركة "بونافريا"، ويؤكد أن تجربته في إسبانيا لم تشبها صعوبات كثيرة، قائلًا: "لا أشعر بأن هناك كراهية تجاه المهاجرين هنا... في بعض الأحيان، يمكن للقادمين من الخارج التأقلم بسرعة أكبر من السكان المحليين".
أما فيكتور رازوري، المهاجر البيروفي البالغ من العمر 41 عامًا، فقد وصل العام الماضي للعمل كميكانيكي وكهربائي.
وعلى الرغم من اختلاف البيئة، لم يجد صعوبة كبيرة في التأقلم، ويقول: "في بيرو، لا ترى الكثير من التنوع الثقافي. هنا، أعمل مع أشخاص من أوكرانيا والمغرب وأمريكا اللاتينية. كان الأمر صعبًا في البداية، لكنني تأقلمت مع الوقت".
في ظل التغيرات الديموغرافية التي تشهدها إسبانيا، أصبحسوق العمل أكثر انفتاحًا على الوافدين الجدد، دون أن يؤدي ذلك إلى توترات اجتماعية كبيرة، رغم معدل البطالة المرتفع الذي يبلغ 10.6%.
ووفقًا لتقديرات بنك إسبانيا، فإن البلاد ستحتاج إلى 30 مليون مهاجر في سن العمل خلال العقود الثلاثة المقبلة للحفاظ على التوازن بين العمال والمتقاعدين، وضمان استدامة النظام الاقتصادي.
في مدينة برشلونة، يعتمد قطاع الخدمات بشكل كبير على العمالة الوافدة. ويرى جوردي أورتيز، مالك مقهى، أن استمرار عمله سيكون مستحيلًا دون الموظفين الأجانب، مضيفًا: "80% من العاملين لدينا من الخارج، و20% فقط من إسبانيا. الإسبان لا يرغبون في العمل في قطاع الخدمات".
أما إميلي سوتو، المهاجرة من جمهورية الدومينيكان والتي وصلت إلى إسبانيا مع عائلتها عام 1998، تعمل كنادلة في المقهى نفسه. تتحدث عن التغيرات التي شهدتها على مدار السنوات الماضية، قائلة: "عندما جئت إلى هنا، كان عدد القادمين من بلدي قليلًا جدًا، يمكننا عدّهم على أصابع اليد. أما الآن، فالأعداد في تزايد مستمر".
لا يقتصر الأمر على قطاع الخدمات، إذ يشير فيكتور ليسبونا، المقاول في برشلونة، إلى أن المهاجرين يشكلون العمود الفقري لقطاعات البناء والنجارة والكهرباء.
ويقول: "لم يعد الشباب الإسبان يرغبون في الأعمال الشاقة مثل البناء، النجارة، وقيادة الشاحنات. إنهم يفضلون متابعة التعليم العالي ليصبحوا محامين أو أطباء".
في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الإسبانية للحد من الهجرة غير النظامية عبر البحر الأبيض المتوسط، تزايدت أعداد المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى جزر الكناري عبر قوارب من الساحل الغربي لأفريقيا، ما أدى إلى أزمة إنسانية مع ارتفاع أعداد الوفيات في هذه الرحلات الخطرة.
لمواجهة هذه التحديات، قام رئيس الوزراء بيدرو سانشيز بجولة في موريتانيا، السنغال، وغامبيا العام الماضي، بهدف الترويج لخطة عمل توفر ممرًا قانونيًا وآمنًا للعمال الأفارقة الراغبين في العمل بإسبانيا. ومع ذلك، لم تظهر نتائج ملموسة حتى الآن.
في خطوة أخرى، تسعى الحكومة الإسبانية إلى دمج المهاجرين غير النظاميين الموجودين بالفعل في البلاد ضمن سوق العمل.
ففي نوفمبر، أعلن التحالف اليساري بقيادة سانشيز عن خطة لمنح تصاريح عمل لنحو 900 ألف مهاجر غير نظامي خلال السنوات الثلاث المقبلة، بهدف دمجهم في الاقتصاد الرسمي والمساهمة في دفع الضرائب.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية إسبانيا تمنح 300 ألف مهاجر وثائق للعمل والإقامة.. هل ذلك استثمار في المهاجرين غير الشرعيين؟ إسبانيا: سانتياغو أباسكال رئيساً جديداً للتحالف اليميني "وطنيون من أجل أوروبا" الاتحاد الأوروبي يخصص 900 مليون يورو لإعادة بناء المناطق المنكوبة بالفيضانات في إسبانيا إسبانياسياحةالهجرة غير الشرعيةاقتصادتضخم