عدن الغد:
2025-02-01@06:45:08 GMT

المهاجرون الأفارقة في اليمن... رحلة شاقّة ومفجعة

تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT

المهاجرون الأفارقة في اليمن... رحلة شاقّة ومفجعة

(عدن الغد)متابعات:

تتحدد بشاعة الجريمة في القصدية الكامنة في إزهاق أرواح الأبرياء، تجريدها من القيمة ومن ثم تحويلها إلى هدفٍ مشروع للقتل، إلى جانب ما تخفيه تلك الجرائم أحيانا من تمييز عرقي أو ديني أو اجتماعي. وإذا كانت أطراف الحرب في اليمن، من الجماعات المسلحة، على اختلافها، إلى الدول المتدخلة قد ارتكبت جرائم لاإنسانية في حق اليمنيين، فإن جرائمها في حقّ المهاجرين أكثر بشاعة، فإلى جانب تجريدهم من كل وسائل الحماية، والرعاية أيضا، فإنها جعلتهم أهدافا مباشرة للقتل.

ومع أن حالة الحرب في اليمن حوّلت المدن اليمنية إلى مسرح دائم للجريمة، فإن حدودها البرّية مع السعودية هي ساحة لجرائم أخرى تحدُث بعيدا عن أنظار العالم، جرائم عنصرية وتمييزية تطاول جماعات بشرية هاربة من الحرب، عزلاء، وجائعة.

على امتداد العقود الأخيرة، ظلت اليمن الوجهة الرئيسية للمهاجرين من دول القرن الأفريقي، وبوّابة تفضي إلى الأراضي السعودية، إذ إن استمرار النزاعات الأهلية وحالة الفقر في البلدان الأفريقية تدفع موجات متعاقبة ومستمرّة من المهاجرين لاجتياز ما عُرف بـ"طريق الشرق"، فعبر شبكات التهريب التي تمتد عبر الأراضي الصومالية والحدود الإثيوبية - الجيبوتية، ينتقل المهاجرون بحراً من الصومال إلى مدينة شبوة أو مدينة حضرموت شرقاً، أو غرباً إلى ميناء الحديدة على البحر الأحمر، هذا الواقع المأساوي أنتج مجالا نشطا اقتصادياً يتحرّك بين الحدود البحرية اليمنية - الأفريقية تديره شبكات التهريب العابرة للحدود ضمن اقتصاد التهريب والاتّجار بالبشر، مقابل مأساة يومية مستمرّة يعانيها المهاجرون الأفارقة من التخفّي في قوارب صيد في ظروف غير آدمية إلى المعاملة اللاإنسانية من المهرّبين، إلى الغرق في البحر، وأمام تدفّقات المهاجرين إلى اليمن، فإن السلطات اليمنية المتعاقبة، وإن ظلت قاصرةً في استيعاب جموعهم، ودمجهم مجتمعيا واقتصاديا، وأيضا ملاحقة شبكات عصابات التهريب، فإنها ظلّت السلطة السياسية المركزية المعنية بشؤون المهاجرين، وبمساعدة الجهات الأممية، وفرت لهم الحد الأدنى لهم من الإيواء في مخيّمات اللاجئين، وشكلا ما من الحماية، والاستقرار الاقتصادي النسبي قبل الحرب، جعلت بعض المهاجرين يفضّلون قسريا او اختياريا الاندماج في المجتمع والبحث عن فرص عمل، إلا أن حالة الحرب في اليمن، فاقمت أوضاع المهاجرين، فإلى جانب تجريدهم من الحماية، ومن ثم إهدار حقوقهم كمهاجرين، فإنهم أصبحوا عُرضةً لجرائم متنوعة من أطراف الحرب وشبكاتها سواء في أثناء مرور المهاجرين في الطرقات البرّية أو انتقالهم إلى وجهتم الأخيرة نحو الحدود اليمنية - السعودية.

تظهر تداعيات سقوط الدولة اليمنية المركزية في مأساة المهاجرين الأفارقة، فإلى جانب انتقال هذه المسؤولية إلى جهات دولية، فإن غياب سلطة مركزية تشرف على أراضيها البرّية أو البحرية أدّى إلى عدم رصد أعداد المهاجرين وحصر تدفقاتهم ومن ثم إشرافها على إيوائهم وتوفير الإغاثة والرعاية الصحّية، كما أن تحوّل سلطات الحرب نفسها إلى سلطات أمر واقع، ضاعف مأساتهم وإخضاعهم للعزل، وتحوّلهم إلى مجاميع غفل مجرّدة من أي حقوق اجتماعية أو اقتصادية، بما في ذلك أشكال الحماية، وحرمانهم من وسائل الإيواء والإغاثة والرعاية الصحية، ومن ثم تعرّضهم لجرائم عديدة، ففي حين يصل آلاف المهاجرين يوميا إلى السواحل اليمنية، إلى مدينة عدن، وشرقا إلى حضرموت وشبوة وغربا إلى مدينة الحديدة، بحيث تختلف محطّاتهم من صنعاء الخاضعة لجماعة الحوثي أو عبر البيضاء ثم صعدة في اتجاه الحدود، فإنهم يتعرّضون لجرائم وانتهاكات عديدة، من السجن من السلطات المحلية، إلى السرقة من العصابات، كما أن عدم وجود وسائل الإعاشة تجعلهم عرضة للموت جوعا.

ومع أن المهاجرين يلجأون أحيانا لأعمال منخفضة الأجر من الزراعة في المناطق الريفية إلى غسل السيارات في المدن لتأمين جزء من رحلتهم نحو الحدود السعودية، فإنهم قد يفشلون في العثور على العمل بسبب حاجز اللغة، وأيضا خوف السكّان المحليين منهم، وأحيانا يتعرّضون لأذى من هؤلاء، الى جانب قتل جماعة الحوثي عشرات من اللاجئين الإثيوبيين من إثنية الأورومو قبل ثلاث سنوات في صنعاء.
 

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: إلى جانب فی الیمن

إقرأ أيضاً:

التهريب والديون.. وجهان لأزمة تتفاقم بين المركز والإقليم

29 يناير، 2025

بغداد/المسلة: لا تزال أزمة تهريب النفط من إقليم كردستان تتصدر المشهد السياسي والاقتصادي في العراق، وسط تعقيدات متزايدة تعمّق الخلاف بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم.

وتؤكد  التقارير أن عمليات التهريب لا تزال مستمرة عبر قنوات غير رسمية، وهو ما يعني حرمان بغداد من موارد مالية ضخمة كان ينبغي أن تدخل إلى خزينة الدولة.

وتتجاوز الأزمة مسألة التهريب إلى طريقة إنفاق عائدات النفط المصدر بطرق غير قانونية، حيث تعتمد أربيل على تلك الإيرادات لسداد ديونها المتراكمة للشركات الأجنبية، في خطوة تعتبرها بغداد خرقًا واضحًا للاتفاقات المالية المبرمة بين الطرفين. فالحكومة الاتحادية ترى أن عائدات النفط المستخرج من أي بقعة عراقية هي أموال عامة يجب أن تخضع لرقابة الدولة، بينما تتعامل حكومة الإقليم معها كإيرادات خاصة تُستخدم لتغطية التزاماتها المالية بعيدًا عن سلطة بغداد.

ويرى عضو لجنة الاستثمار النيابية محمد الزيادي أن الحكومة الاتحادية تتحمل مسؤولية الحفاظ على المال العام ومنع الهدر، مشددًا على أن الإقليم جزء من الدولة العراقية، وأن الحكومة المركزية هي الجهة المخوّلة دستوريًا بإدارة الأموال العامة.

وفيما تسعى بغداد إلى تعديل قانون الموازنة كإجراء مؤقت لحل الأزمة، يؤكد الزيادي أن الديون المترتبة على الإقليم يجب أن تعود إلى الدولة، مشيرًا إلى أن السكوت عن هذه القضية أمر غير وارد.

وتتعلق إحدى النقاط الأكثر إثارة للجدل في هذا الملف بالديون المستحقة على إقليم كردستان نتيجة العقود التي أبرمتها حكومة الإقليم مع شركات نفطية أجنبية دون الرجوع إلى بغداد.

وتقدر المبالغ المتراكمة بمليارات الدولارات، لكن الحكومة الاتحادية ترفض تحمّل مسؤوليتها باعتبارها لم تكن طرفًا في تلك العقود.

وتحاول في المقابل، أربيل تقديم الأزمة في إطار سياسي، مصوّرة الأمر على أنه استهداف للشعب الكردي، بينما تؤكد الحكومة الاتحادية أن القضية تتعلق بالالتزام بالقوانين والشفافية المالية وليس بخلافات سياسية أو قومية. المحلل السياسي إبراهيم السراج يشير إلى أن الإقليم يسعى للحصول على حقوقه المالية دون الوفاء بالالتزامات المترتبة عليه، في وقت تعاني فيه المحافظات المنتجة للنفط من الفقر والتهميش.

ويرى السراج أن الحل يكمن في التزام الإقليم بالاتفاقات الموقعة مع بغداد، كما تلتزم الحكومة الاتحادية بصرف مستحقاته المالية، موضحًا أن أربيل مطالبة بتسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية التي تصل إلى أربعة تريليونات دينار وفق الاتفاقيات. لكنه يشير إلى أن حكومة الإقليم تحاول الاستفادة من الدعم الأمريكي والضغط الإعلامي بدلًا من البحث عن حلول واقعية للأزمة.

ويزيد استمرار تهريب النفط وغياب الالتزام بتسليم الإيرادات من تعقيد المشهد المالي والسياسي في العراق. وفي ظل هذه المعطيات، يبقى الحل الوحيد هو تطبيق القوانين النافذة وإيجاد آليات واضحة لضبط الموارد النفطية، بما يضمن تحقيق العدالة في توزيعها ويمنع أي جهة من الاستئثار بها خارج إطار الدولة.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • التوترات العسكرية تتصاعد في مأرب اليمنية ومؤشرات على عودة الحرب
  • تحرير مدينة أم روابة يُعتبر نصراً استراتيجياً باهراً في مسيرة الحرب الحالية
  • ضباط أمريكيون: المواجهة البحرية مع اليمن الأكثر تعقيدًا وخطورة منذ الحرب العالمية الثانية
  • ضباط أمريكيون: المعركة البحرية مع اليمن أكثر كثافة وخطورة منذ الحرب العالمية الثانية
  • ترامب يرحل المهاجرين بالسلاسل والأصفاد.. مغردون: أين حقوق الإنسان؟
  • من قلب المعاناة.. وثائقي الخرطوم يوثق رحلة خمسة سودانيين في ظل الحرب
  • لم يتركوها خلفهم.. حيوانات أليفة ترافق أصحابها في رحلة العودة لشمال غزة
  • عبدالسلام: سيبقى اليمن إلى جانب الحق الفلسطيني حتى التحرير الشامل
  • التهريب والديون.. وجهان لأزمة تتفاقم بين المركز والإقليم
  • سياسي أنصار الله: اليمن سيبقى الى جانب المقاومة وحقوق الشعب الفلسطيني