بسبب الخلافات البينية بين دول في "بريكس" وتنافسها على النفوذ العالمي وشراكة بعض هذه الدول الأمنية مع الولايات المتحدة، فإن توسيع المجموعة قبل أيام لا يمثل انتصارا للصين وروسيا، لكنه بمثابة طلقة تحذيرية للغرب كي ينهي سباته الاستراتيجي في دول "الجنوب العالمي".

تلك القراءة قدمها الباحث سي. راجا موهان، في تحليل بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية (Foreign Policy) ترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى أن منتدى "بريكس"، الذي يضم 5 اقتصادات ناشئة كبرى هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، أعلن عن توسيع التكتل بـ6 أعضاء جدد.

ففي ختام قمة "بريكس" بجوهانسبرج، في 24 أغسطس/ آب الجاري، دعت المجموعة  السعودية والإمارات ومصر وإيران وإثيوبيا والأرجنتين للانضمام إليها بداية من مطلع يناير/ كانون الثاني المقبل.

واعتبر موهان أن "توسيع بريكس لا يبشر بصعود نظام عالمي ما بعد الغرب، ولا يمثل انتصارا كبيرا للصين وروسيا ومحاولاتهما لبناء كتلة مناهضة للغرب بين دول الجنوب العالمي، أو أن بريكس هي جوهر حركة عدم الانحياز الجديدة".

وقال إن "توسيع قائمة الأعضاء لا يحول بريكس إلى كتلة قوية، بل إن هذا التوسع من شأنه أن يقوض التماسك الضئيل بين دول المجموعة قبل التوسع، فالمواجهة الجيوسياسية المتنامية بين الصين والهند تلقي بظلالها بالفعل على المجموعة وأي محاولة لإنشاء أجندة متماسكة".

و"ومع الأعضاء الجدد تأتي صراعات جديدة، فمصر وإثيوبيا على خلاف حاد حول مياه نهر النيل، والسعودية وإيران عدوان إقليميان على الرغم من محاولتهما بوساطة بكين تحقيق السلام. وستزيد خطوط الصدع هذه وغيرها من صعوبة تحويل الوزن الاقتصادي المشترك لدول بريكس إلى قوة سياسية مؤثرة في الشؤون العالمية"، كما أردف موهان.

وأضاف: "أولئك الذين يعتقدون أن بريكس حركة عدم انحياز جديدة هم على حق عن غير قصد في جانب واحد، وهو أنها ستكون مجموعة غير فعالة،؟ ولن تحول الخطابة الصاخبة حول القضايا العالمية إلى نتائج ملموسة وعملية".

اقرأ أيضاً

الإمارات: الانضمام إلى بريكس لن يضر بعلاقاتنا مع الغرب

شراكة مع واشنطن

كما أن "مصر والسعودية والإمارات هم شركاء أمنيون وثيقون للولايات المتحدة، وحتى لو كانت لديهم خلافاتهم مع واشنطن، فمن غير المرجح أن يتخلوا عن الضمانات الأمنية الأمريكية مقابل وعود صينية غير مختبرة"، كما أضاف موهان.

وتابع: "في خطابه أمام قمة جوهانسبرج، دعا الرئيس الصيني شي جين بينج دول بريكس إلى "ممارسة التعددية الحقيقية" و"رفض محاولة إنشاء دوائر صغيرة أو كتل حصرية".

وأردف: "حسنا، أصبحت الهند بالفعل جزءا من اثنتين من "دائرتين صغيرتين"، الأولى هي الحوار الأمني الرباعي مع أستراليا واليابان والولايات المتحدة؛ والأخرى هي منتدى يجمع الهند مع إسرائيل والإمارات والولايات المتحدة. وفي جوهانسبرج، دعا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى إنشاء "سلاسل توريد مرنة وشاملة"، وهو تعبير ملطف واضح للحد من الاعتماد الاقتصادي على الصين".

موهان رأى أن "التنافس بين دول بريكس على النفوذ العالمي ربما يكون أكثر أهمية بالنسبة للمجموعة من مصلحتها المشتركة المفترضة في مواجهة الغرب، وبدلا من تشكيل مسرح جديد للتنافس مع الغرب، فإن منتدى بريكس سيكون مسرحا للتنافس في حد ذاته".

وزاد بأن "هذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها روسيا والصين الترويج لتحالف مناهض للغرب، والتاريخ يخبرنا أن موسكو وبكين تبالغان في تقدير احتمالات توحيد المجتمعات غير الغربية ضد الغرب".

اقرأ أيضاً

توسيع "بريكس" بـ6 أعضاء بينهم 3 دول عربية.. ماذا يعني؟

إشراك الجنوب العالمي

لكن إعلان توسع "بريكس"، بحسب موهان، "يخبر الغرب بأنه يجب عدم اعتبار (نفوذه في دول) الجنوب العالمي أمرا مفروغا منه، بل يجب على صناع القرار الغربيين أن يشركوا نخب جنوب العالمي ويجدون طرقا أفضل لإعادة إشراك الدول النامية".

وأضاف أن "أعظم التهديدات التي يواجهها الغرب الحديث من العالم غير الغربي جاءت مع صعود النزعة القومية في آسيا وأفريقيا، إذ ساعد إنهاء الاستعمار (الغربي) والمنافسة مع الكتلة الشيوعية لكسب الأصدقاء في الجنوب العالمي الغرب على استعادة الأرض".

واستدرك: "لكن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في 1991، سرعان ما تم نسيان الدروس المستفادة من الحرب الباردة (1947-1991)، وتحول الغرب إلى السخرية من الجنوب العالمي وتوبيخه، وهنا تدخلت الصين وروسيا، مستغلتين الاستياء المناهض للغرب في الجنوب العالمي".

وللحفاظ على "تفوقه العالمي"، دعا موهان الغرب إلى أن "ينزل من القاعدة العالية التي وضعت نفسها عليها منذ نهاية الحرب الباردة، وأن يتصارع في الوحل مع التحدي الصيني والروسي".

وتابع أن "الغرب نجح في التغلب على التحديات التي واجهت تفوقه العالمي خلال مرحلة طويلة من المنافسة بين القوى العظمى، عندما وجد طرقا أكثر تعاونا لإشراك النخب غير الغربية، وهو ما يمكن فعله الآن. وقد يكون توسع بريكس فاشلا، لكنه بمثابة طلقة تحذيرية مفادها أنه يتعين على الغرب إنهاء سباته الاستراتيجي في الجنوب العالمي".

اقرأ أيضاً

بريكس أصبحت بحجم فريق كرة قدم.. 8 خبراء بالمجلس الأطلسي يحللون المشهد

 

المصدر | سي. راجا موهان/ فورين بوليسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: بريكس توسيع أعضاء جدد الصين روسيا الغرب الجنوب العالمی بین دول

إقرأ أيضاً:

أميركا وروسيا تستأنفان الحوار.. وترامب وبوتين يلتقيان «قريباً»

عبدالله أبوضيف وشعبان بلال (القاهرة) 

أخبار ذات صلة أبوظبي تستضيف «القمة العلمية» الثانية بين الإمارات وروسيا جمال السويدي: استشراف دور الذكاء الاصطناعي في الإعلام الأزمة الأوكرانية تابع التغطية كاملة

أكّد الكرملين، أمس، أنه قرر مع واشنطن استئناف الحوار في «كل المجالات» وسط تقارب دبلوماسي بين روسيا والولايات المتحدة بشأن تسوية النزاع في أوكرانيا، فيما أكدت واشنطن وموسكو أن اللقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قد يكون قبل نهاية الشهر الجاري. 
وأوضح الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، خلال مؤتمر صحافي: «اتُخذ القرار بالمضي قدماً في استئناف الحوار الروسي الأميركي في كل المجالات».
وجاء ردّه في سياق إجابته على سؤال حول احتمال حصول عملية تبادل أسرى جديدة بين موسكو وواشنطن، وقال بيسكوف «هذا الموضوع مدرج في جدول أعمال علاقاتنا الثنائية، ولا يمكن استبعاده»، مضيفاً أن المحادثات الأميركية الروسية في الرياض ساهمت في التقارب العام بين الولايات المتحدة وروسيا.
وقال الناطق باسم الكرملين، إن اللقاء المحتمل بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترامب قد يعقد قبل نهاية فبراير الجاري، فيما أشار ترامب عند سؤاله من أحد الصحفيين عن إمكانية لقاء بوتين، إلى أنه قد يكون قبل نهاية الشهر.
وقال بوتين: «مستعد بكل سرور للقاء ترامب ولكن بعد التحضير المناسب»، مضيفاً، قبل الاجتماع مع ترامب نحتاج إلى إعداد الأسئلة للوصول إلى حلول مقبولة للطرفين بما في ذلك بشأن أوكرانيا. وتابع قائلاً إن أوكرانيا لن تُستبعد من مفاوضات تستهدف إنهاء الصراع لكن نجاح ذلك يتوقف على زيادة مستوى الثقة بين موسكو وواشنطن.
وفي العودة إلى موضوع النزاع في أوكرانيا، قال بيسكوف إن الكرملين «يتفق تماماً» مع موقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن ضرورة وضع حد سريع للنزاع غداة انتقادات متبادلة بين كييف وواشنطن.
وقال: «يتحدثون عن ضرورة إحلال السلام في أسرع وقت ممكن والقيام بذلك عبر التفاوض. وقد لاحظنا أيضاً أن هذا الموقف مؤاتٍ لنا أكثر من موقف الإدارة السابقة، ونحن نتفق كلياً مع الإدارة الأميركية الحالية».
وقال الخبير الروسي، الأستاذ بمعهد الاستشراق بمدرسة الاقتصاد العليا الروسية، الدكتور رامي القليوبي، إن هذه المحادثات لها أهمية رمزية باعتبارها أول لقاء روسي أميركي على هذا المستوى قبل بدء الأزمة الروسية الأوكرانية قبل 3 سنوات. 
وأضاف، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن هذه المباحثات تعكس أن الجانبين الروسي والأميركي جاهزان للحوار وأن واشنطن مستعدة لتقديم نوع من الحلول الوسط والضمانات لروسيا حتى تنتهي المرحلة الساخنة من الحرب في أوكرانيا، على عكس الإدارة الأميركية السابقة.
وقالت إيرينا تسوكرمان، خبيرة الأمن القومي الأميركية، إن المحادثات الأخيرة بين المسؤولين الأميركيين والروس في الرياض تركز على إيجاد تسوية للصراع في أوكرانيا، لكنها تجري دون مشاركة أوكرانيا أو حلفائها الأوروبيين، ما يثير قلقاً دولياً واسعاً بشأن تداعيات هذه الخطوة على مستقبل المنطقة. وأوضحت، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن التقارير تفيد بتبني الرئيس ترامب روايات تتماشى مع وجهات النظر الروسية، حيث ألقى باللوم على أوكرانيا في اندلاع الصراع ووجه انتقادات مباشرة للرئيس زيلينسكي. 
وحذرت تسوكرمان من أن استبعاد أوكرانيا من هذه المناقشات قد ينعكس سلباً على نتائجها، مشيرة إلى أن اختيار الرياض لاستضافة هذه المحادثات يعكس تحولات أوسع في المشهد الدبلوماسي الدولي، حيث تعزز السعودية دورها كوسيط رئيسي في الأزمات العالمية بعد نجاحها في إدارة مفاوضات بين روسيا وأوكرانيا.
ومن جانبه، وصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن الأميركية، نبيل ميخائيل، المباحثات الأميركية الروسية في السعودية بأنها مهمة، مؤكداً أنها تمهد الطريق للقاء القمة المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي بوتين. 
وأضاف، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الطرفين الأميركي والروسي كانا على اتفاق بشأن عقد القمة بين الرئيسين، والتي ستناقش نقاطاً محورية مهمة، على رأسها النزاع في أوكرانيا، والحرب التجارية، ومسألة انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، وغيرها من القضايا الأخرى.
وتابع أستاذ العلوم السياسية أن أوكرانيا بعدم استجابتها لهذه النداءات للتفاوض مع روسيا ستكون هي الخاسرة في المقام الأول.
وصف فاديم كزلين، الباحث في الشؤون السياسية الروسي، الاجتماع في الرياض بأنه تجاوز كل التوقعات في روسيا، وهو ما انعكس بوضوح في ارتفاع سوق الأسهم الروسية وتحسن قيمة الروبل بشكل ملحوظ، مشيراً إلى أن هناك انفراجة واضحة في العلاقات بين موسكو وواشنطن، وقد يكون هذا مجرد بداية لمزيد من التطورات الإيجابية.
وأكد المحلل السياسي الروسي، تيمور دويدار، أن هذه المباحثات تمثل إعادة ترميم للعلاقات الروسية الأميركية التي شهدت توتراً لسنوات عديدة، مضيفاً أنها تحضير لمفاهيم تخص رؤى الجانبين حول التجارة الدولية والسياسة العالمية والأوضاع في الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا. 
وأوضح لـ«الاتحاد»، أنه يجب أن تُطرح على الطاولة هذه الرؤى من الجانبين تحضيراً للقاء القمة بين الرئيسين الروسي والأميركي، لافتاً إلى أن المباحثات لا تنحصر حول النزاع، لكنها نظرة شاملة حيث ثمة تفعيل خطط محددة على كل النقاط التي سوف يتم التحاور حولها.

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال يعلن توسيع عمليته العسكرية في شمالي الضفة الغربية
  • الغرب وروسيا.. إلى أين تتجه السياسة الخارجية للشرع؟
  • خبير اقتصادي: مصر أصبح لديها شبكة كبيرة من العلاقات التجارية أهمها الانضمام لـ«بريكس»
  • إعادة العولمة.. طريق جديد للتجارة والاقتصاد العالمي
  • «ترامب» يتغنّى بكلمة «الرسوم الجمركية» ويهدد دول «بريكس»!
  • ترامب: هددت دول “بريكس” بفرض رسوم جمركية بنسبة 150% إذا حاولت تدمير الدولار
  • مركز الأرصاد: حالة جوية متقلبة مع رياح نشطة وأمطار خفيفة على مناطق الغرب والشمال الشرقي
  • شاهد | التسليم السابع.. انتصار آخر لمقاومة غزة
  • أميركا وروسيا تستأنفان الحوار.. وترامب وبوتين يلتقيان «قريباً»
  • الأخضر تحت 20 عامًا يعاود تدريباته استعداداً للصين