قبل حسم اختياره.. قضية لامين جمال تثير نقاشا ساخنا وتقسم آراء مغاربة بين مؤيد ومعارض
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
أخبارنا المغربية - عبدالاله بوسحابة
بعيدا عن الانفعالات العاطفية، والدعوات المغربية العديدة التي توصل بها نجم برشلونة الواعد "لامين جمال" من أجل تمثيل منتخب بلد والده، سيما بعد أن سطع نجمه عاليا وهو في سن صغيرة، اعتبرت أصوات أخرى أن من حق نجم "البارصا" الجديد أن يختار بحرية هوية المنتخب الذي سيمثله مستقبلا.
ذات الأصوات شددت على أن اختيار "لامين" اللعب بقميص "لاروخا"، سيكون بمثابة رد للجميل وعرفان بالمعروف الذي أسدته إليه إسبانيا، مشيرة إلى أنه من حق الجارة الشمالية جني ثمار سنوات من التكوين الذي استفاد من "جمال" في مدرسة "لا ماسيا"، وهذا أمر مشروع، كما لا يحق لأحد أن ينكر على "جمال" اختبار حمل قميص المنتخب الإسباني.
في مقابل ذلك، يعتقد البعض الآخر من المهتمين بالموضوع، أن "لامين" مطالب بضرورة تلبية نداء القلب والوطن، أسوة بعدد كبير من مشاهير الكرة في العالم الذين اختاروا اللعب لبلدانهم الأصلية، ورفضوا كل الإغراءات أو كما تصدوا بكل بسالة لكل الضغوطات التي مورست عليهم من قبل أنديتهم وبلدان إقامتهم في أوروبا..
وبين الموقفين سالفي الذكر، يرى عدد آخر من المتابعين أن المسؤولين عن الكرة بجامعة "لقجع" باتوا اليوم مطالبين بضرورة خلق مشاتل حقيقية لتكوين اللاعبين، على غرار مركز محمد السادس، عوض انتظار ما ستجود به عليا القارة العجوز من مواهب، مشددين على حتمية العناية والاهتمام بالفئات الصغرى، كإجراء من شأنه صناعة خلف بمواصفات احترافية.
وتساءل ذات المهتمين عن الأسباب الحقيقية التي تقف حاجزا في طريق تخريج عشرات المواهب الكروية سنويا، من نفس قيمة "لامين جمال" وغيره من المواهب المغربية التي تبصم اليوم على مستويات عالية بالملاعب الأوروبية، مؤكدين أن البلد الذي كون "بونو" و "النصيري" و "أكرد" و "أوناحي"... وغيرهم، بوسعه أن يصنع نجوما أكثر وأكثر، شريطة العمل بالجدية اللازمة، حتى لا نضطر في كل مرة إلى انتظار "ثمار أوروبا"، وإلا لا داعي لكل الأموال الضخمة التي تصرف على بطولة "عقيمة" فشلت منذ سنوات طوال في تزويد المنتخب الوطني بلاعبين في مستوى التحديات.
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
آراء في وداع عام 2024
إذا سألنا المبتكرين ورواد الأعمال العلمية، وقادة الصناعة والقطاعات الإنتاجية عن أهم الدروس في عام 2024م، فإن الإجابات كثيرة، ولكن هناك محورا واحدا تجتمع حوله كل الآراء؛ وهو التحول الجذري في مناهج قيادة الابتكار، ففي العمق ساعد الذكاء الاصطناعي على دفع عجلة الابتكار التكنولوجي، وعلى مستوى التوجيه ظهرت مدارس فكرية جديدة أحدثت تغييرا شاملا في المفاهيم والفلسفات، ومن أبرزها التجديد الواسع في استراتيجيات الابتكار في شركات التكنولوجيا كثيفة المعرفة، والتي قدمت لمجتمعات الممارسة توجهات مغايرة لما سبقتها، ما أتاح العديد من الفرص أمام الشركات العلمية؛ فما أهم الأفكار التي تحتاجها هذه الشركات في عام 2025م وما بعدها من أجل تطوير ثقافات وممارسات «صديقة للابتكار»؟
تعالوا في البداية ننظر إلى قيادة الابتكار بالعدسة المكبرة، فهذا المصطلح لا يعبر عن الصورة الذهنية النمطية للرؤساء التنفيذيين الذين يتحدثون عن إنجازات شركاتهم في وسائل الإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعي، في المقابل؛ قادة الابتكار هم مجموعة العقول والخبرات والمعرفة والحكمة التي تعمل معا في مجال ابتكاري لتحقيق الاستدامة في التنافسية، وهي تشتمل في الأساس على 5 أبعاد وهي: الرؤية، والهدف المشترك، والتمكين، والانفتاح، والتشاركية في صنع القرار، وتؤدي القيادة الابتكارية داخل المجموعات البحثية والابتكارية أو في الشركات الناشئة دورًا محوريًا في تحقيق الميزة التنافسية، وضمان البقاء في مشهد الأعمال، فقيادة الابتكار تتطلب الاستعداد الكامل للتعامل مع مخاطر الابتكار التكنولوجي، وذلك وفق رؤية شمولية مدركة بأن جهود البحث والتطوير لا تكلل دوما بالنجاح، ومع ذلك لا بد من مواصلة تحفيز الفرق التنفيذية على الاستمرار في التطوير والتعلم من كل تجربة، لأن الطلب على الابتكار مدفوع بمتغيرات معقدة، ولا تقتصر على تحقيق التقدم التكنولوجي وحسب، ولكن هناك منطلقات اقتصادية واجتماعية وثقافية تحتم متابعة اكتشاف الفرص الاستراتيجية، والوصول إلى شتى أنواع المكاسب الآنية والمستقبلية، وهذا ما أكسب أنماط ومناهج قيادة الابتكار أهمية كبيرة في سياق تقنيات ومفاهيم عصرنا الرقمي.
ومن باب الشيء بالشيء يُذكر، فقد أطلقت مؤخرا شركة سيمنز (Siemens) استراتيجيتها للابتكار، وقدمت نموذجا متفردا وغير مسبوق في التعامل مع التنافس التكنولوجي، هذه الشركة هي إحدى عمالقة الصناعة القائمة على الابتكار والتكنولوجيا في أوروبا، وتعد من أقدم وأعرق الشركات الناشئة العلمية، فقد تأسست في عام 1847م، وهي من قامت ببناء أول خط تلغراف يغطي مسافات شاسعة في قارة أوروبا، ويشمل خط إنتاجها الحالي طيفا واسعا من الصناعات المتقدمة بفضل الأتمتة الصناعية، بدءا من الأدوات الكهربائية، والمعدات الطبية، إلى البنى الأساسية للنقل المستدام، والطاقات المتجددة، وبقراءة استراتيجية الشركة للابتكار فإنه يمكن استخلاص أهم ركائزها التي تتمحور حول توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لتسريع دورة الابتكار من جهة وتقليل تكلفة مدخلاتها، وكذلك إعادة تعريف المنافسة حسب متطلبات التكامل والتعاون، وقد وضعت الاستراتيجية توجهات واضحة نحو التغيير في خطط التميز وبناء التنافسية لمنتجاتها، وبدأت شركة سيمنز التي يبلغ عمرها 177 عاما من فتح قنوات التعاون والشراكة مع الشركات الناشئة، وقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة من مبدأ تقاسم المنافع، و«البقاء في المقدمة معا».
وهذا النهج المستحدث في قيادة الابتكار يطرح فكرا عصريا للتعامل مع المنافسين والجهات التي تقوم بأنشطة ابتكارية مشابهة، وهي تُعد بالنسبة إلى المفكرين والمنظرين نقطة تحول ذات عمق، ففي الوقت الذي تضمنت الأدبيات مسارات بحثية كاملة في تحقيق التميز، والتفوق على المنافسين، وإدارة السمعة ذات البصمة المتفردة، جاءت أصوات تنادي بأهمية التكامل والابتعاد عن ما يعرف بالتفوق الكامل، أو «مشهد الرجل الواحد»، فبعد أن أصبحت دورات الابتكار أقصر، أصبح لزاما مواكبة سرعة التطورات بإسناد أجزاء من مراحل الابتكار إلى جهات أخرى في سلسلة القيمة الابتكارية، وعلى سبيل المثال، فإن استراتيجية شركة سيمنس قد وضعت برنامجا لدعم الشركات الناشئة (Siemens for Start-Ups)، والذي يُعنى بتوفير مسارات مجانية لإطلاق واحتضان الأفكار الابتكارية لهذه الشركات والتي تلبي احتياجات شركة سيمنز، ومن ثم اختبار المنتجات داخليًا، وبمجرد نجاح المنتج تقوم سيمنز بدعم الشركات الناشئة عن طريق التشبيك مع الفاعلين في سلسلة القيمة، والشركاء في الحصة السوقية، والاستفادة الحقيقية لشركة سيمنز تكمن في جلب أفكار جديدة كليا للتعامل مع تحدياتها، فالشركات الناشئة تضم العديد من العقول الشابة التي تنظر إلى المشكلات من زوايا متعددة تماما عن موظفي شركة سيمنز، وهذا هو مصدر الاستدامة في ابتكارات الشركة، وعندما سُئل المسؤولون في الشركة عن هذا النهج الجديد في قيادة الابتكار، وعما إذا كان لديهم الوعي الكافي بأنه وأثناء تحقيق هدفهم المتمثل في دعم استدامة الابتكار داخلياً يمكنهم بطريقة غير مباشرة تعزيز بناء منافسيهم المستقبليين، جاءت ردود المسؤولين على درجة عالية من الثقة، إذا أفادوا بأن المنافسة بطبيعتها نسبية، ففي بعض الأحيان تتقاطع المسارات بالتنافس، والمنافسون أنفسهم يمكن أن يصبحوا شركاء داعمين في سياق أعمال أخرى، ولذلك فإن إزاحة التركيز عن التنافس، والتركيز على الاستفادة من الموارد والإمكانات المتوفرة لدى الآخرين لدعم الابتكار هو بالأساس ممارسة «صديقة للابتكار».
إن التحولات الكبيرة في الابتكارات العلمية والتكنولوجية والتي حدثت عام 2024م تفرض على المجتمع العلمي والفاعلين في منظومات الابتكار أهمية البحث عن مناهج فكرية حديثة تدعم قيادة الابتكار، وتتماشى مع عصر التوأمة الرقمية، فكما بدأت شركات الابتكار العملاقة بإعادة النظر في مفاهيم التنافس والتكامل، كذلك يجب التفكير بعمق في القناعات الراسخة فيما يتعلق بأنماط قيادة الابتكار، إذ لا يمكن الوصول إلى هذه المرحلة سوى بالتوقف عن الاتباع المطلق للمنهجيات التقليدية التي أثبتت نجاحات سابقة باعتبارها المرجعية الأكثر ضمانا للنجاح، بل يتطلب واقع الابتكار الإدراك الواعي بأن المسافة إلى الإبداع تكون أقصر كلما بدأت المنظومة في توظيف تغييرات صغيرة و«صديقة للابتكار»، والتي يمكن أن يتضخم أثرها لتدعم التحولات المنشودة في المستقبل، وأهم الدروس التي جاء بها هذا العام هو أن التفكير بشكل مختلف هو قيمة في حد ذاته.