جهود للإصلاح وعوامل التغيير .. مقتطفات من مقالات كبار كتاب الصحف
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
سلَّط كبار كُتَّاب الصحف المصرية، الصادرة اليوم الأربعاء، الضوء على عدد من الموضوعات التي تهم المواطن المصري والعربي.
فتحت عنوان (البرهان في مصر) قال الكاتب عبدالمحسن سلامة في مقاله بصحيفة الأهرام إن الخروج الأول للفريق أول عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، منذ أزمة 15 أبريل في السودان، إلى مصر- هو حدث له دلالة، ومعنى، ورمزية فيما يخص العلاقات المصرية- السودانية الوطيدة، والتاريخية، والمستقبلية.
وأضاف: "منذ احتفالات الجيش السوداني بيومه الوطني، وظهوره بالزي الرسمي، وإلقائه كلمة للشعب السوداني- خرج البرهان من مقره السري في جولات بولايات السودان المختلفة، لأول مرة منذ اندلاع الأزمة السودانية، وزار المصابين في المستشفيات، والتقى المواطنين، ثم غادر السودان في أول زيارة خارجية له إلى مصر.. لم تغب السودان عن أجندة مصر السياسية منذ اندلاع الأزمة، وبذلت الدولة المصرية جهودا حثيثة لوقف نزيف الدم السوداني، وجرت مشاورات مكثفة بين الرئيس عبدالفتاح السيسي، على المستوى الثنائي، مع العديد من الأطراف الإقليمية، والعالمية، ثم كانت الدعوة الأبرز والأهم للرئيس في هذا الملف لقمة دول الجوار التي عُقدت في القاهرة، والتي أكدت دعم وحدة، وسيادة السودان، وضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، مع الوقف الفوري، والشامل، والمستدام لإطلاق النار".
وأشار سلامة إلى أنه كان من نتائج قمة دول الجوار وضع آلية لتنفيذ مقررات القمة، وعقد اجتماعاتها بشكل دوري في دولة من دول الجوار، وقد حضر وزير الخارجية سامح شكري اجتماعها الأول في تشاد.
واختتم بالقول:"أعتقد أن مخرجات قمة دول الجوار لاتزال هي الأفضل للخروج من المأزق الحالي في السودان، وربما تكون زيارة البرهان لمصر في هذا التوقيت بداية انفراجة في ملف الأزمة السودانية بعد أن بلغت المأساة ذروتها هناك".
جهود للإصلاح وعوامل التغيير على جميع المحاوروفي مقاله “بدون تردد” بصحيفة "الأخبار" وتحت عنوان (قراءة للواقع) قال الكاتب الصحفي محمد بركات "القراءة المتأنية للواقع الجاري على الأراضي المصرية الآن وطوال السنوات التسع الماضية، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك ما تموج به البلاد من جهود للإصلاح وعوامل التغيير على جميع المحاور، للنهوض بالدولة والسير بها على طريق المستقبل الأفضل بإذن الله.
وأضاف: "وما نشاهده ونلمسه على أرض الواقع يؤكد هذه الحقيقة بصورة لا يمكن تجاهلها أو إنكارها، في ظل الحجم الكبير من الإنجاز الضخم للمشروعات القومية العملاقة، التي تم وجرى تنفيذها بطول البلاد وعرضها.. هذه المشروعات نراها ونتابعها في كل مكان من أرض مصر، سواء في الدلتا أو الصعيد الذي يعد مهمشاً، بل في قلب وجوهر خطط التنمية الشاملة، كما أصبحت هذه المشروعات قائمة ومنتشرة في سيناء والبحر الأحمر والساحل الشمالي والصحراء الغربية ومنطقة القناة، وغيرها وغيرها من المحافظات والمناطق الممتدة من أسوان وحتى الإسكندرية، ومن سيناء وحتى السلوم".
وأكد الكاتب أن المتابع لكل ما جرى ويجري على الأراضي المصرية طوال التسع سنوات الماضية، يدرك الجهد الهائل الذي تم ويتم على كل الأصعدة، والذي يسعى في أساسه إلى النهوض بمقومات الحياة الإنسانية الكريمة لكل المواطنين في كل مكان على أرض الوطن، دون استثناء أو تفرقة بين المدن والقرى.
وتابع بركات:" إذا ما أردنا أمثلة على حجم الإنجاز، فيكفي الإشارة إلى ما تحقق من مشروعات الطاقة والكهرباء والإسكان والمياه والصرف الصحي، وإنشاء الشبكة الضخمة من الطرق والكباري والموانئ والسكك الحديدية لربط كل أنحاء مصر ومواقع الإنتاج والتوزيع.. فإذا ما أضفنا إلى ذلك الجهد الهائل الذي بذل ويبذل للقضاء على العشوائيات والنهوض بالتعليم والصحة، وما يجري من تطوير وتحديث في كل قرى مصر، لتوفير الحياة الكريمة لما يزيد على 58 مليونا من أهلنا في الريف.. تكون الصورة أقرب إلى الأبعاد الحقيقية للتغيير الجاري في مصر.. كل ذلك وغيره كثير مما جرى ويجرى على الأراضي المصرية، يتم في إطار رؤية متكاملة وخطط واضح المعالم لتحقيق نقلة إيجابية نحو بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة والقوية".
وفي عموده "في الصميم" بصحيفة "الأخبار"، قال الكاتب جلال عارف إنه مازال الموقف الأثيوبي في قضية سد النهضة يراوح مكانه.. ومع ذلك فإن مصر ماضية في جهودها من أجل الحل الذي يحقق مصالح كل الأطراف. وستمضى مع السودان الشقيق إلى جولة قادمة من التفاوض تعقد في أديس أبابا وهما أكثر تصميماً على الحل المطلوب لمصلحة الدول الثلاث، وأشد تمسكاً بالمطلب العادل الذي لا تنازل عنه وهو الاتفاق القانوني الملزم الذي يحافظ على الحقوق التاريخية ويمنح أثيوبيا الفرصة الطبيعية لتحقيق التنمية ولا يمس بنصيب مصر والسودان من مياه النيل التي تمثل «بالنسبة لمصر» شريان الحياة بكل ما تعنيه الكلمة.
وأشار عارف إلى أن مصر قدمت تصوراتها، في الجولة الأولى من التفاوض بعد استئناف المباحثات، لحل المشاكل المعلقة بما يضمن مصالح كل الأطراف، بينما ظل الموقف الأثيوبي على حاله وهو ما واجهته مصر بالموقف الثابت الذي لا يقبل المساس بالحقوق المصرية، ويؤكد على أن الاتفاق المطلوب لابد أن يشمل قضايا تشغيل السد والتصرف العادل في سنوات الجفاف وطريقة التحكيم في أي خلافات تطرأ، وأن يكون كل ذلك ثابتاً في اتفاق قانوني ملزم لا يترك مجالاً للتسويف أو المراوغة.
وأكد الكاتب أن مصر مازالت تتعامل بكل مرونة وتقدم الحلول التي تحفظ مصالح الجميع، مع ثبات موقفها في الحفاظ على حقوقها المشروعة والتاريخية. ولعل الموقف الأثيوبي في الجولة القادمة بعد أسبوعين يكون أكثر تفهماً للحقيقة الأساسية وهى: أنه لا بديل عن التوافق، ولا مصلحة لأثيوبيا في إفشال التفاوض، ولا حل إلا بإقرار الحقوق المشروعة والتاريخية لمصر والسودان والحفاظ على حقوقهما في مياه النيل، وفتح الباب أمام شراكة حقيقية بين الدول الثلاث تحقق مصالح الجميع.
واختتم جلال عارف مقاله قائلا "نرجو أن نرى في الجولة القادمة من المباحثات موقفاً إيجابياً من أثيوبيا يعبر عن الجدية في التوصل للتوافق المطلوب، ويدرك أن مصالح أثيوبيا لا يمكن أن تتحقق على حساب مصر والسودان، وأن المصير مشترك، والنيل لا يمكن أن يكون إلا ساحة للتعاون والخير لكل شعوبه".
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
عندما يرسم الكاتب
القصيدة وعاء والشعر سائل... هذا ما وصلت إليه إليسا جابرت في مقالتها (شكل الفراغ- نحو تعريف للشعر)، تبدو الفكرة جذابة لدرجة الجزم بصحتها باعتبار الشعر كيانا أثيريا لا يقتصر تواجده على القصائد والنصوص الشعرية بل يتجاوزه ليتخلل القصص والروايات ويمتد ليشمل اللوحات والمنحوتات والعوالم الفنية تشكيلية مسرحية وسينمائية، ويمكن أيضا تلمس النفس الشعري حتى في التفاصيل اليومية الصغيرة، وبالقياس يمكن اعتبار تمايل الشّجرة وهجرة الطيور وعلاقة الموج بالشّواطئ كلها شعرا خالصا، فكأنّ الشّعر وجدانيات كثيفة وروحانيات صوفيّة مرهفة تعتمر الرّوح وتقدم نفسها بين أيدينا على شكل مفردات أو خطوط وألوان، رقصاً أو نغمات وموسيقى.
وهذا إذن السبب الرئيس وراء تمازج الفنون، حيث يندر أن نجد أديبا لم يحاول الرسم أو يقارب الغوص في عالم اللون، وبالمقابل تستهوي الرسام الكلمات وقد يقع في شرك الكتابة، العزف أيضا مجال عريض الأبواب للدخول ومحاولة إحلال العلامات الموسيقية مكان الأحرف المكتوبة لدى الأصابع، معظم هذه المحاولات تكون خاصة لا يطلع عليهم سوى دائرة ضيقة من المقربين، بينما تكون علنية عند آخرين، مما لا يجدون ضيرا في عرض نتاجهم.
سنسترق النّظر هنا لنشاهد تجارب عدد من الكتّاب الذين لم تكن علاقتهم بالفن علاقة سرية، بل رسموا بالتوازي مع عملهم الكتابي وعرضوا نتاجهم بمعارض فنية أو عبر صفحاتهم على وسائل التّواصل الاجتماعي، وقد استخدمت مصطلح ـ استراق النظر ـ عن قصد لأن السمات العامة لمحاولات الكاتب أن يقترب من عالم الفن كانت تتسم بخجل ووجل طفوليين أجبرت بعض الكتاب على محاولة إخفاء إنتاجهم الفني ولعل أشهرهم كان كافكا الذي خبأ رسوماته عن الأنظار، يقول جوستاف يا نوخ في كتابه «حوارات مع كافكا» إنّه حين شاهد كافكا يرسم، أخفى الرسومات عنه، لكنه سمح لجوستاف برؤيتها فيما بعد، وأضاف: «هذه الرسومات ليست بريئة كما تبدو لأول وهلة. إنها بقايا رغبة قديمة وعميقة» فكأنها ما ترسب في الأنا ولم تستطع الكتابة إخراجها، تقنيا كانت هذه الرسوم بسيطة بالحبر الأسود ذاته الذي كان يكتب به كافكا قصصه ورواياته لكن تكثيفها ورشاقة خطوطها هما سمتاها المميزتان، وكأن هذه الرسومات امتداد لما يكتبه من أدب، ويذكر الناقد الفني فيليب هارتغان أن هذه الحركات السريعة والتعبيرات البسيطة تحوي الكثير من الاقتصاد في الرسم يمكن للرسامين التعلّم منه. الخطوط هنا تعكس ثقةً وقوة لم تكونا واضحتين في شخصية كافكا، وكالعادة النتاج الفني يفضح بعض التّفاصيل الدّاخلية العميقة والتي ربما حتى الفنان نفسه لا يعرفها عن نفسه، حجمها الصغير يشي بخوف وحياء من تجربة الرّسم، وذاك ليس غريبا على فرانز كافكا الذي كان يتأخر بنشر نتاجه الأدبي، حتى أن أشهر أعماله (المسخ) انتهى من كتابتها في 1912 ولم تنشر إلا بعد 1915.
أما رامبو الشّاعر الفرنسي المغامر الذي لجأ للرمز والسريالية في شعره فقد رسم أيضا مجموعة من اللوحات رافقت أسفاره ورحلاته لمدن كثيرة، وكانت لوحاته مائية هادئة المزاج خلافا لشعره الذي شكّل انقلابا في الشعر الفرنسي، فكانت تمثّل السكون الذي يربض خلف غضبه وثورته المستمرة، وقد تكون مطالعة شعر رامبو مع مشاهدات لوحاته فسحة جديدة تزيد من عمق الشعر وتقدم مسارات لقراءة شعرية أكثر غنى.
بالطبع لا نستطيع إغفال جبران خليل جبران الذي عرف عالميا ككاتب أكثر من كونه رساما مع أنه قضى حياته يكتب ويرسم في آن واحد، وقد بدأ حياته رساما! وترك خلفه حوالي 700عمل ما بين تقنية الفحم والألوان المائية، وكان يعتبر الرسم فعلا لا يحتاج الوعي كالكتابة يقول عن ذلك: «عندما أعكف على الرّسم وأنتج شيئا جيدا قليلا أو يستحق التقدير يجيء ذلك على غير وعي مني، وأنا على خلاف ذلك في كتاباتي فأنا أعرف عما أكتب في حين أنني أجهل لم أرسم أو أصور» إذن كان الفن عنده هروبا من قيود الوعي وراحة للعقل، حيث كان بإمكانه أن يرسم ما يعتمر في لاوعيه دون رقيب.
أدونيس الشاعر أدخل الفن التشكيلي أيضا لعالمه ومزجه مع الشعر ليس على المستوى المعنوي فقط بل أننا عندما نشاهد رسومه نجدها محاطة بكلمات وأشعار لـ(المتنبي، المعري، النفري...) وكأنهما -الشّعر والفن- كيانان يحتفل كل منهما بالآخر، رسم بالحبر الأسود رسوما رمزيّة مختزلة تشبه رسوم الإنسان القديم على جدران الكهوف، كما أنها تحمل مسحة طفولية بعفويتها وفطريتها وعن ذلك يقول أدونيس في أحد تصريحاته: (... في فني أبحث عبر شيخوختي عن طفولتي المفقودة التي اقترب حزنها من حلم الفرح) اللون الأحمر كان حاضرا كذلك في العديد من رسومه بقوته ووضوحه يمنح اللوحة قوة ويسحب الانتباه إليها، حينها يبدأ المتلقي بقراءة الكلمات وتأمل التفاصيل البارزة في العمل فقد استخدم أدونيس الكولاج أيضا ليضيف مواد متنوعة ويصنع بذلك عملا بتقنية خاصة به وقد أسمى أعماله بـ(اللوحات الرقيمة) فهو يريدها أن تشبه الرّقم، وقد بدأ بتنفيذها بعد مروره بمراحل لم يستطع خلالها القراءة أو الكتابة فخطر بباله السؤال التالي: لم لا أعطي ليدي نوعا من الحرية لأعرف ما يمكنها أن تصنع، فكانت بداية الدخول للتجربة التّشكيلية.
وهذا السبب يتشابه عند الكثيرين فعند التوقف أو التردد عن التعبير بالأداة التي احترفوها يفرحون بامتلاك أداة مختلفة تحتوي على ذات الخواص، وهو سلوك طبيعي يشبه سلوك السواقي التي تباشر في حفر مسار جديد عندما تعترضها عقبة جيولوجية، فتنشر الجمال والخضرة في جغرافيا جديدة، كأن تخونك لغتك، فتنساب لغة جديدة تمنحك القدرة على نقل رؤاك وأفكارك بعناصر شكلية هذه المرة.
وهذا ما لجأ إليه الشاعر والمترجم أحمد. م. أحمد الذي شغلته الترجمة في فترة عن إبداعه الشّعري، وصارت كلماته مسخّرة لترجمة نتاج الآخرين، وبدأت مشاعره (الغضب، اليأس، الترقب...) تتراكم فوق صدره، فبدأ بالرّسم وكان طوق النجاة، خرجت لوحاته للجمهور ناضجة فكان أشبه بطفل خطا خطواته الأولى بثقة، لم يحبُ لم يتأرجح ببداية سيره!.
من ناحية الشكل نجد هذه الأعمال تنتمي للمدرسة الفطرية يرسمها بطريقة طفولية –وهذا تبريره عند الفنانين الأكاديميين مختلف عن تبريره لدى الداخلين عالم الفن حديثا.
فهنا يرجع استخدام هذا الأسلوب لرغبة عارمة للتعبير والبوح عن شعور كامن دون أن يلقي بالا بالطرق الأكاديمية في الرسم؛ المواضيع عند أحمد شائكة معقدة تفاجئ المتلقي بكثرة التفاصيل، فيحتاج المشاهد لوقت طويل حتى يلم بالعناصر ويحصي الألوان المستخدمة، فيجد نفسه في مأزق التفسير الشاق ولا يلبث أن يكتفي بالتذوق.
الأعمال عبارة عن مساحات لونية كتيمة لا فراغات بيضاء تسمح لها بالتنفس، الألوان قوية جريئة حيوية ودرجاتها قاتمة، تتوزّع بتواتر مدروس أحيانا وعشوائي غالبا يشي باختلاط المشاعر، فخلف كل لون خلجة من خلجات مشاعره يسكبها على سطح اللوحة دفقةُ واحدة، ليكسبها حياة وجمالا ينافس فيها الفنانين، وليزيد لوحاته غنى يضمنها مقاطع من شعره أو جمل ترجمها ليخرج عمله الفني مشكلا على طريقة فريده يختص بها دون سواه.
أما تجربة القاص والرّوائي إسلام أبو شكير فكانت مختلفة، فقد أتقن دور الفنان التشكيلي، وقرّر الرسم بطريقة أقرب للواقعية، تطورت تجربته شيئا فشيئا فصارت لوحاته الواقعية دقيقة لحد كبير، رسم تفاصيل يومية كوب الشاي، قارورة الماء، سلة الغسيل، الكنبة... وغيرها، لينتقل في مرحلة أخرى للوحات تعبيرية تحمل الكثير من الأفكار (الموت، الهجرة، الوحدة...)، فنجد المشانق مدلاة من السماء في إحداها، وقاربا مكتظا بالهاربين يرسو على الرمال وكأن البحر الذي كان الفرصة الأخيرة المتاحة أمامهم جف وتركهم لمصيرهم، تتقاطع هذه المواضيع مع مواضيع أعماله الأدبية التي تحفر عميقا في الصعيد الإنساني، لكنها تطل للمتلقي بزي مختلف محافظة على الحس الجمالي الذي لا يغيب مهما كانت المواضيع قاسية.
بالطبع هنا مررنا على عينات اختيرت بشكل عشوائي من قائمة تطول من الكتّاب والشعراء من عصور مختلفة وانتماءات متباينة، ممن لجأوا إلى الفن التشكيلي ليكون نافذتهم على العالم، فقد أرادوا وسيلة أخرى غير الكلمة تترجم ما يجول داخلهم، فرحّب بهم الفن التشكيلي وفتح أمامهم أبوابه ومنحهم أسراره، وذلك لأنهم حقّقوا أهم الشروط ليكون الفن فنا وهو الصدق في العاطفة وبالتأكيد الرغبة في التعبير عما يجول في النفس والتي لولاها لما كانوا دخلوا عوالم الرسم أصلا، وأعتقد أن وجودهم في عوالم الأدب والشعر تجعلهم مطلعين أكثر من سواهم على أهمية الفن، لذا كان سعيهم (بشكل واع أو عفوي) لإنتاج أعمال إما جمالية صرفة، أو فكرية مباشرة، أو فلسفية معقدة هو الدافع المباشر للرسم.
أما الدافع غير المباشر الذي يجعل الفنان يعود كلّ يوم ليمسك قلمه وريشته، أو يعجن طينه ويحمل إزميله هي المتعة التي تتركها ممارسة الفنّ والراحة التي تستقر في الرّوح بعد تفريغ الشحنات السلبية، هذه المتعة تجعل كل من يمسك قلما يرسم وحتى إن لم يكن موهوبا، والكتب المدرسية غير مثال على ذلك، فالرسم كان وسيظلّ حبل النّجاة من الملل الذي يملأ بعض الحصص المدرسية!
بسمة شيخو كاتب سورية متخصصة في الفن التشكيلي