سواليف:
2025-01-19@09:03:41 GMT

لماذا تقرأ النساء أكثر من الرجال؟/ جلال برجس

تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT

لماذا تقرأ النساء أكثر من الرجال؟/ جلال برجس

جلال برجس

إن تأملنا تاريخ المرأة منذ بدء الخليقة، سنجد أنها بعد زمن من القمع، والتشييء، قد ابتكرت طرقها الكفاحية الخاصة في اقتناص العيش، وفي امتلاك مشروعية سلطتها، وحريتها، ونزوعها إلى حياة بمستويات استثنائية في الوعي، وفي طرد الغبار، الذي تكلس بقصدية أسست لها حقب من الأحادية، عن حقيقتها الأكيدة في كونها محور الكون، وبؤرته المضيئة؛ حقيقة لها وجهان: واحد شعري أدى إلى نصف موروثنا في قصيد شَّيد بجدارة أدبية ديواننا العربي بغنائيته، وبانحيازه أيضًا إلى سلطة المعنى.

أما الوجه الآخر فهو فعلي وفاعل على أرض الواقع رغم ضيق المساحة التي أخذت منذ قرنين تتسع ليعلو صوتها سعيًا إلى التوازن. لهذا انحازت المرأة بتطرفٍ محمود إلى أدوات إنسانية، ليس لشرعنة وجودها الطبيعي، بل للدفاع عن طبيعتها، خاصة في هذه المرحلة التي يصَّدر فيها ما هو وهمي في المساواة، ولا يتجاوز القشرة في الحقوق، ليس فقط المادية، بل المعنوية أيضًا.

والقراءة واحدة من هذه الأدوات القصوى بمعنييها المعرفي، والمُواجه؛ قراءة مستكشفة، باحثة، متوخية، مستنبطة، لم تأت في معظمها من جهة العبث، أو رفاهية اللحظة، أو حرية الحركة التي تم استبدالها في بعض المجتمعات بحرية التفكير، فأصبح المضيّ إلى الأمام ناقصًا، بل أعرجًا.

مقالات ذات صلة الّلغة العربيّة في غُرفة العِناية الحثيثة / د. لينا جزراوي 2023/08/28

ونتيجة لهذا السياق الحر نلاحظ بعد العام 2000م تقريبًا كيف أخذت نوادي القراءة بالخروج إلى العلن في العالم العربي، وبدأت تحصد نتائجها الإيجابية على الصعيد المعرفي، رغم صخب العصر الجديد بكل هيمنته الاستهلاكية؛ إذ ازداد الطلب على الكتب بشكل ملحوظ، وحفلت مواقع مراجعات الكتب بآراء لافتة. لقد ازدادت نسبة القراءة عمومًا في العشرين سنة الأخيرة في العالم العربي بشكل لافت من الجنسين، لكن الملاحظ أن معظم أعضاء نوادي القراءة من النساء، وأن المرأة صاحبة النسبة العظمى من مجموع الفعل القرائي. هذا لافت، ومهم، ومدعاة للتساؤل؛ إذ أن ما يحدث هو بمثابة تجمع نسوي ثقافي خلاق، سينعكس في الأيام القادمة على الأجيال الجديدة إيجابًا.

خلال الخمس سنوات الفائتة دعيت إلى ما يفوق الخمسين من نوادي القراءة في الأردن وخارجه، ولم أجد إلا عددًا قليلًا من الرجال في ناديين أو ثلاثة. وأقمت عددًا من الندوات، والورشات، والمحاضرات، وحفلات التوقيع، وكان الحضور النسائي أيضًا طاغيًّا. كانت معظم الحوارات ذات سوية ثقافية عالية، وأدوات القراءة على درجة كبيرة من الوعي، وكان الانتماء للكتاب واضحًا وجليًّا بكل جديته؛ فلماذا تشكل النساء النسبة الكبرى من القراء، والمنضمين إلى الأنشطة الثقافية؟

أتحدث هنا عن تفوق ملحوظ في النسبة، ولا أتحدث عن حصرية القراءة في جنس بعينه فقط؛ فتاريخ الرجال مع القراءة شاسع وغنيّ، وعلى درجة قصوى كان لها أثر كبير في مختلف المناحي السياسية والثقافية والاجتماعية؛ إنهم يقرأون، لكن النساء في هذه المرحلة يقرأن أكثر. ربما يقول قائل إن الرجل في أيامنا هذه مطحون بين دواليب الحياة، رغم أن المرأة في عصرنا هذا باتت مطحونة هي الأخرى، خاصة بعد خروجها من فضاء البيت التربوي إلى فضاء العمل المحكوم بقوانين وممارسات لا علاقة لها بالأمومة. مع ذلك فهي تقرأ ليتسع حقلها المعرفي، ولئلا يتسرب الوقت سدى في الفراغ، وتقرأ للمتعة، ولاكتشاف الناس، والأماكن، والأزمنة، تمامًا مثلها مثل الرجل. لكننا إن ذهبنا نحو جذور انتماءها العميق للكتاب، وفعل الاستغراق في عوالمه متكئين على إدراكنا لواقعها الإشكالي الذي للآن لم يخلو من عناصر الصراع؛ سنجد أنها تسعى لاستنباط سلطتها الخاصة كمقابل غير نِدِّي مع الرجل، بل كمعادل لمفهوم السلطة الإنسانية التي تنبثق منها جملة قرارات حياتية مرتبطة بحرية الحركة والتفكير والاختيار، لهذا يخشى الكثير ممن يعانون علو سلطتهم الذكورية الندية من شراكة المرأة القارئة، ليس خشية من الصراع ونتائجه؛ بل خشية على تفشي الخلل في المعادلة التي تفترض علوية الرجل بوعي شمولي غير قابل لتفكيكه ديموقراطيًا.

ومن أرض الكتاب تقف المرأة بسلاحها القرائي بوجه المقولة التي ترى فيها ضلعًا أعوج، وكيانًا عقليًا ناقصًا لا يمكن أن يتفوق على الرجل. وانبثاقًا من هذه المنطقة الجوانية في سعيها الحثيث إلى اجتراح حياتها تقرأ المرأة أيضًا لتدفع بالخسران بعيدًا عنها؛ ففي الكتاب يمكنها أن تهزم الوحدة لتعيش عالمًا جديدًا يخرج بها على الواقع، ويمنحها تذكرة مجانية لممارسة شكلًا فريدًا من أشكال السفر إلى بلدان لها حيوات عادلة، وجماليات تبعث على التشبث بالعيش، وأزمنة ربما تأتي ذات يوم. تقرأ المرأة لئلا تسقط في تلك في الهوة التي تخلفها أزمات عديدة منها أزمتها الكونية؛ فحين تحب المرأة تبحث في الكتب عن الصورة التي تريدها لرجلها، وتبحث عن ذاتها التي لم تأخذ مكانها الحقيقي في مخيلته.

في الكتب كتف مواسٍ لامرأة خبأت وجعها، وفيها صوت قال نيابة عنها ما لم تقله، وفيها ما لم تعرفه عن ذكورة لا يمكن أن تكتمل إلا بالأنوثة، اكتمال يتجاوز المفهوم العلمي للتلاقي الذي نجده في جوانب حتى غير بشرية كثيرة في الكون، بل يتجاوزه نحو إعادة تفسير الحياة هل هي عقاب على خطيئة؟ أم حياة يجب أن تعاش وفق مفهوم الحياة بحد ذاتها؟

صحيفة اثير

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

جامعة أسيوط تحتفل بتخريج الدفعة الرابعة من الدبلومة المهنية لطب الجنين

نظمت مستشفى صحة المرأة الجامعي، احتفالية تخريج الدفعة الرابعة من الدبلومة المهنية لطب الجنين، برعاية الدكتور أحمد المنشاوي رئيس جامعة أسيوط، وذلك بمقر قاعة المؤتمرات بمستشفى صحة المرأة الجامعي.

 جاء ذلك بحضور الدكتور محمود عبد العليم نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتور جمال بدر نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، وذلك تحت إشراف الدكتور علاء عطية عميد كلية الطب ورئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية، والدكتور أحمد محمد نصر مدير عام مستشفى صحة المرأة، ورئيس قسم أمراض النساء والتوليد، والدكتور حسن صلاح المشرف العام على الوحدة، ومنسق الدبلومة.

حضر الاحتفالية؛ الدكتور أحمد محمد عباس سكرتير عام الوحدة، ومستر راين ممثل المكتب العلمي لشركة ميندراي بمصر، ولفيف من الأساتذة، وأعضاء هيئة التدريس بقسم أمراض النساء والتوليد، وطلاب الدبلومة. 

وشهدت الاحتفالية؛ تسليم مستشفى صحة المرأة الجامعي؛ أحدث جهاز موجات صوتية ثلاثية ورباعية، قيمته تبلغ ٢ مليون جنيهاً والمُقدم من شركة كايرو مديكال والذي يستخدم في الفحص الشامل للجنين أثناء فترة الحمل، والاطمئنان علي الرحم والمبيضين.

وأكد الدكتور أحمد المنشاوي  على أهمية دبلومة "طب الجنين"، والتي تسهم في تقديم خريجين على مستوى عال من الكفاءة المهنية والتدريبية، وتُقدم أساليب جديدة لتشخيص بعض المشكلات الطبية ورصدها، مما يساعد على تقديم رعاية صحية متميزة، وذلك في إطار الرسالة السامية لكلية الطب بجامعة أسيوط، ودورها التعليمي الرائد، وحرصها علي إعداد كوادر متميزة من الأطباء في مختلف التخصصات، وكذلك احتضان وتأهيل شباب الأطباء من مُختلف الجامعات المصرية، مثمناً دور مستشفى صحة المرأة في تقديم خدمات صحية لآلاف المرضي من السيدات المترددات علي المستشفى سنوياً، مع تحقيق نسب شفاء متقدمة في علاج أكثر الحالات خطورة وتعقيداً، وذلك باستخدام أحدث التقنيات في التشخيص، والعلاج. 

وأشار الدكتور محمود عبد العليم؛ إلى أن مستشفى صحة المرأة، يمثل جزءاً من المنظومة الطبية المتكاملة لجامعة أسيوط، والتي تغطي كافة المجالات الطبية، وتخدم العديد من المرضي من مختلف محافظات الصعيد، فضلاً عن دورها العلمي والبحثي الرائد، مؤكداً حرص إدارة الجامعة علي توفير سبل الدعم لكافة المستشفيات الجامعية، من أجل تعزيز ركائز منظومة طبية هي الأضخم في حجمها، والأحدث في إمكانياتها الطبية، والبشرية علي مستوى صعيد مصر.

وأشار الدكتور جمال بدر؛ إلى الدور العلمي، والبحثي الذي يقوم به قسم النساء والتوليد بكلية الطب، من خلال مساهمته في تطوير ما يقدمه من خدمات طبية هائلة؛ على نحو يواكب أحدث التطورات العلمية، موجهاً شكره لكافة القائمين على الدبلومة المهنية لطب الجنين، وحرصهم علي تخريج أجيالٍ متخصصة، ومتميزة؛ على نحو يليق باسم، ومكانة جامعة أسيوط.

ومن جانبه، أعرب الدكتور علاء عطية؛ عن سعادته بتخريج الدفعة الرابعة من الدبلومة المهنية لطب الجنين، وفخره بالمستوى الذي وصل إليه الاهتمام بالتخصصات الدقيقة في كلية الطب والمستشفيات الجامعية، حيث وصل عدد الدبلومات إلى ١٩ دبلومة تقريباً، من ضمنها الدبلومة المهنية لطب الجنين مشيراً إلى حرص القسم على عقد الكثير من الدورات التدريبية لأطباء النساء والتوليد؛ بداخل، وخارج جامعة أسيوط.

وعبّر الدكتور أحمد محمد نصر؛ عن فخره بإنجازات وحدة الموجات فوق الصوتية، والتي تعد أول وحدة في صعيد مصر في التدريب، وعمل الأبحاث الخاصة بالموجات فوق الصوتية، وأول دبلومة مهنية معتمدة من المجلس الأعلى للجامعات في تخصص "طب الجنين"، والتي انفردت بها جامعة أسيوط على مستوى الصعيد، وتعد فخراً لقسم النساء والتوليد، حيث تم خلالها تدريب الطلاب على الأنواع المختلفة من الموجات فوق الصوتية؛ لتحقيق التشخيص الدقيق، والعلاج.

ووجه الدكتور حسن صلاح؛ خالص شكره لأعضاء هيئة التدريس القائمين على التدريس في الدبلومة المهنية لطب الجنين، والذين كان لهم الدور الأكبر في انتهاء أعمال نسختها الأولي وصولاً إلى الاحتفال بتخرج الدفعة الرابعة، وكذلك للقائمين على شركة كايرو ميديكال وشركة ميندراي الذين قدموا للمركز الأجهزة التي يحتاجها لتدريب الطلاب، مستعرضاً جهود إدارة الجامعة ومؤسسات المجتمع المدني، في إعداد وتجهيز مركز أبحاث، وتعليم الموجات فوق الصوتية بمستشفى صحة المرأة الجامعي.

كما تم تكريم خريجي الدفعة الرابعة للعام الجامعي ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤ فضلاً عن تكريم لفيف من أساتذة كلية الطب، وأساتذة قسم النساء والتوليد إلى جانب تكريم القائمين على التدريس، والتدريب، والسكرتارية بدبلومة طب الجنين بالإضافة إلى تكريم المهندس عطية سعيد رئيس مجلس إدارة شركة كايرو ميديكال، وحسن هلال فريق كايرو مديكال بأسيوط، وتكريم وكيل شركة Mindray في مصر، وخلال الاحتفالية قام طلاب الدفعة الرابعة؛ بتقديم درع تكريم للدكتور حسن صلاح المشرف العام علي وحدة طب الجنين. 

جدير بالذكر في ختام الاحتفالية؛ قام المهندس عطية سعيد رئيس مجلس إدارة شركة كايرو ميديكال بإهداء جهاز كونسونا ان ناين، لوحدة طب الجنين بقسم النساء والتوليد.

مقالات مشابهة

  • كيف يختلف الاكتئاب عند النساء عن الرجال؟
  • بسنت شوقي: الطاقة الأنثوية تظهر عندما تشعر المرأة بالأمان
  • حكم تطليق الرجل لزوجته دون إبلاغها.. فيديو
  • استمرار التسجيل بـ«تحدّي القراءة العربي».. 1903 مُشترك حتى الآن
  • خبيرة نفسية: الرجل العربي يُقيّم بشخصيته لا بمظهره
  • حكم دفن المرأة مع الرجل في قبر واحد .. دار الإفتاء تحسم الجدل
  • هل يجوز دفن المرأة مع الرجل في قبر واحد؟.. أمين الفتوى يرد
  • استشاري تغذية: تجاوزوا الأفكار القديمة عن التجميل والرجولة
  • 4 مؤتمرات جديدة لمعرض ومؤتمر الصحة العربي
  • جامعة أسيوط تحتفل بتخريج الدفعة الرابعة من الدبلومة المهنية لطب الجنين