سودانايل:
2024-10-06@00:37:11 GMT

أولوية وضرورة تكوين أوسع جبهة لإيقاف الحرب (6/7)

تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT

أرسل لي عدد من الزملاء والأصدقاء مقالا للدكتور احمد عثمان عمر بعنوان: " الخلاف بين قوى التغيير الجذري وقحت استراتيجي وليس تكتيكي". وقصدوا من ارسال المقال انني من دعاة تحالف كل القوى المدنية الداعية لإيقاف الحرب، ويجب أن انتبه للخلاف مع قوى قحت. سأكتب مجموعة من المقالات في حوار مع المقال، ليس فحسب، بل ومع الخط السياسي الذي يتبناه المقال وعدد مقدر من الشيوعيين واليساريين.

تأتي أهمية ذلك من تحديات المرحلة المصيرية التي تمر بها بلادنا، التي تستدعي حوارا جادا وعقلانيا، بين كل قوى الثورة، في سبيل الوصول للرؤية المشتركة، التي تساعدنا في هزيمة مخطط من أشعلوا الحرب، والذين يريدون مواصلتها على أنقاض بلادنا، ومن اجل مواصلة واستكمال مهام الثورة. ستكون مساهمتي في الحوار سبع مقالات، يعالج كل منها واحدا من المواضيع التي وردت في مقال الدكتور أحمد. الهدف من ذلك هو تركيز النقاش، وطرح الرأي حول مسألة محددة. لكن المقالات يجمع بينها خط واضح وتجانس، داخلي، في المحتوى وتواصل في نقد اطروحات دعاة التغيير الجذري، لان الدكتور أحمد عثمان هو أبرز منظريهم. تبدأ المجموعة بمقال عن قضية العدو الاستراتيجي، يعالج المقال الثاني قضية الشراكة، يتمحور المقال الثالث حول مفهوم الهبوط الناعم، المقال الرابع يعالج قضية الاقتصاد والموقف من البنك الدولي ومؤسساته، أما الموقف من الحل السياسي فهو موضوع المقال الخامس، المقال السادس سيناقش الموقف من الحرب، وستكون الخاتمة هي المقال الأخير.
كتب الصديق والدكتور المثابر أحمد عثمان عمر، ما يلي:
) مفاد ما تقدم ، هو ان هثاك تنااقض جوهري بين مشروع وبرنامج قوى التغيير الجذري و مشروع وبرنامج (قحت)، فالأولى برنامجها ثوري ، والثانية برنامجها اصلاحي. والبرنامج الثوري هو برنامج التفكيك والانتقال من دولة التمكين الى دولة كل المواطنين، والبرنامج الاصلاحي هو ابقاء على التمكين مع العمل على اصلاحه وهو غير قابل للإصلاح (هذا هو الهبوط الناعم). لذلك الان وفي ظل هذه الحرب اللعينة، وبالرغم من رفع قوى التغيير الجذري و (قحت)لشعار لا للحرب، الا انهما لا يتفقان على متطلبات هذا الشعار. فشعار “لا للحرب”، مرتبط ارتباطا لا فكاك منه مع ما يكمله من تصور لما بعد الحرب، حيث لا يمكن فصل ايقاف الحرب عن كيفية ايقافها وانتاج بديلها. وقوى التغيير الجذري تكمل الشعار ليصبح “لا للحرب، نعم للثورة”، و (قحت) تجعله “لا للحرب، نعم للإصلاح “.
لذلك تنادي قوى التغيير الجذري بتكوين جبهة قاعدية لإيقاف الحرب وطرد الطرفين المتحاربين من المعادلة السياسية مع اعادة هيكلة الجيش وحل الجنجويد ومحاسبة المجرمين، في حين تنادي (قحت) بتكوين جبهة ضد الحرب ومن اجل السلام، لا تنادي بطرد الطرفين المتحاربين من المعادلة السياسية، بل تنادي علنا بالعودة الى العملية السياسية (استكمال الاتفاق الاطاري المفروض على شعبنا بواسطة الدول الاستعمارية)، اي بالعودة لشراكة الدم، وبدمج الجنجويد في الجيش بدلا من حل هذه المليشيا المجرمة. وهذا يعني ان (قحت) مازالت راغبة في مشاركة طرفي اللجنة الامنية للإنقاذ حتى بعد انقسامها في السلطة!! فكيف يمكن ان تتحالف مع من يرفض شراكة الدم ويطالب بدولة مدنية خالصة؟ وحتى لا يقول قائل ان الشراكة تكتيك باعتبارها مؤقتة، يجب توضيح ان الشراكة تحالف يقوم على برنامج متفق عليه، وهي مع التكتيكات والادوات الاخرى تشكل الخط السياسي اللازم لإنجاز المشروع، لذلك هي وثيقة الصلة بالاستراتيجية وبمشروع المرحلة. وعليه تصبح الدعوة لوحدة بين قوى التغيير الجذري و (قحت)، من باب الامنيات القائمة على حسن النية، ولكن الطريق الى جهنم معبد بالنوايا الحسنة. (
الرفاق في تيار التغيير الجذري، وفي مقدمتهم الصديق والمفكر الشاب أحمد عثمان يصرون على أشياء في دماغهم، بعيدة عن الواقع، ويبنون تحليلاتهم عليها. فمثلا، حسب المقتطف أعلاه، يصف دكتور احمد انهم يريدون تفكيك التمكين، بينما تعمل قوى الحرية والتغيير على اصلاح التمكين. وبناء على تلك المعلومة يمضون في بناء تحليلات ومواقف ويرفضون التحالف، حتى من أجل إيقاف الحرب اللعينة.
فلنقرأ معا ما ورد في الوثائق الرسمية والورش حول قضية التمكين ولجنتها وأهدافها:
أسست لجنة تفكيك بنية التمكين لنظام الثلاثين من يونيو وبناء دولة القانون والمؤسسات من أجل:
(تفكيك بنية التمكين لنظام الثلاثين من يونيو 1989، في كل مؤسسات الدولة، وإزالة التمكين في الخدمة المدنية واسترداد الأموال العامة للدولة ومواردها التي نهبت وثرواتها التي حازت عليها فئة محددة متنفذة في الدولة بدون وجه حق ولا مسوغ قانوني، وذلك عبر علاقات حزبية أو أسرية أو وفق مصالح متبادلة طابعها المنفعة الخاصة.)
لتأكيد ومراجعة ذلك الموقف من إزالة التمكين، أقامت رئاسة مجلس الوزراء ورشة في يومي 19 و20 سبتمبر 2021، بالتعاون مع لجنة التفكيك واسترداد الأموال العامة وبعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال، حول تحسين ممارسة اللجنة، وأصدرت عددا من التوصيات، اقتطف بعضها فقط لإعطاء صورة حقيقية:
• ضرورة العمل على الدفع بعملية الإصلاح القانوني والتشريعي بتعديل القوانين الحالية واللوائح الخاصة بالخدمة العامة وإزالة التشوهات وسن القوانين الجديدة التي تعمل على اصلاح الخلل البنيوي في أجهزة ومؤسسات الدولة السودانية الموروثة من العهد البائد.
• اصلاح مفوضية الاختيار للخدمة العامة.
• البدء فورا في الإعلان عن الوظائف العامة عبر مفوضية الاختيار للخدمة العامة سواء لملء الفراغ الوظيفي الناتج عن عمليات التفكيك والاحلال او بالنسبة للوظائف الجديدة. ومنح فرص متساوية لشغل الوظائف العامة اعمالا لمبادئ تكافؤ الفرص والعدالة، والنزاهة، والشفافية، والاستقامة.
• ربط وتزامن عملية التفكيك بعملية الإصلاح الهيكلي والمؤسسي لأجهزة الدولة.
• مراجعة القوانين والتشريعات الولائية ذات الصلة بالإصلاح المؤسسي للدولة.
• ضرورة ان يشمل التفكيك كل أجهزة الدولة بما فيها الأجهزة النظامية لإحداث التحول الديمقراطي)
أما القول بان قحت تعمل للعودة للاتفاق الاطاري المفروض على شعبنا بواسطة الدول الاستعمارية، والذي يتضمن الشراكة مع اللجنة الأمنية. لدي عدة ملاحظات:
• رغم الدور، غير الديمقراطي، الذي قام به نقيب المحامين المكلف (الأستاذ قيلوب) في أسلوب عرض المسودة وتهميش بقية أعضاء لجنة النقابة، وكذلك منهج قحت في العمل الفوقي وعدم الحوار مع الاخرين، الا ان المسودة عرضت في اجتماعات تمت الدعوة لحضورها لمختلف القوي وأصحاب الخبرات.
• هناك نواقص وثغرات في المسودة كان من الممكن إصلاحها في حالة مشاركة بقية القوى السياسية، ولكن منهج الحرد والمقاطعة عطل فرصة انجاز ذلك التحسين.
• أما قضية انه مفروض على شعبنا من القوى الاستعمارية، هو طرح اعتقد انه جانب الصواب.
• علينا العمل بجدية لتأسيس منهج الحوار والعقلانية، فمثلا وثيقة الاطاري نقدم حولها دراسة حسب نصوص بنودها ونقترح بدائل أفضل من تلك النصوص، ونقدم ذلك لشعبنا، لأنه الفيصل والحكم.
• الاتهام بأن العملية السياسية سترجعنا لتحالف اللجنة الأمنية مع قحت يناقض ما نص عليه الاتفاق الاطاري. حيث ورد فيه نصا واضحا:
(السلطة الانتقالية سلطة مدنية ديمقراطية كاملة دون مشاركة القوات النظامية.)
أؤمن جازما، بان الأسباب التي قدمت لرفض التحالف مع قحت لإنهاء الحرب، هي أسباب غير مقنعة، والرفض هو امتداد طبيعي للخط اليساري الذي صار الخطاب السياسي المهيمن للجذريين.
في ظل حرب مجرمة دمرت كل شيء، نعم كل شيء، في كل مجالات الحياة الخاصة والعامة، والتي تصر الفلول المهيمنة على الجيش ان تستمر، ليزداد الدمار ونفقد الوطن. في مثل هذه الظروف نرفض التحالف مع قوى جادة في انهاء الحرب، بحجج غير مقنعة، بل ومصطنعة. أما الحديث عن جبهة قاعدية، فلا يوجد توضيح له وكيفية تكوين تلك الجبهة، وامامنا القوى السياسية والمدنية التي تمثل قطاعات واسعة من شعبنا. والاهم لم تتم أي اتصالات جادة وجلوس معا لتحديد نقاط الاختلاف ونقاط الالتقاء، ثم النظر في إمكانية التحالف أو عدمها، واخطار شعبنا بتفاصيل ما تم، وأسباب ونقاط الاتفاق أو جوانب الاختلاف، في شفافية واحترام للرأي العام لشعبنا.

siddigelzailaee@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: لا للحرب

إقرأ أيضاً:

كلام في التغيير!

من المسلم به في أي مخاض تطويري يهدف الى تحقيق غاية طيباوية من خلال فكرة أو مشروع سواء كان مجالها إنسانيا أو حضاريا أو علميا أو نهضويا أن يسير بعجلتين: العجلة الفكرية والعجلة الحركية ونقصان أي عجلة منهما يعني أنه مشروع ناقص لن يصل إلى هدفه وسوف يتعثر ويتوقف عند الخطوات الأولى، وهذا الأمر سنة كونية، فالعجلة الفكرية هي الإطار التنظيري والفكري للمشروع والعجلة الحركية هي الخطوات العملية التي توضح الإطار النظري لهذا المشروع.

جميع المشاريع التي تحمل طابع الحملات"مثلا" وتنفذ في فترة قصيرة لا تتجاوز السنة، يقبل عليها ويتفاعل معها الناس، بينما الملاحظ انهم لا يحبون المشاركة في المشاريع الاستراتيجية التي تحمل أهدافا تتجاوز البضع سنوات. أتحدث عن (مزاج عام) أو طريقة في التفكير يلاحظها كل من يحاول خوض المشاريع العملية أو الثقافية التي تحاول ان تغير الوعي وتؤسس لثقافة أو ممارسة جديدة، وأكثر ما تعاني منه هذه المشاريع عندما تكون إحدى العجلات أبطأ أو أسرع من العجلة الأخرى هو فقدان الاتزان، فيحدث خلل في سير المشروع، ويبدأ التعثر وتضيع البوصلة والنتيجة هي فشل ذريع في تحقيق الهدف.

إن أخطر ما تواجهه مشاريع التغيير هي المراهقة الفكرية والشيخوخة الحركية، بمعنى أن يكون الإطار النظري والفكري للمشروع عبارة عن قفزات هوائية أو آراء ارتجالية أو شطحات فكرية، أو تكون الخطوات العملية ثقيلة الحركة فماذا تكون النتيجة؟ فقدان الثقة والإيمان والرغبة في التغيير والتطوير وآثار سلبية اخرى قد تمتد زمنا طويلا حتى يعاد بناء الثقة لخوض غمار هذه المشاريع مرة أخرى.

في أوليات الفكر التي لا يجهلها النّاس، أنّ الإنسان كائن اجتماعي ومفكّر وإذا كان الإنسان كائناً مفكراً، فما وظيفة هذا الفكر؟ إنّ الفكر حين يتعامل مع ذاته فهو فكر متأمّل وحين يتعامل مع الأِشياء ومع الأحداث ومع وقائع الحياة فهو فكر ناقد وسائس!، وهذا يعني أن أي فكر لا يتعامل بمنطقية مع الأحداث والوقائع فهو فكر ناقص ولن يكون صمام أمان لمشروع التغيير أو أي مشروع آخر، وهذا مكمن الخطر فتعامل الفكر مع نفسه فقط دون النظر في واقع الحياة والأحداث هي مراهقة فكرية.

إن الخروج من دائرة التفكير الذاتي إلى دائرة التفكير الشامل يعني أن العجلة الفكرية للمشروع على أتم الاستعداد للانطلاقة والتحرك نحو الهدف و يبقى الجزء الآخر أو العجلة الأخرى وهي العجلة الحركية، تلك التي يجب أن تتناغم مع العجلة الفكرية في الحركة والمسير وإلا حدث الانحراف بغض النظر عن شكل هذا الانحراف.

إن الشيخوخة الحركية يعني أننا نسير إلى الوراء فالأحداث متسارعة وتقلبات العالم سريعة، وحين نسير بهذا البطء غير المبرر ، يعني ذلك أننا نسير نحو نهاية واضحة منذ البداية، نهاية لا تحقق هدفا انسانيا او فكريا نهضويا ساميا. ربما الحديث عن تغيير قناعات الناس ليس بالأمر السهل - وليس بالذي أرمي إليه هنا- وإنما ما أريد قوله أنه بإمكاننا أن نخضع المشاريع التغيرية إلى إيقاع منتظم في منظومة طويلة من الحملات القصيرة المخططة كجزء من عمل مدروس ومنتظم يطور نفسه ويحافظ على أهدافه إذا كان من يدير المشروع واعيا لاتجاه بوصلته وغايات رحلته.

إننا حين نسخر أنفسنا لمشاريع التغيير، فهذا يعني أننا أمام جانب مهم يتناول الإنسان من الداخل بالتحفيز ويتناول المجتمع بالتطوير الهادف لتحقيق واستدامة مبادئ الانضباط والمهنية والعدل والنور والعلم والمعرفة، والمحصلة إننا نحتاج حقيقة إلى رشد فكري بمعنى النضج العقلي والنفسي المتزن وإلى مراهقة حركية بمعنى نشاط مستمر وتفاعل مع الأحداث وهمة لا تفتر حتى لا يصبح طرفا المعادلة الرغبة في التغيير والفشل في إدارة التغيير أكثر صعوبة ويتحول التغيير الى شماعة نعلق عليها شيخوختنا الفكرية وفشلنا في التقدم ومجاراة قطار الحضارة الذي لا ينتظر أحد.

د. خالد الحمداني كاتب عماني

مقالات مشابهة

  • "الخدمات البيطرية" تنتظر رياح التغيير
  • كلام في التغيير!
  • طرابلس | اجتماع لبحث مطالبات المواطنين بتعويضاتهم عن العقارات التي تم نزع ملكيتها لصالح المنفعة العامة
  • بين الحاضر والماضي... رحلة النزوح اللبنانية التي لم تنتهِ "ألم يرفض النسيان"
  • صحيفة: أبو ظبي تدعم فصل جبهة لبنان عن غزة ومستعدة لتقديم مساعدات سخية
  • وزير المالية يكشف: هذه أولوية مديريات الوزارة
  • وكيل زراعة البحيرة يتابع العمل بجمعية جنبواي
  • المعهد الديمقراطي: ندوب الحرب التي دامت عقد من الزمان لا تزال تلازم كل جوانب الحياة في اليمن
  • «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تشعل الحرائق في محيطها وستمتد إلى جبهات أوسع
  • و أنت عائد إلى بيتك فكر في تلك المدينة الصامدة التي غيرت مجرى الحرب