"فلامنغو" أكبر قاعدة للبحرية السودانية، أنشئت مطلع ستينيات القرن الماضي، وتقع على الساحل الشرقي للبحر الأحمر، واستلهمت شعارها من طائر الفلامنغو الذي يعيش بأعداد كبيرة في الساحل البحري ومدينة بورتسودان.

تعد البحرية السودانية إحدى الوحدات المهمة التابعة للجيش السوداني، وتضم مرابض للسفن الحربية وكتيبة للضفادع البشرية ووحدات الرادار والمراقبة التي تخضع المياه الإقليمية للمتابعة الدائمة، بجانب سفن حربية وسفن مهام وقوارب حربية وقوارب إنقاذ واتصالات.

الأهمية

مثل ظهور القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في قاعدة فلامنغو البحرية يوم 28 أغسطس/آب 2023 بولاية البحر الأحمر الساحلية حدثا مهما سلط الأضواء على أهمية المكان الذي اتخذه منصة لتوجيه حزمة من الرسائل المهمة في خضم الحرب ضد قوات الدعم السريع، وكانت المرة الأولى التي يتحدث فيها البرهان في خطاب مباشر ومفتوح منذ بدء القتال منتصف أبريل/نيسان 2023.

ولأنها مثلت ساحة صراع روسي أميركي قوي، فإن البرهان حرص على القول -من قاعدة فلامنغو- إن الجيش السوداني يقاتل في هذه الحرب دون ظهير، في إشارة لعدم تلقيه أي دعم خارجي، بينما تتحدث تقارير عن تلقي الدعم السريع عونا عسكريا من قوات فاغنر الروسية ودول أخرى.

النشأة والتأسيس

أنشأت قاعدة فلامنغو البحرية مطلع الستينيات إبان حكم الرئيس الأسبق إبراهيم عبود الذي كان أيضا قائدا عاما للجيش، وهو أول رئيس عسكري يحكم السودان بعد الاستقلال، الذي ناله عام 1956. وقد جرى تحديثها سبعينيات القرن الماضي على يد يوغسلافيا.

أبرز المحطات

عكس الصراع الروسي الأميركي للسيطرة على البحر الأحمر قدرا كبيرا من أهمية هذه القاعدة البحرية، إذ كانت مسرحا لشد وجذب قوي بينهما منذ عام 2021.

ففي أوائل مارس/آذار 2021 وصلت سفن من البحريتين الأميركية والروسية إلى السواحل السودانية. وعمدت السلطات البحرية السودانية وقتها لتخصيص مرسى للمدمرة الأميركية "يو إس إس ونستون تشرشل" التي وصلت بورتسودان بعيدا عن الفرقاطة الروسية "أدميرال غريغوروفيتش" التي وصلت الميناء ذاته قبلها بأيام وبدأت في إنزال معداتها لإنشاء قاعدة عسكرية.

البرهان يلقي أول خطاب مباشر منذ بدء الصراع السوداني منتصف أبريل/نيسان 2023 (الجزيرة)

ووقعت موسكو مع حكومة الرئيس المعزول عمر البشير عام 2017 اتفاقية تسمح للبحرية الروسية بإقامة قاعدة عسكرية في بورتسودان والاحتفاظ بها لمدة 25 عاما، مع تمديد تلقائي لمدة 10 سنوات في حال لم يعترض أي من الجانبين.

وبعد إنزال الفرقاطة المعدات وصلت رتب رفيعة من الجيش الروسي مطار بورتسودان، وأنزلت مزيدا من الآليات وسيارات الحماية وقوات بين 70 و80 عنصرا، وبدأ العمل بالقاعدة مباشرة بإنشاء مبان سكنية ومكاتب وتسوير المنطقة الشمالية من قاعدة فلامنغو.

وبعد الإطاحة بالبشير عام 2019، تم تجميد الصفقة، لكن ‏أواخر 2020 نشرت موسكو من جانب واحد نسخة من اتفاقية إنشاء القاعدة، في محاولة للضغط على السودان لتنفيذها.

وبالفعل نشرت الجريدة الرسمية الروسية يوم 9 ديسمبر/كانون الأول 2020 نص اتفاقية الجانبين حول إقامة قاعدة تموين وصيانة للبحرية الروسية على ساحل البحر الأحمر، بهدف "تعزيز السلام والأمن في المنطقة".

وحسب ما جاء بمقدمة الاتفاقية، فإنها لا تستهدف أطرافا أخرى، كما تقرر أن يحصل السودان مقابلها على أسلحة ومعدات عسكرية.

مضمون الاتفاقية

ونصت هذه الاتفاقية على إقامة منشأة بحرية روسية بالسودان قادرة على استقبال سفن حربية تعمل بالطاقة النووية، وقادرة على استيعاب ما يصل إلى 300 عسكري ومدني.

كما يسمح للمنشأة استقبال 4 سفن في وقت واحد، وتستخدم القاعدة كذلك في عمليات الإصلاح وإعادة الإمداد والتموين، وتكون مكانا يمكن أن يرتاح فيه أفراد البحرية الروسية.

وبموجب الاتفاق، تقدم الخرطوم الأرض مجانا ولموسكو الحق في جلب أي أسلحة وذخيرة وغيرها من المعدات التي تحتاجها عبر مطارات وموانئ السودان لدعم المنشأة. ويمكن لحكومة السودان استعمال أرصفة المنشأة بموافقة الجانب الروسي.

ونقلت وكالة أنباء تاس الروسية الحكومية وقتها أن هذه المنشأة الجديدة ستسهل كثيرا عمليات الأسطول البحري الروسي بالمحيط الهندي، إذ سيكون بمقدورها تبديل طواقم القطع البحرية المنتشرة بالمحيط الهندي عبر نقلهم جوا إلى السودان.

وحسب الوكالة، يمكن لروسيا نشر أنظمة دفاع جوي في المنشأة بهدف حمايتها ومنع تحليق الطيران بأجواء القاعدة. وأواخر أبريل/نيسان 2021 أعلن السودان على لسان رئيس هيئة أركان الجيش الفريق محمد عثمان الحسين تعليق العمل بالاتفاق مع موسكو حول القاعدة البحرية لحين مصادقة الهيئة التشريعية عليه، كما تحدث عن أن هذه الاتفاقية تخضع للمراجعة.

وبالفعل، تم تفكيك المنشأة الروسية وسحب جميع معداتها من قاعدة فلامنغو البحرية. لكن حين زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الخرطوم في فبراير/شباط 2023 قال إن موسكو مازالت في انتظار موافقة المؤسسة التشريعية بالسودان على إنشاء القاعدة البحرية الروسية في البحر الأحمر.

وكان البرهان قال -في مقابلة تلفزيونية خلال يونيو/حزيران 2021- إن الخرطوم لم تلغ الاتفاق على إنشاء القاعدة البحرية الروسية بالبحر الأحمر، كما تحدث عن عدم وجود ضغوط أميركية بهذا الصدد.

وقال أيضا "يجري التفاهم على كيفية صياغة هذا الاتفاق، في كيفية اعتماده بواسطة الجهات المسؤولة، كالمجلس التشريعي والسلطات الأخرى المشاركة في الفترة الانتقالية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القاعدة البحریة البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

منافسة قوية بين مسرحية "ذات.. والرداء الأحمر" المصرية ونظيرتها الروسية

 تستعد مدينة "بنزرت" لمنافسة قوية يوم الجمعة ٢٧ ديسمبر، ضمن فعاليات مهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل بتونس في دورته ٣٧، بين مسرحية  "ذات.. والرداء الأحمر" المصرية، إنتاج مسرح القاهرة للعرائس التابع للبيت الفني للمسرح بوزارة الثقافة المصرية، وبين نظيرتها "ذات الرداء الأحمر" الروسية، والتي تمثل القصة الأصلية.

 وتتضمن المنافسة بين العرض المصري والروسي منافسة ليست فقط من حيث العرائس والملابس والديكور، ولكن أيضا في التحريك الذي يتميز به لاعبو مسرح القاهرة للعرائس وجيل من أمهر اللاعبين ومنهم من شارك في تحريك العرض الشهير "الليلة الكبيرة".

السيناريست وليد كمال 

 

 كما تتضمن أيضا المنافسة النص الدرامي الجديد الذي كتبه السيناريست وليد كمال، مستلهما القصة العالمية الأصلية ذات الرداء الأحمر أو ليلى والذئب، ويحافظ على الصراع الرئيسي للقصة، حيث كانت ليلى طفلة عنيدة لا تستمع لنصائح والدتها، مما يعرضها لمكر الذئب وهجماته وهي في طريقها إلى بيت جدتها، ولكنه يعالج القصة بشكل عصري يتناسب مع جيل جديد من الأطفال في عصر التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك وتيك توك وغيرها، أصبحوا يحلمون بالثراء السريع دون أي مجهود، ودون أن يلتفتوا لمخاطر السوشيال ميديا، والأشرار الذين يتربصون للشباب والأطفال، وكل من لا يعي جيدا كيفية حماية حساباته ومعلوماته على الإنترنت، ورغم أن الأم في المسرحية تنبه ابنتها وتحذرها من خطورة تعاملها مع السوشيال ميديا، إلا أن الطفلة "ذات" وهو اسمها، والتي تلعب دورها في الأداء الصوتي النجمة الشابة مايان السيد، تتعرض نتيجة عنادها لمهاجمة الذئاب، حيث أصبحوا ثلاثة ذئاب في القصة الجديدة، يهاجمونها متنكرين عبر وسائل التواصل، الأول "غريب" ويلعب دوره الفنان سامي مغاوري، والذي يتعقبها عبر السوشيال ميديا ويهددها بصور مصطنعة، بينما "دياب" والذي يؤديه النجم عمرو رمزي، يريد سرقة موبايلها وسلسلتها الذهبية، أما "عضمة" ويلعب دوره النجم تامر فرج، فيريد خطفها.


كما يستعرض النص الجديد المصري علاقة الأطفال بالكبار، حيث يرفض الأطفال التعليمات المباشرة في مرحلة المراهقة المبكرة أو المتوسطة، ويعتبرون أنفسهم كبارا ويفهمون في كل شيء وقادرين على حماية أنفسهم من أية مخاطر محتملة، كما يؤكد على ضرورة التحاور مع الجيل الجديد بعيدا عن اللهجة الآمرة.
وقد كتب وليد كمال أشعار المسرحية أيضا مستلهما الأغاني التراثية مثل "فتحي يا وردة وبابا جاي امتى" ولكن مع تطويرها لتتناسب مع الأطفال في العصر الحديث.
بالإضافة لذلك تمثل الرؤية الاخراجية لنادية الشويخ دورا بارزا في المنافسة، حيث استطاعت الدمج بين العرائس والتي قام بنحتها محمد أمين، وبين التمثيل البشري، والذي تلعب فيه النجمة الصاعدة ريم طارق دور البطلة "ذات" في بعض المشاهد المهمة لايف على المسرح، كما تقوم بأداء بعض الرقصات الاستعراضية المعبرة على المسرح، على ألحان أغاني الموسيقار الكبير هاني شنوده.
كما استطاعت المخرجة إقناع كبار النجوم لتقديم الأداء الصوتي لأبطال المسرحية وعلى رأسهم صاحبة السعادة الفنانة القديرة إسعاد يونس والتي تقدم دور الجدة، وهالة فاخر التي تقدم دور الأم، بالإضافة للفنانين أشرف طلبة وعصام الشويخ في دور الأب والضابط، وهو ما يضيف بعدا مميزا لذات والرداء الأحمر المصرية.
وسيكون الحكم للجمهور الذي سيشاهد المسرحيتين في مدينة بنزرت بتونس حيث تعرض ذات والرداء الأحمر المصرية الساعة التاسعة صباحا، وتعرض ذات الرداء الأحمر من روسيا الساعة الثانية عصرا.
المسرحية أزياء هدي السجيني، ديكور شادي قطامش، إضاءة أبو بكر الشريف، استعراضات مصطفي حجاج، مكساج وموسيقي تصويرية شريف الوسيمي.

مقالات مشابهة

  • القوات البحرية تحبط محاولة لتهريب كمية من المواد المخدرة عبر سواحل البحر الأحمر.. صور
  • القوات البحرية تحبط محاولة لتهريب كمية من المواد المخدرة عبر سواحل البحر الأحمر
  • منافسة قوية بين مسرحية "ذات.. والرداء الأحمر" المصرية ونظيرتها الروسية
  • بعد سقوط « الأسد».. روسيا تتلقى صفعة مزدوجة من السودان وليبيا
  • موسكو: السودان لم يرفض إقامة قاعدة روسية في البحر الأحمر
  • سوريا.. القوات الروسية تخلي قاعدة بعد 5 سنوات من التمركز فيها
  • البحرية الأمريكية كادت أن تسقط مقاتلة أخرى فوق البحر الأحمر
  • نيوزويك: بوتين يتلقى ضربة مزدوجة من السودان وليبيا بعد تراجعه بسوريا
  • سفير السودان لدى موسكو: لم نرفض استضافة قاعدة عسكرية روسية
  • على ساحل البحر الأحمر..السودان: مصرون على إقامة قاعدة روسية