البرهان وصناعة العديد من الأقواس
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
عندما أطلق الزعيم الألماني أوتو بسمارك مقولته التي باتت معلم لتعريف السياسة بالقول " أن السياسة هي فن الممكن" هل كانت المقولة نتاج نجاحه في توحيد ألمانيا. و قد صاحب المقولة لغطا كثيرا، و هناك من يقول " أن السياسة فن المستحيل" و في كلا الحالتين أنها تعتمد على فن ممارسة السياسة. و كل يحاول أن يستخدم المقولة بما يخدم رؤيته.
خرج الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للقوات المسلحة من القيادة العامة إلي منطقة أمدرمان، و تجول في معسكرات الجيش المنتشرة فيها، إلي جانب الالتقاء بالمواطنين، ثم أنتقل إلي اتبره و أخيرا بورتسودان. أراد البرهان من جولته التأكيد على أن الجيش هو الذي يفرض سلطته على مجرى العمليات العسكرية، و هو الذي يمسك بزمام المبادرة و القيادة. و على منبر قاعدة فلامنغو قال البرهان " ليس هناك صفقة مع المتمردين و لم أخرج من الخرطوم عبر صفقة لكن خروجي تم بترتيب من الجيش السوداني" و أضاف قائلا " نكرس كل جهودنا القتالية لإنهاء التمرد و الخروج من هذه المحنة أقوياء. و أن كل الشعب السوداني يقف مع الجيش و سوف نهزم هذا التمرد و الخيانة" بالجولة و هذه الكلمات يفتح البرهان العديد من الأقواس لكي تخط داخلها رؤيتها لمجريات الأحداث و تبين رغباتها إذا كانت في الحل أو في السلطة.
في الرحلة الأخرى ( دولة مصر العربية) غير البرهان بزته العسكرية بالبدلة المدنية و هي إشارة تفهم أنه يقبض على السلطتين المدنية و العسكرية، و أن الزيارة تتطلب البدلة المدنية لأنه سوف يخوض في الشأن السياسي. و قد تم استقباله بأنه رمز الدولة، و يعد اعترافا من مصر أن البرهان هو السلطة المعترف بها و يجب التعامل معها، ظهر ذلك في استقباله امام سلم الطائرة و فرش السجاد الأحمر. و مصر تمثل منبر مهما في الإقليم ين العربي و الإفريقي و أيضا في العالم، و سوف يعكس الصورة الحقيقية للحرب الدائرة في السودان. أن البدلة المدنية تتطلب تخفيف حرارة اللغة و تخفيف نبراتها، لذلك استطاع أن يوصل ذات الكلماته التي قيلت في قاعدة فلامنغو بصورة مخففة و لكنها تحمل ذات المعنى و ذات الرسالة. عجزت القوى السياسية أن تضع الكلمات المناسبة بين الأقواس لحرارة كلمات منبر فلامنغو.
قال البرهان في منبر مصر "أننا نسعى إلي وضع حد للتمرد" و تعني كلمة وضع حد في الحديث السوداني تعني نهاية الشيء، على أن لا يمد رأسه مرة أخرى. و هذا يؤكد حديثة الأول في منبر فلامنغو. و قال البرهان "إقامت فترة أنتقالية حقيقية يستطيع بعدها الشعب السوداني أن يؤسس دولته من خلال انتخابات حرة نزيهة يختار فيها الشعب من يحكمه، أن القوات المسلحة قوات قومية ليس لديها أية نزعة للإستيلاء على السلطة، و ليس لها أي نزعة للإستمرار في أنها تحكم السودان" و أكد البرهان أن الجيش لا يريد الاستمرار في السلطة لكنه تحدث عن فترة إنتقالية حقيقة، هذا يعني أن البرهان ربما يتجه إلي تكوين حكومة تصريف أعباء و هي التي سوف تهيء البيئة للانتخابات العامة. خاصة أن البلاد تحتاج إلي حكومة تطلع بمهام المواطنين. الملاحظ أن بعض قيادات الحرية و التغيير وضعت عباراتها تعليقا على حديث البرهان في مصر، بأن البرهان أكد أن الجيش لا يريد الاستمرار في السلطة. إلا أنه أكد أن الجيش سوف ينسحب من السلطة بعد الانتخابات. أن حديث البرهان في قاعدة فلامنغو ببورتسودان، و أيضا في العلمين بمصر يحتاج من القوى السياسية أن تدرسها بوعي، و بعيدا عن تأثير الرغبات الخاصة في السلطة، و هي الرغبات التي كانت سببا في هذه الحرب الدائرة في البلاد، حتى تسهل عملية الانتقال من الفترة الانتقالية إلي الشرعية الدستورية. و نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السلطة أن الجیش
إقرأ أيضاً:
لماذا يخشى الفريق البرهان د. عبد الله حمدوك ؟
في لقاء في قناة الجزيره مباشر تم بين السيد مبارك الفاضل والاعلامي المتميز احمد طه اشار مبارك الفاضل ان علم من احد المسئولين الاميريكيين ان الفريق البرهان اوضح بأنه لا يمانع في عقد صفقه محدوده مع الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) لانهاء الحرب و ابرام اتفاق للمصالحه . مع رفض تام لاي اتفاق او تفاهم مع د عبد الله حمدوك واذا صحت هذه الروايه اري ان ذلك امر غير مستبعد .
الاسباب التي تجعل امكانيه وجود مثل هذا التفكير متعدده منها ان هذه الحرب شأن غيرها لابد ان تنتهي بتفاوض بغض النظر عن نتيجتها حاليا موقف الجيش تغير فقد تمكن من تحقيق انتصارات مكنته من استعادة معظم المناطق ما عدا اقليم دارفور و كردفان و جزء من النيل الازرق لكن حميدتي تمكن اخيرا من قلب الطاوله بالدعوه لحكومه موازيه وتكوين مجموعه من دارفور استقطبت اخرين محسوبين علي الشمال والشرق اهم اختراق كان ضم السيد عبد العزيز الحلو لهذا التحالف هذه الحكومه ان قامت تعتبر حكومه امر واقع قدلا تعترف بها دول كثيره لكن الحكومات بالرغم من رفضها علانيه الا انها ستتعامل معها لتبادل المصالح و المنافع وقد تمدها بالاسلحه المتطوره مما يعني استمرار الحرب ومن يدري قد تعود للمناطق الشماليه حاليا قوات الدعم تستهدف مروي و تقطع خدمات الكهرباء من المنطقه.
بناء عليه اعتقد يمكن فهم مثل هذا التفكير لكن هذا يطرح رأي اخر لماذا يرفض تماما التفاهم مع د حمدوك فهو ومجموعته لم يعادوا البرهان ولم يناصروا الدعم السريع كل ما دعوا اليه ايقاف الحرب . الا ان البرهان خون د حمدوك ومجموعته وتم فتح البلاغات ضدهم و محاولة شيطنتهم .
محاولة التقرب من حمبدتي ونبذ د حمدوك مبرره من جانب البرهان لانه وحميدتي بينهم مشتركات فهما مطلوبين للعداله لارتكاب جرائم في دارفور وفي فض الاعتصام وفي اقتسام الموارد ونهبها والاتفاق في ذلك مع دول اجنبيه وايمانهما بالنظام الشمولي ورفض اي حكم مدني يعرضهم لفقد السلطه
والمساءلة.
اما د. حمدوك من الجانب الاخر فهو يتبنى طرح الحكومه المدنيه مما يعني تدوال السلطه والقضاء المستقل وتحجيم دور الجيش من العمل السياسي او الاقتصادي والشفافيه وغيرها من المطلوبات اضافه مما يتعارض مع مصالح البرهان والمجموعه الاسلاميه اضافه لحميدتي مما يعقد الامر علي البرهان وحلفائه ان شخصية د حمدوك لديها قبول داخلي معقول و خارجي كبيرمما يمكن التعويل عليه في اعمال اعادة الاعمار باستقطاب الدعم لمكانته و مصداقيته وعدم امكانية رشوته بمنصب او منفعه خاصه الامر الذي يجعل حمبدتي الخير الافضل حميدتي دون د حمدوك و ينطبق ذلك علي مسانديه من الحركات المسلحه اما مجموعة كرتي تري ان مثل هذا الحلف يمكنها من استعادة نظام الانقاذ النفوذ بفضل ما لديها من نفوذ في الجيش و الاعلام و الجهات الامنيه و اموال راكمتها خلال فترة هيمنتها علي المجال العام خلال العقود الثلاثه من الحكم منفرده الا ان مثل تلك العوده تعتبر مصدر خطر علي السودان خطر محلي وخارجي قد يؤدي الي حالة من الثأر وعدم الاستقرار لارتباطها بجماعات اسلامويه متطرفه قد تؤدي الي حظر التعامل مع السودان مرة اخري . باختصار يمثل ثنايئ البرهان حميدتي شراكه مصالح ومنافع مشبوهه مرتبطه بدول تستغل حاجتهم للمال والسلاح ضد مصالح السودان كل ما ورد يؤكد علي ان خشية البرهان من عودة د حمدوك مرة اخري يعني خروجه من المشهد تماما وامكانية تعرضه للمحاكمه مثل هذه المخاوف مبرره الا ان عليه ان يحذر من مكر التأريخ وما حدث في سوريا مؤخرا وللبشير قبلها عظة لمن اراد ان يتعظ .
modnour67@gmail.com