مسلسل “غسيل”.. معالجة مشوقة لقضية شائكة
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
متابعة بتجــرد: يطرح مسلسل “غسيل”، الذي بدأ عرضه على منصة “شاهد” بداية أغسطس، قضية اقتصادية وسياسية واجتماعية في غاية الأهمية، وهي غسيل الأموال، بما تحمله من أضرار ودمار للدول ولبسطاء الناس، فيما تحمل الخير الوافر دون حساب، للقلة المنتفعة من ورائه، سواء أصحاب الأموال غير الشرعية الأصليين، الذين حصلوا عليها غالباً من تجارة سلاح أو مخدرات أو بشر، وحتى المنتفعين الصغار الذين يغسلون هذه الأموال مقابل عمولات كبيرة.
لا يتعرض “غسيل” من قريب أو بعيد لهذه الخلفيات المعروفة سلفاً، ولكنه يرسم صورة درامية نابضة بالحياة لتأثير هذا الـ”غسيل” على بعض الأفراد البسطاء، الذين صعدوا إلى قمة الثراء الفاحش، والشهرة الأكثر فحشاً، فجأة، لكنهم باتوا مهددين بالسقوط من أعلى هذه القمة في أي لحظة.
الشخصيتان الرئيستان في المسلسل هما حنين (شجون الهاجري)، وحسن (عبد الله بو شهري)، زوجان شابان متحابان، تزوجا رغم اعتراضات الأهل من الجانبين، وكانا يعتقدان أن الحب يكفي لكي يعيشا سعيدين إلى الأبد.
لكن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تزداد سوءاً كل يوم، وتصل إلى ذروتها باحتراق شقتهما، وإفلاسهما، تدفعانهما لقبول عرض “فاوستي” (نسبة إلى فاوست، الذي باع روحه للشيطان).
ذات ليلة مريبة (يتضح لاحقا أنها مدبرة)، يلتقي الإثنان بصديق قديم لحسن (عبد الله عبد الرضا)، وزوجته مريم (زينب أحمد)، اللذين يبدو عليهما الثراء بشكل لافت، والناتج، على حد زعمهما، عن بعض الأعمال الصغيرة التي يديرانها. https://cdn.iframe.ly/XSRmzKO
وتحت وطأة الظروف السيئة من ناحية، وملاحقات الصديقين الأفعوانية، يقبل كل من حسن وحنين بعد تردد أن يعملا في غسيل الأموال، أملا في تجاوز أزماتهما وتحقيق أحلامهما، وبالتحديد حلم حنين بأن تصبح مصممة أزياء مشهورة.
ويتضح أن كل من حنين وحسن وعبد الله ومريم “عرائس” تحركها يد واحدة، هي سيدة الأعمال حصة (عبير أحمد) التي تلعب دور الشيطان “مفيستوليس” في هذه النسخة الكويتية المعاصرة من “فاوست”.
يبرع الكاتب فهد العليوة والمخرج أحمد عبد الواحد في اقناعنا بإمكانية وقوع أكثر الناس براءة ونزاهة في غواية الثراء والسعادة، وبفضل اختيار الممثلين الموفق، خاصة الهاجري وبوشهري اللذين، بجانب موهبتيهما وحضورهما التمثيلي اللافت، تجمعهما كيمياء جذابة، تدفع المشاهد للتعاطف معهما والتمني بأن ينجح حبهما في التغلب على العقبات، وحتى عندما يسقطان في الجانب المظلم، يظل المشاهد متعاطفاً وراغباً في رؤيتهما ناجحين، رغم إدراكه أنهما تحولا إلى مجرمين.
هذه المشكلة نجدها في معظم الأعمال التي تدور حول أبطال “ساقطين” يؤدي أدوارهم نجوم محبوبين.
ولكن صنّاع “غسيل” لجأوا إلى حيلة درامية ذكية لتقليل هذا التعاطف، وتذكير المشاهد طوال الوقت بخطورة ما يحدث، ورغم أن هذه الحيلة تم استخدامها في الكثير من المسلسلات في الآونة الأخيرة، إلا أنها موفقة ومتوافقة تماماً هنا.
تتمثل هذه الحيلة في بدء كل حلقة بـ”مشهد مستقبلي” Flash Forward لما يحدث للأبطال من تداعيات اختيارهما وعواقبه، وهو ما يبقي المشاهد دوماً في حالة شك في سعادتهما ونجاحهما الغامر، الذي يستمر عدة حلقات، قبل أن يبدأ عالمهما في الانهيار.
من ناحية ثانية ينتقل المسلسل، مع انتقال بطليه إلى عالم الأثرياء، إلى موضوع آخر هو مواقع التواصل الاجتماعي، والدور الذي تلعبه في صنع أسماء بعينها والترويج لها، واستخدام هذه الشهرة كغطاء لأعمال مشبوهة مثل غسيل الأموال.
ورغم أن عالم الـ”سوشيال ميديا” أصبح محوراً للكثير من الأفلام والمسلسلات في السنوات الأخيرة، إلا أن فكرة الربط بين هذا العالم وغسيل الأموال وغيره من الجرائم المنظمة فكرة جد جديدة، كنت أتمنى لو أن المسلسل أعطاها مزيد من التركيز، ليكشف للمشاهدين قدر الزيف والخداع الذي يعيشون فيه أثناء جريهم وراء نجوم الـ”سوشيال ميديا”.
حنين التي نشاهد تصميماتها تفشل ولا تلقى اهتماماً يُذكر خلال الحلقات الأولى، تصبح بفضل ألاعيب الـ”سوشيال ميديا” أهم مصممة أزياء في الشرق الأوسط، وحسن الذي لم يدخل المطبخ في حياته يصبح أهم “شيف” على وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن يأتون له بطباخين من الباطن!.
ومع أن كل حلقة تبدأ بالتنويه المعتاد أن أي تشابه بين المسلسل والواقع ليس مقصوداً، إلا أنه من الواضح أن صنّاع العمل اعتمدوا على بعض الشخصيات والوقائع المعروفة والشائعات المتداولة.
في 8 حلقات فقط (مدة الحلقة 45 دقيقة)، يحاول “غسيل” أن يقول أشياء كثيرة، ولكن ربما الوقت لم يخدمه، أو ربما تركيزه الزائد على قصة حسن وحنين.
ففي النهاية يخرج المرء غير مشبعاً تجاه بعض الشخصيات والأحداث التي كانت تستحق مزيداً من الاهتمام. من ذلك مثلاً شخصية حصة التي لا نعرف كيف أصبحت على هذه الدرجة من الشر ولماذا، ومن وراءها، وما قصة ارتباطها بشقيق حنين الضابط ثم هجرانها له فجأة، كذلك كواليس وتفاصيل عالم الـ”سوشيال ميديا” والتلاعب به من قبل من يملكون الأموال، لكي يجنوا مزيداً من الأموال، أو ليغسلوا بعضا من هذه الأموال، كانت تحتاج أيضاً إلى اشباع.
وتتجمع هذه المشاكل لتظهر في الحلقة الأخيرة التي تعاني من بعض الاضطراب الناتج إما عن الاضطرار إلى “تقفيل” العمل بسرعة، أو وجود تدخلات وآراء مختلفة أدت إلى وجود أكثر من نهاية، فمرة يموت أحد الأبطال، ويتبين أنه حي، ومرة تموت إحدى البطلات، ويبدو أن لا أحد يهتم، ومرة نرى الأبطال ينجون بفعلتهم، ومرة نسمع أنهم في الطريق لأن يلقوا جزائهم!
بشكل عام يتسم “غسيل” بسرعة الايقاع والتشويق وبالتمثيل الجيد من معظم الممثلين، ووسطهم تتألق شجون الهاجري بوجه وأداء طبيعي يؤكد اختلافها وموهبتها، وهي بالفعل أكثر شخصيات وعناصر العمل لمعاناً.
وإذا كان هذا أول عمل كويتي من انتاج منصة “شاهد”، فغالباً لن يكون الأخير، بعد أن أثبت فريق العمل أن في الكويت مواهب تستحق أن تعمل وقصص تستحق أن تروى.
main 2023-08-30 Bitajarodالمصدر: بتجرد
كلمات دلالية: غسیل الأموال
إقرأ أيضاً:
من وحي مسلسل ساعته وتاريخه.. أمور تكشف عن تورط ابنك في «الدارك ويب»
يمتلئ عالم الإنترنت المظلم «Dark Web» بالجريمة الخفية، واللهث وراء الأموال حتى وإن كان على حساب جثامين الأبرياء والاستيلاء على أعضائهم، بل وتمثيل الجرائم لبيعها كمادة مصورة مقابل الأموال، وهذا ما تناولته الحلقة السادسة من مسلسل «ساعته وتاريخه»، الذي يعرض عبر قناة DMC، والتي عرضت حادثة حقيقية لا تزال تُبحث وقائعها في أروقة المحاكم المصرية، راح ضحيتها شاب في مقتبل العمر على يد أحد جيرانه.
الحلقة السادسة من مسلسل ساعته وتاريخهبدأت الحلقة السادسة من المسلسل، التي حملت عنوان «تفاحة»، مع شخصية «سمير»، التي يجسدها الفنان سليمان عيد، حيث يعمل في إحدى العيادات، ويقوم بقتل الضحايا وتصوير فيديوهات لتشريحهم، ثم بيعها على موقع «الدارك ويب»، وتتوالى الأحداث الدرامية المؤلمة، حيث يكتشف «ظاظا»، الذي يجسد دوره إسلام خالد، أن شقيقه «بندق» كان أحد ضحايا «سمير»، ما يدفعه إلى تسليمه للعدالة قبل أن يصبح هو الضحية التالية.
وسرعان ما عاد البحث مُجددًا على جرائم الدارك ويب، وضرورة حماية الأبناء من الانخراط في البحث عنها.
ما هو الدارك ويب؟بحسب موقع «سبوتنيك»، يُطلق مصطلح «الدارك ويب» على المعاملات السرية التجارية التي تُجرى من خلال متصفحات خاصة. ويؤكد الخبراء أن مستخدمي هذه الشبكة مخفيّو الهوية تمامًا.
ووفقًا لشركة «كاسبرسكي» المتخصصة في برامج مكافحة فيروسات الإنترنت، فإن مواقع الدارك ويب هي شبكة سرية تتكون من مجموعة من المواقع الإلكترونية المخفية، وتُستخدم في الأنشطة المشبوهة وغير القانونية مثل شراء أرقام بطاقات الائتمان، وتداول المخدرات والأسلحة، والعملات المزيفة، وبرامج القرصنة، وجرائم القتل وسرقة الأعضاء.
لماذا يتجه الأطفال لمواقع الدارك ويب وعالم الجريمة؟كشف الدكتور وليد هندي، استشاري الطب النفسي، خلال لقاء مع قناة «إكسترا نيوز»، أن حب الفضول يدفع الأبناء لاستكشاف هذه المواقع، بالإضافة إلى بعدهم عن الوالدين الذي يجعلهم فريسة سهلة لعصابات الدارك ويب، مشددًا على أهمية تقرب الأسرة من أبنائها ومناقشتهم للحد من فضولهم تجاه هذه المواقع.
كيف تحمي أطفالك من مخاطر تصفح مواقع الدارك ويب؟موقع «اليونسيف» الرسمي، كان قد قدم عدة نصائح لأولياء الأمور لحماية أولادهم من تصفح المواقع المشبوهة والدارك ويب، جاءت على النحو التالي:
ادخل على «Safe Search» من أيقونة «الإعدادات» على الصفحة الرئيسية لمتصفح الويب ثم قم بتفعيل «البحث الآمن» على متصفحك لتحديد المحتوى الذي يمكن لأطفالهم الوصول إليه أثناء تواجدهم على الإنترنت.
اختار «Privacy Settings» على التطبيقات والألعاب الإلكترونية
قم بإخفاء الكاميراقم بتغطية كاميرات الويب عند عدم استخدامها.
أمور تكشف تورط أبنك مع الدارك ويبمراقبة الأطفال أمر حتمي، لأن الأمر لا يتوقف فقط على وضع معايير خاصة لمراقبة ساعات استخدامهم للإنترنت بل تصفح المواقف التي قاموا بالدخول عليها، إذ هناك بعض الروابط التي تكشف تورط طفلك في تصفح المواقع «المشبوهة» المرتبطة بالـ «دارك ويب»، وهو ما أوضحها المهندس أحمد طارق، استشاري أمن المعلومات، لـ«الوطن»، على النحو التالي:
على أولياء الأمور في الدخول على الإعدادات «Setting» واختيار التطبيقات «Apps»، ثم الدخول على المتصفح Chrome أو Safari على هواتف طفلك، ثم فحص سجل البحث، والتطبيقات الموجودة.
وأشار استشاري أمن المعلومات إلى بعض المتصفحات التي تؤكد محاولة طفلك الدخول على مواقع الدارك ويب، وهي «onion»، «تور» أو «Tor»، والتي تشير لدخول طفلك على مواقع الدارك ويب.
ونصح المهندس أحمد طارق في النهاية، بضرورة التخلص من وجود تطبيقات VPN على هواتف الأطفال.
الخط الساخن لمنظومة الشكاوىالجدير بالذكر إن الحلقة 6 من مسلسل ساعته وتاريخه، كانت انتهت بعرض بأرقام الخط الساخن لمنظومة الشكاوى الحكومية الموحدة برئاسة مجلس الوزراء، والخطوط الساخنة لخدمات وزارة الصحة والإسكان وهيئة الإسعاف والمستشفيات ونجدة الطفل والخط الساخن للمنصة الإلكترونية للصحة النفسية وعلاج الإدمان، والخط الساخن للإدارة العالمة لتكنولوجيا المعلومات للإبلاغ عن جرائم الإنترنت والخط الساخن لقطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية، والإدارة العامة للحماية المدنية ورقم الإغاثة المرورية والإدارة العامة لمباحث الأموال العامة وجرائم غسيل الأموال ومكتب شكاوى المرأة التابعة للمجلس القومي للمرأة، للإبلاغ عن أي جريمة.