فيلم “أشكال”.. نار “البوعزيزي” التي لم تخمد
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
متابعة بتجــرد: بعد رحلة طويلة، انطلقت منذ عرضه في مهرجان كان السينمائي عام 2022، ضمن تظاهرة نصف شهر المخرجين، حصل الفيلم التونسي “أشكال” للمخرج يوسف الشابي، على جائزة السوسنة السوداء في ختام فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان عمّان السينمائي الدولي.
تنضم هذه الجائزة إلى حصاد الجوائز الكثيرة التي جمعها العمل الأول للمخرج الشاب عبر أكثر من عام، أبرزها جائزة حصان ينينجا الذهبي في الدورة الـ28 من مهرجان عموم أفريقيا للسينما والتلفزيون “فيسباكو” في واجادوجو، وجائزة النقاد في مهرجان “نوشاتال” في سويسرا، وجائزة أفضل فيلم في مهرجان السينما بالبوسفور في تركيا، كما حصل على تنويه خاص في مهرجان نامورا، وتوج بالجائزة الكبرى لمهرجان مونبلييه للسينما المتوسطية في فرنسا.
ينطلق “أشكال” من سؤالين أساسين يستخدمان عادة لجذب المتلقي ناحية الاستغراق في التحديق جهة الشاشة، تماماً مثل شخصيات الفيلم التي يتعلق بصرها بالنار التي تخرج من كفوف ذلك الرجل الغامض مشعل الحرائق الباردة ذات الأثر الغريب، والسؤالين هما: ما الذي يحدث؟ ولماذا؟.
فيما بدا أنه مهمة عادية، يبدأ المحققان “بطل” محمد قريع، و”فاطمة” فاطمة وصايفي، في التحري عن مقتل حارس ليلي، بأحد المشروعات السكنية الذي تم استئناف العمل به عقب توقفه منذ الإطاحة بـالرئيس التونسي الأسبق “بن علي”.
وفي المشاهد الأولى، نرى ألسنة الدخان تأتي من جانب أحد الطوابق العالية في البنايات الحديثة لحدائق قرطاج، حيث تقع أغلب حوادث الحريق، وحيث يسكن المكان، كما سنعرف فيما بعد الشعلة البشرية التي تسحب الكل إلى النار بصورة غرائبية.
من الطابق العلوي، وحيث يعاين “بطل” و”فاطمة” الجثة، نراها نائمة على جانبها والمدينة في الخلف، كأنما الجثة المحترقة علم منكس أو ماضٍ لا يزال حاضراً يذكرنا بجثة شهيرة لمحترق قبل 13 عاماً أو إرهاصة بالمزيد من التفحم الذي سوف تشهده المدينة.
بمهارة درامية يوحد السيناريو بين المحققين والمشاهدين، محاصراً إياهم بين قوسي السؤالين اللذان أشرنا لهما؛ فالجثث العارية المحترقة تتزايد بلا سبب واضح، فما الذي يحدث في حدائق قرطاج يجعل المواطنون على اختلاف مشاربهم وحيواتهم يذهبون كي يقتبسوا النار من كفا هذا الرجل المشتعلين؟!، ولماذا يتركون أجسادهم تذوب في لهيبها دون أن يقاوموا الأنصار والتفحم؟!.
لا يكتمل معنى السؤالين السابقين ولا ينجزان مهمتهما في تأطير الإثارة والغرائبية الجاذبين، إلا بسؤال ثالث يحمل عمق المجاز أكثر مما يروم إجابة مباشرة؛ إنه سؤال النار!.
النار التي ارتبطت منذ ديسمبر 2010 بالجثة التي أشعلت شرارات الحراك السياسي العربي عبر عقد كامل، لكأنما أصبح محمد البوعزيزي التونسي خاطرة في خيال الحريق نفسه، فكلما شاهدنا رجل يحترق أياً كان السبب، تذكرناه بشكلٍ لا إداري، وبوعي لا يتمكن من المراوغة!.
هل يمكن أن يكون ذلك الرجل الغامض مشوه الوجه الذي تشير التحريات الشحيحة والمعلومات غير المؤكدة أنه سبق له التعرض للحريق؟، هو البوعزيزي نفسه وقد بعث كالعنقاء من بين الرماد لكي يطرح سؤال النار على الجميع؟، فربما تبدو هذه الفرضية ذات صلة مباشرة بعدة عناصر تسلم بعضها بعضاً عبر سياق الفيلم.
في البداية لدينا المكان، أول ما يظهر في الشريط السينمائي، العمائر الحديثة رمز الدولة التي كان من المفترض أن يكتمل بنائها لولا رحيل رئيسها، دولة تحت الإنشاء ولا تزال، وربما في هذا مجاز مقبول فيما يخص حضور بنايات حدائق قرطاج التي يعرفها الفيلم في البداية كمكان حقيقي موجود بالفعل وليس متخيلاً.
في هذه البنايات الأسمنتية يقطن الرجل الغامض مشعل الحرائق، الذي يبدو كطيف البوعزيزي نفسه بقليل من الخيال!.
ولدينا تلك الأشكال الغريبة المرسومة على سلالم البنايات والتي تبدو أقرب لرموز مبهمة، لكنها بلا شك نتاج وعي مضطرب بالقلق والرفض والتمرد والغضب، إنها أشكال موسومة فوق أسمنت الذاكرة لا تفارقه، وبالتالي يمكن لنا أن ندرك المغزى وراء تكرار الكاميرا على رصد تكوينات بصرية تلعب فيها البنايات أدواراً مختلفة كالقواطع والفواصل بين الشخصيات والأقفاص والقضبان والعلب الضيقة، أو الأسقف العالية المبهمة التي لا يبدو أنها تحمي قدر ما تغطي على فساد ما تحتها.
على نفس هذه السلالم المفعمة بالأشكال يصعد الكثير ممن يخلعون ملابسهم ويحرقون أنفسهم بعد أن يرسل لهم الرجل الغامض فيديوهات قصيرة عن شخص يتحرك مثل شعلة بشرية لا تموت!، لدينا أيضاً إشارات عن الهيئة الوطنية لتقصي الحقائق! والتي تبدو مثل مؤتمر رسمي إداري، بينما النار لا تزال تأكل في أجساد المواطنين بالخارج، ربما لأن شيئا لم يتغير!.
في الحقيقة، فإن السؤال الأهم الذي يطرحه ظهور الهيئة على منصة عالية وخلفها عنوان مهمتها الجليلة، هو: لماذا يستمر المواطنون في حرق أنفسهم؟، هل بسبب أن عناصر السلطة وعلى رأسها الشرطة لا تزال على درجة عالية من شح الضمير؟، كما نرى في شخصية الضابط الخنزيري “بوهلال” الذي يوجه قبضته الملوثة بالفساد للجميع، حتى بما فيهم المحققة “فاطمة” نفسها، وذلك بدلاً من أن يحقق بصورة عادلة في حوادث الحرق المتوالية ضمن نطاق دركه، أم هل لأن رئيس “بوهلال” نفسه أكثر فساداً منه رغم كونه من مرتادي المساجد! حتى أنه لا يتورع حين يتحصل “بطل” على معلومات حول ضلوعه في جرائم فجة أن يطلق عليه كلاباً شرسة لتلتهمه أمام ابنته في جراج المستشفى التي استقبل فيها طفله الجديد.
رغم أن النار بحضورها وحمرتها وألسنتها المستعرة، تبدو باسطة نفوذها الساخن على الكثير من المشاهد، إلا أن الشخصية اللونية للفيلم يغلب عليها الرمادي الأسمنتي!، وهي ملحوظة ربما تجعلنا نعيد البحث عن مجازات أخرى للنار غير كونها إعلاناً عن التمرد والغضب والرغبة في الصراخ عبر اللهب.
تدور التحقيقات ضمن أجواء شتوية باردة وباهتة، كأن هواء المدينة نفسه عالق داخل ذرات الأسمنت المصمتة، ولكن هذه الرمادية لا يكسرها أو يشوش حضورها الكامل سوى انبعاثات النار في مشاهد اشتعال البشر الذي لا يبدو عليهم أن لديهم أسباب طبيعية أو مفهومة للانتحار، حتى الرجل الشعلة نفسه، لا يتم التوصل إليه عبر تحقيقات الشرطة أو بحثها، بل يبدو أنه قد سلّم نفسه بالفعل لهم بكامل اشتعاله، كأن احتراقه إعلاناً وليس نتيجة أو محاولة للهرب.
هناك أيضاً إشارة يجدر ذكرها، وهي الحالة الاجتماعية والإنسانية لكل من “بطل” و”فاطمة”، فـالأول محقق صارم، لكنه رب أسرة طيب وحنون ودافئ، مثل نهر أبوي متدفق، ترفض معدته حجم العنف الذي يمارسه “بوهلال” على الأبرياء الذي لا يتشبه بهم أحداً غيره.
أما “فاطمة” فهي أقرب لروح وحيدة، تعيش بمفردها، بثلاجة خاوية وفراش نصف بارد، حتى أنها عندما تتصل بصديقها كي يأتي إليها بطعام بعد يوم عمل طويل، نراه في المشهد التالي يقبلها بعد أن انتهى من مضاجعتها، مذكراً إياها أن تأكل شيئاً، ليكتمل خوائها بالمشهد الذي تجلس فيه، كي تأكل من علبة بيتزا بمفردها محدقة للفراغ الرمادي فوقها.
وربما بسبب الخوف من المستقبل أو استحكام الخواء على الواقع، يتورط “بطل” و”فاطمة” أكثر في البحث وراء الحرائق التي تطال الجميع في النهاية.
عقب اختفاء الرجل الشعلة من المشفى، رغم كونه محترق بالكامل -مثلما كان قبل ذلك- وعقب إطلاق الكلاب على “بطل” لأنه رفض تسليم الملف الخاص برئيسه الفاسد، وبينما لا تزال هيئة تقصي الحقائق تستمع إلى شهادات عن العهد البائد، رغم أن الحقيقة تتخذ كل الأشكال الممكنة لتعلن عن نفسها في شوارع المدينة؛ تتسع دائرة النار الجاذبة، ويخرج الجميع من سياراتهم كالفراش المجذوب والمنجذب لفوهة الجحيم التي تتعمق في ساحة بنايات حدائق قرطاج الخاوية، عراة كأنما القيامة قد أذنت.
ويظل السؤال الأخير في عيون “فاطمة” المفتوحة باتساعها على أوار اللهب: هل ينتحرون أم يتطهرون؟، هل يتمردون أم يستسلمون؟، هل يهربون أم ينضمون له؟، ذلك الذي نرى شبحه في اللقطة الأخيرة، يقف وسط الشعلة الفائرة، كأنما صار هو نفسه الحريق أو صار رمزاً الكل يسعى لأن يتوحد معه اعتراضاً ونجاة.
main 2023-08-30 Bitajarodالمصدر: بتجرد
كلمات دلالية: فی مهرجان لا تزال
إقرأ أيضاً:
“مهرجان الأقصر للشعر” يتواصل وسط زخم إبداعي
شهد مهرجان الأقصر للشعر العربي في يوميه الثاني والثالث زخماً إبداعياً شعرياً وفنياً، حيث أقيمت ندوة أدبية، ومعرض فني، و4 أمسيات شعرية، وسلسلة توقيعات دواوين، وذلك ضمن فعاليات الدورة التاسعة التي تقام تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتنظمها دائرة الثقافة في الشارقة ووزارة الثقافة المصرية.
جاء ذلك، بحضور سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، ود. محمد حساني علي، مدير عام مكتبة مصر العامة بالأقصر، وأ.د. أحمد يحيى حمزة عميد كلية الفنون الجميلة في جامعة الأقصر، ود. صالح عبد المعطي رئيس قسم التصميم في كلية الفنون الجميلة، ومجموعة من الأكاديميين، والطلاب، والأدباء، والفنانين، والجمهور.
وفي ثلاثة أيام من المهرجان بدا المشهد الثقافي مرادفاً للمشاهد التاريخية في الأقصر، وتمثّلت القصيدة في توأمة روحية مع اللوحة الفنية، في مشهد إبداعي أثّث مدينة الجنوب المصري بالصورة الفنية والحبر المضيء بالشعر.
وفي ثاني أيام المهرجان، كان للنقد حضوره البارز، فجاءت الندوة المصاحبة للمهرجان تحت عنوان: “تلاقي الأجناس الأدبية في القصيدة العربية المعاصرة”، وشارك فيها النقاد د. حسين حمودة، ود. كاميليا عبد القتاح، ود. محمد سليم شوشة، ود. نانسي إبراهيم، وأدارها د. محمد النوبي، وسط متابعات حثيثة من الحضور الذي تفاعل مع الباحثين وموضوع الندوة.
قدّمت الندوة انطلاقاً من عنوانها واسع الدلالات بحثاً معمّقاً لتلاقي الأجناس في القصيدة، وطرحت سؤال العلاقة المشتبكة بين الأجناس الأدبية والقصيدة المعاصرة.
وأبرزت مجموعة البحوث والدراسات اتصال السرد والمسرح وارتباطهما بالشعر من جانب، وسلطت الضوء على المستجدات المعاصرة التي طرأت على الكتابة الشعرية لا سيما في التطور التكنولوجي الهائل المتمثّل في الذكاء الصناعي من جانب آخر.
وأشارت د. نانسي إلى أن الدراما الشعرية تتعدى فكرة الحكاية التقليدية البسيطة نحو الدراما المسرحية بكافة عناصرها المستحدثة لتخاطب القاريء على مستويين بمزج جنسين أدبيين (الشعر والمسرح)،حيث تتخطى فكرة (المكان) بوصفه خلفية للأحداث،ليصبح جزءا من الفعل الشعري فيضيف بعدا وظيفيا ديناميكيا للنص الشعري.
وطرح د. محمد شوشة تصورا حول الدوافع والمنابع الأولى لامتزاج الفنون الأدبية وتداخلها، محاولاً مقاربة سؤال مركزي عن تشكّل هذه الظاهرة ودوافعها ومحركاتها العميقة، مؤكداً أنها ترتبط بمراحل اللاوعي الأدبي، والعقل الباطن أكثر من كونها اختيارا أو قصدا لأسلوب فني.
وحاولت ورقة د. شوشة مقاربة هذه الظاهرة في أبعادها النفسية وجذورها الذهنية في إطار طرح المدرسة الإدراكية في النقد الأدبي، وتصوراتها عن جذور اللغة عند الإنسان وطريقة عمل الذهن، كما حاول الباحث أن يقدم استبصارا أعمق بما يحدث في عملية الإبداع الشعري وما وراءها من إجراءات كامنة في الذهن البشري، متناولاً الذكاء الصناعي كحالة استثنائية يعيشها البشر اليوم، موضحاً أن هذا التطور التكنولوجي الهائل أصبح يقدّم نماذج شعرية لافتة.
ورصدت مداخلة د. حسين حمودة عددا من المقاربات النقدية لموضوع الندوة، تتمثل في مجموعة من المقالات وأخرى من الكتب والدراسات الأكاديمة، قبل أن يتوقف عند تمثيل واحد من تمثيلات التراسل مع الأنواع الأدبية في الشعر العربي المعاصر، مرتبط بتجربة الشاعر الفلسطيني محمود درويش.
وخلال هذا التمثيل، في قصائد درويش التي تعبّر عن ثلاثة “أطوار” مرّ بها شعره، لخصت مداخلة د. حمودة إلى أن ظاهرة “الأنواع الأدبية في الشعر” يمكن أن تتنوع على مستوى درجة حضورها، وعلى مستوى ملامحها الجمالية، عند شاعر واحد، عبر مراحل المسيرة التي قطعها، موضحاً “مما يعني، ضمنا، أن هذه الظاهرة قابلة لأن تتنوع وتتباين معالمها من شاعر لآخر، وربما من قصيدة لأخرى”.
وعمّقت د. كاميليا في فكرة تلاقي الأجناس، فأشارت مستعينةً بسجّل تاريخ الأدب العربي إلى أن حدوث ظاهرة التداخل بين الشعر وجنس القصة، وقع منذ العصر الجاهلي ، بما تشهد به المعلقات التي تميزت بثرائها الأسلوبي ” في مجال السردية الشعرية “، ولفتت “طالعنا هذا التداخل في القصيدة العربية المعاصرة – في اتجاهيها : الواقعي والحداثي – ذلك لأنّ الشعراء وجدوا في البنية القصصية المساحة الكافية لاستيعاب خبراتهم الإنسانية”.
وأعقب الندوة، جلسة شعرية شارك فيها الشعراء: سمير درويش، وشيرين العدوي، وعماد علي، وعبيد عباس، ومسعود شومان، وأدارها الشاعر محمود مرعي.
“خيوطُ الظل”
كما شهد اليوم الثاني، افتتاح معرض فني تحت عنوان “خيوط الظل”، وذلك في مقر كلية الفنون الجميلة في جامعة الأقصر، بمشاركة 25 فناناً وفنانة مصريين وعرب.
ويأتي المعرض استمراراً للتعاون بين الكلية وبيت الشعر في الأقصر، تأكيداً على افنتاحه إلى جميع المؤسسات الإبداعية في المدينة، واستمراراً لدعم المواهب الصاعدة في الثقافة والفنون.
وتجوّل الحضور في أروقة المعرض، مطلعين على مجموعة من الأعمال المشغولة بحرفية عالية تستند إلى أفكار ورؤى تعكس إبداع المشاركين.
وفي هذه الأثناء، وبعد جولة فنية، كان الشعر حاضراً في أمسية شعرية أقيمت في الكلية لكل من: حسن الاتلاتي، وشريف أمين، وشعبان البوقي، وصلاح اللقاني، ومحمد طايل، ومحمد عبد الحميد توفيق.
واستمع الجمهور إلى قصائد تناولت الهم الإنساني من جانب، كما عبّرت عن الوجدان وأسرار الذات من جانب آخر.
“توقيع دواوين وقراءات”
شهد اليوم الثالث من المهرجان حفل توقيع ستة دواوين شعرية من إصدارات دائرة الثقافة في الشارقة، لكل من الشعراء: أحمد عايد لديوانه “ظلٌ يحرس النسيان”، ومصطفى جوهر لديوانه “التّيه”، وشمس المولى لديوانها “العبور إلى البر الغربي”، ومصطفى أبو هلال لديوانه “موج.. من فوقه سحاب”، وطارق محمود لديوانه “كنهرٍ ناعسٍ في الظمأ”، ومحمد طايل “استرح أيُّهذا الطريد”، وهو من الفائزين بجائزة القوافي للعام الحالي.
في الجلسة الشعرية التي أعقبت التوقيعات، استمع الجمهور إلى الشعراء: أحمد دياب، وأحمد جمال مدني، وشمس المولى، وعصام خليفة، ومصطفى أبو هلال، وياسمين صلاح.
وأنشد مدني يقول:
كان بابًا على الريحِ قلبي وعيني فريسةُ هذا السرابِ
وكنتُ المُعلَّقَ في سقفِ أيامِهِ كنتُ لونًا تناثرَ بعد ارتعاشةِ ريشةِ رسّامِهِ
كنتُ مختبئًا في الضبابِ وحيدًا تعلقتُ في قشّةِ الذكرياتِ
وذابت كفوفي على ورقي أحرفًا من شَتاتِ مراكبُ باحثةٌ عن فرصةٍ للنجاةِ
وموجٌ عبوسٌ يدقُّ الصواري وينزِعُ أشرعتي من حِبالي تعوَّدَتِ الفرصةُ الذهبيةُ سَحْبَ خطايَ
كمَدِّ البحارِ إلى شاطئٍ في خيالي وكنتُ أديرُ عيونيَ غيرَ مبالِ.
وفي مكتبة الأقصر العامة كان ختام فعاليات اليوم الثالث في أمسية شعرية شارك فيها: أحمد شلبي، وأحمد حسن الفضيل، وحازم مبروك، وصفاء أبو صبيحة، وفرج الضوي، ومحمد عبد الوهاب السعيد.
وقرأ الشاعر الفضيل قصيدة في حب الشارقة، يقول فيها:
لقد ذُقتُ مـــــــن مــــــــــاء الحبيبة قطرةً فأَبدلتُ عين السَّعد بالهاءِ فى السُّهدِ
وإِنِّي وربِّ النَّـــــــاسِ أَهــــــوى حبيبةً بذلتُ لهـــــــا قلبــــي ومــــــا فيه من ودِّ
كــــــــــــأَنَّ بــــــــــــلاد الله دُرٌّ منضَّـــــدٌ لعقـــدٍ علــــــى جيدٍ فـرائـدهُ يُبـــدِي
ومـا تـَمَّ حسـنُ العقدِ إِلاَّ بحسنهَا فشارقتِي فـــي العقـــــدِ واسطةُ العِقـــدِ.
ومضى يستذكر مناطق الشارقة، يقول:
بقصبــائهــــا أَصغَيتُ والمـــوجُ هــــامسٌ لبوح قنــــــاةٍ نــــــــــاعم الجزرِ والمَدِّ
هي الحبُّ قد شـابت عليهِ ذُؤَابَتِي وما شابَ طفلُ القَلبِ مِن أَوَّلِ العهدِ
وليـــلاي لمـا كنتُ قيسًــــا مُتَيَّمًـــــــا وحينَ غــــدا قَلبِي زُهيرا على رشدِ
متـاحفُهــــا علـــمٌ وفـــــنٌّ وحكمَــةٌ مساجدُهــــــا ذِكــــــرٌ يسبّـــحُ بالحَمدِ
بفردَوسِنَـــــا المفقودِ عــادت فَتيَّةً لتمحــــوَ عنَّــــا مــــــــا تكاثرَ من فَقْدِ
وها نحـــنُ من بعدِ الغيــــابِ بِأَدهــرٍ بأَندلسٍ أُخــــرى نعـــــودُ إِلى المَجدِ.
“موقع إلكتروني”
استعرض مدير بيت الشعر في الأقصر حسين القباحي الموقع الإلكتروني الجديد للبيت، مشيراً إلى أن الموقع أصبح فضاءً يلتقي خلاله عشاق الكلمة، لافتاً أنه أصبح من السهولة بمكان مطالعة العديد من الفعاليات والأنشطة المستمرة على مدى العام، مؤكداً أن الموقع في طرحه الحديث يسهّل على المستخدمين الحصول على المعلومة المراد البحث عنها، لا سيما فيما يتعلق بالأمسيات والنصوص الشعرية. كما دعا الشعراء المشاركون في المهرجان إلى إرسال نصوصهم لتحميلها على الموقع.
يشار إلى أن حفل ختام المهرجان سيقام غداً في المسرح المكشوف بساحة معبد الأقصر.