فيلم “غانغوباي كاثياوادي” متعة بصرية تفوق التوقعات
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
متابعة بتجــرد: تعتبر أفلام الجريمة والعصابات دائمًا مصدرًا للجذب والإثارة، وفيلم “غانغوباي كاثياوادي” ليس استثناءً. يأخذ الفيلم جمهوره في رحلة إلى عالم الجريمة المنظمة في مومباي، ويتتبع صعود وسقوط شخصية غانجا من فتاة خجولة في إحدى البلدات الصغيرة في جوجارات إلى أن تصبح سيدة العصابات في عالم كاماتيبورا السفلي.
القصة مستوحاة من كتاب “ملكات المافيا في مومباي” الذي ألفه إس حسين زيدي وجين بورجيس، وهذا يضفي بعدًا تاريخيًا وواقعيًا على الأحداث. يتميز الفيلم بمشاهد بصرية رائعة وإخراج مميز ينقل المشاهدين إلى أجواء ذلك العالم المظلم.
بينما يُقدم الفيلم تجربة سينمائية لا تُنسى من حيث الجمال البصري والأداء الفني، يبقى هناك جانب آخر يترك فراغًا. القصة تترك بعض الجوانب دون سرد كافٍ، مما يترك بعض الأسئلة دون إجابة ويمنح الشخصيات بعض العمق غير المكتمل.
مشهد النساء الواقفات بترحاب على أعتاب “كوثا” (منزل الدعارة) في أزقة منطقة كاماتيبورا الفاتنة في جنوب مومباي، يمثل لحظة واقعية مأساوية مغمرة بالدراما. يروي فيلم “غانغوباي كاثياوادي” الذي قام بإخراجه سانجاي ليلا بهانسالي، والذي تجري أحداثه تمامًا في هذا السياق الصعب في مومباي، حكاية عدد من الشابات اللواتي تم بيعهن إلى أبواب دور الدعارة مقابل مبالغ رمزية، من خلال عيون البطلة غانغوباي (عليا بهات).
الزمان يأخذنا إلى فترة ما في بداية الخمسينيات أو الستينيات، حيث تجد غانجا نفسها، الفتاة البسيطة ذات الروح الشاعرية، تعبث بوعود حبيبها رامنيك (فارون كابور) للهرب بها وبتصوّرات بأنه سيقودها نحو تحقيق أحلامها كنجمة في سينما بوليوود. ومعروف للجميع، تسير الأمور بطريقة مغايرة تمامًا، حيث تتحول غانجا (التي قامت بتغيير اسمها لتصبح غانجو ثم غانغوباي) إلى نجمة منطقة كاماتيبورا، تكون ملاذها مع مرور الزمن، ويصبحن فتيات دور الدعارة عائلتها المقربة، وتتحول كاماتيبورا بأكملها إلى مملكتها. ومع ذلك، تتضمن رحلتها العديد من التحديات والخصوم، فضلاً عن التصنيف الاجتماعي المحيط بها، الذي يكشف جانبها المقاتل الداخلي.
الفيلم يلقي الضوء ببراعة على واقع النساء في تلك الظروف القاسية، وينقل تجربتهن وقصصهن بشكل مؤثر. تظهر عبقرية الإخراج في تقديم المشاهد بواقعية وبعمق عاطفي يعكس صعوبة الوضع وقوة الإرادة في مواجهة. يُظهر الفيلم جوانب الإنسانية والقوة الداخلية لغانغوباي وتحدياتها المتواصلة في هذا العالم القاسي.
عليا بهات تقدم أداءً استثنائيًا كغانغوباي، حيث تنقل براعة وجاذبية مختلف مراحل حياتها، من البراءة إلى القوة والاستقامة. إنها تجسد الشخصية بتأثير كبير وتُضفي عليها عمقًا إنسانيًا يثير التأمل، يتألق أداء عليا بهات في دور غانغوباي بشكل كامل ورائع. تتجسد في دور القائدة في عالم تعج بدور الدعارة والرجال الشهوانيين. قد يحتاج البعض من الوقت ليتأقلم مع فكرة عليا في هذا الدور، ولكن في النهاية، تثبت جدارتها – خاصةً أثناء تقديمها لحوارات متجذرة بالثقة ولحظات مليئة بالجرأة والغريزة القوية.
تمتاز أهمية فيلم “غانغوباي كاثياوادي” بالتركيز على تطور شخصية غانجو عبر مراحل حياتها، ما يمنحه جمالًا استثنائيًا. يعتبر السرد مسيرة بناء تستغرق وقتًا، مع لحظات توقف أحيانًا، ولكنه يترك أثرًا عميقًا من خلال حواراته النابضة بالحيوية ولحظاته القوية.
وحتى في دوره القصير كرحيم لالا، يترك أجاي ديفجان أثرًا قويًا. الفريق الداعم من سيما باهوا، وفيجاي راز، وجيم سارب يقدمون أداءً مميزًا، لكن الوقت المخصص لهم ليس كافيًا لتطوير شخصياتهم بشكل كبير. شانتانو ماهيشواري بدور حبيب غانجو يُقدم أداءً جيدًا، واللحظات المرّة والحلوة بينه وبين غانجو تُضيف أبعادًا إضافية للفيلم.
المخرج سانجاي ليلا بهانسالي يقدم سرده بطريقة متقنة تتماشى مع الكتاب الأصلي، حيث يُقدم كل تحدٍّ ومرحلة كتشابك لحبكة الموضوع. يعتبر الفيلم عملاً مشوّقًا مليئًا بالأحداث، مثل تحول غانجو إلى ناشطة تدافع عن نساء كاماتيبورا، وعلاقتها بالجوانب السفلية للمدينة وطموحاتها السياسية. لحظات النجاح والتأثير تعبّر بإتقان عن توقيع بهانسالي المميز – مع لمسة مرهفة وتألق، ورغم ذلك، لا يستكشف الفيلم جميع تفاصيل حياة غانجو بشكل عميق. قيمة الإنتاج ممتازة، مع تصوير للأغاني بألوان زاهية وبتفنن، مما يجعل غانجو تتألق بين هذه البيئة المشوّشة بألوانها. لكنه لا يترك لدينا سوى بعض اللحظات البارزة من الأغاني باستثناء “دوليدا”.
كما هو الحال في كل أعمال سانجاي ليلا بهانسالي، يأتي هذا الفيلم برونق بصري لافت. عندما تقوم الكاميرا بالتقاط أزقة الضوء الأحمر في منطقة كاماتيبورا في مومباي، تفعل ذلك بأسلوب فاخر وملفت للنظر. وبالفعل، يقدم الفيلم لنا قصة تتناول قضايا ملحة في مجتمعنا، وتسلط الضوء على حياة العاملات الجنسيات، وتثير أسئلة مهمة. ومع ذلك، يظل هناك الكثير من جوانب حياتهن غير المروية. الحبكة تحتوي على مشاهد درامية كبيرة وحوارات تستحق التقدير، وهذا يبقي الجمهور مشدوهًا في الفيلم الذي يبدو طويلًا نسبيًا.
عندما تخرج من دور السينما، يبقى العالم الذي أعاده سانجاي ليلا بهانسالي للحياة يعيش في عقلك. يشد الغموض الذي يحيط بحياة غانغوباي المليئة بالأحداث انتباهك بشدة. لذلك، إذا كنت تبحث عن رؤية حقيقية لحياة غانغوباي، المعروفة أيضًا باسم “ملكة المافيا في مومباي”، فستظل تشعر بالشوق لمزيد من التفاصيل. وعلى الرغم من الأحداث المكثفة في هذه الدراما، تتوفر لحظات كافية تجذبك إلى هذا العالم حيث يبدو أن الليالي لا تنتهي والأضواء لا تتلاشى أبدًا.
View this post on InstagramA post shared by Bhansali Productions (@bhansaliproductions)
main 2023-08-30 Bitajarodالمصدر: بتجرد
كلمات دلالية: فی مومبای
إقرأ أيضاً:
“لقاء الأربعاء”
خطاباته ليست ككل الخطابات، بلاغته تتجاوز حدود اللغات، قريبٌ إلى القلب كأنّه القلب، مندمجٌ مع الروح حتى تحار أيهما الرّوح! هل أنت روح الخطاب أم أن الخطاب روحك أنت!
هل استمعت إليه أم أنك استمعت إليك، لسانه هو أم لسانك أنت، قلبه هو أم قلبك أنت، أم أن السّيّد دائمًا، دائمًا وحسب، دائمًا ولا أقل:
صوت الأمة، وقلب الأمة، وروح الأمة!
على هذا النحو، فسماحة السّيّد عبدالملك الحوثي- دائمًا- لا يتحدث بالنيابة وإنّما بالإصالة: عنه، وعن اليمن، وعن العرب!
عن كافة المسلمين في هذه الأرض، وعن كل الأحرار في أرجاء الدنيا!
دائمًا.. ولأنّ قائد القلوب يتحدّث إلى كلّ القلوب وعنها! لأنّ خطاباته إليها ومنها! فهي تتجاوز الحدود نافذةً إلى كلّ قلبٍ حر.. كلّ روحٍ متّقدة، كلّ هامةٍ مرفوعة، وكلّ ضميرٍ حي!
لهذا فهي، وبالطبع، تتجاوز كلّ الحدود من أقصى الأمّة إلى أقصاها!
وخطاباته دائمًا تصل إلى قلوبنا! لأنها- ببساطة- تخرج من قلوبنا! هي صوت قلوبنا إلى العالم، وموقف قلوبنا من الدنيا!
ولهذا فكلّ خطابٍ، بحدّ ذاته، مناسبة! لحظته لحظةٌ فارقة! لحظةٌ يتحد فيها الكلّ بالكلّ، ويعبّر فيها الجميع عن الجميع!
ولهذا فصوته مزاج قلوب كلّ المستضعفين، تطرب معه أرواحهم محبّةً.. قوّةً، وكرامة! وتنهار منه قلوب المستكبرين خوفًا.. ضعفًا، ومهانة!
لهذا أيضًا، دائمًا، وبعد كلّ خطابٍ تقف قلوبنا صفًّا، قوّتها ريحٌ وكرامتها سحاب:
ها.. أيها العالم! ليكن بعد هذا الخطاب ما يكن لأننا- ما لم يكن خطابنا هكذا- لم نكن! ولأن الشعوب التي ترضى بالذّل كأنّها لم تكن! ولأننا إذا لم نقم بهزّ أركان الدنيا كُرمى لعيون قلوبنا في غزة فليت أنّنا لم نكن، ولأنّ أمريكا، لولا حكّام الذّل المكلّلين بالعار، لم تكن!
ها.. يا صوتنا! مرحبًا وبعد التّحيّة!
نودّ إخبارك أنّنا لطالما بحثنا عنك، في الأركان وبين الزوايا، لطالما هربنا من واقعنا إلى التاريخ المجيد وإلى المحكيّات الغابرة، ولطالما حاولنا انتزاع الصوت منها إلى ما شاء الله! لطالما ولطالما! وفي كلّ «طالما» لم نكن نسمع لأصواتنا- قبل اليوم- صدى!
كنّا نصرخ عبر المدى «واعزّاه» فلا يرجع الصّدى!
تذهب وفودنا إلى أعماق التّاريخ فلا ترجع، ونرسل أصواتنا إلى حُكّام الذّل فلا تُسمع!
ننفخ حكامنا لنا فينتفخون علينا، نحصد لهم كلّ ما في قلوبنا من عنفوان، فيجمعون ما حصدناه وينثرونه في الهواء، ثمّ يركعون على أبواب أمريكا بقلبٍ مستكينٍ وفرائص مرتعدة!
ألا تبّت يدا كلّ حاكمٍ ذليل، وكلّ مُترَفٍ عميل، وكلّ موقفٍ هزيل، وكلّ وجوهٍ بلا ماء، وكلّ حياةٍ بلا كرامة!
لهذا فنحن اليوم- من أقصى الأمة إلى أقصاها- نحتفي بصوتنا إذ نسمعه شجيّا، ينضح بالكرامة والعزّة والشرف- كلّ الشّرف- صادقًا، واضحًا بلا لبسٍ، نديّا.
نحتفي بكرامتنا كما ينبغي، وبشرفنا لا ينقص قيد أنملة، نحتفي ورسالتنا إلى التاريخ واضحة:
فلتتذكّر أيّها التّاريخ، هذا الجيل جيّدًا،
فلتستمع إلى خطابات الشاب، هذا، كما ينبغي!
فلتقل.. لكلّ من يمرّون على صفحاتك ذات يوم:
لقد مرّ على هذه الصفحة جيلٌ لم يمت،
وحينما ذهب إلى الله، لم يذهب ورأسه محنيّة!
وفي صبيحة الأربعاء القادم، في الزاوية ذاتها بإذن الله..
يبقى لنا حديث.