لماذا تعرض نجيب محفوظ للاغتيال بعد نشر الثلاثية؟.. تفاصيل مدهشة
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
يصادف اليوم ذكرى وفاة الأديب الكبير نجيب محفوظ ،الأديب المصري العظيم، لم يكن مجرد روائي بارع، بل كان يتمتع بكل صفات الشخصية المصرية، وبفضل هذه الصفات، استطاع أن يكسب قلوب المصريين على وجه الخصوص، وكذلك العرب والغرب عمومًا.
هل كان يدرك نجيب محفوظ، الحائز على جائزة نوبل، أنه قد خلق 1742 شخصية روائية وقصصية خلال حوالي 60 عامًا، وأن هذه الشخصيات كانت كافية لجعله واحدًا من أعظم صناع الإبداع والسرد والتجسيد في العالم؟
توقف عن الكتابة
بعدما أصدر نجيب محفوظ عام 1957 رواية "السكرية" التي تعد الجزء الأخير من ثلاثيته الشهيرة، انقطع عن الكتابة ودخل فترة من الصمت دامت نحو خمس سنوا، هذا الصمت أعقب مرحلة قيام ثورة يوليو التي وضعت حداً فاصلاً بين ما قبلها وما بعدها، سياسياً وثقافياً وفكرياً، ولعلها كانت أيضاً حداً فاصلاً بين مرحلتين في مسار صاحب "خان الخليلي"، مرحلة ما قبلها وما بعدها.
في فترة ما قبل الثورة كتب محفوظ روايات مهمة رسخت مدرسته التي أسسها وتفرد بها عربياً وتوّجها عبر "الثلاثية"، وفي فترة ما بعد الصمت أو الانقطاع كتب أيضاً روايات مهمة جداً، مواصلاً بلورة مدرسته ومتوجاً إياها مرة أخرى، انتقل خلال هذه المرحلة من الواقعية الاجتماعية إلى الواقعية الرمزية، ثم بدأ نشر روايته الجديدة أولاد حارتنا في جريدة الأهرام في 1959، وفيهااستسلم نجيب لغواية استعمال الحكايات الكبري من تاريخ الإنسانية في قراءة اللحظة السياسية والاجتماعية لمصر ما بعد الثورة ليطرح سؤال على رجال الثورة عن الطريق الذي يرغبون في السير فيه (طريق الفتوات أم طريق الحرافيش ؟) ..بروايته "أولاد حارتنا" الإشكالية وفقًا لما ذكر في كتاب نجيب محفوظ: سيرة أديب من حي الجمالية للدكتور محمد السيد عبد الرحيم
صدرت حديثًا.. «سر الزعفرانة» رواية للكاتبة السعودية بدرية البشر في ذكرى ميلاده..سبب اتهام الإذاعي أحمد سعيد بإذاعة بيانات غير حقيقية عام 1967 أولاد حارتنا أثارت مرحلة الصمت سجالاً كبيراً في حينه بين النقاد والروائيين وطرحت أسئلة كثيرة وشاملة، خصوصاً أنها لم تكن متوقعة من كاتب شديد الغزارة. ماذا يعني أن يتوقف أكبر روائي عربي عن الكتابة لسنوات
وأثارت الرواية ردود أفعالٍ قوية تسببت في وقف نشرها والتوجيه بعدم نشرها كاملة في مصر، رغم صدورها في 1967 عن دار الآداب اللبنانية. جاءت ردود الفعل القوية من التفسيرات المباشرة للرموز الدينية في الرواية، وشخصياتها أمثال : الجبلاوي، أدهم، إدريس، جبل،رفاعة، قاسم، وعرفة. وشكل موت الجبلاوي فيها صدمة عقائدية لكثير من الأطراف الدينية ..
أولاد حارتنا واحدة من أربع رواياتٍ تسببت في فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للأدب، كما أنها كانت السبب المباشر في التحريض على محاولة اغتياله. وبعدها لم يتخل تماماً عن واقعيته الرمزية، فنشر ملحمة الحرافيش في 1977، بعد عشر سنواتٍ من نشر أولاد حارتنا كاملة.
كما أنه قد رفض نشرها بعد ذلك حرصا على وعد قطعه للسيد كمال أبو المجد مندوب الرئيس عبد الناصر بعدم نشر الرواية داخل مصر.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: نجيب محفوظ الشخصية المصرية نجیب محفوظ ما بعد
إقرأ أيضاً:
*مشاجرة مع المستقبل*
محمد القعود
– 1 –
تطلُّ من انغماسك العميق في الوله، ومن تخومك المثقلة بالحنين، وترشق نفسك / ذاتك بسؤالٍ شهق فجأة كبرقٍ مخاتلٍ ومباغتٍ:- ماذا تعمل الآن/ اللحظة، هناك حيث أنت, وهنا حيث من هو أنت, وأنت هو..؟!
– 2 –
تأتنس بك، وبجرأتك عليك، وتقحمّك فيك، في لحظةٍ جسورة، وفارقة ومغايرة للسائد في مدارك ومسارك الحياتي.
– 3 –
تنقفُ جدران التاريخ، بحثاً عن وقائع ومراحل لم يمسسها سخام النسيان، ولم يطأها غبار التهميش.. وتستقرئ خوابيها، وروائح أسرارها المعتقة.
– 4 -تقشّر برتقالة الوقت برغبةٍ محمومةٍ وعارمةٍ، وتفرط رمانة الأيام، بدربةٍ صقلتها لهفة الوصول إلى عذوبة المبتغي.
– 5 –
تقلّبُ أوراق الريح وتفرُّ أسرارها النائمة، وتستبطن مكنون أناشيد فصولها ومواسم عناقها، وظلال خطوطها وسطورها، وتحدق في المتواري خلف وبين فراغاتها المتشاعبة والمتناسلة.
– 6 –
يقشّرُ برتقالة الوقت بأصابعٍ خبيرةٍ في انتقاء طرقاتها، ومساراتها، ومخاتلة النتوءات والزوايا، وتقطيع الضياع والمتاهات وترتيبها كلوحةٍ سريالية في طبق عشاءٍ يتشهاه الفراغ.
– 7 –
تطرقُ نافذة في الحلم، بإيقاعٍ تتقاطر منه اللهفة وتنساب عبره لغة الندى وبوح القلب، ورحيق المشتهى.
– 8 –
تحكُّ جلد الأمس, لعلهُ يتذكرُ وعودهُ لك وتشعبّه في طلاوة أمانيه لميلاد غدك, وتسويغه لتبخّر عطايا يومك ورتقه لفتُوق فاقتك المتعددة الشتات والصدوع ورقعه لخروقك الواهنة والواهية وجبرهُ لكسور خاطرك الدائمة الهطول والحضور والآهة.
– 9 –
تدلُّ الهواء الثقيل, على مصطبةٍ عالية, ودكّةٍ حجرية مترهّلةٍ, كي يُلقي بحمله عليها, ويستريح من بعض عنانه المنفلت وزيغه المزمن وتماديه في تسكع سيرته وتوغلها في غيِّ متاهاته الشرهة الشرود, والمسرفة في السهوم والوجوم.
– 10 –
تتشاجرُ مع المجهول, كلما أطلّ بفجاجةٍ من كوّة نفوذه, وكننه الحصينة, ومارس عاداته اليومية المزمنة باعتراض طريق الضوء, وخدش حياء المعاني المحتشمة, وهتك عرض الآهات المصونة والمستترة.تمسكُ بياقة قميصه, وتلقنه دروساً قاسية في التهذيب الراقي والتعامل الخالي من الكبر والغطرسة, وغمط حق الآخرين في التطلع إلى الأجمل والأبهى.
– 11 –
تتعارك مع البؤس الشرس.. وتلْحق به خدوشاً وكدمات وانكسارات نفسيّة وجسدية عميقة الأثر, تجعله يضمر لك النوايا الملغمة بالتعاسة والمسارات القائمة والمائلة إلى الكابة.تجرجره في شوارع المدينة المكتظة بأشباهه الكُثر, تلقي بجسده المرتجف أمام مقهى الحياة, ليكون عبرة لنفسه, ولمن يغتر بجبروته ويتطاول على ظلال السابلة, ويتحرّش بالأماني الجائلة, وطلائع البهجة والورد وألفة البسطاء ودفْء البيوت العتيقة ومواويل الشجن الحارسة الأمينة لبوح الوجدان والجدران.
– 12 –
تراوغُ الصمت, وتسرّب من بين ملامحه موسيقاك النديّة, وهتافات روحك المعلنة رفضها لكل خنوعٍ وظلم “ وجدبٍ “.
– 13 –
تراوغُ الصمت وتجعله يتوّهم بهيلمانه الرخو, وبطش مخالبه الشمعية.. ورويداً, رويداً تدجّنهُ, وتحوّله إلى منشدٍ جائلٍ في الأماكن العامة, يهجو الظلام والطغيان, ويمجّد الإنسان, ويحرض على معانقة الحياة والمحبة.