بعد خروج تظاهرات في مناطق عدة من محافظتي درعا والسويداء في جنوب سوريا في الأيام الماضية، نشرت صفحات وحسابات سورية على مواقع التواصل صورا ومقاطع فيديو قيل إنها لتظاهرات حديثة مؤيدة أو معارضة للنظام. لكن كثيرا من هذه الصور والمقاطع قديمة.

ومن بين هذه المنشورات فيديو يظهر ما يبدو أنه احتجاج ضد النظام في المسجد الأموي بدمشق، ثم تظاهرة في ما يرجح أن يكون سوق الحميدية في العاصمة السورية.

ويُسمع المتظاهرون وهم يهتفون لمدينة درعا.

وجاء في التعليقات المرافقة لهذا الفيديو "دمشق تنتفض من جديد نصرة لدرعا"، وتاريخ 25 أغسطس الحالي.

جاء في التعليقات المرافقة لهذا الفيديو "دمشق تنتفض من جديد نصرة لدرعا"

وبحسب ما وقع عليه صحفيو خدمة تقصي صحة الأخبار في وكالة فرانس برس، ظهر هذا الفيديو بهذا السياق، يوم الجمعة، في الخامس والعشرين من أغسطس الحالي، وهو يوم سجلت فيه تظاهرات في مناطق عدة في محافظتي درعا والسويداء، في تحركات انطلقت احتجاجا على تدهور الأوضاع الاقتصادية وتطورت إلى المطالبة بإسقاط النظام.

ففي محافظة درعا التي كانت تعد مهد الاحتجاجات الشعبية عام 2011، شارك عشرات السكان، الجمعة، في تظاهرة في بلدة بصرى الشام، مرددين هتافات مناهضة لرئيس النظام السوري، بشار الأسد.

وقال الناشط، أحمد المقداد، على هامش مشاركته في التظاهرة لفرانس برس "خرجنا للتأكيد على استمرارنا في الثورة السورية وعلى مطالبنا التي خرجنا من أجلها عام 2011".

وتظاهر المئات في ساحة الكرامة بمدينة السويداء، في تحرك قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه الأكبر منذ اندلاع الاحتجاجات الحالية.

???? يستمر مئات السوريين في محافظة السويداء السورية بالتظاهر للمطالبة بـ"إسقاط النظام"، واحتجاجاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية.#فرانس_برس pic.twitter.com/ktVYxOeLwB

— فرانس برس بالعربية (@AFPar) August 29, 2023

وردد المتظاهرون، وفق مقاطع فيديو نشرتها شبكة "السويداء 24" المحلية الإخبارية على فيسبوك، هتافات عدة بينها "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"سوريا لنا وليست لبيت الأسد".

وتشهد المحافظتان في الآونة الأخيرة تحركات شعبية أعقبت قرار السلطات رفع الدعم عن الوقود، في خضم أزمة اقتصادية تخنق السوريين بعد أكثر من 12 عاما من نزاع مدمر أودى بأكثر من نصف مليون شخص وألحق دمارا هائلا بالبنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.

حقيقة فيديو التظاهرة المعارضة

لكن الفيديو المتداول لتظاهرات في الجامع الأموي وفي سوق الحميدية قديم.

فعدا عن عدم ورود أي خبر موثوق عن تظاهرة حديثة في دمشق، سرعان ما اشتبه صحفيو فرانس برس أن تكون هذه المشاهد من عام 2011.

وبالفعل، أرشد التفتيش على محركات البحث باستخدام كلمات "تظاهرة- الأموي- 2011" إلى مجموعة من المقاطع المصورة على موقع يوتيوب من بينها المقطع الأول من الفيديو المتداول حديثا. وهو منشور في مارس من ذاك العام.

أما المقطع الثاني في الفيديو، والذي يصور تظاهرة داخل سوق الحميدية في دمشق، فيمكن ملاحظة أن الأشخاص الظاهرين فيه يرتدون ملابس شتوية، ما ينفي أن يكون الفيديو حديثا.

من جهة ثانية، يتشابه هذا الفيديو مع الفيديوهات التي وثقت تظاهرة في سوق الحميدية في 25 مارس من عام 2011.

وخرجت آنذاك تظاهرات كثيرة في مختلف مناطق سوريا ضد النظام وتضامنا مع مدينة درعا التي انطلقت منها الاحتجاجات.

حقيقة صورة التظاهرة المؤيدة

في المقابل، انتشرت صورة قيل إنها تظهر تجمعا كبيرا مناصرا للنظام في مدينة طرطوس الساحلية. إلا أن الصورة قديمة أيضا.

فالتفتيش عنها على محركات البحث يظهر أنها منشورة على مواقع التواصل قبل ثلاث سنوات على الأقل، ما ينفي أن تكون حديثة مثلما ادعى ناشروها أخيرا.

انتشرت صورة قيل إنها تظهر تجمعا كبيرا مناصرا للنظام في مدينة طرطوس

ونشرت الصورة في يونيو من عام 2020، وقال ناشروها إنها لتجمع مؤيد للأسد أقيم هناك في ذاك الوقت.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فرانس برس عام 2011

إقرأ أيضاً:

ملاحقة فلول النظام السوري.. أهداف وأبعاد تتجاوز الجانب الأمني

منذ 26 ديسمبر/كانون الأول 2024 تواصل حكومة تصريف الأعمال السورية عملياتها الأمنية التي أطلقتها ضد من سمتهم "فلول النظام السوري" وذلك على خلفية مقتل 14 من عناصرها الأمنية والعسكرية في هجوم مسلح وقع في ناحية صافيتا بريف طرطوس.

وعلى الرغم من أن الحملة طالت معظم المحافظات الخاضعة لسيطرتها مثل دمشق وحلب، فإنها استهدفت بشكل رئيس محافظات الساحل والوسط (اللاذقية، طرطوس، حماة، حمص)، مع تركيز واضح على النواحي والأحياء التي شكلت طيلة السنوات السابقة معقلا وحاضنة لضباط أمن وجيش نظام الأسد.

ورغم الطابع الأمني والعسكري الواضح للحملة، فإنها تعكس أيضا أبعادا سياسية وقانونية واجتماعية واقتصادية أعمق تصب في إطار إعادة استقرار وبناء سوريا بعد سنوات الحرب، مما يستدعي الوقوف على هذه الأبعاد المختلفة وتأثيراتها المحتملة على المستقبل السوري.

الأبعاد السياسية

تمثّل هذه العملية الأمنية خطوة مهمة نحو ترسيخ الاستقرار السياسي في سوريا، لأن تحركات فلول النظام، التي استهدفت الأجهزة الأمنية والعسكرية، تمثل تهديدا مباشرا لاستقرار البلاد ولمساعي الحكومة في بناء علاقات فاعلة على صعيدي السياسة الداخلية والخارجية تمهيدا للتفرغ لإعادة البناء.

إعلان

إلى جانب ذلك، تزامنت تحركات "فلول النظام" مع تصريحات إيرانية مقلقة تحرّض على الإدارة السورية الجديدة، أبرزها تصريحات المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي، الذي تحدث عن أن الولايات المتحدة تسعى من خلال مخططاتها في سوريا إلى نشر الفوضى وإثارة الشغب لفرض هيمنتها على المنطقة، متوقعا أن تخرج ما وصفها بـ"مجموعة من الشرفاء" لتغيير الوضع الجديد وإخراج من وصفهم بـ"الثوار".

وكذلك تصريحات المتحدث باسم السلطة القضائية في إيران أصغر جهانغير، الذي تحدث عن أن تنبؤات خامنئي حول "ظهور الشباب السوري الشريف والقوي الذي سيدحر المحتلين من أرض بلاده، ستتحقق في القريب العاجل"، وأن "المقاومة الآتية ستثبت انتصار الحق على الباطل" مما يعكس مسعى إيرانيا واضحا للتدخل في الشأن السوري وزعزعة الاستقرار الداخلي عبر تحريض بعض فئات المجتمع السوري ضد الإدارة الجديدة.

من هنا، تبدو هذه العملية كرسالة سياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي:

داخليا، تؤكد قدرة الحكومة على ضبط الأمن واحتواء التهديدات الموروثة من النظام السابق، وفي هذا السياق، تأتي عمليات ملاحقة الفلول ومنع تحولها إلى مجموعات منظمة لديها القدرة على تنسيق عمليات كبيرة ذات طابع منظم، تأتي لتقطع الطريق على لاعبين محليين (قسد نموذجا) لاستغلال أي فوضى في الدفع بمشروع تقسيم أو فدرلة في سوريا المستقبلية. خارجيا، تسعى إلى تحجيم النفوذ الإيراني وأدواته، بما في ذلك القوى الموالية له داخل سوريا، لضمان عدم استخدامها كورقة ضغط سياسية أو أداة لزعزعة الاستقرار.

إضافة لذلك، تسعى الإدارة الجديدة من خلال هذه العملية إلى طمأنة الدول الإقليمية والدولية بأنها قادرة على ضبط الأمن بما يضمن تحقيق انتقال سياسي حقيقي يُرسخ حكم القانون، ويعزز استقرار البلاد، ويمنع تحولها إلى بؤرة توتر وقلق أمني إقليمي ودولي.

إعلان الأبعاد القانونية

تمثّل العملية الأمنية المستمرة خطوة على صعيد سيادة وتطبيق القانون وتحقيق العدالة الانتقالية في سوريا، بما يساعد على طي صفحة الماضي، وإعادة بناء الثقة بين مختلف مكونات المجتمع السوري.

فهذه العملية تستهدف عددا من الشخصيات البارزة المتورطة في ارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين السوريين خلال سنوات الثورة، مثل شجاع العلي الملقب بجزار الحولة، ومحمد نور الدين شلهوم المتورط في تعطيل كاميرات سجن صيدنايا وسرقة الملفات منه قبيل وصول قوات إدارة العمليات العسكرية إليه.

إضافة إلى عدد من الشخصيات الأخرى، التي ارتبطت أسماؤها بانتهاكات جسيمة بحق الشعب السوري، كساهر النداف وسومر العلي وغيرهم من الشخصيات المسؤولة عن الأعمال الوحشية، إن محاكمة هؤلاء الأشخاص ليست فقط مطلبا قانونيا لضمان العدالة لضحايا النظام.

لكنها أيضا تعتبر خطوة أساسية نحو تسوية الصراعات الداخلية، وإن ضمان عدم الإفلات من العقاب يعزز من مصداقية الحكومة الجديدة، ويظهر جديتها في معالجة الشروخ الاجتماعية التي خلفتها سياسات النظام السوري السابق.

انتشار قوات إدارة العمليات العسكرية في قرية خربة المعزة بريف طرطوس في محافظة اللاذقية غربي سوريا (سانا) الأبعاد الاجتماعية

اعتمد النظام السوري السابق في توطيد حكمه على سياسة "فرّق تسد"، حيث عمل على تأجيج النعرات بين مكونات المجتمع السوري واستغلال التوترات الطائفية بهدف تأسيس كتلة بشرية صلبة يعتمد عليها في تثبيت سلطته.

وقد أدّت هذه السياسة إلى شروخ اجتماعية، خصوصا في مناطق الاحتكاك الطائفي مثل اللاذقية وطرطوس وحمص وريف حماة الغربي، هذه المناطق التي شهدت مع بداية الثورة ظهور شخصيات وعائلات موالية للنظام انخرطت في عمليات القتل ضد شخصيات وعائلات معارضة له، مما تسبب بحالة عداء مركبة ذات أبعاد شخصية وعائلية ومناطقية طائفية.

إعلان

ومع سقوط النظام وعودة العائلات المهجرة إلى مناطقها، بدأت حالة العداء ودعوات الثأر تظهر بوضوح مهددة في حال عدم احتوائها بالدخول في دوامة من العمليات الانتقامية التي يمكن أن تتطور إلى صدام طائفي.

تحت شعارات ياعلي متظاهرين في طرطوس
من يقوم بتحريك هؤلاء هم مشايخ العلويين
تحركوا من أجل كذبة المقام ولم يتحركوا لمجازر استمرت ل 13 سنة pic.twitter.com/8zkCwS4ZwL

— Wolverine (@Wolveri07681751) December 25, 20243ث

ولهذا، فإن قيام الحكومة بنفسها بملاحقة هؤلاء المتورطين ومحاكمتهم يسهم بمنع عمليات الثأر أو على الأقل يحد منها، كما أن المطلوبين للعدالة يمكن أن يسعوا إلى تأجيج النعرات الطائفية، بهدف تشكيل غطاء طائفي لهم يحميهم من المحاكمة.

وهذا ما بدا واضحا في الاحتجاجات التي اندلعت في 25 ديسمبر/كانون الأول 2024 على خلفية انتشار فيديو يظهر حرق مقام الحسين الخصيبي، والذي ظهر فيه بعض المتورطين مثل جزار الحولة شجاع العلي وهو يحرض على حرق مساجد المسلمين السنة.

لهذا، تعدّ هذه العمليات عاملا مهما يحفظ النسيج الاجتماعي السوري المتنوع، كونه يعزز ثقة المواطنين بالمؤسسات الأمنية والقانونية الجديدة، ويمنع حالات الانتقام الفردي التي قد تتسبب بتجدد دوامة العنف وانفلات الأمن، كما أن هذا النهج يبعث برسالة واضحة ألا أحد فوق القانون، مما يسهم في تقوية أسس العدالة الانتقالية التي يحتاجها الشعب السوري وتطالب به مختلف دول العالم.

الأبعاد الاقتصادية

تحمل العملية الأمنية بعدا اقتصاديا حيويا يتمثل في تعزيز السيطرة وضمان الأمن في مناطق إستراتيجية تُعد بمثابة الشرايين في الاقتصاد السوري.

فقد تركزت تحركات فلول النظام في محافظات طرطوس واللاذقية، حيث تقع الموانئ الرئيسة التي تشكل الواجهة البحرية لسوريا وبوابتها للتجارة الدولية، إضافة لمحافظتي حمص وحماة اللتين تعتبران عقدة مواصلات مركزية تربط الساحل بالداخل السوري.

إعلان

كما تربط شمال سوريا وعاصمتها الاقتصادية حلب بجنوبها وعاصمتها السياسية دمشق، لهذا، فإن بسط الأمن في هذه المناطق مهم لضمان استمرار تدفق البضائع بين الساحل والداخل والشمال والجنوب، وتشغيل عجلة الاقتصاد بما يخدم الاستقرار والتنمية وضمان وصول الخدمات والسلع الرئيسة.

إضافة لذلك، تحمل هذه العملية بعدا اقتصاديا آخر، حيث ستؤدي إذا نجحت في بسط الأمن إلى تعزيز ثقة المستثمرين بالحكومة الجديدة وقدرتها على مواجهة التحديات الأمنية، مما يزيد في قدرة سوريا على جذب الاستثمارات والمستثمرين في مختلف القطاعات الاقتصادية.

ختاما

رغم النجاحات الأولية التي حققتها هذه العملية، تظل الإدارة الجديدة أمام تحديات كبيرة للحفاظ على مكتسباتها وتعزيزها.

ولعل التحدي الأبرز يتمثل في ضرورة تقييد نطاق الملاحقات الأمنية لضمان محاسبة المتورطين الفعليين فقط، دون المساس بالمواطنين الأبرياء أيا كان انتماؤهم، مما يعزز الثقة الشعبية في الحكومة وفي سيادة القانون، ويُرسخ العدالة الانتقالية بشفافية وفعالية.

كما تُبرز هذه العملية أهمية العمل على مسارات اجتماعية وسياسية وقانونية موازية للمسار الأمني، بما يضمن إشعار جميع مكونات المجتمع السوري بالأمان وسيادة القانون في ظل الإدارة الجديدة، وإشراكها في عملية البناء بما يعزز مسار المصالحة الوطنية وإعادة ثقة السوريين ببعضهم.

وسيسهم هذا في تحصين المجتمع السوري بكل مكوناته أمام أي دعوات لاستغلاله من أي جهة داخلية كانت أو خارجية.

أخيرا، تعتبر هذه العملية أول اختبار أمني حقيقي للحكومة الجديدة، ونجاحها فيه سينعكس إيجابا على سوريا في مختلف النواحي، السياسية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية.

وعلى النقيض من ذلك، فإن فشلها في احتوائه أو حتى نجاحها في احتوائه بالمسار الأمني فقط، دون العمل على مسارات اجتماعية وسياسية وقانونية موازية تعزز ثقة مختلف أطياف الشعب السوري بالحكومة الجديدة، يمكن أن يبقي المجتمع السوري قلقا وعرضة للاستغلال من فواعل داخلية وخارجية قد لا تريد للسوريين خيرا.

إعلان

مقالات مشابهة

  • كيف استُدرج الناشط السوري مازن حمادة ليُقتل في سجون النظام المخلوع؟
  • آخر رئيس حكومة للنظام المخلوع يكشف كواليس الأيام الأخيرة قبل سقوط الأسد
  • ملقب بـ رجل روسيا في الجنوب ومنافس للشرع في سوريا .. من هو أحمد العودة مهندس التسويات؟
  • سمير جعجع : أول مرة ينتخب رئيس لبناني "مش على يد النظام السوري ولا الممانعة"
  • العقوبات الدولية تضع النظام الصحي السوري في حالة احتضار
  • ملاحقة فلول النظام السوري.. أهداف وأبعاد تتجاوز الجانب الأمني
  • فرنسا وألمانيا: لا شيك على بياض للنظام السوري الجديد والحكم بالأفعال
  • مصر.. سقوط محمد رمضان من على المسرح.. ما حقيقة الفيديو المتداول؟
  • فيديو.. عائلة سورية تعثر على رفات نجلها بعد 10 سنوات من فقدانه
  • عاجل - الوزارة توضح: نظام البكالوريا المصرية بديل الثانوية العامة.. خطوة جديدة نحو تطوير التعليم المصري