يُعد السلطان الظاهر بيبرس البندقدارى أحد أشهر سلاطين دولة المماليك البحرية، فهو صاحب الواقعة الشهيرة التى فيها قتل السلطان سيف الدين قطز قائد موقعة عين جالوت، ثم هو الفارس الذي لا يُشق له غبار الذي واجه الصليبيين تارة والمغول تارة أخرى، ثم تولى حكم مصر وحولها إلى إمبراطورية ضخمة، فقد نقل إليها مقر الخلافة وسيطر تمامًا على ولايات الشام، وأصبحت مصر في عهده دولة يُشار إليها بالبنان.

 

من هو؟

هو الملك الظاهر ركن الدين بيبرس العلائى البندقدارى الصالحى النجمي، حكم مصر عام 658هـ / 1260 م، بعد معركة عين جالوت، وقد أحيا الخلافة العباسية بأن نقل مقرها إلى القاهرة بعد أن كان قد قضى عليها المغول في بغداد، وحمل لقبًا جديدًا يُضاف إلى ألقاب سلطان مصر وهو قسيم أمير المؤمنين، وأنشأ نظامًا إداريًا جديدًا للبلاد، وحاز بيبرس على حب الشعب المصرى واشتهر شعبيًا وصارت له سيرة شعبية متداولة عن بطولاته وانتصارته. 

وكان لبيبرس رنك خاص به، والرنك هو العلامة أو الشعار، وكانت علامته هى الفهد، والتى نجدها تزين مبانيه وكل ما تركه من آثار، ويبدو أن الرنك الخاص بالظاهر بيبرس انعكاسًا لاسمه، فهو اسم تركى من مقطعين الأول "باي" أى الأمير والثانى "بيرس" أى الفهد، فبيبرس مثله مثل معظم المماليك البحرية من قبائل الترك المنحدرة من بلاد القابجاق كازاخستان حاليًا، والذين يعتبرونه الآن جدهم الأكبر. 

منشآته ومبانيه

للظاهر بيبرس عدد من المبانى الباقية أشهرها بقايا مدرسته في شارع المعز لدين الله الفاطمي، والتى لا تزال تحمل الرنك الخاص به «الفهد»، ومسجده الضخم في حى الضاهر، وقناطره الشهيرة في أبو المنجى قرب شبرا الخيمة، أما جامعه في حى الضاهر، والذي حمل هذا الاسم نسبة إلى الجامع نفسه.

فقد أمر ببنائه السلطان الظاهر بيبرس البندقدارى عام 665هـ / 1277م، وكلف اثنين من المهندسين بإتمام هذا الصرح وهما بهاء الدين بن حنا، وعلم الدين سجر الشجاعي، وقد اختار هذا المكان لإقامة جامعه لأنه المكان الذي كان يلعب فيه الكرة فأنشأ الجامع وجعل باقى الميدان وقفًا عليه. 

الجامع عبر العصور

بعد وفاة السلطان الظاهر ركن الدين بيبرس، أُهمل جامعه في عهود الحكام التاليين عليه، خاصة وأن أبناءه الذين تولوا الحكم من بعده وهما السعيد بركة وبدر الدين سلامش، لم يكونا بالقوة الكافية للحفاظ على ملك أبيهما، ثم كان من أعقبهما في الحكم وهو المنصور سيف الدين قلاوون السبب في خلعهما، فمن المنطقى ألا يعتنى بإنشاءات أبيهما، وهكذا أُهمل الجامع إهمالًا شديدًا على مر العصور. 

العصر العثماني

بدأت أولى عمليات ترميم جامع الظاهر بيبرس البندقدار في العصر العثماني، حيث صدرت وثيقة في عام 1018هـ، بترميم رواق القبلة، وبالفعل تمت عملية الترميم وتم وضع أحجبة خشبية على رواق القبلة كالتى موجودة بالجامع الأزهر الشريف. 

الحملة الفرنسية

في زمن الحملة الفرنسية تم تحويل الجامع إلى قلعة، ووضعوا عليه المدافع، وتم هدم مئذنته، وحولوه إلى قلعة، وتم تحويل الجامع من الداخل إلى أماكن لمبيت للجنود.

عصر محمد علي

في عصر محمد على باشا تم تحويل الجامع إلى معسكر لطائفة جنود سنغاليين يقال لهم «التنكازية»، ثم تم تحويله إلى مصنع للصابون، وتم نقل عدد كبير من أعمدته إلى الجامع الأزهر حيث تم استخدامها في بناء رواق الشراقوة، وهو الرواق الذي تم إنشاؤه بسبب الصراع الشهير بين الشيخ الشرقاوى وأحد الأئمة. 

أثناء الاحتلال الإنجليزي

وأثناء الاحتلال الإنجليزى على مصر عام 1882م تم تحويل الجامع إلى مذبح، وكان الغرض من ذلك هو إبعاد مسألة ذبح الحيوانات عن الشوارع والأحياء وتجميعها في مكان واحد، وأطلق على الجامع «مذبح الإنجليز»، وصار معروفًا بهذا الاسم إلى الآن. 

لجنة حفظ الآثار العربية

في عام 1893م، اهتمت به لجنة حفظ الآثار العربية، وهى اللجنة التى أنشأها الخديو محمد توفيق، ثم اهتم بها وأنفق عليها الخديو عباس حلمى الثاني، واهتمت اللجنة بالجامع وبدأت أولى المحاولات الحقيقية لإرجاعه إلى أصله، فأزالت منه أى مبنى مستحدث.

وقد كانت الحكومة المصرية في هذا الوقت وافقت على جعل مبانى جامعة القاهرة في صحن الجامع، ولكن اللجنة عطلت هذا الإجراء، وأزالت كل المبانى المستحدثة، ثم في الستينيات من القرن الماضى أصبح الجامع مجرد ممرًا يؤدى إلى إحدى الحدائق العامة. 

وصف الجامع وما تبقى منه

وقد أورد المقريزى وصفًا للجامع، حيث قال إنه يبلغ 103 × 106 أمتار، أى ما يقرب من 11 ألف متر، والمتبقى منه على حالته الأصلية جدرانه الخارجية، وتشعر بأنها تشبه أسوار الحصون بالعصور الوسطى، إذ أراد الظاهر بيبرس تخليد ذكرى انتصاراته على الصليبيين من خلال تصميم الجدران بهذا الشكل.

وقد استورد الخشب والرخام الخاص بالجامع من يافا، وكذلك تبقى بعض الشبابيك الجصية فهى أصلية، وهى ذات زخارف نباتية بديعة الأشكال والألوان، ومداخل الجامع ثلاثة وهى باقية على حالتها الأصلية، وكذك النصوص الكتابية على تلك المداخل أصلية، وكذلك النصوص التأسيسية وجزء من رواق القبلة أصلى بحوائطه ودعاماته. 

بدأت الدولة المصرية منذ عام 2007 مشروع ترميم كام لجامع الظاهر بيبرس البندقداري، وذلك بالتعاون مع دولة كازاخستان، وقد توقفت تلك الأعمال في عام 2011 للظروف التى كانت تمر بها البلاد، ثم تم استئنافها منذ عام 2016، وهى التى انتهت بشكل كامل والجامع سيتم افتتاحه بشكل رسمى قريبًا وهو مفتوح الآن لأداء الصلوات. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: جامع الظاهر بيبرس مذبح عين جالوت الظاهر بیبرس

إقرأ أيضاً:

تفاصيل مشروع مدرسة التلاوة المصرية بالجامع الأزهر

دشنت الإدارة العامة للجامع الأزهر،  مشروع"مدرسة التلاوة المصرية"، ويهدف هذا المشروع الرائد إلى اكتشاف الأصوات الموهوبة من بين الراغبين من الأزهر الشريف بصفة خاصة والمصريين بصفة عامة، وتعزيز الهوية المصرية من خلال إعداد قراء متمكنين في تلاوة وأداء القرآن الكريم وفقًا للمدارس المصرية العريقة. 

الجامع الأزهر كامل العدد في ختام الثلث الأول من شهر رمضانالطالب النابغة.. كفيف يؤم المصلين في الجامع الأزهر ويصبح حديث الملايين |فيديومشروع التلاوة المصرية

و يهدف المشروع تخريج قراء متقنين، عن طريق تقديم تعليم متكامل لتلاوة القرآن الكريم بالقراءات العشر، إضافة إلى تطوير مهارات الأداء الصوتي الصحيح لضمان تلاوة مميزة تعكس التراث الإسلامي.

وقال الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، إن "مدرسة التلاوة المصرية" تأتي تأكيدًا على دور الأزهر الشريف في تعزيز الثقافة القرآنية، وأشار إلى أهمية المشروع في تكوين جيل من القراء المتقنين الذين يحملون رسالة التلاوة الصحيحة ويعززون الهوية الثقافية المصرية.

وأضاف الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة الأزهرية، أن هذا المشروع يعد خطوة هامة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، من خلال تعزيز الفهم الصحيح لتلاوة القرآن الكريم واستحضار عراقة مدارس التلاوة المصرية القديمة ، مشيرًا إلى أن الأزهر دائمًا ما يسعى لتقديم كل ما من شأنه خدمة المجتمع وتعليم الأجيال القادمة، ونشر ثقافة التلاوة الصحيحة بين جميع شرائح المجتمع.

وأوضح الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، أن تدشين "مدرسة التلاوة المصرية" في هذه الأجواء الرمضانية يعد بادرة مميزة تُضاف إلى مسيرة الأزهر الشريف في نشر الثقافة الإسلامية وتعليم القرآن الكريم، ومن المتوقع أن يسهم هذا المشروع في إعداد جيل جديد من القراء المميزين، الذين يستطيعون نقل أثر التلاوة القرآنية إلى الأجيال القادمة، مما يعزز من القيم الروحية والدينية في المجتمع المصري.

شروط التقديم

وتابع: سيتم قريبًا نشر شروط التقديم في هذه الدورات عبر بوابة الأزهر الإلكترونية والصفحة الرسمية للجامع الأزهر على فيسبوك، لافتًا إلى عقد هذه الدورات بالتنسيق مع قطاع المعاهد الأزهرية ومجمع البحوث الإسلامية ولجنة مراجعة المصحف الشريف.

الجدير بالذكر أن مشروع مدرسة التلاوة المصرية، هو أحد أهم إنجازات مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم والتجويد والقراءات، والذي أُنشئ  بقرار فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، رقم (401) لسنة 2024م، بغرض تعليم فنون الأداء الجيد، والتدريب على مهاراته، وتخريج قراء مهرة يجمعون بين الكفاءة العلمية والأداء العملي، وقد قام الجامع الأزهر بعقد 5 دورات تدريبية استهدفت أكثر من 5400 معلمًا ومحفظًا للقرآن الكريم بفروع رواق القرآن الكريم والبالغ عددها 1250 فرعًا بجميع محافظات الجمهورية.

يأتي هذا المشروع برعاية فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر، ووفق توجيهات الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، وتزامنًا مع الحالة الإيجابية التي أحدثها الجامع الأزهر في المجتمع الإسلامي المصري والعالمي خلال شهر رمضان المبارك 1446هـ، والذي أقيمت فيه صلاة التراويح بالقراءات العشر وبالأداء الصوتي المصري الأصيل. 

مقالات مشابهة

  • صلاة العشاء والتراويح من الجامع الأزهر في ليلة 12 رمضان| بث مباشر
  • تفاصيل مشروع مدرسة التلاوة المصرية بالجامع الأزهر
  • كلوني وأمل علم الدين.. انفصال يلوح في الأفق
  • الإفطار في حضرة الشيخ الخليلي
  • بعد إغلاقه.. الداخلية تكشف كواليس مشاجرة أمام مطعم شهير في الظاهر
  • أقوال 6 أشخاص تشاجروا بمطعم شهير في رمسيس: ساعة شيطان وتم الصلح
  • ترقية قمص وتدشين أواني مذبح بشبرا الخيمة
  • محمد حسن.. من ظلام البصر إلى نور الإمامة في الجامع الأزهر
  • بث مباشر.. شعائر صلاتي العشاء والتراويح من الجامع الأزهر
  • قراءة في ظاهرة الارتداد عن الدين في السعوديّة