في شارع باب الوزير بمنطقة الدرب الأحمر بالقاهرة القديمة، بمصر، يقف "الجامع الأزرق" كواحد من الآثار الإسلامية ذات الأسماء المميزة، والذي تقع خلف اسمه حكاية مثيرة، تعود إلى وقت إنشائه في العصر المملوكي.

يُنسب "الجامع الأزرق" في الأصل للأمير "آق سنقر السلاري"، والحقيقة أن أسماء أمراء المماليك ما تمثل دومًا حيرة عند القارئ، ولكى نفسر تلك الحيرة، نقول إن تلك الأسماء ترجع إلى أصولهم التركية، فهم من بلاد الترك، وهى بلاد القبجاق القديمة، والتى هى حاليًا دول تركستان وكازاخستان، وقيرغستان، وجورجيا، وغيرها من بلاد أواسط آسيا، والتى كانت تضم عدة أجناس منهم الترك والجركس والتتر والمغول.

 

وكلمة "آق سنقر"، على سبيل المثال، عبارة عن اسم من مقطعين الأول آق ومعناه الأبيض الثانية سنقر والتى تعنى الطير أو الصقر الكبير، فيكون معنى الاسم الطائر الأبيض أو الصقر الأبيض.

وكان آق سنقر من جملة مماليك السلطان قلاوون، ثم انتقل للعمل في مماليك الأمير سلار، فصار لقبه "السلاري"، ثم بعد ذلك انتقل للعمل مع السلطان الناصر محمد بن قلاوون. 

زوج ابنة السلطان 

قرب السلطان الناصر محمد بن قلاوون آق سنقر منه حتى زوجه ابنته، بعد أن ترقى في البلاط السلطاني؛ وعينه السلطان "أمير مائة"، و"مقدم ألف"، ثم "أمير آخور" أى مسئولًا عن الخيل الملكي، وظل يترقى حتى تولى وظيفة نائب السلطان.

وبعد أن انتقل الحكم إلى الصالح إسماعيل بعد وفاة الناصر محمد، ظل آق سنقر على مكانته، وتولى نيابة طرابلس، ثم انتقل الحكم بعد ذلك إلى السلطان حاجى ابن الناصر محمد بن قلاوون، أى أخو زوجة آق سنقر؛ والذي غضب على سنقر وقبض عليه وحبسه حتى مات ودفن في جامعه الشهير المعروف الآن بـ "الجامع الأزرق" وكان ذلك في عام 1347م. 

بناء الجامع

والحقيقة أن بناء الجامع ليس غريبًا على آق سنقر، فقد وصفه المؤرخون بأنه كان زاهدًا في أموال الرعية، وتقلد عددا من المناصب، وحمل عدة ألقاب منها "أمير شكار" أى مسئول رحلات الصيد السلطانية، وكذلك لقب "أمير آخور" أى مسئول الخيل السلطانى أو الاسطبلات الملكية، كما أصبح مشرفًا على الأبنية الملكية. 

وعن الجامع الأزرق فقد ذكر المقريزي  في كتابه "الخطط" أن آق سنقر بنى هذا الجامع في موقع قريب من القلعة فيما بين باب الوزير ودرب التبانة، وباب الوزير هو أحد الأبواب في سور صلاح الدين الذي كان يدور حول العواصم الأربعة القاهرة والفسطاط والعسكر والقطائع ليضمها في عاصمة واحدة.

وقد فتحه الوزير نجم الدين محمود بن شروين المعروف بوزير بغداد وقت أن كان وزيراً للملك المنصور أبو بكر بن الناصر محمد بن قلاوون في سنة 842هـ، لذلك سميت المنطقة بباب الوزير. أما درب التبانة فهو الشارع الذي كان يمشى منه حمالين التبن فسمى بدرب أى طريق التبانة. 

وحسب رواية المقريزى فإن آق سنقر باشر البناء بنفسه في جامعه، وأنشأ بجانبه كتابًا لتحفيظ القرآن الكريم، وأوقف على الجامع أرضًا في حلب كى تنفق على تعميره، والجامع بنى إلى جوار قبة السلطان علاء الدين كجك، ثانى أبناء السلطان الناصر محمد بن قلاوون توليًا لحكم مصر، زهز مدفون بها، وتجدها إلى يسار الداخل من باب الجامع الأزرق. 

تصميم الجامع وسبب التسمية

والجامع ذو تصميم بديع من أربعة أروقة محمولة على أكتاف ضخمة مزينة بالحجر المشهر، ونجد أن جدار القبلة مزين بالقاشانى الأزرق البديع لذلك سمى الجامع بالجامع الأزرق، ولكن هذا القاشانى ليس من عصر الإنشاء، بل هو من أعمال إبراهيم أغا مستحفظان، وهو أحد أمراء الدولة العثمانية، وكان ناظرًا على الجامع مشرفًا على أوقافه.

وبعد زلزال قوى أصاب القاهرة، وبعد أن قال إبراهيم أغا مستحفظان أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم في رؤيا يصلى بقبلة الجامع، قام بعمل تجديد شامل له عام 1651م، وكسى جداره الشرقى «جدار القبلة» بالقاشانى الأزرق. 

ولإبراهيم أغا مستحفظان قبة ضخمة على يمين الداخل من باب الجامع ويليها قبة آق سنقر المنشئ الأصلى للجامع،  وفي عهد الخديو محمد توفيق عام 1889م، تمت عدة إصلاحات على الجامع منها صيانة مئذنته، ثم توالت عليه الترميمات والتجديدات حتى وقتنا هذا ليحتفظ برونقه وجلاله بين عمائر القاهرة الخالدة. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الجامع أزرق سنقر السلطان

إقرأ أيضاً:

وزير المالية: المملكة امتلكت وضعاً جيداً يسمح لها بمتابعة استراتيجية تنموية حكيمة

قال وزير المالية محمد بن عبدالله الجدعان، إن المملكة امتلكت وضعاً جيداً يسمح لها بمتابعة إستراتيجية تنموية حكيمة، مؤكداً أهمية وجود تركيز إستراتيجي واضح وقيادة سياسية قوية لدفع وتحفيز هذه الإصلاحات، إلى جانب الاستعداد لضبط خطط التنفيذ، مع الأخذ في الاعتبار الدروس المستفادة.

جاء ذلك خلال مشاركة الوزير في منتدى التنمية واجتماع المجلس الوزاري لصندوق الأوبك للتنمية الدولية، الذي عقد بالعاصمة النمساوية فيينا، وتناول الوزير خلال أعمال المنتدى تجربة المملكة في الإصلاحات الهيكلية لتعزيز صلابة اقتصاد المملكة والتحول لتنويع مصادر دخلها بطريقة منهجية إستراتيجية، ممثلةً في رؤية المملكة 2030، التي تستهدف فتح قطاعات وصناعات جديدة توفر الركيزة للنمو المستدام في الإنتاج والصادرات غير النفطية.

كذلك أشار إلى دعم ذلك بإصلاحات سوق العمل لتعزيز مشاركة المرأة، وتعزيز النمو المستمر في النظام التعليمي لتزويد الشباب السعودي بالمهارات اللازمة، فضلاً عن الإجراءات الرامية إلى تحسين مشاركة القطاع الخاص في مجالات الاستثمار، وتقديم الدعم للشركات المتوسطة والصغيرة. وتطرق الوزير إلى التحديات التي تواجهها الدول النامية ذات الدخل المنخفض، مبيناً أن الإجراءات التي تتبناها الدول هي المحور الأساس في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة على المدى الطويل.

كما وقع وزير المالية مع رئيس صندوق أوبك للتنمية الدولية الدكتور عبدالحميد الخليفة، ووزير المالية الصومالي بيحي إيمان، اتفاقية ثلاثية الأطراف، دعماً للتعافي الاقتصادي بجمهورية الصومال، لتقليل أعباء ديونها مع صندوق أوبك واستئناف عمليات التمويل في البلاد، تماشياً مع مبادرة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي "HIPC"، وشارك الوزير في افتتاح المقر الرئيسي الموسع لصندوق الأوبك في قصر كولوريدو-مانسفيلد الذي تم تجديده في شارع فيينر رينج شتراسه التاريخي في فيينا.

مقالات مشابهة

  • وزير المالية: المملكة امتلكت وضعاً جيداً يسمح لها بمتابعة استراتيجية تنموية حكيمة
  • عبد الناصر زيدان: الزمالك يضمن الكونفدرالية ويتحجج بالبيان لتعطيل الموسم
  • زيدان: بطولات وتاريخ الأهلي يجذب الرعاة والمستثمرين
  • السفاح "توربو" يواجه في الاستئناف قضية قتله شابا في فرنسا بعد حصوله على "براءة" مثيرة للجدل
  • تشريح جثة عامل قتله آخرين في القطامية
  • حكاية زينب ايرا.. حتى على الموت لا أخلو من الحسد!
  • اختتام ملتقى"الفقيه الصغير" بمحافظة الداخلية
  • حركة العدل و المساواة السودانية تنعي عبدالرحمن نجل السلطان/ يوسف محمد نورين
  • (الصهيونية الوهابية) ودورها في تدمير العرب والمسلمين..! 1-2
  • جريمة مفجعة.. تشريح جثة شاب قتله شقيقه طعنا بمدينة نصر