موقع 24:
2025-04-28@01:36:07 GMT

برامج العاطلين والمهرجين

تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT

برامج العاطلين والمهرجين

"برامج الواقع" تشبه إلى حد ما عروض السيرك التي تقودها مجموعة من المهرجين والبطالين وكل همهم الظهور في دائرة الأضواء.

امتلأت الفضائيات العربية ببلاتوهات وبرامج تافهة، بلغت ذروة خوائها في العقدين الأخيرين، تزامناً مع ظهور المنتديات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وباتت الفضائح وتصفية الحسابات، والهجمات المغرضة والعدائية، والسب والشتم والثلب والثرثرات المغرضة، مادة دسمة تفتح شهية المنتجين، وتثير حماسة المشاهدين والراغبين في تحقيق الشهرة على حساب كرامتهم وانتهاك خصوصيات غيرهم ونشر "غسيلهم القذر".

المفارقة أن يطلق على هذه "الظاهرة التلفزيونية" الهزيلة مصطلح "برامج الواقع"، وتعرض على أنها برامج مسلية ومثيرة للضحك، وتحظى بشعبية كبيرة لدى الجماهير، على الرغم من أنها تسهم في تشجيع العنف والتعصب، وغالباً ما تعرض صراعات وتوترات بين المشاركين فيها، وتبادلاً للشتائم والاتهامات وخطابات الكراهية، ما يعزز ثقافة الانقسام الاجتماعي والسياسي والطبقي والعرقي والنوعي، سواء كان ذلك من قبل المشاركين أو حتى مقدمي البرنامج أنفسهم.

البعض من النقاد يزعم أن "برامج الواقع" لا تستحق هذه الضجة التي أثيرت حولها، وأنها مجرد أحد تجليات الواقع المعيش، ومرآة لثقافة المجتمعات الأكثر طبيعية وشمولية، ويقول آخرون إن المبالغة في انتقاء "لغة المشاركين" وتوجيه سلوكياتهم تفقد تلك البرامج صبغتها الواقعية.

من السهل جداً عند الحديث عن هذا النوع من البرامج التذرع بنسبة عدد المشاهدين كدليل على نجاحها، لكن إذا فهمنا السبب بطل العجب، فتلك البرامج تشبه إلى حد ما عروض السيرك التي تقودها مجموعة من المهرجين والبطالين وكل همهم الظهور في دائرة الأضواء، من دون أي مبالاة بالمعايير القيمية للثقافات والمجتمعات.

والأمر الأقل وضوحاً بالنسبة إلى برامج الواقع هو كيف يمكن أن تؤدي إلى تشويه الواقع لدينا، عندما تصبح مجرد فضاءات تمضي بلا سيطرة، وتعج بالأشخاص الكارهين والناقمين على بعضهم البعض وتشكل وجهات نظر أشمل، قد تؤثر على معتقدات أجيال بأكملها وعلاقاتهم الاجتماعية، وتؤدي إلى تغيير منظومات القيم والأخلاق.

في برنامج شهير يعرض حالياً على قناة تونسية خاصة، تعمدت مقدمة البرنامج إحضار نص طويل مكتوب باللغة الإنجليزية، لا لشيء سوى لتحرج إحدى المشاركات، وفرضت عليها قراءته أمام الجماهير، لتختبر إن كانت بالفعل تقيم في بريطانيا أم لا؟ ووضعتها في موقف لا تحسد عليه، ثم طالبتها بالإفصاح عن المبلغ المالي الذي صرفته لتبرز مفاتن أنوثتها.

هذه النوعية من الأسئلة "ماسطة لاسطة" (ماسخة ودون طعم) على حد تعبير التونسيين، ومزعجة بشكل لا يستهان به، ليس فقط لأنها تقتحم خصوصيات الناس، بل لأنها تعد مثالاً جيداً على الطريقة التي تتعاطى بواسطتها برامج الواقع مع طبيعة النقاشات الدائرة حول حياة الناس الشخصية ويومياتهم السطحية، وممارستها كنوع من العنصرية الخفية التي تدل عليها الخطابات والسلوكيات، وهناك فرق كبير بين "وجهة النظر المغايرة" وأن تحمل وجهة نظر متعصبة، مسيئة ومتخلفة ومتحاملة، من دون إيجاد حيز لمناقشة التجارب الحياتية القيمة والمختلفة وكسر حواجز الصور النمطية، وتغيير مسار النقاشات المتعلقة بالتمييز على أساس المظهر وشكل الجسم.

بإمكان برامج الواقع القيام بدور محوري في تفكيك وتصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة والبالية، لكن مثل هذا الأمر صعب وطويل ومعقد ووزره كبير إذا لم تتخذ خطوات في الاتجاه الصحيح لتنقية الواقع من وهم برامج الواقع.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني

إقرأ أيضاً:

رئيس مجلس الشورى: منجزات رؤية 2030 تؤكد ريادة المملكة

رفع رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ باسمه ونيابة عن مسؤولي وأعضاء المجلس ومنسوبيه، التهنئة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء- حفظهما الله - بمناسبة ما تحقق من منجزات تنموية متسارعة حققتها رؤية المملكة 2030، وتقدم بخطوات متصاعدة لمستهدفاتها.
ونوه في تصريح صحفي بمناسبة صدور التقرير السنوي لرؤية المملكة 2030 لعام 2024, بدعم القيادة الرشيدة ومتابعتها الحثيثة -أيدها الله- لتحقيق برامج الرؤية بخطوات ثابتة وعمل مستمر متواصل، عزز رفعة الوطن ونمائه في مختلف الجوانب؛ ببناء بنية اقتصادية متينة مستدامة، أزهرت تنمية شاملة ينعم بها المواطن والمقيم في مختلف أرجاء الوطن.
أخبار متعلقة السديس: رؤية 2030 رسمت خارطة وسطية لإيصال رسالة الحرمين للعالمالنقل: رؤية المملكة 2030 تواصل تحقيق أهدافها الطموحة بدعم القيادة .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } رئيس مجلس الشورى - اليوم رؤية المملكة 2030وأكد رئيس مجلس الشورى أن ما تحقق من تقدم في مؤشرات أداء برامج رؤية المملكة 2030 والأهداف الاستراتيجية والمستهدفات المرحلية وما جرى تجاوزه خلال العام 2024م يعد نموذجًا فريدًا للعمل الفاعل لمختلف القطاعات بمختلف البرامج، ويجسد ريادة المملكة على الصعيد الدولي.
وسأل رئيس مجلس الشورى في ختام تصريحه المولى- عز وجل - أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد، وأن يديم على هذه البلاد أمنها ورخاءها وعزها، إنه سميع مجيب.

مقالات مشابهة

  • اكسر حواجز الواقع و اصفع الفشل بالإصرار
  • جمعية الصحفيين الإماراتية تستعرض برامجها لتطوير العمل
  • تفاصيل مناقشة خطة النواب موازنة البرامج والأداء لمصلحة الضرائب
  • كيف خسرت آبل عرش الذكاء الاصطناعي لصالح ميتا؟
  • جنرال إلكتريك: نفذنا اتفاقيات استراتيجية على أرض الواقع في العراق
  • عبد اللطيف البوني: سودانان
  • جلسة تبحث تجليات المسكوت عنه في النص والحياة
  • وزير الاتصالات:نتوسع فى البرامج التدريبية التى تهدف إلى بناء قاعدة عريضة من المهارات الرقمية والمتخصصة فى مجال الذكاء الاصطناعى
  • رئيس مجلس الشورى: منجزات رؤية 2030 تؤكد ريادة المملكة
  • جعلها نموذجًا عالميًا ..الملك سلمان : ما تحقق لبلادنا خلال أقل من عقد جعلها نموذجا عالميا