ترجمة: أحمد شافعي

استقبلتني آني إرنو في بيتها بسيرجي في فرنسا في نوفمبر الماضي، بعد ثلاثة أسابيع وأيام من فوزها بجائزة نوبل للأدب عام 2022 لنتكلم عن الرسائل التي تتبادلها مع قرائها. وما يلي هو آخر ما كان بيننا في سلسلة حوارات أجريتها مع صاحبة «عشق بسيط» (1991) و«يحدث» (2000) و«السنوات» (2017) و«قصة فتاة» (2020) ضمن أعمال أخرى.

منذ عام 1974، عند نشر كتابها الأول، وهو رواية سيرية إلى حد كبير عنوانها بالفرنسية (Les armoires vides ) أو (Cleaned Out, 1990)، استكشفت الكاتبة الفرنسية حياتها وتجارب أخريات، وناس من جيلها، وأبويها، ومن ينساهم المجتمع في الغالب. ومثلما قالت لي في حوارنا التالي، كانت رسائل القراء تعني لها الكثير، ومنها ما ساعدها على صوغ حياتها وعملها.

وقد خضع هذا الحوار لتحرير وتكثيف مراعاة للطول والوضوح.

كارين شويرتنر

في مقالتك المنشورة سنة 1994 التي تدرسين فيها استقبال روايتك (عشق بسيط)، تقولين: إن النمطي في النقاد والصحفيين أنهم «عاجزون عن استيعاب تجربة القراءة الحقيقية أو تلقي كيفية سكنى القراء لكتاب واستلهامهم منه». أنت تعتقدين أنه من أجل تقييم ما لهذه القراءة الحقيقية أو التأملية لعملك، لا بد للكتاب «من محاورة مع قرائهم، وبصفة خاصة، لا بد لهم من قراءة الرسائل التي يبعثونها». هذه الرسائل بالنسبة لك ذات أهمية فائقة لأنها تكشف كيفية تلقي كتبك.

لو أن القراء ينفقون وقتا في الكتابة، فأنا مدينة لهم بشيء في المقابل. الرد على الرسائل بالنسبة لي واجبي، لكنه أيضا مهمة أجد فيها متعة كبيرة. عندي هذه الاستجابة العاطفية للرسائل، وبخاصة التي تكون أكثر شخصية وحسية. فالقراء لا يعمدون إلى محض سرد قصصهم وإنما يتفاعلون مع عملي بناء على تجاربهم الحياتية.

حينما تقولين إن بعض الرسائل شخصي وحسي، هل تعنين أن قراءك يوضحون ما لكتبك من صدى عندهم؟

ـ «الصدى» مصطلح مناسب لوصف تماس كتاب مع شيء في حياة قارئ. الرسائل التي تأتي على ذكر هذا الصدى تمنحني نافذة غير منتظرة على كيفية انعكاس عملي على تجارب قارئ ورحلته. قد ألاحظ حينئذ أشياء معينة لم أكن في الأصل أعدها مهمة في كتاب. أعتز كثيرا بهذه الرسائل. وأخزِّنها في علب من الورق المقوى، أو علب أحذية، وحتى قبل نوبل كان بوسعي أن أملأ علبتين أو ثلاثا في العام.

هل تحتفظين أيضا بالرسائل الإلكترونية؟

ـ نعم، ولكني لا أطبعها. لأن لدي عنوان البريد الإلكتروني نفسه منذ سنين، يمكنني أن أنقب في الرسائل القديمة التي تبادلتها مع أناس رحلوا الآن. ولن أرغب مطلقا في حذف هذه الرسائل.

سواء أهي رسالة ورقية أم إلكترونية، مراسلات القراء دليل على أن كتبي موجودة من أجل بشر غيري. حينما أنتهي من كتاب، وأعني، حينما أطلع من الكتابة، فإنني لا أعرف حينئذ ماهية هذا الكتاب. إنما القراء هم الذين يطلعونني على ذلك، بطريقة ما. الرسائل نفسها أدلة ملموسة على أن كتبي تصل إلى جمهور. والتعلق بهذا البرهان مهم بالنسبة لي. ولو أنني متبرعة يوما بهذه الرسائل، مثلما يفعل الكتَّاب، لمكتبات أو جامعات، فستصبح شيئا آخر، شيئا يخضع للدراسة وللتحليل، على سبيل المثال. ستفقد صلتها العاطفية بي.

هل يفضي إليك القراء في بعض الأحيان في رسائلهم أو يسرّون إليك بأمور؟

ـ أعتقد في بعض الأحيان أن القراء يكتبون لي أمورا لا يستطيعون الجهر بها، أو هي بعبارة أخرى، غير القابل للقول. ولقد واجهت شخصيا غير القابل للقول، وهذا من المؤكد هو ما يكشفه كتابي الأول في نظرته إلى العار الاجتماعي والإجهاض غير القانوني. ويمكن قول مثل هذا عن «قصة فتاة».

نحن لا نعرف دائما كيف نتعامل مع الكتابة عن غير القابل للقول. بالنسبة لي، يصبح هذا تحديا حقيقيا من تحديات الكتابة. في ذهني على سبيل المثال رجل كتب رسائل لي على مدى أكثر من عشر سنوات وأخيرا أفصح عن سر رهيب في رسالة. كشف في هذه الرسالة كل شيء. في حالته، كان يمارس رقابة على نفسه. ثم طلب مني أن أكتب قصته بالنيابة عنه، لكنني لم أستطع، بطبيعة الحال، أن أفعل ذلك.

وليست هذه بحادثة فردية. فبتعبير أندريه بريتون، قصص النساء والرجال «تتبعني حيثما ذهبت». أتذكر أنني، قديما في عام 1976، كنت أكتب كتابي الثاني «افعلي ما يقولون وإلا»، وأنا وحدي في استديو بالجبال. وجاءت طبيبة تخدير كانت تجري عمليات الإجهاض باستعمال طريقة كرمان [Karman method] حين كانت لم تزل غير قانونية ـ لتقابلني يوم أحد ومعها شريكها وابنتها. حكت لي كثيرا عن حياتها وطلبت مني أن أكتب عن تحررها بوصفها نسوية. ولم أفعل ذلك قط على نحو مباشر، لكني فكرت فيها في أسى وألم حينما علمت وأنا أنتهي من «امرأة متجمدة» أنها أنهت حياتها في عام 1980.

في حوار مع بيير لويس فورت لملف إرنو سنة 2022 في عدد من مجلة Cahiers de L’Herne مخصص لكتاباتك قلت إنك اندهشت من كونك قادرة على الرؤية النافذة حتى نهاية مشروع بعيد المدى لكتاب ـ هو كتاب «السنوات» ـ الذي كنت مقتنعة أنه لن يحظى باهتمام كبير ولكنه في النهاية حظي بقراءة الآلاف. تقولين «سرني ذلك الاستيلاء الحي الجمعي». هل يمكن أن تتوسعي في فكرة «الاستيلاء الحي» هذه؟

ـ يعكس هذا التعبير ما أجده كثيرا في الرسائل التي أتلقاها: كل ما تكتبينه، أشاركك فيه وأشعر به». وبالمثل، حينما أعرض مادة من أرشيفي، فإنني أشارك فيها. فعلى سبيل المثال، حينما قرر ناشر أن يعيد نشر (Retour à Yvetot ) سنة 2022، أضفت تمهيدا ومقتطفات من يومياتي وأدرجت صورا فوتغرافية ورسائل كتبتها إلى ماري كلود، صديقة الطفولة التي تكلمت عنها في «قصة فتاة». هذه الرسائل لمحة من حياتي في ذلك الوقت. أعدت قراءة ما سبق أن كتبت وقررت ألا أغير كلمة لأن الرسائل تعبر عما شعرت به آنذاك وما لم أشعر به اليوم.

عندما عهدت ببعض رسائلك إلى آن ستراسر ـ الباحثة المهتمة بكيفية تلقي كتابي «السنوات» و«قصة فتاة» كل في وقت نشره ـ قلت إن «بعض الرسائل من قراء أوفياء، لكن ليس بينها رسائل من أصدقاء أو أحباء أو كتّاب أو صحفيين أو نقاد أدب: قد أسميهم قراء ’لمدا’ lambda».

فهل كنت تصفين القراء الذين ظلوا يقرأون كتبك منذ زمن بعيد؟

ـ قرائي الأوفياء أناس يكتبون إليّ منذ صدور أوائل كتبي. بعضهم الآن يقيمون في دور المتقاعدين. والبعض لا زالوا يكتبون إليّ. وفي بعض الأحيان يتولى المهمة أبناء من كانوا يكتبون إليّ، أو هم على أقل تقدير يتصلون بي، بعد وفاة آبائهم. وهذا مؤثر للغاية.

في أحدث كتبك، أي «الشاب»، تكتبين أنه «قبل خمس سنوات، قضيت ليلة غريبة مع طالب كان يكتب لي منذ سنة». في كتاب آخر أسبق هو «استعمال الصورة»، وهو كتاب مشترك مع المصور الفوتوغرافي مارك ماري، تشيرين أيضا إلى رسالة تفضي إلى علاقة عاطفية. ما الموقع الذي تشعرين أن رسائل القراء تحتله في أعمالك؟

ـ نشأت علاقتي بمارك بماري في وقت أصبحت فيه الرسائل غير كافية، ففي تلك اللحظة التقينا شخصيا. لكن علاقتنا لم تبدأ بالرسائل، وحتى بعد أن انتهت، واصلنا مراسلاتنا، ولا شك أن ذلك لأننا لم نكن نعيش معا أو في المدينة نفسها. (وقد مات مارك ماري، ووصلني إشعار بوفاته في رسالة بعثها لي طبيب القلب المعالج له).

في قرابة الوقت الذي صدر فيه كتاب «يحدث» Happening للمرة الأولى سنة 2000، كتبت أن «اللافت في الرسائل المبعوثة من النساء الذين أجروا الإجهاض، إما غير الشرعي أو الانتقائي، هو أنه واضح تماما لأولئك النساء أن الأمر لم يزل «يحدث» في حياتهن. لكن خلافا للبريد الذي كنت أتلقاه عند نشر ’عشق بسيط’ للمرة الأولى سنة 1991، تنزع هذه الرسائل إلى تناول القليل من التفاصيل. لا يسهب القراء كثيرا في ما يتعلق بتجاربهم». أيحتمل أن تكون الأمور قد تغيرت منذ ذلك الحين؟ ما الذي تقوله رسائل النساء في السنوات القليلة الماضية؟

ـ قلت آنذاك إن الرسائل الواردة من النساء لم تكن في العادة تحتوي قصصا أو أوصافا لتجاربهن. ثم حدث تغير في السنوات العشرين الماضية، ربما بسبب حركة «وأنا أيضا» [#MeToo] ولكن أيضا بسبب التناول السينمائي لـ «يحدث» [في عام 2021] وإظهاره واقع الإجهاض. فالنساء اللاتي كن ليشعرن بالعجز عن حكي قصصهن بتن ربما أقدر على ذلك الآن.

في حوار غير منشور من سنة 1992 تقولين إنه «بحلول الوقت الذي يقرأ الناس فيه عملي، لا أكون الشخص نفسه الذي كتبه...الماضي بالنسبة لي رسالة ميتة». ما الذي تعنينه بـ«رسالة ميتة» في هذه الحالة؟

ـ الماضي عندي أشبه بحقبة دارسة مقبوض عليها في صورة. أشعر أنني أمضي قدما وأرى تجارب حياتي صورا من ورائي، كما لو أنها تتحول إلى رق من الرقوق القديمة.

ترد هذه الفكرة أيضا في «الشاب». عن علاقتك بهذه الشاب، تقولين إنك تكررين ماضيك أو تنسخينه وإنما تعيدين كتابته وكأن حياتك «رق غريب لا ينتهي».

ـ نعم، مثل إعادة كتابة الماضي. على الرغم من أنني لست متأكدة من مثالية هذا النهج، فإنني أشعر أنني أعيش كتبي وأكتب حياتي. لعلي أعبر أيضا عن الإحساس نفسه في يومياتي، التي لم تنشر بعد. ولن أنشرها في حياتي، ولكنني لن أفرض محاذير على نشرها، أو حتى على نشر مسوداتي الأولى، وأوراقي، وملاحظاتي، والتي يمكن الرجوع إلى البعض منها الآن في مكتبة فرنسا الوطنية. في يومياتي، أحاول دائما أن أتحرى الصدق تجاه هدفي الأصلي: وهو أن أدوِّن ما أشعر به دونما محاولة لإنشاء يوميات كاملة. خلافا لبعض الناس، لا أرى اليوميات مكانا للتفكير الأخلاقي أو الفلسفي أو الثقافي. هدفي هو العفوية المطلقة.

أتخيل أنك لا يمكن أن تسمحي لنفسك بالعفوية المطلقة في رسائلك الإلكترونية في أيامنا هذه، وبخاصة بعد حصولك على جائزة نوبل.

ـ لا أجد من الحرية في كتابة الرسائل أو الرسائل الإلكترونية [إلى الآخرين أيا من يكونون] مثل ما أجد في كتابة يومياتي [لنفسي]. ألتزم بقواعد معينة، ونوبل لم تغير ذلك. لكنني الآن أتلقى قدرا أكبر كثيرا من الرسائل الإلكترونية، والرد عليها يستهلك من الوقت الكثير للغاية، وردودي في الغالب تكون وجيزة ومتأخرة. أما وقد قلت هذا، فلا يروق لي عدم الرد على الرسائل الإلكترونية. أشعر بالذنب الرهيب لإدراكي أن عددا غير قليل من الرسائل الإلكترونية لا يزال اليوم بانتظار أن أفتحه.

كارين شويرتنر أستاذة مشاركة في الأدب الفرنسي في جامعة ويسترن.

نشرت ترجمة الحوار إلى الإنجليزية، بقلم نيل سميث، في thewalrus بتاريخ 14 يوليو 2023

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الرسائل التی هذه الرسائل بالنسبة لی قصة فتاة فی کتاب

إقرأ أيضاً:

المعداوي وفدوى طوقان.. سيرة ذاتية ترويها الرسائل

في مقاله المنشور بحريدتنا الغراء البلاد بعنوان:(السِير الذاتية وتابوهات المجتمع)، تحدث الأستاذ يوسف الحسن عما تحفُّ به كتابةَ السير الذاتية للكُتّاب العرب من محاذيرُ عدة، ليس أبسطها المحذور الاجتماعي الذي يخشاه الكاتب، ويمعن في التفكير قبل الكتابة، أو ربما استخدم كوابح عديدة أثناءها، وهو ما يقلِّل من مصداقية كتاباته، أو حتّى يضعفها إلى حد بعيد.

ولعلي أشير هنا أنه بحسب قاموس أكسفورد، فإن نشوء فن السيرة الذاتية بدأ عام 1809م، وقد تطور معناها ليدل على كتابة إنسان لتاريخه، أو قص حياة إنسان بنفسه. وتتميز بأن كاتبها، هو صاحب السيرة ذاته، ولهذا فهي تتضمن جانباً كبيراً من الصدق، لأنه لايستطيع أن يروي التجربة إلّا من عاناها.

وللأدباء والمفكرين العرب في العصر الحديث، رأي في نشر الاعترافات، أو السيرة الذاتية، يلخّصها أستاذنا الكبير عباس محمود العقاد -رحمه الله- بقوله: (لن يكون الاعتراف اعترافاً في رأي البعض، إلا إذا كان اعترافاً بأمر يغلب على الناس إنكاره، وكتمانه، فلا يفهمون من الاعتراف، إلا أنه إعلان لخبيئة في النفس، يشين صاحبها وتدعو إلى إخفائها).

ورغم هذا الرأي الصادر من أديبنا الكبير، إلا أن عدداً من الأدباء والمثقفين العرب وغيرهم، كتبوا شيئاً من سيرهم الذاتية، من بينهم الأستاذ عبدالرحمن شكري، الذي صدر له كتاب أسماه:”كتاب الاعترافات” وهو قصة نفس، يقول النقاد عنه أنه عني باستبطان ذاته واحتفاله بكشف طواياه.

أمّا عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، فقد كتب ثلاثية أيامه، والتي سجل في صدق وصراحة، ماصادفه من أحداث، ومواقف، شكَّلت حياته من طفولته الأولى، وكفّ بصره، وساهمت في نبوغه.

وكذلك فعل الأستاذ إبراهيم عبدالقادر المازني في كتاب (قصة حياة )، والذي نشر بعد وفاته -رحمه الله- وضمّ بين دفتيْه، سلسلة مقالاته التي كان ينشرها بمجلة “آخر ساعة”، والتي كانت تفيض بنبض حياته،وألمه.
أمّا الأستاذ توفيق الحكيم، فقد كتب سيرته الذاتية مرتين، الأولى: في كتابه (عودة الروح)الذي سجل جزءاً من نشأته وصباه، والثانية: في كتابه(سجن العمر) الذي تناول فيه أبعاداً عميقة التأثير في حياته وتجلّياتها الفكرية والإجتماعية.

وكذلك فعل الأساتذ أحمد أمين في كتابه (حياتي) ،والأستاذ العقاد في كتابه (حياة قلم) وكتابه الآخر ( أنا )، وعندنا، كتب الأديب الكبير أحمد السباعي أول سيرة ذاتية لأديب سعودي عام 1374هـ، وهي سيرة (أبو زامل – أيامي) التي تمثل بعض فصولها كما يقول (جانباً من حياتي وتغطي بجوانبها الأخرى صوراً من حياة الجيل الذي عشته.)
وفي المقابل، فإن في بعض الرسائل التي يتبادلها الأدباء والمفكرون والأصدقاء والمحبون، نوعاً من أنواع السير الذاتية، التي قد تحمل في طياتها انفعالات وجدانية، وعواطف جيّاشة، تنطوي على قدر كبير من كشف حقائق النفس، ودخائلها العاطفية، دون مواربة. ولعل صدق هذه الكلمات، يتحقّق من قراءتنا لكتاب: «المعداوي وفدوى طوقان..صفحات مجهولة في الأدب العربي المعاصر»، والذي جمع فيه

الأستاذ رجاء النقاش سبع عشرة رسالة بعث بها الأستاذ ألناقد أنور المعداوي إلى الشاعرة الكبيرة فدوى طوقان خلال الفترة:1951 – 1954.
في مقدمته للكتاب، يقرر الأستاذ النقاش الغياب شبه التام لأدب الاعتراف عند الأدباء العرب، بسبب المحاذير الكثيرة التي تمنع المبدعين من الكشف عن نوازع نفوسهم الموَّاراة خلف جدران سميكة من التابوهات.
ومن يقرأ رسائل الأستاذ المعداوي إلى الشاعرة فدوى طوقان، سيجد أن علاقتهما بدأت أدبية بامتياز، وأنه كان من أشد المعجبين بتجربتها المتوائمة مع تيار الحركة النفسية في الشعر، بل لا يتوانى عن تفّضيل شعرها على شعر الشاعر الكبير علي محمود طه، بل تجده يفضّلها أيضاً على شعر نازك الملائكة، معتبراً أن قصيدتها «إلى صورة»، أهم من كل قصائد نازك في «شظايا ورماد».

وقد ظلت تلك العلاقة على الورق، حتى فارق الأستاذ أنور المعداوي الحياة في عام 1965، دون أن يلتقيا أبداً، رغم وعودها المتكررة له بالمجيء إلى القاهرة، دون أن تفي بوعدها، ودون أن يفي هو أيضا بوعوده بزيارتها في مدينة نابلس، وكأنما هما يخشيان الهبوط بعلاقتهما من سماء الرومانسية إلى أرض الواقع. وبعد رحيل المعداوي، كتبت فدوى طوقان ترثيه:
حين تبدو الحياة في يومكَ المقفر مني
كئيبة محلولة
فامضِ نحو الجسر الكبير مع الذكرى
ورعشاتها العذاب الجميلة
ستراني هناك أمشي إلى جبينكَ
أنت استغراقتي وابتهالي
هو إيماننا المقدس بالحب
ثوى في أغوارنا المجهولة
والأستاذ أنور والمعداوي لمن لايعرفه، ناقد أدبي كبير، تميزت كتابته بالجرأة، والصراحة، والعمق.
كان يكتب في الأربعينات والخمسينات زاوية أسبوعية في مجلة الرسالة التي يصدرها أحمد حسن الزيات بعنوان:(تعقيبات).

مقالات مشابهة

  • سارة نخلة ترفع علم سوريا بمهرجان القاهرة.. وتعلق: لحظة فارقة في حياتي
  • المعداوي وفدوى طوقان.. سيرة ذاتية ترويها الرسائل
  • مارسيل كولر: حياتي داخل القاهرة؟ أنا لا أتواجد هنا للسياحة «فيديو»
  • حمدالله: أجمل أيام حياتي كانت مع نادي الاتحاد وأتمنى فوزهم في مواجهة الهلال
  • دراسة: لماذا نتحقق من الرسائل بعد الاستيقاظ مباشرة
  • لا نتربص بأحد.. نقابة القراء تعلق على التحقيق مع المخطئين في التلاوة
  • نقابة القراء: استلام المقر الجديد قريبا
  • كيف تبلغ عن الحسابات والمواقع المزيفة؟ "الأمن العام" يجيب
  • الأوقاف تطلق مقرأة كبار القراء بمسجد الإمام الحسين
  • الأوقاف تطلق مقرأة كبار القراء بمسجد الحسين برواية البزي عن ابن كثير