سلاح الجنس في الحروب.. يفتك بالمجتمعات ويخلف صدمات نفسية
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
سلطت الإدانة الأمريكية الأخيرة، للعنف الجنسي، الذي تتهم قوات الدعم السريع بممارسته في السودان، الضوء على هذا السلاح الذي يلجأ إليه الجنود في الحروب ومواطن النزاع المسلح، للفتك بالمجتمعات المحاربة لهم.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، إن الولايات المتحدة، تدين العنف الجنسي، في السودان، وقالت إن التقارير توثق العديد من حالات الاغتصاب والاغتصاب الجماعي، ضد النساء والفتيات في غرب دارفور ومناطق أخرى للقتال.
وكانت صحيفة "الغارديان" نشرت تقريرا عن الناجيات من الاغتصاب في الحرب الدائرة حاليا في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث لا يستطعن الحصول على الأدوية الحيوية التي تعطى عادة للناجيات من عمليات الاغتصاب، مثل حبوب منع الحمل والحبوب المانعة لانتشار أمراض نقص المناعة.
ما هو العنف الجنسي في الحروب؟
وفقا لتعريف منظمة الصليب الأحمر الدولي، فإن العنف الجنسي في الحروب، يطلق على الأفعال المرتبطة بممارسة الجنس، بالقوة والإكراه والتعنيف، خلال الاحتجاز والقمع النفسي، ضد النساء والأطفال وحتى الرجال، خلال البيئة الحربية.
وتشمل أعمال العنف الجنسي، الاغتصاب والاستعباد الجنسي، والدعارة القسرية، والحمل القسري، والتعقيم القسري، وأي شكل من أشكال العنف المبني على الجنس خلال أوقات الحروب، ويعد جريمة من جرائم الحرب التي تستوجب أقسى العقوبات الدولية.
ويلجأ المسلحون سواء كانوا جنودا في الجيوش، أو مليشيات غير نظامية، باللجوء للعنف الجنسي، كشكل من أشكال الانتقام والتنكيل بالمدنيين وحتى المقاتلين، في الطرف الآخر، من أجل إثارة الفزع والتعذيب البدني والنفسي، لتدمير النسيج الاجتماعي للخصم.
وتعد ممارسة العنف الجنسي خلال الحروب، من الانتهاكات القديمة في التاريخ، وليست مرتبطة بالعصور الحالية، وهو تكتيك متعمد في الحروب، وكان اليونانيون القدماء، يعتبرونه فعلا مقبولا ضمن قواعد الحروب، ويقوم على إفساح المجال للجنود بإشباع رغباتهم ونزواتهم في المدنيين الذين يأسرونهم، فضلا عن توسيع دائرة الانتهاكات لتطال عددا كبيرا من مجتمع الخصم بكافة شرائحه لمزيد من التدمير الاجتماعي وإلحاق الهزيمة النفسية.
ولم يقتصر العنف الجنسي في الحروب القديمة، على ما يجري في ساحة المعركة، بل كان يجري اختطاف النساء والأطفال واعتبارهم غنائم حرب، ودفعهم لتلبية رغبات الجنود في المعسكرات، أو بيعهم لاحقا في الأسواق باعتبارهم ملكيات خاصة لتلبية الرغبات.
نساء المتعة الكوريات
ومن أشهر جرائم العنف الجنسي، في القرن الماضي، قضية نساء المتعة الكوريات، وهن النساء اللوتي جرى اختطافهن نهاية الحرب العالمية الثانية، من أجل تقديم خدمات جنسية، للجيش الإمبراطوري الياباني، خلال الحكم العسكري لكوريا.
وتقدر الدراسات أن نحو 200 ألف امرأة، غالبيتهم من كوريا، إضافة إلى صينيات ونساء من تايوان آسيا، لمعسكرات المتعة اليابانية، عبر احتجاز النساء في بيوت دعارة، أنشئت خصيصا للجنود.
وكانت النساء تستدرج بدعوى الحصول على وظائف، عبر وكلاء يعملون مع الجيش الياباني، ويتم إرسالهن إلى محطات الدعارة ويحتجزن هناك في ظروف سيئة، ويجبرن على ممارسة الاغتصاب بصورة مستمرة، فضلا عن التعذيب والقتل في حال مقاومة الدعارة.
وكشف تقرير للأمم المتحدة عام 1996، عن إعدام القوات اليابانية، العديد من نساء المتعة، مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وقبل إعلان الهزيمة أمام قوات الحلفاء.
صورة تاريخية لمجموعة من "نساء المتعة" الكوريات في أحد معسكرات اليابانيين إبان الحرب العالمية الثانية.
تبعات الاغتصاب
ووفقا لدراسة أصدرتها جامعة إدنبرة، في المملكة المتحدة، فإن للعنف الجنسي في الحروب، تبعات صحية ونفسية مدمرة، على الأفراد الذين تقع بحقهم الجرائم.
وقالت الجامعة في الدراسة، إن الأبحاث التي أجريت على الأفراد الناجين من الحروب، ووقعت بحقهم جرائم عنف جنسي، يعانون من عواقب طويلة الأسد، مثل الإصابات الجسدية والصدمات النفسية، ووصمة العار المجتمعية.
كما لفتت إلى أن الحمل الذي يحدث نتيجة الاغتصاب، واضطراب ما بعد الصدمة، والاستبعاد الاجتماعي، للمغتصبات خلال الحروب، يترك آثارا سلبية طويلة الأمد.
ولا تقتصر الآثار المدمرة على من وقع عليهم العنف الجنسي، بل إن عائلاتهم ومجتمعاتهم، تعاني مشاكل مروعة، وعواقب طويلة الأمد من قبيل النبذ الاجتماعي، ورفض التعامل معهم.
أما على الصعيد الصحي، فقالت الدراسة، إن الاغتصاب من أكثر أنواع العنف الجنسي،شيوعا في الحروب، وعانى الكثير ممن ارتكب بحقهم، من أمراض منقولة جنسيا وصدمات جسدية.
وبحسب الدراسة، فإن التأثيرات الصحية، شملت مشاكل عقلية تنشأ نتيجة ما جرى، وقالت إن ثلاثة أربع الناجين، تأثروا باضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب والقلق.
كما يخلق العنف الجنسي، مشاكل تتعلق بالأطفال، سواء من وقع عليهم الفعل، أم من ولدوا نتيجة اغتصاب النساء في الحروب، والذين سيعانون في لحظة لاحقة مستقبلا، من الاستبعاد الاجتماعي ووصمة العار، والحرمان من التعليم، وسوء التغذية.
وبحسب الموقع الرسمي للمكتبة الوطنية للأدوية الأمريكي، فإن دراسة أجريت على 92 ناجية من حرب، مع تعرضهن للعنف، الجنسي، في دول أفريقية، أصيب ثلثهن بعدوى منقولة جنسيا، تنوعت ما بين فيروس نقص المناعة البشرية، والكلاميديا وعدد منهن كان الحمل إيجابيا، في حين أجريت عمليات إجهاض لبعض النساء اللواتي حملن من عمليات الاغتصاب.
وقال الموقع الأمريكي، إن المغتصبات، عانين من إنجاب أطفال غير مرغوب فيهم، وتسبب العنف الجنسي، في ارتفاع معدلات الإجهاض ووفيات الأمهات، وسلس البول، وكثير من الأحيان، ظهرت أمراض الزهري والناسور وأعراض صحية جنسية فاقمت الأمراض المنقولة جنسيا.
إحصائيات مفزعة
ووفقا لصندوق تنمية المرأة التابع للأمم المتحدة، فإن ما بين 250 ألفا إلى 500 ألف، امرأة وفتاة، تعرضن للاغتصاب، خلال مجازر الإبادة الجماعية، التي وقعت في رواندا عام 1994، وما تبع ذلك، من ظهور مواليد بعشرات الآلاف لا يعرف نسبهم، في أسوأ استهداف عرقي وقع في القرن العشرين.
كما أشارت إحصائيات للصندوق، أن أكثر من 60 ألف فتاة تعرضت للاغتصاب والعنف الجنسي، في الحرب الأهلية في سيراليون.
ووثقت كذلك، وقوع حالات اغتصاب وانتهاكات جنسية، بحق ما بين 20 ألفا إلى 50 ألف من النساء والفتيات، خلال حرب البوسنة والهرسك في تسعينيات القرن الماضي.
وبحسب الصندوق، فإن ما لا يقل عن 200 ألف من النساء والفتيات في جمهورية الكونغو الديمقراطية، تعرضن للاغتصاب والعنف الجنسي.
ووفقا لموقع وزارة شؤون قدامى المحاربين الأمريكية، فإن جرائم الاغتصاب، خلال الحروب، وقعت بحق مئات الآلاف من النساء، في عدة مناطق من العالم، منها كوريا الشمالية، وبنغلاديش، وليبيريا وجنوب شرق آسيا، وأوغندا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الحروب العنف الجنسي الاغتصاب جرائم الحرب جرائم حرب الاغتصاب حروب العنف الجنسي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العنف الجنسی
إقرأ أيضاً:
انتحار إحدى ضحايا الاغتصاب المدعيات على الملياردير إبستين والأمير أندرو
أعلنت عائلة فيرجينيا جوفري، إحدى المدعيات الرئيسيات في قضية الملياردير الأمريكي جيفري إبستين الذي كان متهما باستغلال قاصرات جنسيا، أن الشابة البالغة 41 عاما انتحرت بمنزلها في أستراليا.
وكانت جوفري اتهمت إبستين الذي انتحر في سجنه عام 2019 عندما كان ينتظر محاكمته، بأنه استعبدها جنسيا.
وتوصلت هذه الأمريكية الأسترالية إلى تسوية بملايين الدولارات في القضية مع الأمير أندرو، شقيق ملك بريطانيا تشارلز الثالث، بعدما اتهمته بالاعتداء عليها جنسيا عام 2001 عندما كان عمرها 17 عاما.
وأفادت العائلة في بيان تلقته وكالة فرانس برس السبت بأن "فرجينيا توفيت الليلة الفائتة بمزرعتها في غرب أستراليا".
وأوضح البيان أن جوفري "انتحرت بعدما عانت طوال حياتها من الاعتداءات الجنسية وكانت ضحية الاتجار بالجنس".
وأضافت العائلة في بيانها "إن الكلمات تعجز عن التعبير عن مدى عمق شعورنا بالخسارة بوفاة فيرجينيا الحبيبة"، مستذكرة "شجاعتها المذهلة وروحها المحبة".
وأشارت إلى أن فيرجينيا "لم تعد في نهاية المطاف ... قادرةً على تحمّل وطأة الاعتداءات" التي عانتها.
وتحركت وحدات من أجهزة الطوارئ بعد تلقيها مساء الجمعة بلاغا عن العثور على امرأة فاقدة الوعي في منزل بشمال بيرث.
وأعلنت الشرطة في بيان "تأكيد وفاة المرأة البالغة 41 عاما في مكان الحادث"، من دون ذكر جوفري بالإسم، فهي لا تُفصح عادة عن الهوية في حالات كهذه.
لقاء في السادسة عشرة
ظهرت فيرجينيا جوفري في منشور لها في آذار/مارس الفائت عبر إنستغرام مستلقية على سرير في المستشفى مع كدمات وسحجات حول عينها اليسرى وجبهتها وأنفها، بعد تعرضها لحادث سير في غرب استراليا، وعلّقت بالقول إن أيامها معدودة.
وأعلنت شرطة غرب أستراليا عن وقوع "حادث مروري محدود" أحد طرفيه حافلة في 24 آذار/مارس شمال بيرث.
وأوضحت وكيلة فيرجينيا لاحقا أن المرأة لم تدرك أن منشوراتها أتيحت للعامة.وكانت فيرجينيا جوفري (المولودة روبرتس) الصوت الرئيسي لضحايا الجرائم الجنسية التي ارتكبها رجل الأعمال الأمريكي وصديق الأمير أندرو جيفري إبستين.
وروَت جوفري أنها كانت في السادسة عشرة وكانت تتولى وظيفة صيفية في منتجع مار إيه لاغو المملوك لدونالد ترامب في فلوريدا في صيف عام 2000، عندما تعرّفت بشريكة حياة إبستين يومها غيلاين ماكسويل .
وأضافت أن ماكسويل، التي حُكم عليها أيضا في نيويورك عام 2022 بالسجن 20 سنةً، أغرتها بإخبارها عن رجل ثري يبحث عن مدلّكة.
وأشارت جوفري إلى أن جلسات التدليك في مقر إقامة إبستين، في فلوريدا أخذت منحى جنسيا.
وشرحت جوفري في روايتها المشابهة لروايات ضحايا أخريات، أنها لم تكن قادرة على رفض ذلك لشعورها بالضعف، إذ سبق لها أن تعرضت لاعتداءات جنسية وهربت مرات عدة خلال طفولتها.
وادّعت جوفري قضائيا عام 2021 على الأمير أندرو الذي التقته من خلال جيفري إبستين، إذ اتهمته بالاعتداء عليها جنسيا عندما كانت قاصرا.وواظب الأمير أندرو على إنكار إقدامه على أي اعتداء جنسي، وتمكّنَ من تَجنُّب المحاكمة في نيويورك بدَفعِ ملايين الدولارات.
تسوية
وتوصل شقيق الملك تشارلز الثالث إلى اتفاق ودي في شباط/فبراير 2022 مع جوفري دفع بموجبه أموالا إلى جمعية خيرية لضحايا الاستغلال الجنسي، وفقا لوسائل إعلام بريطانية.
لكن اتهامات فيرجينيا جوفري سرّعت سقوطه، مما دفعه إلى الانسحاب من الحياة العامة.
وكانت جوفري تعيش في أستراليا، حيث كوّنت عائلة قوامها ثلاثة أبناء هم كريستيان ونوا وإميلي، واسست جمعية لدعم ضحايا الاعتداءات الجنسية والاتجار بالجنس ("سبيك آوت،آكت، ريكليم" Speak out, Act, Reclaim).
وقالت محاميتها سيغريد ماكاولي التي وصفت جوفري بأنها كانت "صديقة عزيزة جدا"، إنها ساهمت في الدفاع عن ضحايا أخريات في هذه القضية.
وأضافت ماكاولي: "لقد دفعتني شجاعتها للقتال بقوة أكبر، وكانت قوتها مذهلة".
ووصفت وكيلة أعمال جوفري النيويوركية ديني فون موفلينغ، الراحلة بأنها كانت "مُحِبةً جدا وحكيمة وطريفة، وكانت بمثابة منارة أمل للضحايا الأخريات".