هل تلتحق ليبيا بركب التطبيع؟!
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
هل تلتحق ليبيا بركب التطبيع؟
كيف ستتصرف المنقوش في حال تحملت وحدها وزر هذه السياسة التعيسة؟
الاقتراب العربي من الكيان الهجين كان وسيظل من بين أهم أولوياته وأولويات الدول الداعمة له، وفي مقدمتها أمريكا.
الاقتراب من إسرائيل لا يمكن أن يكون حدثا عابرا وجاء عرضا ودون ترتيب أو نية للتماهي مع أجندة التطبيع بدرجة أو أخرى.
ردود الفعل العفوية تركزت حولها ووجهت خطوات الدبيبة حتى الآن السهام صوبها وأبعدتها عنه، وسيكون موقف المنقوش أكثر حرجا إذا أدينت بعد التحقيق.
الدبيبة أذكى من أن يمضي في إقالة المنقوش، وسيكون الخيار لملمة الأزمة بحذر وتأكيد احترام ثوابت الليبيين وأكدتها ردود فعل واسعة، واستمرار إيقاف المنقوش دون إعلان نتائج التحقيق.
* * *
فجأة، وبدون مقدمات، اقتحمت حكومة الوحدة الوطنية، أو لنقل ممثلتها للسياسة الخارجية، ساحة التقارب مع إسرائيل، واجتمعت بممثل الدبلوماسية الإسرائيلية في لقاء غير عارض، حتى مع قبول تبرير خارجية حكومة الوحدة التي قالت إن موضوع الاجتماع كان حول مصير اليهود من أصل ليبي والذين يثار ملف تعويضهم عما خسروه في ليبيا بين الفينة والأخرى.
ينبغي أن ندرك أن الاقتراب العربي من الكيان الهجين كان وسيظل من بين أهم أولوياته وأولويات الدول الداعمة له، وفي المقدمة منها الولايات المتحدة الأمريكية، ولهذا فإن الاقتراب من إسرائيل لا يمكن أن يكون حدثا عابرا وجاء عرضا ودون ترتيب أو نية للتماهي مع أجندة التطبيع بدرجة أو أخرى.
كما يجب أن ندرك أن الهزال الذي تعيشه الدولة والضعف الذي تعانيه السلطات خير ظرف لتمرير الأجندة الإسرو-أمريكية، إن صح التعبير، فلقد بدر عن العقيد القذافي مغازلة صريحة لإسرائيل عندما اشتدت الأزمة في العام 2011م وشعر بالضعف الشديد، وطلب من ممثله في روما، التي احتضنت الاجتماع الأخير أن يوصل رسالة بأن الانتفاضة في ليبيا قد تهدد إسرائيل، ولم يتخلف حفتر عن هذا المسار، وهو المسار الذي لن يتخلف عنه من يريد التصدر للمشهد وحكم البلاد مع شديد الأسف.
ما يغيب دوما عن عقول الساسة المتنفذين هو الأثر الذي سيعود عليهم قبل غيرهم جراء المضي في هذا المسار، ولو بعد حين، وأزعم أن من بين أسباب الانتفاض على القذافي هو انقلابه على سياسته الثورية الصِدامية ضد الكيان وحلفائه الغربيين، إلى الخضوع للمطالب والشروط المجحفة في لوكربي وغيرها، والتخلي عن شعار محو إسرائيل من الوجود إلى الاعتراف بها من خلال مشاركتها من قبل الفلسطينيين في دولة واحدة هي "إسراطين".
ردود الفعل الواسعة دفعت الدبيبة إلى التراجع عن هذا المسار، وسيكون من العسير إقناع الرأي العام، أو النخبة منه، أن نجلاء المنقوش مضت في تقاربها مع إسرائيل منفردة ودون أن تحيطه علما بذلك!!
ذهاب الدبيبة إلى السفارة الفلسطينية، وإصداره قرار إيقاف المنقوش عن عملها وإحالتها للتحقيق، يؤكد أنه أدرك مخاطر ما وقع، لكنه في المقابل يواجه صعابا في حال قرر التماهي مع موقف الرأي العام الليبي من الاقتراب من الكيان الهجين، فهذا لن يُرضي عرابي أجندة التطبيع الذين يدركون أن الوقت موات جدا لكسر الحواجز، كما يدركون ويدرك الدبيبة وعدد من المتصدرين للانتخابات الرئاسية، أن من يريد أن يعزز فرص فوزه بكرسي الرئاسة عليه أن يجد تخريجة للتطبيع بشكل أو بآخر.
السؤال المهم جدا هو: كيف ستتصرف المنقوش في حال تحملت وحدها وزر هذه السياسة التعيسة؟ فردود الفعل العفوية تركزت حولها، ويبدو أن الخطوات التي اتبعها الدبيبة حتى الآن وجهت معظم السهام صوبها وأبعدت الكثير منها عنه، وسيكون موقف المنقوش أكثر حرجا إذا تمت إدانتها بعد التحقيق.
أعتقد أن الدبيبة أذكى من أن يمضي في إقالة المنقوش، وسيكون الخيار هو لملمة الأزمة بحذر عبر التأكيد على احترام ما هو ثابت عند الليبيين وأكدت عليه ردود الفعل الواسعة، واستمرار إيقاف المنقوش دون الإعلان عن نتائج التحقيق.
الموقف المتصلب من الكيان الهجين جزء من عقيدة ووجدان كل الليبيين، والشذوذ عنه محدود وضمن شريحة صغيرة، ولولا تجذر هذه العقيدة وهذا الشعور في الليبيين ما وجد ضباط سبتمبر الصغار سبيلا للنجاح والانقلاب على الحكم الملكي؛ الذي برغم مزاياه الكثيرة إلا أنه لم يستطع التعاطي الإيجابي مع الحالة الفكرية والوجدانية التي اجتاحت الشارع الليبي في ستينيات القرن الماضي تأييدا للأنظمة الثورية العسكرية التي رفعت شعار التصدي للكيان واستئصاله، وفي مقدمتها النظام المصري بقيادة جمال عبد الناصر.
في المقابل، فإن الاتجاه العام في السياسات والمواقف العربية، مدعوما بحالة التفكك في المنتظم الرسمي والشعبي، يمكن أن يكون أرضية لتغيير قناعات الكثيرين وتوسيع شريحة المطبعين، لهذا فإنه من غير المتوقع أن ينتهي موضوع الاقتراب من إسرائيل بطي صفحة اجتماع روما الأخير.
*السنوسي بسيكري كاتب وباحث في الشأن الليبي
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: ليبيا إسرائيل أمريكا التطبيع المنقوش الدبيبة إيلي كوهين الاقتراب من ردود الفعل
إقرأ أيضاً:
روني كاسريلز.. حان الوقت لتغيير حق الفيتو الذي يحمي إسرائيل
أوضح القيادي في حركة تحرير جنوب أفريقيا روني كاسريلز -يهودي الديانة وينتمي لبيض جنوب أفريقيا– أن إسرائيل تنشر الخراب في المنطقة، ليس فقط بارتكابها جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، ولكن بهجومها على لبنان ودخول أراضيه، والاعتداءات المتكررة على سوريا والعراق واليمن، وأن السبيل الوحيد لوقف هذا الخراب هو حرمان الآلة العسكرية لإسرائيل من الأسلحة التي تقدمها لها الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة ودول أخرى تساعد إسرائيل على ارتكاب هذه الجرائم.
وزير دفاع جنوب أفريقيا جو موديز (وسط)، ورئيس مجلس إدارة شركة أرمسكور رون هايوود (يسار) وروني كاسريلز (رويترز)وأضاف أن السبيل لوقف تدفق الأسلحة على إسرائيل يمر عبر الأمم المتحدة التي تتعامل معها واشنطن وتل أبيب بشكل مهين، مشيرا إلى أن تلك الخطوة هي مسؤولية المجتمع الدولي بأسره لانتهاك هذه الدول للقانون الدولي وحقوق الإنسان والقرارات الدولية كافة.
وبشأن فرص فرض عقوبات ملزمة على إسرائيل لجرائمها في ضوء الحصانة والحماية التي تحظى بها من الدول الغربية، أكد كاسريلز أنها مسألة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة، مشيرا إلى ما وصفه بنفاق الدول الغربية التي تحتشد لدعم أوكرانيا، في حين تدعم دولة عدوانية مثل إسرائيل.
روني كاسريلز وناليدي باندور (وزير العلاقات الدولية والتعاون) في المحاضرة التذكارية السنوية الثانية لشيرين أبو عاقلة (غيتي)وردا على سؤال افتراضي عما إذا كان له أن يعود بالزمن لكي يختار محاربة أي النظامين العنصريين في جنوب أفريقيا أم ذلك الذي في إسرائيل، قال كاسريلز "أنا جنوب أفريقي من أصل يهودي ولكني لست صهيونيا، وأرفض تلك الوصفة الصهيونية من أن معاداة السامية هي أمر متأصل في الإنسانية، كما أن طريقة التعامل مع أي شكل من أشكال العنصرية تتلخص في النضال ضده، مثلما فعلت أنا بانضمامي لحركة التحرر الوطني من أجل الديمقراطية في جنوب أفريقيا، وهو ما يفعله اليهود الصالحون المناهضون للصهيونية الذين يرفضون الذهاب إلى مستوطنة استعمارية صهيونية أقيمت على أرض انتزعت من شعبها الأصلي"، وأوضح أن ذلك هو الذي يدفعه -مع كثير من اليهود- إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني، وأن الأمر لا يتعلق باختيار أي النظامين كان سيختاره للتصدي له.
إعلانوأعرب كاسريلز عن امتنانه لأجداده الذين اختاروا الهجرة من ليتوانيا في أوروبا إلى جنوب أفريقيا، وليس إلى فلسطين كي يحلوا محل أهلها. وقال كاسريلز أن أبويه ربياه على احترام الآخر حتى وإن كان مختلفا عنهم، وهو الذي ساعده على التمرد على نظام الفصل العنصري في العشرين من عمره، وعلى انضمامه إلى حركة المؤتمر الوطني الأفريقي للتحرر والحزب الشيوعي، وجعله مؤيدا للحقوق المطلقة للشعب الفلسطيني.
أعضاء لجنة التحقيق الدولية (آي في سي) كريس ماكابي (يسار)، وروني كاسريلس (وسط)، ورام مانيكالينغام (يمين) -المحكمة العليا مدريد في 23 فبراير/شباط 2014- (رويترز)وبخصوص خطاب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن في مجلس الشيوخ -عندما كان عضوا فيه عام 1986- الذي انتقد فيه بعنف حكومته بسبب تقاعسها بشأن ما وصفه بالنظام العنصري الأبيض المثير للاشمئزاز في جنوب أفريقيا، كما وصف حكومته بأنها تفتقر إلى العمود الفقري الأخلاقي، وأكد ضرورة أن تنحاز واشنطن للسود المقموعين، ثم بعد 38 عاما، يقف بايدن رئيسا وهو يدعم بشكل مطلق الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين، وصف كاسريلز الرئيس الأميركي بالانتهازية والنفاق حتى عندما كان يتحدث مدافعا عن السود في جنوب أفريقيا.
بايدن انتهازي مطلق وطالما تنفس كذباوكشف كاسريلز عن واقعة سبقت خطابه عام 1986، إذ كذب خلالها بايدن كذبا واضحا عندما ادعى أنه في زيارة سابقة لجنوب أفريقيا تم القبض عليه بسبب أنشطته المناهضة للفصل العنصري، وقد ثبت لنا فيما بعد أن تلك الحادثة لم تقع قط، وإنما كانت كذبة لتعزيز مكانته بدافع من انتهازيته، وهو ما تكرر على مدار مسيرته المهنية، واصفا الرئيس الأميركي بأنه عار مطلق على البشرية هو ونخبته الذين يحكمون الولايات المتحدة. وأضاف أن الإبادة الجماعية ترتكبها إسرائيل بذخائر الموت والأموال التي توفرها الولايات المتحدة، مؤكدا أنه يحتقر هذا الرجل الذي يضر بالشعب الأميركي وبالإنسانية.
إعلانوحول إمكانية التوصل إلى حل تفاوضي بشأن وطن للفلسطينيين على غرار ما حدث في جنوب أفريقيا بالرغم من خطورة جرائم إسرائيل، قال كاسريلز "لقد كنا نناضل من أجل دولة ديمقراطية موحدة، وليس للوصول إلى تسوية تفاوضية مع قوة استعمارية حاكمة، وكان هذا يعني إنهاء سيطرتها السياسية على البلاد والقبول بدولة واحدة ديمقراطية يتساوى فيها الجميع، وهو السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية لتكون فلسطين دولة من النهر إلى البحر لجميع مواطنيها، بغض النظر عن كونهم يهودا أو عربا أو مسيحيين أو مسلمين، وأن من يرفض هذا الحل من اليهود عليه الرحيل".
وزير المخابرات الجنوب أفريقي السابق، روني كاسريلز، يخاطب الحضور في المؤتمر العالمي الأول لمكافحة الفصل العنصري في ساندتون (الفرنسية)وأكد الرجل أن الجميع في جنوب أفريقيا، حكومة وحزبا، على مستوى القيادات والقواعد داعمون لمقاومة إسرائيل الصهيونية والولايات المتحدة.
وفي ما يتعلق بقواعد الحرب واتفاقية جنيف للأمم المتحدة، أكد كاسريلز أنه منذ القرن السابع "سنجد أن الإسلام ونبيه محمد الزعيم والقائد العسكري ورجل الدولة قد وضع تعاليم صارمة حول كيفية التعامل مع العدو من تحريم قتل النساء والأطفال والجرحى وحرمة الأماكن الدينية، مشيرا إلى الاختلاف المذهل عند مقارنة تلك التعاليم بقانون إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا النازية وبريطانيا للحرب، وهو ما يفسر لماذا لا يرون ما ترتكبه إسرائيل الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة كلها من جرائم، مخلفة بذلك الخراب والحرب.