عربي21:
2025-03-10@18:37:33 GMT

فرنسا: السياسة تحت العباءة

تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT

لا حديث في فرنسا هذه الأيام سوى عن نيجيريا بعد الانقلاب والمدارس الثانوية بعد منع التلاميذ من ارتداء العباءة.

في الأولى تقول باريس إنها تدافع عن الشرعية والديمقراطية في حين أنها تدافع في الحقيقة عن مصالحها الاقتصادية في آخر موطئ قدم لها في غرب إفريقيا، وفي الثانية تقول إنها تدافع عن قيم العلمانية الجمهورية في حين أنها، على الأغلب، تدافع عن جنوحها المتزايد نحو اليمين، متخذة من المسلمين على أراضيها هاجسها الأكبر.



وإن كان مفهوما أن تتصدّر النيجر نشرات الأخبار الفرنسية خاصة بعد دعوات العسكر في نيامي إلى إنهاء الوجود العسكري الفرنسي على أراضيها وطرد السفير، فإن الحديث عن العباءة ووقوف المذيع أمام شاشة ليشرح مواصفاتها بأنها فستان نسائي فضفاض بكم طويل وفتحة رقبة ضيقة بدا غريبا فعلا!.

تقول صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية إن وزير التعليم غابريال أتال، وفي أول ظهور تلفزيوني له بعد أسابيع قليلة من تعيينه في هذا المنصب، «ضرب بقوة على الأقل إعلاميا وسياسيا» وهو يعلن الأحد الماضي قرار منع البنات من ارتداء العباءة في المدارس لأنه «عليكم ألا تكونوا قادرين على تحديد دين أي تلميذ عندما تدخل أي فصل مدرسي» كما قال.

هذه «الضربة القوية» ليست بالضرورة في محلّها، على الأقل كما يراها معارضوها من الساسة الفرنسيين أنفسهم، ناهيك عن المسلمين وهم يلمسون التضييق المتزايد عليهم، لاسيما مع تعهّد وزير التعليم، المزهو بدخوله «القوي» على ما يبدو، بإرسال «جملة من النصوص في الأيام المقبلة» حول العلمانية إلى المربّين ومدراء المؤسسات التعليمية.

يرى المناهضون لقرار الوزير أن مشاكل التعليم في فرنسا مختلفة تماما، أقلها النقص المسجّل في عدد الأساتذة، ويقول أحد أبرز هؤلاء جون ليك مالنشون زعيم حزب «فرنسا الأبية» المعارض إنه «من المحزن أن نرى العودة المدرسية وهي تتعرّض لمثل هذا الاستقطاب السياسي من خلال حرب دينية جديدة لا معنى لها ومفتعلة بالكامل» في حين تساءلت النائبة في البرلمان من نفس حزبه قائلة «إلى أين يمكن أن تمضي شرطة اللباس؟!» معتبرة قرار وزير التعليم «لا دستوريا ومخالفا للمبادئ الأساسية للعلمانية» فضلا عن كونه «علامة لهوس الرفض للمسلمين». أما النائبة والأستاذة الجامعية المؤيدة لقضايا المرأة ساندرين روسو فرأت فيه «رقابة اجتماعية على جسم السيدات والشابات».

أما المؤيدون للقرار فرأوا فيه وجاهة لا شك فيها مستندين في ذلك إلى تقارير «مفزعة» من وجهة نظرهم تشير إلى أن عدد «الانتهاكات» لعلمانية الدولة في فرنسا في تزايد مستمر، حتى أنها ارتفعت بنسبة 120٪ في العام الدراسي 2022-2023 عن العام السابق، وأن عدد إشعارات الاحتجاج بشأنها وصلت بين أبريل/ نيسان ويونيو/حزيران من هذا العام فقط إلى 1892، وهو الرقم الذي يقولون إنه لم يسجّل منذ 2018، تاريخ بدء رصدها وتسجيلها في صفوف التلاميذ في فرنسا البالغ عددهم 12 مليونا.

ومع أن فرنسا أصدرت في 15 مارس/آذار عام 2004 قانونا يمنع أي علامة توحي بالانتماء الديني للتلاميذ، كالقلنسوة على الرأس عند اليهود وقلادة الصليب البارزة عند المسيحيين والحجاب عند المسلمين، واعتبر كافيا جدا ويفي بالغرض الذي أرادته المؤسسة السياسية في فرنسا، إلا أن حكومة الرئيس ماكرون رأت الآن إضافة العباءة مع أنها لا تحمل أي دلالة دينية، حتى وإن اقترنت عند كثيرات بالحجاب، فضلا عن أن المدارس المعنية بها لا تتجاوز 150 من بين 60 ألفا في كامل البلاد. إنها مجرد فستان، قد يعجب البعض وقد لا يعجب، لكن الأكيد أنه خال تماما من أي حمولة دينية مهما كانت، مثلما أكّد ذلك المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، حتى أن سيسيل ديفلو وزيرة التنمية الفرنسية الإقليمية السابقة نشرت صورة لفستان كهذا من إصدار دار «غوتشي» الشهيرة للأزياء لتقول: أنظروا إنه مجرد فستان عادي لكنه فضفاض!!.

قسّمت هذه القضية السياسيين في فرنسا، كما تقول صحيفة «لوموند» والبعض لا يتردد في الإشارة إلى تداعياتها السلبية المنتظرة حتى أن صوفي فينيتيتاي الأمينة العامة لنقابة التعليم الثانوي رأت أنه لا بد من الموازنة بين احترام العلمانية وبين ضرورة إرساء حوار مفيد مع الشباب حتى لا تؤول الأمور إلى إقصاء قاس ودائم لقطاع من التلاميذ الذين قد يتوجّهون إلى المدارس الخاصة أو الدينية، مما يعتبر فشلا ذريعا للتعليم العمومي ككل.

لم يكن وازع تحريك ضجة العباءة خالصا لوجه العلمانية وقيم الجمهورية الفرنسية بقدر ما كان استكمالا لسلسلة خطابات وممارسات وقوانين استسهلت استهداف المسلمين في فرنسا دون غيرهم، رأى فيها سياسيو اليمين واليمين المتطرف، وهما يقتربان من بعضهما أكثر فأكثر، ذخيرة انتخابية ثمينة ومجزية للأسف.

لقد وصلت «الأصولية العلمانية» عند بعض الفرنسيين إلى درجة لا تبتعد كثيرا عن «الأصولية الدينية» عند «طالبان» فهذه تفرض على النساء ما يلبسنه والأخرى تفرض ما لا يلبسنه!!.

(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فرنسا العباءة العلمانية فرنسا اسلام عباءة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات صحافة اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی فرنسا

إقرأ أيضاً:

في ملف اختلطت فيه السياسة بتجارة المخدرات.. الشروع في محاكمة مجرم خطير بمراكش يعد بمفاجئات مدوية

زنقة 20 | الرباط

من المرتقب ان تعقد المحكمة الابتدائية بمراكش جلسة يوم غد الاثنين 10 مارس لمحاكمة اربعة متهمين متابعين من طرف وكيل الملك لدى ذات المحكمة في حالة اعتقال وذلك على خلفية ايقاف متهم تمكن من الفرار من قبضة الامن بولاية امن مراكش من معقله بعد إلقاء القبض عليه بناء على مذكرة بحث وطنية من اجل الاتجار في المخدرات.

و تم ايقاف المجرم الخطير الملقب بـ”الزائر”، بعد مدة وجيزة من فراره بمنطقة تامنصورت من طرف عناصر الشرطة القضائية بمراكش بناء على معطيات وفرتها مصالح مراقبة التراب الوطني.

وبعد ايقافه المتهم الفارّ من العدالة تمكنت مصالح الشرطة القضائية من ايقاف ثلاثة متهمين آخرين على ذمة القضية ويتعلق الأمر بنائب مقاطعة جليز وهو مستشار جماعي وشقيقه إلى جانب شخص آخر يشتغل كمياوم.

وتوبع المتهم الرئيسي الذي فرَّ في وقت سابق من اجل الحيازة والاتجار في الأقراص المخدرة ،الاتجار في المخدرات وحيازتها وحيازة سلاح ابيض بدون سند والفرار من مكان مخصصة للاعتقال والعصيان والاهانة والاعتداء على موظف عمومي بحسب المحامي محمد الغلوسي.

فيما توبع المستشار الجماعي من اجل المشاركة في إخفاء عمدا احد الاشخاص مع علمه انه مبحوث عنه من طرف العدالة والمشاركة في تسهيل استعمال المخدرات للغير بتوفير محل لذلك.

وتوبع شقيق المستشار الجماعي من اجل المشاركة في الاتجار في المخدرات الصلبة (الكوكايين )واخفاء عمدا احد الاشخاص مع علمه انه مبحوث عنه من طرف العدالة.

وتوبع المياوم من اجل المشاركة عمدا في إخفاء احد الاشخاص مع علمه انه مبحوث عنه من طرف العدالة.

مقالات مشابهة

  • العباءة في رمضان.. من زيّ تقليدي إلى هوية رمضانية
  • يمكن للمرأة السودانية أن تنجح في كل شيء ما عدا السياسة
  • هل تمثل التدريبات العسكرية “الفرنسية – المغربية” تهديدات للجزائر؟
  • في ملف اختلطت فيه السياسة بتجارة المخدرات.. الشروع في محاكمة مجرم خطير بمراكش يعد بمفاجئات مدوية
  • الانتخابات في مسارها.. لا رياح العقوبات تعرقلها ولا حسابات السياسة تؤجلها
  • العلمانية في السودان- بين الواقع والطموح السياسي
  • السياسة وجهود التقارب بين المذاهب الإسلامية!
  • السفارة الفرنسية للفتيات والنساء اللبنانيات: لبناء مجتمع متساوٍ تَنَلْنَ فيه حقوقكنّ كاملة
  • المعادلة الطردية في الحرب و السياسة
  • إطلاق «السياسة الوطنية للحفاظ على التراث المعماري الحديث»