تصر قيادات قوى الحرية والتغيير التي تصدرت المشهد بعد ثورة ديسمبر أنهم ومنذ فجر الثورة كانوا ينادون بدمج قوات الدعم السريع داخل القوات المسلحة، و يستشهدون على ذلك بإعادة نشر منشوراتهم و مواثيقهم و لقاؤاتهم المسجلة معتقدين انهم بذلك قد قاموا بما ينبغي لتجنب هذه الحرب.
و لكن الواقع و ما جرى منذ الثورة يشير الى العكس تماما.

قامت قوى الحرية و التغيير و حلفاؤها منذ الثورة بلعب لعبة التوازنات مع الجيش السوداني مستغلين زخم الثورة و الضغوطات الدولية، بالاضافة الى قوات الدعم السريع لتصفية حساباتهم السياسية مع خصمائهم في التيار الاسلامي، و ما حدث حينها اما ان يعتبر سوء تقدير شديد بافتراض حسن النية، او خيانة و عمالة بافتراض القصد و العمد.

فقد استغلت قوى الحرية و التغيير قوات الدعم السريع في فرض تفكيك مؤسسات حيوية كانت تشكل نوع من التوازن و تحد من توسع قوات الدعم السريع بحرية مطلقة، أتحدث هنا عن جهاز الأمن و المخابرات، و قوات الدفاع الشعبي، و العديد من الاحالات للمعاش و احيانا الرمي خلف القضبان لقيادات داخل الجيش في حالة ظهور بوادر تمرد و تململ ضد قوات الدعم السريع.
و ان كانت هي مطالب الشعب بتفكيك نظام الثلاثين من يونيو ابان الثورة، غير اننا لم نسمع بهتافات تطالب بحل قوات الأمن و هيئة العمليات، و ان كان الهتاف يقول: “الدم الدم لكلاب الأمن” فهو على ظاهره لا يطالب بحل جهاز الأمن و المخابرات العامة و إنا محاسبة منسوبيه على ما إرتكبوه من جرائم وفق ما يقتضيه القضاء السوداني و إنفاذ القانون مع الحفاظ على المؤسسة و ضخ دماء جديدة فيها و اصلاحها بما يقتضي و مصلحة الشعب السوداني. و نحن طبعا سمعنا الهتاف الآخر بوضوح شديد “العسكر للثكنات و الجنجويد ينحل”

إن شروع قحت في تفكيك هذه المؤسسات، وجد فيه حميدتي ضالته في تنظيف الطريق من كل ما من شأنه ان يقف في طريق إقامة مملكته الخاصة، و قد إستغل الرجل الفرصة و صرح انه مع قطار الثورة و انه لا يمانع من دمج القوات داخل الجيش في محاولة لخطب ود قوى الحرية و التغيير و قد نجح في ذلك و نال ثقة الحرية و التغيير لدرجة تثير الحيرة.

ان المضي قدما في هذه الخطوات اتاح لحميدتي مساحة واسعة من الحركة مكنته من التوسع، كما انه و بغياب جهاز الامن و المخابرات، تمكن من اختراق الجيش السوداني مخابراتيا و تنبؤ بالانقلابات العديدة التي كان دافعها الأساسي هو الحد من توسع قوات الدعم السريع، و اصبحت البلاد مشاعا للدول الاجنبية لتمرير اجندتها عبر مليشيات الدعم السريع مقابل الدعم المادي السخي و التلميع الإعلامي.

ثم في خطوة غريبة اخرى، تم توكيل حميدتي بمسك زمام ملف سلام جوبا، و هناك عقد حميدتي تحالفاته مع الحركات المسلحة و تم إطباق الخطة و التوافق على خنق الجيش السوداني من جميع الاتجاهات.

ثم ما لبث ان وجدنا الحركات المسلحة تتجول داخل الخرطوم في عملية دمج مهزوزة و غير مجودة، ضيقت مساحة الجيش للمناورة بصورة كبيرة ، بينما انتشرت قوات الدعم السريع لتسيطر على معظم المرافق الحيوية بالدولة.

كل هذه الاجراءات في الحقيقة كان تضيق الخناق على القوات المسلحة، و تقوم باعادة ترتيب موازين القوى لصالح قوات الدعم السريع و حلفاؤها من الحركات المسلحة، و قد وجد الجيش نفسه محاطا بخطر وجودي يهدد بمحوه من خارطة النفوذ في السودان.

ان التبرير الذي يسوقه قادة قوى الحرية و التغيير كله مستند على ان قوات الدعم السريع ستدمج داخل الجيش وفقا للإتفاق الاطاري الذي تم التوقيع عليه، و لكنه على أرض الواقع لم يعمل على تحقيق التوازن المطلوب لانفاذه، بل بالعكس كان يتم التهيئة لدمج الجيش داخل قوات الدعم السريع، و قد ركز الاتفاق الاطاري المعيوب على تفاصيل فنية و مدة الدمج و خلافه عوضا عن توفير الشروط الموضوعية التي ستمكن الجيش من فرض عملية الدمج من موقع قوة. و كانت كل ضماناتهم هي ان قيادة الدعم السريع لا اعتراض لديها في فضية الدمج و ان الخلاف في تفاصيل فنية على ابرزها قضية مدة دمج القوات، و جميعا نعلم ان ما هذه الخلافات ما هي الا مناورة سياسية لكسب المزيد من الوقت لمحاصرة الجيش و تضييق الخناق عليه.

عليه فان النقاش حول من بدأ الضربة الاولى و من بدأ الحرب غير ذي معنى، سواء استبق الجيش الحرب او قامت قوات الدعم السريع بتحديد ساعة الصفر و الهجوم مبكرا، فسلوك الفاعلين السياسيين خلال الفتر من بعد الثورة و حتى ال14 من أبريل الماضي قد هيأ الظروف الموضوعية لهذا الاصطدام نتيجة للإخلال بموازين القوى باستهتار شديد و من دون توفير ما يكبح جماح مليشيات الدعم السريع، و كأنهم كتبوا للميليشيا شيك ثقة على بياض.
فما جدوى دعواتكم لايقاف الحرب و قد كنتم وقودها بأفعالكم؟

كتب Muhammad Zain

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الجیش السودانی

إقرأ أيضاً:

30 قتيلا جراء قصف قوات الدعم السريع مدينة الفاشر

قتل أكثر من 30 شخصا جراء قصف مدفعي شنته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر السودانية المحاصرة في إقليم دارفور، بحسب ما أعلن ناشطون الإثنين.

وقالت "لجان المقاومة في الفاشر" إن المدنيين قتلوا الأحد في "قصف مدفعي مكثف" نفّذته قوات الدعم السريع التي تخوض حربا ضد الجيش منذ أبريل/نيسان 2023. 

وتحاصر الدعم السريع الفاشر منذ أشهر في محاولة للسيطرة عليها، حيث تظل آخر مدينة رئيسية في دارفور تحت سيطرة الجيش.

وتعد المدينة هدفا استراتيجيا للدعم السريع التي تسعى إلى تعزيز قبضتها على دارفور بعد استعادة الجيش العاصمة الخرطوم الشهر الماضي.

والأسبوع الماضي، شنت  قوات الدعم السريع هجوما متجددا على المدينة ومخيمين للنازحين بالقرب منها، هما زمزم وأبو شوك – مما أسفر عن مقتل أكثر من 400 شخص ونزوح نحو 400 ألف، بحسب الأمم المتحدة.

وفي هجوم بري دموي، سيطرت قوات الدعم السريع على مخيم زمزم.

موجة نزوح

وفرّ نحو 400 ألف شخص من مخيم زمزم الذي يعاني المجاعة في إقليم دارفور في غرب السودان، بحسب ما أفادت المنظمة الدولية للهجرة.

وتقدر مصادر الإغاثة أن ما يصل إلى مليون شخص كانوا يحتمون في هذا المخيم. 

وقالت الأمم المتحدة إن معظم النازحين فروا شمالا إلى الفاشر أو إلى بلدة طويلة الصغيرة على بُعد 60 كيلومترا إلى الغرب.

وبحلول الخميس، وصل أكثر من 150 ألف شخص إلى الفاشر، بينما فرّ 180 ألفا إلى طويلة، وفقا للمنظمة الدولية للهجرة.

اندلعت الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، في 15 أبريل/نيسان 2023، على خلفية صراع على السلطة بين الحليفين السابقين.

وأدت الحرب التي دخلت عامها الثالث الثلاثاء إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح 13 مليون شخص في ما وصفته الأمم المتحدة بأكبر أزمة جوع ونزوح في العالم.

كما أدى النزاع إلى تقسيم البلاد إلى قسمين عمليا، إذ يسيطر الجيش على الوسط والشمال والشرق، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على كل دارفور تقريبا، بالإضافة إلى أجزاء من الجنوب مع حلفائها.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يكذب الدعم السريع ويحذر ويكشف حقيقة فيديوهات ويعلن مقتل وإصابة 33 مواطنًا
  • الجيش السوداني يكشف عن هروب مفاجئ لقوة تتبع  لـ”الدعم السريع” من الفاشر 
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 47 مدنيا في قصف للدعم السريع استهدف الفاشر‎
  • “كمين المندرابة”.. الجيش السوداني يلقي القبض على قائد بقوات الدعم السريع وضباطه وجميع قواته
  • ابراهيم جابر: الجيش السوداني يمتلك أسلحة تمكنه من الوصول لأي منطقة داخل البلاد
  • 30 قتيلا جراء قصف قوات الدعم السريع مدينة الفاشر
  • الجيش السوداني يلقي القبض على قائد بـ”الدعم السريع” مع ضباطه وجميع قواته
  • مساعد البرهان يعلن عن موقف حاسم تجاه التفاوض مع الدعم السريع
  • كمين  لـ”الجيش السوداني” يسفر عن أسر قائد بارز في الدعم السريع
  • بالفيديو.. ملامح الغدر كانت واضحة.. شاهد ماذا كان يدور داخل منزل قائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو بالخرطوم قبل يوم واحد من الحرب