البرهان يعود للسودان بعد لقائه السيسي في القاهرة ومقتل 39 شخصا في قصف جنوب دارفور
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد
عاد قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان إلى بلاده مساء الثلاثاء، بعدما التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مصر خلال زيارة خاطفة هي الأولى له إلى الخارج منذ بدء الحرب بين قواته وقوات الدعم السريع قبل أكثر من 4 أشهر.
وفي الأثناء، قتل في السودان 39 شخصا غالبيتهم من المدنيين في قصف في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، وفق مصدر طبي وشهود.
وأعلن مجلس السيادة السوداني أن رئيسه وصل إلى مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر مساء الثلاثاء بعد أن استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي في مدينة العلمين الواقعة على الساحل الشمالي لمصر.
وكان البرهان أدلى في مصر بتصريحات لقناة "القاهرة" الاخبارية قال فيه: "قصدنا (من الزيارة) أن نضع القيادة المصرية في الصورة الصحيحة، وإطلاعها على تطورات الموقف".
وأضاف: "نحن حريصون على أن نضع حدا لهذه الحرب ونسعى لإقامة فترة انتقالية يستطيع بعدها الشعب أن يؤسس دولة من خلال انتخابات حرة نزيهة".
وأشار البرهان إلى استعراض ملف الجالية السودانية الكبيرة في مصر خلال الاجتماع مع السيسي، خصوصا بعد أن انضم إليها عدد كبير من الوافدين منذ اندلاع الحرب.
ودخل مصر منذ بدء الحرب في السودان نحو 290 ألف شخص، بحسب إحصاءات الحكومة المصرية والأمم المتحدة.
ومنذ حزيران/بونيو أعلنت السلطات المصرية استحداث إجراءات جديدة تلزم بموجبها كل السودانيين الراغبين في دخول أراضيها، بالاستحصال على تأشيرة دخول مسبقة، معللة ذلك بمواجهة أنشطة "غير قانونية" شملت عمليات تزوير.
"مصر .. بيدها الحل"ويقول خبراء إن مصر والسعودية تدعمان الجيش في السودان، بينما تدعم الإمارات العربية المتحدة قوات الدعم السريع برئاسة محمد حمدان دقلو. علما أن السعودية تشارك في جهود وساطة مع الولايات المتحدة لوقف الحرب في السودان، بينما أبدت مصر بدورها استعدادها للتوسط.
وفي هذا الصدد، قال محلل الشأن السوداني بمعهد ريفت فالي مجدي الجزولي لوكالة الأنباء الفرنسية إن "مصر هي القوة الإقليمية الرئيسية التي بيدها حل وعقد شؤون السودان".
وأوضح الجزولي أن "الطبقة السياسية السودانية تدهورت.. ولم يعد في مقدورها على الأقل في الوقت الحالي القيام بأي خطوة يعتد بها في اتجاه تحديد مستقبل السودان السياسي، بل صار هذا المستقبل رهين بالدرجة الأولى بمآل الحرب الدائرة الآن".
وتابع: "لقاء البرهان والسيسي في ساعة الأزمة هذه يدخل في هذا الباب .. البرهان حليف للسيسي والجيش السوداني حليف للجيش المصري، وأمام الإثنين قضية الحرب في الخرطوم والإمداد العسكري والفوز بدعم السعودية ضد خطة الإمارات".
وهي المرة الأولى التي يغادر فيها البرهان السودان منذ بدء المعارك العنيفة في 15 نيسان/أبريل والتي حصدت آلاف القتلى وخلفت ملايين المشردين ودمارا وانتهاكات واسعة.
وكان البرهان غادر الأحد إلى مصر من بورتسودان المطلة على البحر الأحمر في شرق البلاد، بعد تفقده للمرة الأولى منذ بدء الحرب، عددا من المناطق الأخرى خارج الخرطوم حيث لازم لمدة 4 أشهر مقر قيادته الذي كان يتعرض لحصار وهجمات متتالية من قوات الدعم السريع.
واستبعد البرهان الإثنين خلال تفقده جنودا في قاعدة بحرية في بورتسودان التي بقيت بمنأى عن الحرب حتى الآن، أي فرصة للمفاوضات.
وقال للجنود ولصحافيين في قاعدة فلامنغو البحرية: "المجال ليس مجال الكلام الآن.. نحن نكرس كل وقتنا وجهدنا للحرب لإنهاء هذا التمرد"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع. وكان دقلو نائبا للبرهان في مجلس السيادة قبل الحرب.
وأثمرت وساطات سعودية أمريكية خلال الأشهر الماضية اتفاقات عدة لوقف إطلاق النار لم تصمد. كما قادت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) مبادرة إقليمية لم تثمر أيضا.
عنف في نيالاميدانيا، قال شهود لوكالة الأنباء الفرنسية إن قوات الدعم السريع نفذت الثلاثاء قصفا مدفعيا في شرق النيل بالضواحي الشرقية للخرطوم.
كما اشتدت وتيرة المعارك في مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، حيث قتل 39 شخصا على الأقل جراء قصف طال منازل، بحسب ما أفاد شهود ومصدر طبي وكالة الأنباء الفرنسية.
وقالت المصادر: "أدى سقوط قذائف على منازل مدنيين في حي السكة الحديد بنيالا إلى مقتل 39 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال.. وبينهم أسرة قتل كل أفرادها".
ووصف الناشط الحقوقي السوداني أحمد قوجا عبر حسابه على موقع "إكس" (تويتر سابقا) ما حدث في نيالا بأنه "مجزرة.. راح ضحيتها 39 طفلا وامرأة ورجلا في لحظات قليلة".
ونيالا من أكثر المدن التي تتركز فيها المعارك في إقليم دارفور في غرب البلاد حيث يعيش ربع سكان السودان البالغ عددهم نحو 48 مليون نسمة.
والأسبوع الماضي، أعلن الجيش السوداني مقتل قائد فرقة المشاة بنيالا. وذكرت الأمم المتحدة في تقرير أن المعارك في نيالا خلفت منذ 11 آب/أغسطس "60 قتيلا و250 جريحا و50 ألف نازح".
وأسفرت الحرب منذ اندلاعها عن مقتل نحو 5 آلاف شخص، وفق منظمة "أكليد" غير الحكومية. لكن الحصيلة الفعلية مرشحة لأن تكون أكبر لأن العديد من مناطق البلاد معزولة تماما، وليس في الإمكان التنقل ومعاينة الوضع على الأرض. ويتعذر دفن الكثير من الجثث المتناثرة في الشوارع، ويرفض الجانبان الإبلاغ عن خسائرهما.
وفي 4 أشهر، أجبر أكثر من 4,6 ملايين شخص على الفرار، وفق إحصاءات الأمم المتحدة.
وخلال زيارة إلى دولة جنوب السودان، حذر المفوض الأعلى للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الثلاثاء من أن 240 ألف مواطن من جنوب السودان كانوا لاجئين في السودان عادوا بسبب الحرب إلى بلدهم "الذي يعاني أساسا من أزمة إنسانية رهيبة".
فرانس24/ أ ف بالمصدر: فرانس24
كلمات دلالية: النيجر الحرب في أوكرانيا ريبورتاج السودان مصر أفريقيا عبد الفتاح البرهان عبد الفتاح السيسي قوات الدعم السریع فی السودان السیسی فی فی نیالا منذ بدء
إقرأ أيضاً:
رئيس المجلس النرويجي للاجئين: السودان يتجه نحو “مجاعة بدأ عدها التنازلي”
قال رئيس المجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند في مقابلة أجرتها معه السبت وكالة فرانس برس، إن السودان الذي يشهد حربا مدمّرة يتجّه نحو “مجاعة بدأ عدّها التنازلي” ويتجاهلها قادة العالم، في حين تقتصر قدرات المساعدات الإنسانية على “تأخير الوفيات”.
وشدّد إيغلاند في المقابلة التي أجريت معه في تشاد عقب زياته السودان هذا الأسبوع “لدينا في السودان أكبر أزمة إنسانية على هذا الكوكب، أكبر أزمة جوع، أكبر أزمة نزوح… والعالم لا يبالي”.
منذ نيسان/أبريل 2023 يشهد السودان حربا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أوقعت عشرات آلاف القتلى وشرّدت أكثر من 11 مليون شخص.
ويعاني وفق الأمم المتحدة نحو 26 مليون شخص داخل السودان من الجوع الحاد.
وقال إيغلاند “قابلت نساء هن بالكاد على قيد الحياة، يتناولن وجبة واحدة من أوراق النباتات المسلوقة يوميا”.
ويقول المجلس النرويجي للاجئين، إحدى المنظمات القليلة التي تواصل عملياتها في السودان، إن نحو 1,5 مليون شخص هم “على شفير المجاعة”.
وتابع إيغلاند “العنف يمزق المجتمعات بوتيرة أسرع بكثير من قدرتنا على إيصال المساعدات”، وأضاف “فيما نكافح من أجل الاستجابة لذلك، فإن مواردنا الحالية تؤخر الوفيات بدلا من منعها”.
سياسة تغلّب المصالح الفردية
قبل عقدين، لفتت اتهامات بارتكاب إبادة جماعية انتباه العالم إلى إقليم دارفور الشاسع في غرب السودان حيث أطلقت الحكومة السودانية آنذاك يد مليشيات قبلية عربية في مواجهة أقليات غير عربية تشتبه بدعمها لمتمردين.
وقال إيغلاند “من غير المعقول أن تستحوذ الأزمة في السودان حاليا على جزء يسير من الاهتمام الذي استحوذت عليه قبل 20 عاما بالنسبة لدارفور، عندما كانت الأزمة في الواقع أصغر بكثير”.
وقال إن حربي إسرائيل في غزة ولبنان وحرب روسيا مع أوكرانيا ألقت بظلالها على النزاع في السودان.
لكنه أشار إلى أنه رصد تحوّلا في “المزاج الدولي” بعيدا من نوع الحملات التي يقودها مشاهير والتي جلبت نجم هوليوود جورج كلوني إلى دارفور في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وتحدّث عن “ميول أكثر قومية وأكثر تطلعا إلى الداخل” لدى حكومات غربية يقودها سياسيون يضعون في المقام الأول “أمتهم، وأنفسهم وليس البشرية”.
وندّد بمسؤولين “قصيري النظر” سيدفعون ثمن مواقفهم عندما يتدفق أولئك الذين لم يساعدونهم إلى بلادهم لطلب اللجوء أو بصفة مهاجرين غير نظاميين.
وقال إنه التقى في تشاد بشبان نجوا من التطهير العرقي في دارفور وقرروا عبور البحر الأبيض المتوسط لمحاولة الوصول إلى أوروبا رغم غرق أصدقاء لهم سبقوهم في المحاولة.
“مروع ويزداد سوءا”
في السودان، نزح واحد من كل خمسة أشخاص بسبب النزاع الحالي أو النزاعات السابقة، وفق أرقام الأمم المتحدة.
ومعظم النازحين في دارفور حيث يقول إيغلاند إن الوضع “مروع ويزداد سوءا”.
وترزح مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، منذ أشهر تحت وطأة حصار تفرضه قوات الدعم السريع، ما أدى إلى تعطيل جميع عمليات الإغاثة في المنطقة تقريبا وتسبب بمجاعة في مخيم زمزم القريب للنازحين.
لكن حتى المناطق التي هي بمنأى من دمار الحرب “بدأت تعاني الأمرين”، وفق إيغلاند. ففي كل أنحاء الشرق الذي يسيطر عليه الجيش، تكتظ المخيمات والمدارس والمباني العامة الأخرى بالنازحين الذين تُركوا لتدبّر أمورهم بأنفسهم.
وفي ضواحي بورتسودان، المدينة الواقعة على البحر الأحمر حيث تتّخذ الحكومة المدعومة من الجيش ووكالات الأمم المتحدة مقرا، قال إيغلاند إنه زار مدرسة تؤوي أكثر من 3700 نازح حيث لم تتمكن الأمهات من إطعام أطفالهن.
وقال “كيف يعقل أن الجزء الذي يسهل الوصول إليه في السودان يشهد جوعا؟”.
وتقول الأمم المتحدة إن كلا الطرفين يستخدمان الجوع سلاحا في الحرب. وتعرقل السلطات على نحو روتيني وصول المساعدات بعقبات بيروقراطية، فيما يهدّد مقاتلون في قوات الدعم السريع طواقم الإغاثة ويهاجمونهم.
وأضاف إيغلاند “الجوع المستمر هو مأساة من صنع الإنسان… كل تأخير، وكل شاحنة يمنع وصولها، وكل تصريح يتأخر هو حكم بالإعدام على عائلات لا تستطيع الانتظار يوما آخر للحصول على الطعام والماء والمأوى”.
لكنه قال إنه رغم كل العقبات “من الممكن الوصول إلى كل أصقاع السودان”، داعيا المانحين إلى زيادة التمويل ومنظمات الإغاثة للتحلي بمزيد من “الشجاعة”.
وأضاف أن “أطراف النزاعات متخصصون في إخافتنا ونحن متخصصون في الخوف”، وحضّ الأمم المتحدة ووكالات أخرى على “التحلي بقوة أكبر” وطلب تمكينها من إيصال مساعداتها.
(أ ف ب)