د.حماد عبدالله يكتب: فاقد الشىء لا يعطيه !!
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
لايمكن أن نطلب من فاقد الأهلية أن يكون – "أهل " لثقة أو لقرار أو لتنفيذ مهام بعينها جادة أو محترمة – ففقدان الأهلية تدخل تحت وصف العبث أو الجنون أو الإتصاف بالخروج عن المعقول ولا يمكن أبداَ أن نطالب " ثعبان " مثلاَ – حينما يتم " دفئه " بألا " يلدغ " من حوله – أو " عقرب " حينما يترعرع فى صحراء أو فى حديقة بأن يمتنع عن ضرب "ذنبه" فيما يصادفه من أجسام سواء كانت لإنسان أو حيوان، ولكن من الطبيعى جداَ أن تتعايش هذه المخلوقات مع أمثالها دون ضرر – كما قرأنا وكما عرفنا – إلا الضرر الذى يمكن أن يقع فى الخلاف أو الشجار للفوز "بأنثى" من نفس النوع أو فريسة من الذكور الضعيفة – وأيضًا تعلمنا ذلك على الأقل من المشاهدة لبرامج " جيوجرافيك تشانيل، أو "أنيمال بلانت " أو عالم الحيوان فى التليفزيون المصرى، وهذه الصفات التى تؤكد بأن فاقد الشىء لا يعطيه تنطبق أيضاَ على البشر الذى يُنْتَزَع ْمن قلوبهم الرحمة – فلا يمكن أبداَ أن تطمأن أو تطمع لدفىء فى العلاقات معهم أو حتى بينهم، ولعل ما يصادفنا فى الحياة أيضاَ – هؤلاء الجهلة الذين يتبوءون مراكز علمية أو قيادية فى البلد – فنجد نتاجهم شىء غير منتظر- شىء لا يصدقه العقل، حيث فاقدى لأدوات
الإدارة فى وظائفهم – وفاقدى العلم فى مسئولياتهم العلمية سواء كانت فى جامعات أو مدارس أو حتى مراكز للبحوث –وهؤلاء الفاقدين لخواص ومواصفات مؤهلة لتولى مهامهم – أكثر ضرراَ على المجتمع من تلك الزواحف أو الحشرات التى أشرنا إليها فى مبتدىء المقال – حيث الضرر الواقع من الحشرة سوف يؤلم ويؤدى لإيذاء فرد ولكن الإيذاء والضرر الذى ستحصده نتيجة إدارة "جاهل" أو إشراف علمى "لمتخلف عقلياَ" على رسالة علمية أو تولى إدارة بحثية أو تولى سيئون مستقبل أمة فى التعليم سوف يأخذ بنا إلى الدرك الأسفل -سوف يَهزِمْ فى نفوسنا أملًا لمستقبل نحاول بكل ما نستطيع أن نزيد من تراكم النجاح فيه والخبرات ولكن من ( حظنا الهباب ) أن يأتى إلينا إختيارًا، وسوء سبيل - وأعتقد عن دون قصد من صاحب الإختيار وأيضاَ عن دون قصد من الشخص الذى تم إختياره – حيث يرى ذو الفاقد للأهلية – بأنه أحكم وأعقل وأندر الشخصيات على بساط الخليقة، ولكن هو "حظنا الهباب"، ويجب أن نتدراك هذا الأمر – وبسرعة – فى اتخاذ القرار بالإستبعاد مثلما كانت السرعة فى اتخاذ قرار الإختيار دون أسباب واضحة أو دون مبررات وحيثيات مقبولة أو يمكن تجربتها أو إختبارها – وليكن الأدب الشعبى نبراسًا فى هذا -فاقد الشىء لا يعطيه – وكفى المؤمنين شر القتال – وروح ياسيدى الفاضل ربنا يسامحك !!
أ.
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
سباق الإعمار في ليبيا.. مبهج ولكن!
جيد أن يتحول إشباع رغبة تعظيم النفوذ والوصول للسلطة من استخدام القوة وإشعال الحروب إلى إبهار الناس وكسب المؤيدين عبر مشاريع "الإعمار" والاحتفالات وإطلاق الألعاب النارية ابتهاجا بها، وجميل أن تشهد البلاد تنفيذ مشروعات غربا وشرقا، ويحل البناء والتشييد محل الهدم والدمار، وإني لا أجد غضاضة في أن يكون لبنغازي ملعب حديث أو في طرابلس طريق دائري ثالث طويل، بل هما إضافة، ولكن!
ينبغي أن لا يجرنا الابتهاج بالمشروعات الجديدة بعيدا عن التقدير الصائب للأمور والفهم الصحيح لعملية التنمية الشاملة، وسيكون نوعا من التضليل الإصرار على إطلاق مسمى الإعمار على ما نراه من مشروعات.
ينبغي أن يقوم الإعمار على أرضية صلبة مستقرة، وأن يتأسس وفق منهجية صحيحة، فالإعمار له شروطه ومرتكزاته، ولك أن تكتب أخي القارئ عبارة "مفهوم الإعمار" في محرك البحث "غوغل" لتطلع على بعض ما أعنيه، فالإعمار مقاربة لها أسسها وغاياتها، لا تنفك عن التخطيط السليم المقترن بدراسات معمقة تأخذ في الاعتبار المعطيات الجغرافية والديمغرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى التاريخية بمدلولها الواسع والإيجابي.
الإعمار مقاربة لها أسسها وغاياتها، لا تنفك عن التخطيط السليم المقترن بدراسات معمقة تأخذ في الاعتبار المعطيات الجغرافية والديمغرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى التاريخية بمدلولها الواسع والإيجابي.الاتجاه غير المطمئن في ما نشهده من مشروعات تنموية هو أنه لا يقع ضمن تحول شامل يأخذ في الاعتبار كل الإشكاليات القائمة والتحديات الحاضرة، وأنه يتحرك بدوافع تعلو فيها السياسة على المصلحة العامة، أو يختلطان بشكل لا يحقق المرجو في نهاية المطاف.
هناك قرى وأحياء في بعض مناطق الجنوب، على سبيل المثال، تفتقر إلى أبسط أساسيات العيش وتواجه ظروفا حياتية بائسة، لكنها خارج دائرة الاهتمام، والسبب ليس فقط أمني أو لوجستي، بل أيضا لأنها تتطلب جهدا ووقتا في مقابل مردود قليل بالحساب السياسي، ذلك أن الجنوب لا يمثل في ميزان التنافس ثقلا كما يمثل الغرب والشرق، والتمييز يظهر حتى بين مدن الغرب والشرق، فما تحظى به المدن الكبرى لا يتوفر لتلك الأقل في عدد السكان والوزن السياسي والاقتصادي.
ويظهر على تنفيذ المشروعات الاستعجال كما تغيب اشتراطات مهمة في التعاقدات الأمر الذي ينتهي بها إلى نتائج غير إيجابية على صعيد التكلفة والجودة، دع عنك الفساد الذي يعشش عندما تتعطل أو تتعثر الدورة الصحيحة للتعاقد والتنفيذ والتقويم.
هناك أيضا مشكلة الاستنساخ الأعمى والانغماس في البهرج على حساب المضون، والاحتفاء بالمظهر أكثر من الغاية والهدف، وهي آفة لن تتسبب في هدر الاموال فحسب، بل تفسد العقول وتجعلها أسيرة ما تراه حولها من تكلف زائد وترف مفسد.
إن من أخطر ما يواجه البلدان التي مرت بفترات تخلف على مستوى الإدارة العامة، وواجهت ازمات سياسية وأمنية كشفت عوار التخلف، أنها تُدفع إلى مسارات بعيدة عن المأسسة والمؤسساتية، وما نراه من توجهات قائمة يؤكد هذا الافتراض، ولو أن مشروعات وبرامج وطنية كبرى من مثل الدستور ونظام الحكم والمؤسسات الفاعلة وسيادة القانون ومجابهة الفساد والإصلاح الاقتصادي القائم على رؤية استراتيجية وتطوير قطاعي التعليم والصحة لقيت احتفاء واهتماما من المسؤولين وكانت مطلبا أساسيا يتحرك لأجله الجموع، لتحقق الإعمار بمفهومه الصحيح، وما يقلقني أننا بالترتيب الخاطئ للمسارات والغفلة عن الأولويات نكون كمن يبني على "شفا جرف هار"، قد يأتي على ما أنجز في أول هزة لا سامح الله.
إننا مجتمع عانى من الحرمان وعايش أوقاتا وظروفا صعبة جدا ومُورس عليه التجهيل وتزييف الوعي فانحرفت عنده المفاهيم، وعندما تضيف إلى ما سبق سلوك طابور المتعاقبين على كرسي السلطة الذين يفسدون ولا يصلحون وياخذون ولا يعطون ينتهي الحال بالمواطن إلى تقديس المسؤول الذي يقدم له خدمة أو يحقق له مصلحة أو تنفذ على يديه بعض المشروعات، وهي من المترض حقوق ملزم من تولى أمرهم بها، لا يقابلها بالضرورة مدح ولا تهليل.
الاتجاه غير المطمئن في ما نشهده من مشروعات تنموية هو أنه لا يقع ضمن تحول شامل يأخذ في الاعتبار كل الإشكاليات القائمة والتحديات الحاضرة، وأنه يتحرك بدوافع تعلو فيها السياسة على المصلحة العامة، أو يختلطان بشكل لا يحقق المرجو في نهاية المطاف.الإعمار الحقيقي يهتم بالإنسان باعتباره مرتكز التغيير وأداة التطوير ومحرك الإصلاح، ويلاحظ المتابع المدقق أن عقول وتفكير المعنيين بمشروعات التنفيذية مرتهنة إلى "الأسمنت والحديد" ومظاهر التجميل المكملة، ولم استمع إلى حديث رصين عن قيمة الإنسان في التنمية والإعمار، وطرح جاد عن سمات وخصائص العنصر البشري الفعال، التي يفتقرها إليها شريحة واسعة من الليبيين، وكيفية غرسها فيهم عبر خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، وهذا كافي للحكم بأننا مانزال تائهون عن الإعمار.
فلنفرح بملاعب القدم والطرق والكباري وغيرها من مشاريع البناء، لكن لا نتوقف عندها لتكون بالنسبة لنا هي معيار التقدم والازدهار، ولنبتهج بالزينة والأفراح، على أن لا تكون نهاية المطاف عندنا، ولنعي أنه ما لم تستقم القاطرة على سكة البناء المؤسسي بمفهومه الواسع والدقيق، ويكون المواطن الليبي الواعي والمسؤول والمدرب والمبادر هوي الغاية الأولى في مشروعاتنا وبرامجنا فنحن لا نسير في خط مستقيم صوب الاستقرار والإعمار.