لقد مر شهر على وفاتك ولم يخف ألم الفقدان. لقد كنت شخصية فريدة في الوطنية والدبلوماسية قد لا يمكن تكرارها. أفتقد القدوم إلى الرفاع (حيث كنت تسكن) وصعود السلالم وألقي التحية عليك، وستقول «مرحبًا حبيبتى».. أفتقد ضحكتك المميزة التي تهتز عبر الغرف في أي مكان تكون فيه. لقد كنت تبرز بين الحشود في أي مكان كنا، ومهما كان البلد الذي عشنا فيه أثناء عملك الدبلوماسي، ومهما كان الحدث الذي كنت فيه، كنت تتميز بابتسامتك ودفئك وحبك للاستمتاع بالحياة وخدمة وطنك.
لقد جسدت معنى أن تعيش اللحظة، وتنعم بكل دقيقة ما استطعت، وكنت، كأسمك، كريمًا جدًا بوقتك ونقل معرفتك الى الآخرين. لقد كنت أبا مميزًا لنا، شخصًا لا يمكنني وصفه بالقدر الكافي لأولئك الذين لم يحالفهم الحظ بما يكفي لإتاحة الفرصة لهم لمقابلتك. في 21 يوليو 2023 فقدت جزءًا مني، شعور لا يمكنني وصفه رغم كل الكلمات المتوفرة في اللغة، فقد فقدت أخواتي جزءًا منها، وفقدت أمنا جزءًا منها، وكنا معًا فقط خمسة، بدونك لن تكون العائلة هي نفسها. لن يكتمل غداء الجمعة دون أن ننتظر وصولك بصبر، بروح الدعابة، بحضورك الأسبوعي، بكلماتك الحكيمة. منذ اليوم الذي غادرتنا غمرتنا رسائل من أحبوك، وأعجبوا بك، وتعلموا منك.. أتمنى أن ترى ما كتبوه عنك في الصحف، وكم عدد النسخ التي اشتريتها لأحتفظ بها في ذكراك. أولئك الذين كانوا محظوظين بما يكفي للعمل معك سيفهمون أهمية ما كتب عنك. بابا، كنت كريما، كريمًا في كل شيء، كنت تقضي ساعات في مساعدة الآخرين، ومشاركة معرفتك، وكنت دقيقًا في كل ما كنت قادرًا على تقديمه من خلال خبرتك، ومتواضعًا بما يكفي لتتعلمه عندما يكون خارج معلوماتك. ما كان من الرائع اكتشافه بعد وفاتك هو أن لديك القدرة على جعل كل شخص في حياتك يشعر بالتميز. شعر الجميع أنهم كانوا أكثر خصوصية بالنسبة لك، وهذه صفة نادرة لا يمكن للكثيرين إتقانها. بابا، لقد علمتنا دائمًا أن نكون مستقلين، لقد ناقشت وتحديت أفكارنا وقراراتنا وخياراتنا وأردت دائمًا أن ننجح. لقد أوضحت لنا معنى العمل الجاد والولاء والتفاني والعاطفة كما أظهرت في حياتك المهنية كدبلوماسي لبلدك الحبيب. من الصعب جدًا أن تكون قادرًا على إنشاء كريم آخر، الرجل الذي كرس حياته لعمله ووطنه وعائلته. كنت شجاعا، كنت قويا، كنت جريئا، كنت لطيفا، كنت صادقا، وقبل كل شيء كنت محبا. لقد عملت بتركيز، ولم تشتت انتباهك أبدًا بأي ضجيج، وكان لديك القدرة على الانخراط في أي مشروع أو عمل لديك بين يديك. أتذكر عددًا لا يحصى من المرات التي كنت أحاول فيها لفت انتباهك بينما كنت تعمل بعيدًا، لكن تفانيك في أبسط المهام كان أمرًا مثيرًا للإعجاب. لقد جعلت الجميع يشعرون بأهميتهم، وأي شخص قابلك وعمل معك وكان محظوظًا أن يكون من عائلتك. من الجيد جدًا أن تسمع كل الأشياء الرائعة التي يقولها الناس عنك، ولكنها أيضًا مفجعة جدًا الآن بعد رحيلك. لقد علمتنا أن نكون أقوياء، وأن نتحلى بالإيمان، وأن نصدق.. لكن بابا، كان من الصعب أن نكون بدونك. بابا إرثك لا يضاهى، لديك العديد من الإنجازات في حياتك المهنية التي تتطلب صفحات لكتابتها، ولكن الأهم من ذلك أنك تركت بصمة في حياة أولئك الذين عملت معهم في جميع البلدان عندما مثلت بلدك، البحرين، كنت حاضرا باستمرار في حياة أصدقائك وزملائك وأقرانك، والأهم من ذلك كنت معنا، عائلتك الصغيرة. كيف يمكننا أن نكافئك على كرمك، كيف نحاول أن نرتقي إلى مستوى إرثك، كنت استثنائياً، لا يضاهى، كريم الشكر لدينا، لا مثيل له. بابا، ما يمنحني السلام هو أنك عرفت في وقت مبكر، أو بقدر ما أتذكر كيف تتجاهل الضوضاء وتركز على ما هو مهم، لقد عرفت كيف تكون دائمًا الشخص الأكبر، كنت تعرف معنى أن تكون متحفظًا، أنت عرفت مفهوم الثقة والولاء، وكنت تعلم أيضًا ألا تأخذ أي شيء على أنه أمر مسلم به وأن تقدر كل النعم التي تحصل عليها. لقد منحك الله ذكاءً فائقًا، وذاكرة فوتوغرافية من شأنها أن تحيرني مرارًا وتكرارًا على مر السنين، فقدرتك على تذكر قرارات الأمم المتحدة بالتفصيل، وأرقام الصفحات والفقرات الخاصة بمكان العثور على البند الذي تريد الرجوع اليه. لم تسبب لك مواهبك أي غطرسة ولكنها قادتك إلى أن تكون كريمًا بمعرفتك لمن يريد أن يتعلم. كان لديك أسلوب فلسفي في التدريس، وأسلوب فريد آخر.. اذ أتذكر أنني كنت طفلة وسألتك عن قواعد اللغة العربية وأردت إجابة خلال دقيقتين، لكن لن يكون الأمر سريعًا أبدًا لأنك كنت تعود إلى أصول الموضوع. كان لديك هذا الصبر المذهل للتدريس وانتظار الأشياء الجيدة القادمة. لم تكن سريعًا أبدًا في الحكم علينا وحرصت على تثقيفنا حول عدم الحكم على الأشخاص ومنح كل شخص فرصة من خلال الظن الحسن به. لم يكن لديك ضغائن أبدًا، كان لديك قلب كبير مفتوح تشاركه مع الجميع، لكنك كنت قادرًا على جعل هؤلاء الأشخاص يشعرون بأنهم مميزون بما تمنحهم من علم وخبرة وصداقة واحترام ومودة. لم تدع الأشياء تعترض طريقك أبدًا لأنك دائمًا كنت تنظر الى الصورة الأكبر، وكان لديك دائمًا عقل متفتح، واخترت دائمًا أن تكون سعيدًا. لقد عشت حياتك بالطريقة التي كنت تريدها حتى آخر يوم لك على قيد الحياة. لقد اتبعت شغفك دائمًا، وعملت دائمًا، وقضيت وقتًا مع أصدقائك دائمًا، وكنت تعتز بعائلتك دائمًا، ولديك دائمًا ابتسامتك الودودة الكبيرة. كنت والدا استثنائيًا، وإرثك سيستمر، فلقد كنت دبلوماسيًا وسياسيًا لامعًا، لغويًا رائعًا، شاعرًا بارزًا، كاتبًا مفصلاً، مؤرخًا عميقًا، مرحًا، لطيفًا، فردًا شغوفًا، عاملا متفانيا، أبا وزوجا ودودا.. وبشكل عام، إنسانا بكل ما للكلمة من معنى. لقد عشت الحياة كل يوم كما لو كانت آخر حياتك، بلا خوف، بمرح، وكانت حياتك مليئة بالطاقة، كنت متفائلا دائما وصاحب قلب كبير. لقد كنت مصمماً بأن لا تدع أي شيء يقف في طريقك، وكان لديك دائمًا طريق صريح وواضح، ولم تكن خائفًا بل كنت حرًا، وعشت حياتك بدون أي قيود. آمل، بصفتي ابنتك، وباسم العائلة، أن نتمكن من تلبية توقعاتك، من خلال الاستمرار في رفع رأسك عالياً، والحفاظ على إرثك حياً. أشعر بفخر كبير، لأنك عُرفت باسم أبو أريج، واسمي جزء من اسمك، وأسماؤنا جزء من اسمك. يقولون إن كل شخص قابل للاستبدال، لكن هذا لا ينطبق عليك، كنت غير عادي. نرجو أن نحصل على بعض قوتك وصبرك لنتحمل خسارتك... سنسعى الى أن نعيش الحياة بشغف وخوف وإثارة مثلك تمامًا، نحبك يا بابا، نفتقدك إلى الأبد لك، حتى نلتقي مرة أخرى.
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية:
فيروس كورونا
فيروس كورونا
فيروس كورونا
کان لدیک
لقد کنت
أن تکون
کریم ا
دائم ا
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يهاجم بابا الفاتيكان بعد دعوته للتحقيق في ارتكاب إبادة جماعية بغزة
#سواليف
هاجم رئيس #حكومة #الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين #نتنياهو، #البابا_فرنسيس، بابا الفاتيكان، على خلفية دعوته إلى التحقيق في ارتكاب دولة الاحتلال الإسرائيلي إبادة جماعية في قطاع غزّة، واصفاً كلامه بـ”الفضيحة”.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن كلام نتنياهو جاء خلال مناقشة مغلقة في لجنة الخارجية والأمن في برلمان الاحتلال “كنيست”، حيث قال إنّ “تصريحات البابا فرنسيس ضد #إسرائيل فاضحة”.
تهجّم نتنياهو جاء بعد دعوة بابا #الفاتيكان، إلى إجراء تحقيق لتحديد ما إذا كانت الهجمات الإسرائيلية في غزّة تشكل إبادة جماعية، وذلك وفقاً لمقتطفات صدرت، من كتاب جديد سينشر لاحقاً.
مقالات ذات صلة بعد مذكرة الاعتقال .. نتنياهو وغالانت محرومان من 120 دولة 2024/11/21
وهذه هي المرة الأولى التي يدعو فيها البابا فرنسيس علانية إلى التحقيق في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة.
وكان البابا قال، في أيلول/سبتمبر الماضي، إنّ “هجمات إسرائيل في غزة ولبنان غير أخلاقية وغير متناسبة”، مشيراً إلى أن “جيشها” تجاوز قواعد الحرب.
يشار إلى أنّ الكتاب الذي ألفه هيرنان رييس ألكايد، والذي يستند إلى مقابلات مع البابا، يحمل عنوان “الأمل لا يخيب أبداً. حجاج نحو عالم أفضل”. ومن المقرر أن يصدر الكتاب يوم الثلاثاء القادم قبل يوبيل البابا في عام 2025.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، للعام الثاني، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وخلّف العدوان نحو 148 ألف شهيد وجريح فلسطينيي، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل و #مجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ #الكوارث_الإنسانية بالعالم.