قرية الفاو.. أكبر مواقع أثري بالمملكة
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
البلاد – جدة
تعتبر قرية الفاو التي تقع على أطراف الربع الخالي، من أكبر المواقع الأثرية وأشهرها في المملكة؛ إذ تقع على بعد 100 كيلومتر إلى الجنوب من محافظة وادي الدواسر، ونحو 700 كم جنوب غربي مدينة الرياض، بينما تقع المدينة القديمة عند ممر عبر جبال طويق؛ حيث تتقاطع مع وادي الدواسر، وتطل على الحدود الشمالية الغربية لصحراء الربع الخالي.
القرية عبارة عن فجوة في الجبل، تسمى الفاو، وتقع على طريق التجارة القديم الذي كان يعرف بطريق نجران-الجرفاء، الذي يربط جنوب شبه الجزيرة العربية بشمالها الشرقي؛ لذا كانت محطة تجارية لاستراحة القوافل. وكانت القوافل تبدأ من مملكة سبأ ومعين وقتبان وحضرموت وحمير متجهة إلى نجران، ومنها إلى قرية الفاو، ومنها إلى الأفلاج فاليمامة، ثم تتجه شرقًا إلى الخليج وشمالاً إلى وادي الرافدين وبلاد الشام.
وتشتهر الفاو بين اللغويين؛ لكونها موقع الشهادة الأولى والوحيدة للغة العربية القديمة، فالنقش بالخط السبئي يعود إلى القرن الأول الميلادي. ويعتقد أن لغة النقش كانت مقدمة للغة العربية الفصحى التي وُثّقت أول مرة عام 328 ميلادي، من خلال نقش نمارة أو ما يعرف بنقش شاهد قبر امرؤ القيس بن عمرو بن عدي. وفي مطلع القرن الـ20 عثرت البعثة الفرنسية على كتابات نقشت بالخط النبطي المتأخر في قرية النمارة شرقي جبل العرب بسوريا، كما اشتهرت القرية بأسماء أخرى غير “الفاو” فعرفت بـ”قرية الحمراء”، و”ذات الجنان”. وعلى مرّ التاريخ القديم، نجت المدينة من هجمات مختلفة من الدول المجاورة، كما هو موثق في أواخر القرن الثاني الميلادي.
وكشفت الحفريات الأثرية، أن المدينة تطورت من محطة مرور قوافل صغيرة إلى مركز تجاري وديني وحضري مهم في وسط الجزيرة العربية (نجد)، فيما يعود الاهتمام بالمواقع الأثرية في قرية الفاو إلى أربعينيات القرن الماضي، عندما تحدث عنها بعض العاملين الرسميين في شركة “أرامكو” السعودية، وفي عام 1952م زار المدينة 3 من موظفي الشركة وكتبوا عنها، كما خضعت القرية لزيارات استكشافية قام بها العديد من علماء الآثار الأجانب، وشكلت ملاحظات علماء الآثار نقطة البداية لأعمال التنقيب في الموقع.
واكتشف فريق من جامعة الملك سعود أثناء أعمال التنقيب الأثرية بين عامي 1970م و2003م، قطاعين رئيسين في المدينة؛ الأول كان منطقة سكنية تتكون من منازل وساحات وشوارع وسوق، أما الثاني فكان منطقة مقدسة تتكون من معابد ومقابر.
وفي 27 يوليو 2022م أعلنت هيئة التراث عن نجاح فريق علمي سعودي وخبراء دوليين في التوصل إلى كشف جديد عن منطقة؛ لمزاولة شعائر العبادة لسكان منطقة الفاو في الواجهة الصخرية لأطراف جبال طويق المعروفة باسم “خشم قرية” إلى الشرق من موقع الفاو الأثري. وعُثر هناك على بقايا معبد بُني من الحجارة، كما عُثر في الموقع على بقايا مائدة لتقديم القرابين، بجانب العديد من النقوش التعبدية المنتشرة في المكان.
وأعلنت هيئة التراث في وقت سابق، نجاح فريق علمي سعودي وخبراء دوليين في الكشف عن المزيد من أسرار موقع الفاو الأثري -عاصمة مملكة كندة- الواقعة على أطراف الربع الخالي 100كم إلى الجنوب من وادي الدواسر على الطريق الحديث الرابط بين مدينتي وادي الدواسر ونجران.
وكان فريق سعودي من الهيئة بالتعاون مع فريق من خبراء دوليين، قد أجرى مسحًا أثريًا باستخدام أحدث ما وصلت إليه تقنيات المسح الأثري، التي شملت: المسح بالتصوير الفوتوغرافي الجوي عالي الجودة، والمسح بواسطة الطائرات من دون طيار باستخدام نقاط تحكم أرضية، والمسح الطبوغرافي، والمسح باكتشاف الضوء وتحديد المدى -الاستشعار عن بعد لفحص سطح الأرض-، والرادار المخترق الأرضي، والمسح بالليزر، والمسح الجيوفيزيائي. إضافةً إلى أعمال المسح الأرضي المكثف بواسطة خبراء الآثار، ثم عمل مجسات أثرية اختبارية موزعة في الموقع.
ونتج عن المسح العديد من المكتشفات الأثرية أهمها، الكشف عن منطقة لمزاولة شعائر العبادة لسكان الفاو في الواجهة الصخرية لأطراف جبال طويق المعروفة باسم “خشم قرية” إلى الشرق من موقع الفاو الأثري، حيث عُثر على بقايا معبد بُني من الحجارة، وعُثر فيه على بقايا مائدة لتقديم القرابين، كما عُثر على العديد من النقوش التعبدية المنتشرة في المكان، ويضيف هذا الاكتشاف المزيد من المعلومات عن التنظيمات الدينية لمدينة الفاو الأثرية.
واكتشفت بقايا مستوطنات بشرية تعود للعصر الحجري الحديث قبل 8000 سنة، وتوثيق وتصنيف أكثر من 2807 مقابر منتشرة في الموقع، صنفت إلى ست مجموعات تمثّل فترات زمنية مختلفة، ومن أهم النتائج الكشف عن نقش تعبدي مقدم للإله كهل في معبد جبل لحق من قِبل شخص اسمه: وهـ ب ل ت (وهب الات) من عائلة م ل ح ت (ملحة) الجرهائيين (أي من مدينة الجرهاء)، وتكمن أهمية النقش في أنه أيضاً ذكر اسم شخص وعائلة من مدينة الجرهاء، وأنه مقدم للإله كهل إله مدينة الفاو في معبد جبل لحق، المكان الذي عثر فيه على النقش (في جبل طويق) أي أنه أيضاً يشير للاسم القديم للمكان الذي بُنى به المعبد.
ويشير هذا النقش للعلاقة بين مدينة الفاو ومدينة الجرهاء، التي من المتوقع أن تكون تجارية بحكم موقع مدينة الفاو على طرق التجارة القديمة، كما يدل أيضاً على وجود تسامح ديني بين سكان المدينتين، أو أن بعض سكان مدينة الجرهاء كانوا أيضاً يعبدون الإله كهل إله قرية الفاو.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: تراث المملكة وادی الدواسر العدید من فی الموقع على بقایا
إقرأ أيضاً:
السماح بتركيب ألواح شمسية فوق المباني الأثرية يثير جدلا واسعا في أمستردام
سيرى ملايين السائحين الذين يزورون أمستردام سنويا قريبا ألواحا شمسية فوق أسطح المنازل الشهيرة المطلة على القناة المائية في العاصمة الهولندية، في خطوة تثير استياء جمعيات مدافعة عن التراث ترى في هذا المشهد تشويها للمنظر العام.
وتزخر العاصمة الهولندية بمنازل رفيعة وعالية ومائلة أحيانا، يعود تاريخها إلى الفترة الممتدة بين القرنين الـ16 والـ18. ومع ذلك، فإن هذه المساكن تعاني من عزل سيئ وتستهلك كميات كبيرة من الطاقة، مما يجعلها بعيدة عن نموذج الاستدامة المناسب للقرن الـ21.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2عدسات المصورين تكشف حجم الدمار الذي خلفه النظام في سورياlist 2 of 2تعرف على أبرز المعالم السياحية في إسطنبولend of listحاليا، يُسمح بتركيب الألواح الشمسية على أسطح المعالم الأثرية المحمية بشرط أن تكون غير مرئية من الشارع، إلا أن بلدية أمستردام تخطط لتوسيع هذا الإجراء، لتسمح بتركيب الألواح على مختلف الأسطح.
وصرحت البلدية: "بحلول عام 2025، يمكن تركيب الألواح الشمسية بشكل بارز على أسطح المعالم الأثرية والمباني الواقعة في المناطق المحمية".
معارضة في قلب المدينة التاريخيةفي حي غراختنغورديل في وسط أمستردام، المحاط بـ4 قنوات ومدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، يعبر كاريل لوف عن غضبه من فكرة رؤية الألواح الشمسية على الأسطح.
يقول لوف، رئيس جمعية حماية التراث "إرفغويدفيرينيغينغ هيمشوت": "بالطبع، الاستدامة مهمة للغاية، ولكن في رأينا، هذه الألواح الشمسية قبيحة ولا ينبغي تركيبها فوق الأسطح التي يمكن رؤيتها من القناة".
نائب رئيس بلدية أمستردام "ألكسندر شولتس" أكد اهتمام البلدية بتحقيق الاستدامة في جميع المجالات (بلدية أمستردام) تحديات الاستدامةهولندا، حيث يقع نحو ثلث أراضيها تحت مستوى سطح البحر، معرضة بشكل خاص لتبعات الاحترار المناخي، لكنها أيضا من بين الدول التي تسجل أعلى معدلات انبعاثات للفرد في أوروبا، ويبدو أن هدف البلاد بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 55% بحلول عام 2030 مقارنة بعام 1990 بعيد المنال، وفقا للتقديرات الرسمية.
إعلانمن المتوقع أن تقدم الحكومة الائتلافية الجديدة، بقيادة اليمين المتطرف، تدابير جديدة في الربيع.
يقول نائب رئيس بلدية أمستردام ألكسندر شولتس (42 عاما): "علينا أن نسهم في تحقيق الاستدامة في جميع المجالات، بما في ذلك الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وينطبق هذا أيضا على المعالم الأثرية".
مع ارتفاع فواتير الكهرباء، يسعى العديد من مالكي المنازل إلى جعلها أكثر استدامة، ويشير شولتس إلى أن أمستردام تضم حوالي 10 آلاف معلم تاريخي. ويضيف في تصريح لوكالة فرانس برس: "يمكننا تحقيق الاستدامة المسؤولة بقواعد أقل وإجراءات أسرع، مع مراعاة الحفاظ على هذا التراث الثقافي".
ويشدد شولتس على أن الوضع لن يكون عشوائيا، موضحا: "ستوضع قواعد دقيقة، خصوصا فيما يتعلق بطريقة ترتيب الألواح الشمسية وألوانها".
مخاوف من "الفوضى"لكن كاريل لوف، البالغ من العمر 55 عاما، يرى أن الوضع قد يتحول إلى "فوضى"، مشيرا إلى أن الطاقة الشمسية تُعد خيارا لجعل المنازل أكثر استدامة، لكن الاستثمار في حقول طاقة شمسية خارج المركز التاريخي هو الحل الأنسب.
وتقول جمعية أصدقاء وسط مدينة أمستردام إنها تدعم استخدام الطاقة الشمسية، لكنها تحذر من أن "تركيب الألواح الشمسية البارزة قد يُلحق ضررا كبيرا بالمناظر الحضرية المحمية".
جعل المباني الأثرية أكثر استدامة قد يؤدي إلى توفير كبير في الطاقة وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (رويترز) خطوات مماثلة في مدن أخرىليست أمستردام الوحيدة التي خففت من صرامة القواعد المتعلقة بالاستدامة، فقد اتخذت مدن هولندية أخرى مثل روتردام وأوتريخت خطوات مشابهة.
تشجع وكالة التراث الثقافي الهولندية التابعة لوزارة التعليم والثقافة والعلوم الجهود المبذولة لجعل المعالم الأثرية أكثر استدامة. وبحسب الاتفاق، يتعين على المعالم المحمية تحقيق خفض في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 40% بحلول عام 2030 و60% بحلول عام 2040.
إعلان التأثير على التراثيقول الأستاذ والعالم في مجال التغير المناخي جان روتمانز: "هناك حوالي 120 ألف معلم أثري في هولندا، بينها نحو 60 ألف معلم وطني، و30 ألف مسكن، و10 آلاف مزرعة، و5500 قلعة وقصر ومتنزه".
ويشير روتمانز في تصريح لوكالة فرانس برس إلى أن "هذه المعالم تستهلك ما مجموعه 1% من استهلاك الغاز و1.5% من استهلاك الكهرباء في هولندا".
ويضيف: "هذه الكميات كبيرة، وجعل المباني الأثرية أكثر استدامة قد يؤدي إلى توفير كبير في الطاقة وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. كما يساعد ذلك في الحفاظ على هذا التراث الثقافي، الذي قد يزول إذا لم تُتخذ خطوات فعالة".
يعتبر شولتس أن تحقيق الاستدامة يمكن أن يتم "دون المساس بمنظر وسط المدينة". ويضيف: "حتى مع وجود ألواح شمسية على أسطح منازلنا، ستظل القنوات جميلة".