محمد سلماوي: كنت أول كاتب يلتقي نجيب محفوظ بعد محاولة الاغتيال الفاشلة
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
قال الكاتب والمفكر محمد سلماوي، إن محاولة اغتيال الأديب الراحل نجيب محفوظ في عام 1994 كانت لحظة قاسية جدا، موضحًا: "كنت في بيتي يوم الجمعة، وفوجئت باتصال هاتفي من مساعد رئيس التحرير بالأهرام يبلغني فيه بضرورة أن أكتب شيئا بسرعة عنه بسبب الحادث الذي وقع".
نادي أدب المعادي يحتفي بميلاد محمد سلماوي محمد سلماوي لـ صدى البلد: المثقفون هم من أطلقوا شرارة ثورة30 يونيه
وأضاف "سلماوي"، خلال حواره مع الإعلامي والكاتب الصحفي محمد الباز، مقدم برنامج "الشاهد"، على قناة "إكسترا نيوز": "لم أكن أعرف شيئا عن الحادث، فشرحوا لي تفاصيل محاولة الاغتيال، وقالوا لي إنه يتلقى العلاج في المستشفى، قلت لهم سأكتب حالا، وأمسكت الورقة والقلم وحاولت أكتب".
وتابع الكاتب والمفكر: "لم أستطع كتابة شيء، فقد كان القلم يرتعش في يدي، والورقة كانت شاغرة، واتصلت بالأهرام مرة أخرى ولم يكن لديها معلومات كاملة، وكنت أول كاتب يدخل له بعد الحادث في غرفته بمستشفى الشرطة، حيث كانت الزيارة ممنوعة، والتقيت مسؤول الخدمات الصحية في وزارة الداخلية وسألته عن حالته، وأخبرني بأنه سيجيبني فور خروجه من العناية المركزة، وعندما خرج قال لي الزيارة ممنوعة، ولكن أنت يمكن الدخول، لأنه طلب يشوفك، ودي حاجة هتريحه نفسيا، لكن مسموح لك بـ3 دقائق فقط، ووعدته بذلك".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الراحل نجيب محفوظ الكاتب الصحفي محمد الباز برنامج الشاهد قناة إكسترا نيوز محاولة الاغتيال مستشفى الشرطة محمد سلماوی
إقرأ أيضاً:
المرأة ﻓﻰ ﻋﻴﻮن "ﻣﺤﻔﻮظ"
ﻋﺎﺷﻘﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎة.. ﻣﻨﺎﺿﻠﺔ.. وﺿﺤﻴﺔ المجتمع ﺑﺈرادﺗﻬﺎ أو ﺑﺄرادة اﻵﺧﺮﻳﻦ
شغوفا كان بعالمها وما يكتنفه من غموض وأسرار، فدخل بقدمين ثابتتين جريئتين، ينقب بين مسكوت عنه ومروى دون مكاشفة، فصنع لها عالما خاصا به، يحمل من السمات ما جعل الكثيرين يفتشون فى حياته هو، علهم يدركون ذلك السر الدفين وراء نظرته تلك للمرأة..
هكذا شكلت المرأة فى أدب نجيب محفوظ جانباً مهماً على طول رواياته، فقد قدم المرأة فى صورتين أساسيتين؛ الأولى: سلبية، والثانية: إيجابية، ففى الأولى جاءت خانعة، خائفة، متداعية، سليطة اللسان، سيئة الخلق، ساقطة سواء بإرادتها أو بإرادة الآخرين، وتجلت هذه الصورة فى الكثير من رواياته مثل: (القاهرة الجديدة، ورواية زقاق المدق، ورواية اللص والكلاب). أما الصورة الثانية للمرأة فيصورها نجيب محفوظ بأنها المرأة التى تناضل من أجل أن تحيا حياة كريمة، فهى امرأة مكافحة عفيفة، وهو ما تبدى فى العديد من روايته مثل رواية (ميرامار، والشحاذ، والسراب).
القاهرة الجديدة
وظف محفوظ شخصية «إحسان شحاتة» فى هذا العمل على أنها طالبة معهد التربية، شديدة الفقر، تعيش فى أسرة مثقلة بأعباء الحياة، ولكنها تشعر بقوة جمالها كما تشعر بقسوة فقرها، وفى غمار هذه المشاعر المتضاربة تسقط إحسان صريعة لمجتمع لا يعترف إلا بالثروة والنفوذ، تسوده المحسوبية والانتهازية وتحكمه البراجماتية القاسية، مجتمع لا يعترف بحق الحياة الكريمة لأفراده، ولم لا وهو مقطع الأوصال بين فساد سياسى تحكمه الأهواء والمصالح وظلم اقتصادى يظهر فى سوء توزيع الثروة؟ وبين هذا وذاك تلعب إحسان دورها ببراعة فى مسرحية عبثية مأساوية، فى الوقت ذاته يخرج فيها جميع الممثلين عن النص ثم يسقطون جميعا صرعى فى مشهد النهاية.
زقاق المدق
وفى رواية «زقاق المدق» تتجلى شخصية «حميدة» وهى فتاة جملية تعيش بين شخصيات زقاق المدق الذى تصفه فى النهاية بأنه زقاق العدم، وحميدة كما يصورها «نجيب محفوظ» فى الرواية هى شخصية شديدة الطموح شديدة الطمع، عيونها الجميلة تتطلع إلى ما هو أبعد من عالم الزقاق وقلبها يخفق لمرأى البنات الجميلات وهن يرفلن فى ملابسهن الجميلة، فلا تملك إلا أن تقول ما قيمة الدنيا بدون الملابس الجديدة، حميدة متمردة شغوف بأن تعيش حياة أخرى فى عالم آخر ولم تكن الظروف تعمل لصالحها دائما حينما قذفت بنفسها إلى قلب المدينة الصاخبة وهى تعيش فى أجواء الحرب العالمية الثانية، وكانت الحرب بآثارها المادية والاجتماعية هى التى دفعت بحميدة إلى الانحراف كما يذكر نجيب محفوظ متناسيا أن الدين والقيم يجب أن تصون الأعراض وتحفظ المرأة من الوقوع فى براثن الخطيئة.
الثلاثية
فى حين تحفل ثلاثية نجيب محفوظ بالشخصيات النسائية المتحررة، وهو ما يتضح فى شخصية «سوسن حماد» زوجة الحفيد «أحمد عبد المنعم» فى رواية «السمان والخريف»، كذلك شخصية «ريري» وهى نموذج فريد للفتاة المنحرفة التى تخرج ليلا ولا تعود إلا فى الفجر، وأصبحت ماعونا ملوثا لكل من هب ودب، ثم تقرر العودة للأخلاق.
وللدكتورة «نعمات أحمد فؤاد»ـ مقال نشرته صحيفة «الأهرام»، حول تلك شخصية، أكدت خلاله أن نجيب محفوظ كثيرا ما قدم نماذج سيئة للمرأة لكنه قرر بعد ذلك أن يتصالح مع المرأة ويقدم نموذجا للكبرياء المتسامح والقدرة على الصمود أمام الإغراء والزهد فى الإثم الذى ذاقت هوانه وتعاسته وذلك فى رواية الثلاثية.
البداية والنهاية
بينما يصور محفوظ شخصية «نفيسة» فى رواية «بداية ونهاية» على أنها ساقطة يائسة، ويعلل ذلك بفقرها وجهلها ودمامتها، وهى شابة فى مقتبل العمر، يمتلئ جسدها بالحيوية والرغبة فى الحياة، ولكن وجهها الدميم يخذلها وجهلها يقودها مغمضة العينين إلى مصيرها المحتوم وفقرها لا يترك لها أملا فى الزواج،
هكذا تحالف عليها ما يدمر حياة أى فتاة، ولو كانت نفيسة غنية لربما وجدت من يتغاضى عن دمامتها ويتناسى قبحها، وربما وجدت من يغفر زلتها ويعفو عن خطيئتها، فالشرف قيد لا يغل إلا أعناق الفقراء وحدهم، نفيسة أقرب ما تكون إلى ملامح البطل التراجيدى الذى تضعه الحياة فى مأزق، وقد زلت قدم نفيسة فماتت مرتين، يوم أن استسلمت لضعفها ويأسها ويوم أن قفزت إلى أعماق النيل بلا رجعة.
ميرامار
وفى رواية «ميرامار» نرى شخصية «زهرة» ابنة الريف الفلاحة الجميلة التى هربت من قريتها لتعمل خادمة فى «بنسيون» ميرامار بالإسكندرية يطمع فيها جميع نزلاء البنسيون.
ثرثرة فوق النيل
أما المرأة التى تحررت تحررًا تامًّا فكانت سمارة بهجت فى رواية ثرثرة فوق النيل، فهى كانت نموذج محفوظ للمرأة التى تنضم لحزب سياسى وترفض الزواج على الرغم من جمالها وثقافتها، وأنها تعبر عن رأيها جنبًا إلى جنب مع الرجال، وتنتقد النظام السياسى بكل جرأة وحرية.
والسؤال الذى يفرض نفسه: لماذا تبدو أغلب نساء الأدب المحفوظى سيدات عاديات ومهمشات عشن ظرفًا سياسيًا أو اقتصاديًا تسبب فى انحرافهن المجتمعى و الأخلاقي، فهن إما «فتيات ليل» كإحسان شحاتة فى «القاهرة 30» وريرى فى «السمان والخريف» ونفيسة فى «بداية ونهاية» وسناء فى «ثرثرة فوق النيل» أو ساخطات ومتمردات على واقعهن المعاش كحميدة فى «زقاق المدق» وزهرة فى «ميرامار»؟
فهل يعد تشابه الظروف الاجتماعية والنفسية والبيئية لنساء محفوظ والتى ساعدت على انحرافهن الاجتماعى والجنسى تسليطا للضوء على معاناة المرأة المصرية فى ظل التفكك الاجتماعى والأخلاقى والذى حرمها أبسط حقوقها من قوت يومها فاضطرت للعمل بالجنس للحصول على ذلك أم أنه مجرد إسقاط إبداعى على أزمنة وأنظمة بل وشخوص بعينها، خاصة أن «القاهرة الجديدة» تحكى عن المجتمع المصرى فى مطلع الثلاثينيات وبداية الأربعينيات و«بداية ونهاية» ترصد التغيرات الاجتماعية والسياسية بالقاهرة فترة الأربعينيات ونهاية الخمسينات أما «السمان والخريف» فتؤرخ بتوثيق لحظى فترة سقوط الملكية وإمساك الجيش بمقاليد الحكم؟
ربما حاول سامى كمال الدين فى كتابه «نساء نجيب محفوظ» الإجابة عن أسئلتنا تلك مؤكدا أن محفوظ وبحكم ميله الشديد إلى ثيمة الرمز و الإسقاط، التى تبدو واضحة فى أغلب كتاباته فقد وجد فى بعض النساء اللواتى استخدمهن فى حبكته الروائية إسقاطا جيدا على حِقب سياسية وفترات اجتماعية وزمنية تاركًا الأمر كله بيد القارئ للتأويل وإعطاء المدلول على ما المقصود بـ«إحسان» و«نفيسة» و«ريري»، هل هن مصر التى ترزخ تحت حكم المحتل الإنجليزى أو حاشية الملك الفاسدة أو سطو النخبة فى المجتمع المصرى فى تلك الفترة.
بينما توضح د.فوزية العشماوى فى كتابها «المرأة فى أدب نجيب محفوظ»، أن نجيب اختار لرواياته نساء عاديات لهن مشكلات عادية، ومعظمهن من أبناء الطبقة المتوسطة، ولكنهن كن نساء حقيقيات يعشن مشكلات المجتمع المصرى بواقعية فى فترة معينة.
لتؤكد أن المرأة تقع فى الغالب فى وسط المشكلة التى يريد مناقشتها محفوظ، فتكون محور الأحداث الرئيسة، فيما تشترك معها جميع الشخصيات الأخرى فى إيجاد حل للمشكلة.
وحول تلك الإشكالية، يرى د. حسين حمودة، الناقد والكاتب الصحفى ورئيس تحرير دورية نجيب محفوظ،
أن المتابع الدقيق لأعمال محفوظ، يجدها تنفى ذلك تماما، بل هو واحد ممن ناصروا المرأة فى قضاياها، وعبر عن تطورها المعرفى والفكرى، مرتبطة بتطور المجتمع ذاته، مثلما حدث لامينة فى بين القصرين، ففى بداية الرواية غير نهايتها، يضاف لذلك أنه رصد تفاعل المرأة المصرية مع قضايا مجتمعها واهمها التحرر الوطنى، مثلما حدث فى ثورة ١٩١٩.
ويؤكد د.حمودة أن تلك هى الفكرة الأساسية لعدد دورية نجيب محفوظ، الذى خصص عن المرأة فى إبداعات محفوظ، والتى تكمن فى الرد على الاتهامات الموجهة إلى ادب محفوظ، بأنه يصور المرأة دائما فى أعماله بشكل سييء، ويميل إلى تصويرها راقصة أو غانية.
وجاء حديثه هذا خلال المائدة المستديرة، التى أقيمت بعنوان «المرأة فى عالم نجيب محفوظ»، وذلك فى إطار احتفال وزارة الثقافة بالذكرى الـ ١١٣ لميلاد نجيب محفوظ، بمناسبة صدور العدد الجديد من دورية نجيب محفوظ، فى إطار أنشطة متحف نجيب محفوظ التابع لقطاع صندوق الننمية الثقافية برئاسة المعمارى حمدى السطوحى، وتناول المشاركون فى هذه الحلقة النقاشية الأبعاد المختلفة لأدب محفوظ، ليس فقط فى بيان تطور المرأة المصرية فى اعماله، بل أيضا فى تحليل شخصيات نسائية فى رواياته مثل: امينة، فلة، وعايدة شداد، وغيرهما من الشخصيات التى لعبت أدوار البطولة فى رواياته.
كما تم التوقف عند رصد نجيب محفوظ لمظاهر الاستبداد ضد المرأة فى أزمنة مختلفة.
شارك فى المائدة المستديرة التى أدارها الكاتب الصحفى طارق الطاهر المشرف على متحف نجيب محفوظ، كل من: د. حسين حمودة رئيس تحرير الدورية، بمشاركة عدد من المثقفين والأدباء الذين شاركوا بمقالاتهم فى هذا العدد ومنهم: د. عايدى على جمعة، د. إبراهيم الشريف، إيمان سند، زياد فايز، وفاء السعيد، حنان راضى، شاهندة الباجورى، وغيرهم.
ناقشت المائدة المستديرة موضوعات عدة مرتبطة بالموضوع الأساسى (المرأة فى عالم نجيب محفوظ)، انطلاقًا من مناقشة اتهام من ضمن الاتهامات الموجه لنجيب محفوظ، من أنه لم ينصف المرأة، وكانت كتاباته سلبية عنها؛ إذ يحاول الباحثون من خلال تحليل أعمال صاحب «الثلاثية» نفى هذا الاتهام؛ حيث سيقدم د. حسين حمودة قراءة مستفيضة تبين حقيقة اهتمام محفوظ بالمرأة فى ابداعاته، بينما يتناول كل متحدث أحد أعمال صاحب نوبل بالتحليل النقدى، مركزًا على طريقة تناوله الإبداعى للمرأة.