الأسبوع:
2025-02-23@07:19:47 GMT

‎العنف ضد الوالدين.. تساؤلات محيرة

تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT

‎العنف ضد الوالدين.. تساؤلات محيرة

تؤكد الفطرة الإنسانية منذ بدء الخليقة إلى أن تقوم الساعة، على أهمية احترام الوالدين وتقديرهما بالمعنى المتكامل، وأهمية التعامل مع الأبوين بقدر كبير من الرحمة والمودة خاصة في مرحلة الكبر، والتي يكون فيها الوالدين في أشد الحاجة الى اللين والشفقة والود مع الابناء، إلا أن ما يحدث خلال هذه الأيام من ظاهرة التعامل السيىء والذي يصل إلى حد العقوق مع الوالدين هو ما يدفع الى البحث في أسباب هذا التحول في الفطرة الطبيعية، خاصة أن الأمر قد تعدى هذا الجانب ليصل الى حد العنف الجسدي ضد الأبوين، وهو ما يدعو إلى ضرورة الوقوف عند هذا الجانب لتناوله بقدر كبير من الاهتمام.

ولا شك أن جانبا هاما لتلك الإشكالية يتعلق بالتعامل بقدر من الإساءة اللفظية مع الوالدين ويتمثل أهم ملامحه في عدم التفاعل الإيجابي وعدم الإكتراث بحقوق الوالدين خاصة في سنوات الكبر مع مسألة التفضيل للزوجة أو الزوج عن الوالدين وهى كلها أمور تؤدي إلى مشكلات نفسية وإجتماعية بالغة التأثير.

وعند النظر الى الجرائم التي تشهدها المجتمعات هذه الايام، نجد أنها تتناول التعدي بالضرب والإساءة والتجاوزات الجسدية في حق الوالدين وهو ما يجعل القارىء يبدو متحيرا مما يحدث خاصة في ضوء غياب القيم والتعاليم الدينية والتي وضعت الوالدين في منزلة من التقدير والتوقير والإحترام، وهو ما يفرض مساءلة حول الأسباب التي دفعت بالأبناء للوصول الى هذا الحد الذي ينافي تعاليم الدين والفطرة الإنسانية السليمة.

وهنا يبدو أن أهمية التركيز على العودة لتعاليم الدين مرة أخرى والتي حثت الابناء على ضرورة التعامل بإحسان ومودة مع الأبوين خاصة في مراحل الكبر مع ضرورة التأكيد على دور المؤسسات المختلفة بدءا من المؤسسة الإعلامية والتي صارت أحد الركائز الجاذبة لكافة أفراد المجتمع من خلال تناول بعض البرامج بشكل شيق وجذاب للتعاطي مع هذه الظاهرة بعيدا عن الأساليب التقليدية التي تميل الى النصح والإرشاد والتي قد لا يفضلها الكثير من الأجيال الجديدة، كما يبدو أن المؤسسة الدينية ممثلة في وزارة الاوقاف عليها دور هام في التركيز على هذا الموضوع الهام من خلال تخصيص برامج متلفزة قصيرة المدة لا تتجاوز الخمس دقائق لتوضيح دور الوالدين وتقديم نماذج من التاريخ الإسلامي لتوضيح هذه الرؤى بعيدا عن الأسلوب التلقيني الذي لا يميل اليه الجيل الحالي، مع أهمية تدعيم المقررات الدراسية في المواد المتعلقة باللغة العربية والتربية الدينية بضرورة توقير وإحترام ومحبة الوالدين.

وحتى لا نغفل جانبا هاما في تلك الإشكالية، فتبقى همسة في أذن الوالدين من أهمية التقرب من الأبناء والتحاور معهم وافساح الوقت لإدارة حوار منذ الصغر، بعيدا عن الإنشغال بوسائل التواصل الإجتماعي والتي أدت إلى إعتبار المنازل بمثابة جزر منعزلة نتيجة انشغال كل فرد بعالمه الإفتراضي الخاص وهو ما خلق فجوة بين الاجيال.

إلى جانب الحرص على العدالة بين الأبناء وعدم التفضيل وهو أمر يخلق بدوره العديد من المشكلات المجتمعية والنفسية وتعاني الأسر آثاره السلبية المتواصلة.

جملة القول، إن الحاجة إلى التعاطي مع هذه الظاهرة بجدية يتطلب تبني استراتيجية تكاملية لكافة المؤسسات بدءا من الأسرة مرورا بالمؤسسة التعليمية والإعلامية والدينية حتى نستطيع معالجة الأسباب التي أدت الى حدوثها، مع ضرورة الحل المجتمعي والنفسي وأحيانا العقابي مع آثار هذه الظاهرة التي تجانب الفطرة وتدعو الى التفكير العميق في أسباب حدوثها والنتائج المترتبة عليها.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الفطرة الإنسانية خاصة فی وهو ما

إقرأ أيضاً:

الحكيم: على المرجعيات الدينية تجاوز عوائق التفاهم

قال علي السيد الحكيم، الأمين العام لمؤسسة الإمام الحكيم بلبنان، إنّ الاختلاف بين البشر حقيقة فطرية، وهو مرتبط بالابتلاء والتكليف الذي تقوم عليه خلافة الإنسان في الأرض، وبالتنوع البشري، فمن الاختلاف ما هو طبيعي مما لا يؤثر في حركة المجتمع أو في علاقات أفراده، ومنه ما يؤدي إلى مخاطر الشقاق والتفرق، فالاختلاف البشري هو أمر واقع لا مفر منه وموجود بين البشر، لكن ما يجمع هؤلاء البشر هو إنسانيتهم، وهذا الاختلاف ينبغي ألّا يكون سببًا للخلاف بين مكونات المجتمع الواحد أو بين المجتمعات المتعددة، إذ ينبغي الاجتماع ضمن كيان واحد، إمّا للاشتراك بالإنسانية أو بالوطن.

وأوضح الأمين العام لمؤسسة الإمام الحكيم خلال كلمته التي ألقاها بمؤتمر الحوار الإسلامي- الإسلامي، المنعقد بالعاصمة البحرينية المنامة خلال ١٩ و٢٠ من فبراير الجاري، تحت عنوان "أمة واحدة ومصير مشترك"، وخلال الجلسة الافتتاحية التي أدارها الدكتور عبد الله الشريكة، مدير مركز الوسطية بالكويت، أن من أخطر نماذج العنف هو العنف الذي يستخدم الدين غطاءً لشرعنة ممارسته، فلا تكمن خطورة العنف الديني في الممارسة العملية على الأرض، ولا من حيث ممارسة القتل، إذ القتل يمارس سواء باسم الدين أو باسم غيره؛ بل تكمن خطورته في محاولته إضفاء القدسية دائمًا، فيتحول بالتدريج أو دفعة واحدة إلى واجب إلهي مقدس، يمارس العنف،  ويُخرج الآخر ليس فقط من دائرة المقدس، بل أيضًا من دائرة الإنسانية والبشرية.

من جانبه قال الدكتور سعيد شبار أستاذ التعليم العالي جامعة السلطان مولاي سليمان بالمغرب، إن الوعي بوظيفة العالِم والمرجع الديني في الأمة مسألة حيوية في بناء هذه الأمة، وخصوصًًا حينما يتعلق الأمر بوحدتها وانسجامها ورعاية مصالحها العامة والمشتركة، وإن تشكيل وبناء الوعي لدى الناس تتعدد مداخله وتتنوع، لكن يبقى المدخل الديني أهم هذه المداخل على الإطلاق، لافتًا أن المتأمل في المسار التاريخي للأمة، يلحظ أن ثمة تقصير قد أخل بوحدتها، وتصدر المشهدَ الاهتمام بالفروعُ والجزئيات، وهذا أحد المبررات الأساسية في شيوع النزاع والخلاف بين المسلمين؛ ولذا فإن المطلوب من العلماء والمراجع الدينية، العمل على رد الاعتبار للأصول الكلية أحكاما وقيمًا، وتجديد العلوم والمعارف، وتقويم الأفكار والسلوكيات التي وفدت علينا من الأمم الأخرى فشغلت مساحات كثيرة من الفراغ.

وتناول "شبار" خلال كلمته دور العلماء والمرجعيات الدينية في تجاوز عوائق التفاهم بين المذاهب الإسلامية، وأن على الأمة التحرر من صور التعصب المذهبي التاريخية وليس من المذاهب، ذلك أن المذاهب التي استقرت عليها الأمة، جاءت بعد الاجتهاد والنظر في النصوص، كما أن هذه المذاهب الجامعة قد استوعبت كثيرًا من الخلاف الفرعي أو الآراء التي لم تكن منتظمة داخل نسق مذهبي، وأنها في تقريرها للأدلة الشرعية والقضايا الكلية في الدين، على قدر كبير من الوفاق والائتلاف الذي يوفر فرصا حقيقية للتعاون، لكن من جهة أخرى نجد أن تطور المذاهب تاريخيًا، قد عرف صورًا مختلفة من التعصب للرأي المقرر في هذا المذهب أو ذاك، دعيًا إلى تجاوز هذا الواقع في الظروف الحالية التي تستدعي التحرر من آفات التحيز والتعصب المذهبي، والانفتاح أكثر نحو كل ما يخدم مصالح الأمة وقضاياها الراهنة.

وفي ختام الجلسة، بيّن الشيخ سيد محمد المختار عضو رابطة الأمة بالسنغال، أن الحوار ليس مجرد تبادل آراء وأفكار بين الأطراف، بل هو التزام حقيقي يعكس إرادة حقيقية لتعميق الوعي المشترك، وأن النقاش البناء هو السبيل الأنسب لحل الكثير من الأزمات الداخلية والخارجية التي يواجهها العالم الإسلامي،  معتبرًا أنه من خلال تعميق التعاون وتعزيز الجهود المشتركة، يمكن للأمة العربية تجاوز الخلافات وتحقيق التفاهم والتعاون الفعّال، مما يعزز استقرار الأمة ويحقق تقدمها.

كما تقدم عضو رابطة الأمة والسنغال، بجزيل الشكر والتقدير لمملكة البحرين على استضافتها لهذا المؤتمر المهم الذي يمثل خطوة كبيرة نحو ترجمة آمال الأمة وطموحاتها على أرض الواقع، وهو بمثابة لقاء طيب يعد نقطة انطلاق مهمة لتعزيز الحوار بين المذاهب الإسلامية، والمساهمة في بناء جسور من التعاون والتفاهم بين جميع مكونات الأمة، آملا أن يتحقق من خلال المؤتمر المزيد من الوحدة والتضامن بين الدول العربية والإسلامية.


جدير بالذكر أن المؤتمر يأتي استجابة لدعوة فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، خلال ملتقى البحرين للحوار في نوفمبر عام 2022، وبرعاية كريمة من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، وبمشاركة أكثر من ٤٠٠ شخصية من العلماء والقيادات والمرجعيَّات الإسلامية والمفكرين والمثقفين من مختلف أنحاء العالم، حيث يهدف إلى تعزيز الشأن الإسلامي ووحدة المسلمين، والتأسيس لآلية حوار علمي دائمة على مستوى علماء ومرجعيات العالم الإسلامي.

مقالات مشابهة

  • الطب الشرعي يكشف مفاجآت في قضية آية عادل ضحية العنف الأسري
  • افتتاح مشروع مسجد “بر الوالدين 4” وأوقافه وتكريم 212 حافظاً وداعية في المكلا
  • وفاة سيدة متشردة بمدينة مراكش، يعيد مطلب إحداث مراكز إضافية لإيواء المتشرين، إلى الواجهة، ويطرح تساؤلات عن وضعيتهم في فصل الشتاء القارص.
  • إحدى أزمات مسلسل «عايشة الدور».. كيف تهيئين طفلك لتقبل انفصال الوالدين؟
  • التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية.. هيكل رباعي يجيب على تساؤلات العصر
  • مونديالات العرب .. تساؤلات فكرية مشروعة !
  • المفتي: القرآن الكريم شدد على ضرورة الإحسان إلى الوالدين
  • المفتي عن بر الوالدين: القرآن الكريم شدد على هذا الأمر في أكثر من موضع
  • هل يجوز أداء الصلاة عن الوالدين المقصرين؟.. أمين الفتوى يجيب
  • الحكيم: على المرجعيات الدينية تجاوز عوائق التفاهم