في الوقت الذي يتعثر فيه مسار التطبيع الاسرائيلي العربي، شكلت الفضيحة الخاصة بتسريب اللقاء الاسرائيلي مع وزيرة الخارجية الليبية مناسبة مهمة للحديث عن آفاق التطبيع مع باقي الدول العربية.

مايكل ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية بجامعة تل أبيب، ذكر أن "العديد من الأوساط الاسرائيلية تبدي قلقها الشديد عقب صدور ردود الفعل الليبية بعد الكشف عن اللقاء السري الذي جمع وزيري الخارجية الاسرائيلي إيلي كوهين والليبية نجلاء المنقوش بحق، من البعد الإسرائيلي للاجتماع الأخير الذي عقده وزير الخارجية إيلي كوهين مع نظيرته الليبية نجلاء المنقوش، لأنها حملت دلالات مفادها أنها تسببت بأضرار سياسية يرجح أن يتجسد في إحجام الأطراف العربية الأخرى عن التطبيع والاتصال بإسرائيل، لأنه تبين لها أن الفضح العلني عن أي لقاءات بات متاحاً".



وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "ما حصل في ليبيا درس أعمق فيما يتعلق بطبيعة العلاقات الحالية والمستقبلية مع العالم العربي، خاصة مع الجمهور العربي في هذه البلدان، لأن الإطاحة بالمنقوش سبقته مظاهرات عاصفة في ليبيا، تم فيها التعبير عن معارضة قوية للاتصالات مع إسرائيل، بما في ذلك حرق أعلامها، كما جرت العادة في مثل هذه الأحداث، وهذا أمر مثير للقلق لأنه يحدد السقوف التي تتوقعها إسرائيل بعلاقاتها مع العالم العربي في عهد اتفاقيات التطبيع: الزجاجية المخفية والمرئية التي يجب مراعاتها".

وأشار ان "ما حصل في ليبيا خلال الساعات الأخيرة يعيد للأذهان حالات الاغتراب التي عانى منها الإسرائيليون خلال كأس العالم في قطر، والبرود إلى حدّ العداء الذي يواجهونه وهم يسعون لتطوير العلاقة مع الشارعين المصري والأردني، لكن هذه المرة مع ليبيا فقد تم الكشف عن حجم الفجوة بين الدفء الموجود بين النخب على أساس المصالح الاستراتيجية مع إسرائيل، والمشاعر المشحونة التي يحملها الكثيرون في الشارع العربي ضدها، لأن استطلاعات الرأي التي أجريت في السنوات الأخيرة في العالم العربي كشفت أن قسماً كبيراً من الجماهير العربية ما زالت تعتبر إسرائيل عدواً رئيسياً، بما في ذلك في بلدان بعيدة عنها كالجزائر وتونس".



وكشف أن "ما حصل في ليبيا يبدّد التقديرات الاسرائيلية بشأن إمكانية إرساء التطبيع مع السعودية بتجاوز العقبات الموجودة على الساحة السياسية الإسرائيلية والإدارة الأميركية، مع أنه فيما يتعلق بمواقف الجمهور السعودي تجاه العلاقات مع إسرائيل، ففي أفضل السيناريوهات سيكون ردّ فعل دافئ نسبيا مماثل للموقف العام في الإمارات العربية المتحدة، وفي أسوأ الأحوال، وهو أمر مستبعد إلى حدّ كبير، قد يتطور احتجاج شعبي ضد النظام في المملكة، مما يستدعي جعل القضية الليبية إشارة لصناع القرار الاسرائيلي بضرورة العودة لطاولة التخطيط، وإعادة النظر في الافتراضات الاستراتيجية التي يعتمد عليها تحالف إسرائيل الإقليمي".

وتشير المعطيات الاسرائيلية التي تراقب باهتمام تطورات الأحداث الليبية في الساعات الأخيرة أن استمرار التوترات مع الشعب الفلسطيني، خاصة إذا صاحبته مواجهات عنيفة، ومحاولة أحادية الجانب لتشكيل الواقع على الأرض، مما سيؤدي لتفاقم العداء الأساسي مع الدول العربية، وربما يسبب أزمات حادة في العلاقات معها، وإحباط إمكانية حدوث اختراقات مع دول المنطقة، وعرقلة مسار التطبيع التي يسعى إليه الاحتلال.

تعتبر أحداث ليبيا درس لصناع القرار الإسرائيلي الذين يلتزمون بفرضيات كاذبة، مفادها تعزيز الاختراقات مع العالم العربي، على أساس شراكة استراتيجية واقتصادية مع الاحتلال، مع تجاوز مناقشة القضية الفلسطينية، أو حلّها، وفي نفس الوقت اتخاذ خطوات تثير استياء اليمين الحاكم كتوسيع بناء المستوطنات، والاقتحامات المتكررة في المسجد الأقصى، وزيادة الصراعات العنيفة بين المستوطنين والفلسطينيين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة التطبيع كوهين المنقوش ليبيا ليبيا التطبيع كوهين المنقوش صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العالم العربی فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟

خطا الرئيس السوري أحمد الشرع ثلاث خطوات مُهمة نحو إعادة توحيد سوريا، ومواجهة مشاريع تقسيمها. الأولى، إفشال التمرد المُسلّح الذي قادته خلايا النظام المخلوع في مناطق الساحل بهدف إسقاط الدولة الجديدة وإشعال حرب أهلية. والثانية، إبرام اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لدمجها في الدولة الجديدة، والثالثة، الاتفاق مع أهالي ووجهاء محافظة السويداء الجنوبية على دمجها الكامل في مؤسسات الدولة.

 

مع ذلك، تبقى مُعضلة الجنوب السوري إشكالية ضاغطة على سوريا؛ بسبب التحركات التي بدأتها إسرائيل منذ الإطاحة بنظام الأسد واحتلالها أجزاء جديدة من الأراضي السورية ومحاولتها تأليب دروز الجنوب على إدارة الرئيس الشرع.

 

على الرغم من أن إسرائيل سعت في البداية إلى تسويق تحرّكاتها العدوانية في سوريا في إطار مواجهة مخاطر أمنية مزعومة تُهددها، فإن النهج الإسرائيلي أصبح بعد ذلك أكثر وضوحًا، خصوصًا بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 23 فبراير/ شباط الماضي عن نوايا إسرائيل الإستراتيجية في سوريا. وتتضمن هذه النوايا تحقيق أربعة أهداف متوسطة وبعيدة المدى.

 

أولًا، تكريس احتلال المنطقة العازلة في الجولان وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية كأمر واقع من خلال ربط التواجد الإسرائيلي فيهما بالتهديدات المزعومة بعيدة المدى التي تواجه إسرائيل من سوريا، وليس القريبة المدى. وبالنظر إلى أن المناطق المُحتلة الجديدة ليست كبيرة من حيث الحجم، فإن إسرائيل قادرة على الاحتفاظ بها، إما بهدف ضمها لها بشكل نهائي، أو بهدف تعزيز موقفها في أي مفاوضات مستقبلية مُحتملة مع النظام الجديد في سوريا.

 

ثانيًا، محاولة إحداث شرخ كبير بين الدروز في جنوب سوريا والإدارة الجديدة كبوابة لتأسيس كيان درزي كمنطقة عازلة بينها وبين سوريا. ولا تقتصر وسائل إسرائيل بهذا الخصوص على تشجيع النزعة الانفصالية بين الدروز، وتقديم نفسها كحامٍ لهم، بل تشمل كذلك طرح مطلب تحويل جنوب سوريا إلى منطقة منزوعة السلاح وعدم انتشار الجيش السوري الجديد فيها، فضلًا عن اعتزام السماح للدروز بالعمل داخل إسرائيل.

 

ثالثًا، تدمير ما تبقى من الأصول العسكرية التي أصبحت ملكًا للدولة السورية بعد الإطاحة بنظام الأسد من أجل إضعاف القدرات العسكرية لهذه الدولة، وتقويض قدرتها على امتلاك عناصر القوة لبسط سيطرتها على كافة أراضيها وللتعامل مع التحديات الأمنية الداخلية التي تواجهها، خصوصًا مع الأطراف: (قسد، خلايا النظام في الساحل، والتشكيلات المسلحة في الجنوب). وتندرج هذه الإستراتيجية ضمن أهداف إسرائيل في تشجيع النزعات الانفصالية على الأطراف لإضعاف السلطة المركزية في دمشق.

 

رابعًا، تقويض قدرة تركيا على الاستفادة من التحول السوري لتعزيز دورها في سوريا، وفي المنافسة الجيوسياسية مع إسرائيل في الشرق الأوسط. ولهذه الغاية، تعمل إسرائيل على مسارات مُتعددة، ليس فقط محاولة إيجاد موطئ قدم لها بين الدروز في الجنوب، بل أيضًا شيطنة الإدارة السورية الجديدة للتأثير على القبول الدولي بها، والضغط على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعدم الاعتراف بالرئيس الشرع، وإبقاء العقوبات على سوريا كسيف مُصلت عليها لتحقيق مصالح إسرائيل، والضغط كذلك على واشنطن لإقناعها بالحاجة إلى بقاء الوجود العسكري الروسي في سوريا كضرورة لمواجهة نفوذ تركيا.

 

حتى في الوقت الذي يبدو فيه تقسيم سوريا أو فَدْرلتها أو تحويل الجنوب إلى منطقة منزوعة السلاح (عدم وجود الجيش السوري فيها)، غير مُمكن وغير واقعي، فإنه من المرجح أن تحتفظ إسرائيل باحتلال المنطقة العازلة وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية لفترة طويلة.

 

كما ستسعى لاستثمار الفترة الطويلة التي ستستغرقها عملية بناء الدولة الجديدة ومؤسساتها العسكرية والأمنية من أجل مواصلة شن ضربات على امتداد الأراضي السورية؛ بذريعة مواجهة تهديدات مُحتملة، أو خطر وقوع مثل هذه الأسلحة في أيدي جماعات تُشكل تهديدًا لإسرائيل.

 

إن هذا النهج الإسرائيلي المُحتمل ينطوي على مخاطر كبيرة على سوريا وإدارتها الجديدة، لأنه سيُقوض من قدرتها على تحقيق استقرار داخلي كامل وبناء مؤسسة عسكرية قوية. ولا تبدو احتمالية الدخول في حرب مع إسرائيل واردة على الإطلاق على جدول أعمال الرئيس الشرع، خصوصًا في هذه المرحلة التي تفرض عليه تركيز أولوياته على إنجاح المرحلة الانتقالية، وإعادة بناء الدولة، وبناء علاقات جيدة مع الغرب من أجل رفع العقوبات المفروضة على سوريا وإطلاق عملية إعادة الإعمار.

 

لقد شدد الشرع في القمة العربية الطارئة، التي عُقدت في القاهرة، على ضرورة العودة إلى اتفاقية فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل لعام 1974، بما في ذلك انسحاب إسرائيل من الأراضي الجديدة التي احتلتها بعد سقوط نظام الأسد. ويعمل الشرع على ثلاثة سياقات لمواجهة التحدي الإسرائيلي.

 

التأكيد على التزامه باتفاقية فض الاشتباك لإظهار رغبته في تجنب أي صدام عسكري مع إسرائيل.

 

تقويض قدرة إسرائيل على استثمار الانقسامات الطائفية والمجتمعية والعرقية في سوريا من خلال السعي لدمج الحالات على الأطراف: (الشمال الشرقي، الساحل، الجنوب) في الدولة الجديدة.

 

تعزيز القبول الدولي به لإقناع القوى الفاعلة في المجتمعين: الإقليمي والدولي بالضغط على إسرائيل للحد من اندفاعتها في سوريا، والعودة إلى الوضع الذي كان قائمًا في الجنوب قبل سقوط نظام بشار الأسد.

 

علاوة على ذلك، يُحاول الشرع توسيع هامش المناورة لديه في مواجهة التحدي الإسرائيلي من خلال تعميق الشراكة الجديدة لسوريا مع تركيا.

 

على الرغم من وجود مشروع لاتفاقية دفاع مشترك بين تركيا وسوريا، فإن الشرع لا يزال متريثًا في الإقدام على هذه الخطوة لاعتبارات مُتعددة. لكنه في حال تصاعد خطر التحدي الإسرائيلي على استقرار سوريا ووحدتها، فإنه قد يلجأ إلى هذه الاتفاقية للحصول على دعم تركي في تسليح الجيش السوري الجديد، وتعزيز قدرته على مواجهة هذا التحدي.

 

والخلاصة أن التحدي الإسرائيلي يُوجد عقبات كبيرة أمام نجاح التحول في سوريا، لكنه يُوجد في المقابل فرصًا للشرع لبلورة إستراتيجية متكاملة للتعامل مع هذا التحدي، وتعزيز القبول الدولي به كضمان لمنع اندلاع حرب بين سوريا وإسرائيل في المستقبل.


مقالات مشابهة

  • رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع : الدعم العسكري الذي قدمته اليمن لغزة تاريخي وغير مسبوق
  • تحدّث عن حزب الله.. خبيرٌ إسرائيلي يكشف مصير التطبيع
  • تعليق إسرائيلي عاجل على الغارات التي استهدفت صنعاء قبل قليل
  • الجامعة العربية: روسيا داعمة لحل الأزمة الليبية
  • فوكس: ما الذي يعنيه فعلا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟
  • ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟
  • ضرورة تقدير الموقف
  • تراجع إسرائيلي عن كلام التطبيع بعد نفي لبنان
  • وزير الكهرباء المهندس عمر شقروق لـ سانا: ستنتقل هذه الإمدادات عبر الخط العربي للغاز الذي يمر من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية.
  • هل هناك محادثات للتطبيع بين إسرائيل ولبنان؟