أدلى المكتب السياسي للمقاومة الوطنية التي يقودها عضو مجلس القيادة الرئاسي، العميد طارق محمد عبدالله صالح، مساء اليوم، بتصريحات بشأن اتفاقية الاتصالات بين الحكومة الشرعية وشركة إماراتية.

وأعلن المكتب عبر النائب الأول للعميد طارق صالح، الشيخ ناصر باجيل، دعم اتفاقية الحكومة بإنشاء شركة الاتصالات مع الجانب الإماراتي.

وقال الشيخ باجيل إن إنشاء شركة اتصالات من شأنه حماية خصوصية المواطن ورفد الخزينة العامة، وإيقاف النفوذ الحوثي على الأمن والإيرادات معًا.

يأتي ذلك، بعد جدل كبير أثارته الاتفاقية، التي دفعت البرلمان لتشكيل لجنة تحقيق وإصدار تقرير يصفها بالباطلة والسابقة الخطيرة، مشيرًا إلى أنها تمس السيادة الوطنية لليمن.

اقرأ أيضاً رئيس الوزراء يعترف بالفساد في قطاع الكهرباء ويعلن إجراءات علاجية بعد تقرير لاذع للبرلمان نعاه طارق صالح وملك الاردن يشيعه.. من هو مستشار القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية الذي شارك في تجهيز كتائب المهام الخاصة؟ شاهد .. رئيس الوزراء الهولندي يتناول وجبه طعام يمنية بأحد المطاعم اليمنية مدينة لاهاي (صور) مجلس القيادة الرئاسي يوجه ثلاث ضربات متتالية للمليشيات الحوثية عاجل: عضو بمجلس القيادة يطالب الرئيس العليمي بإحالة رئيس الوزراء للتحقيق وإلغاء اتفاقيات تمس السيادة الوطنية ”وثيقة” طارق صالح يفاجيء أطفال ومزارعي المخا بالهدايا (صور) من جبهة مارب.. ناطق قوات طارق صالح يجدد تمسكه بصناديق الإقتراع و واحدية الهدف والمصير مليشيا الحوثي تستبق ‘‘الثورة الغاضبة’’ بإجراء خطير لإسكات المعارضين.. والمشاط يوجه بالسطو على نقابة الصحفيين ما قبلها ليس كما بعدها.. خبير عسكري يعلق على زيارة ناطق قوات طارق صالح إلى مأرب الحكومة اليمنية تتجاهل توصيات البرلمان وتقريره الذي اتهمها بخرق الدستور ومخالفة القانون بعد مصادقتها على اتفاقية الاتصالات شقيق طارق صالح: هؤلاء هم قادتنا الذين رسموا طريق العزة والكرامة (الأسماء) لجنة تحقيق برلمانية تفضح مسؤولًا في الشرعية قدم خدمة تأريخية للمليشيات الحوثية

وكان عضو مجلس القيادة الرئاسي، الشيخ عثمان مجلي، هو الآخر، بعث أمس، رسالة، إلى الرئيس رشاد العليمي، يطالبه بالاستجابة للبرلمان، وإلغاء أي اتفاقية تمس السيادة الوطنية، وإحالة رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، ومن شملهم تقرير البرلمان، إلى التحقيق.

وجاء في الرسالة التي اطلع عليها "المشهد اليمني"، مطالبة النائب عثمان مجلي، من الرئيس العليمي، بإحالة رئيس الوزراء، وكل من له ارتباط بالملفات المشمولة في رسالة وتقرير مجلس النواب إلى التحقيق.

وطالب النائب مجلي، "بإلغاء كل الإجراءات والاتفاقيات والقرارات التي تم توقيعها من قبلهم، والتي تمس الثروات السيادية للدولة اليمنية".

كما طالب النائب عثمان مجلي، "باحترام دستورية وشرعية المؤسسة التشريعية وتقاريرها وتوصياتها فهي المؤسسة التي وقفنا أمامها مؤدين اليمين للحفاظ على البلد والشعب".

وكانت هيئة رئاسة مجلس النواب، وجهت السبت، رسالة إلى الحكومة بتصحيح الاختلالات التي تضمنها تقرير اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق بشأن ما أثير من مخالفات في قطاعات الكهرباء، والنفط، والاتصالات والجوانب المالية.

وشدد مجلس النواب في رسالته للحكومة، على تنفيذ التوصيات الواردة في تقرير اللجنة البرلمانية، وموافاة المجلس بما سيتم اتخاذه من إجراءات خلال أسبوعين من تاريخه.

واتهم البرلمان، الحكومة المعترف بها دوليا بخرق مواد الدستور (13 و18) ومخالفة خمسة من القوانين اليمنية بعد مصادقتها الاثنين الماضي على إنشاء شركة اتصالات مشتركة مع شركة NX الإماراتية لخدمات الاتصالات.

وطالب البرلمان في مذكرة ممهورة بتوقيع رئيسه “سلطان البركاني” إلى رئيس الحكومة “معين عبدالملك” بالتوقف عن السير في إبرام الاتفاقية، وإلغاء كافة الاجراءات التي تمت وإعادة النظر فيها بما يحفظ حق الدولة وممتلكاتها وسيادتها.

المذكرة وصفت، مصادقة الحكومة على الاتفاقية مع الشركة الاماراتية بأنه “سابقة خطيرة” ولم يسبق لأي حكومة من قبل أن اقترفت مثله على الاطلاق، وقالت: من “المحزن والمخجل أن يصادق الوزراء على اتفاق لم يوزع عليهم نسخا منها بحجة أن الاتفاقية سرية ويخشى تسريبها”.

وكشف البرلمان عن امتناع الحكومة عن تسليم لجنة تقصي الحقائق المكلفة من البرلمان حول الموضوع نسخة من الاتفاقية الموقعة مع الشركة الامارتية، كما لم تنشر عبر وسائل الاعلام وفق ما هو متبع في الاتفاقات.

واعتبر الامتناع عن تسليم اللجنة نسخة من الاتفاقية دليلا قاطعا على أن ما أثير حول الاتفاقية “من أنها تشكل فساد ونهب للمال العام وانتهاك للسيادة أمرا صحيحا”.

وكان تحقيق اللجنة البرلمانية قد كشف عن تورط مسؤول كبير في الحكومة الشرعية، في تعطيل الكابل البحري (AAE1) الخاص ب "عدن نت"، لخدمة مليشيا الحوثي.

وقالت اللجنة، إن الكابل البحري AAE 1 الذي تم ربطه في عدن وانجز العمل عام 2017، تم تشفيره وتعطيله في مهده، وآل إلى سيطرة مليشيا الحوثي في فترة الوزير السابق.

وأوضح التحقيق أن الوزير السابق استدعى مهندسين من صنعاء وقام المدربون الدوليون بتدريبهم وبعد سفرهم، غادروا عدن وعادوا إلى صنعاء.

وأضافت اللجنة أن المهندسين قاموا بتشفير الكابل وتعطيله وهو ما سبب ضربة قاتلة لمشروع "عدن نت"، الشركة الوحيدة المستقلة عن سيطرة مليشيا الحوثي، وفقا للجنة التحقيق البرلمانية.

وطالبت اللجنة، بفتح تحقيق شامل حول ملابسات تعطيل الكابل وأيلولته للحوثيين ومحاسبة المتسببين وما ترتب على ذلك من تعطيل لمصالح الناس وأضرار بعمليات الاتصالات والمعلومات.

كما شددت على اتخاذ الاجراءات اللازمة لاستعادة وتشغيل الكابل البحري (AAE1) في مناطق الحكومة لتقديم خدماته للمواطنين تحقيقا للغرض الذي أنشئ من أجله.

يشار إلى أن البرلمان كان قد شكل لجنة مكونة من 9 برلمانيين، إبريل الماضي، لتقصي الحقائق حول ما أثير من ادعاء بارتكاب الحكومة مخالفات في قطاعات النفط والكهرباء والاتصالات والقضايا المالية.

والإثنين قبل الماضي، أعلنت الحكومة الشرعية، الموافقة على مشروع اتفاقية إنشاء شركة اتصالات مشتركة مع شركة إماراتية لتقديم خدمات اتصالات الهاتف النقال والانترنت، في تجاوز لاعتراض البرلمان حول الاتفاقية المثيرة للجدل.

وأفادت وكالة سبأ، بأن "مجلس الوزراء ناقش مشروع اتفاقية إنشاء شركة اتصالات مشتركة لتقديم خدمات اتصالات الهاتف النقال والانترنت في اليمن، على ضوء المسودة الموقعة بين المؤسسة العامة للاتصالات وشركة إماراتية، وما تتضمنه من منح ترخيص تقديم خدمات الهاتف النقال وتشغيل وترخيص الطيف الترددي".

وقالت إنه" وعلى ضوء النقاشات وافق مجلس الوزراء، على مشروع الاتفاقيات المقدمة، بعد استيعاب الملاحظات المطروحة عليها، ورفعها إلى مجلس القيادة الرئاسي".

والأحد قبل الماضي، وجه 22 عضوا في مجلس النواب رسالة إلى رئيس الحكومة، طالبوا فيها بعدم إبرام أي عقود أو اتفاقيات قبل أن تفرغ اللجنة البرلمانية المشكلة للتقصي في الأمر من إصدار تقريرها.

وذكّرت الرسالة برسالة سابقة وجهها أعضاء المجلس إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي في (18 يوليو الماضي)، "بخصوص مشروع العقد مع شركة NX للاتصالات الإماراتية، والتي ثارت بشأنها الكثير من النقاشات والتساؤلات وهي من ضمن مواضيع تحقيقات اللجنة البرلمانية المكلفة بتقصي الحقائق والتي بدورها وجهت العديد من الأسئلة بشأنها إليكم وإلى الجهات المعنية في وزارة الاتصالات".

وأوضح الرسالة، إن اللجنة بصدد إصدار تقريرها في هذا الموضوع وغيره، لكنه نما إلى علمنا عزمكم المضي في إبرام التعاقد مع شركة NX قبل أن تفرغ اللجنة من تقريرها، مطالبة مجلس الوزراء بـ"عدم إبرام أي اتفاق أو تعاقد حتى يتم صدور تقرير اللجنة التي تعمل على إصداره ورفعه إلى هيئة رئاسة مجلس النواب لمخاطبتكم بنتائجه".

وحذرت أنه "في حال مضي الحكومة في إبرام الاتفاقية وتجاوز مجلس النواب فإن هذا الموقف مؤشر على أن تعطيل انعقاد جلسات مجلس النواب داخل الوطن، هو عمل متعمد لتعطيل عمل مجلس النواب الرقابي والتشريعي، مما ندعو معه مجلس القيادة الى اتخاذ موقف للتاريخ ينتصر للدستور والقانون وحماية المال العام".

وخاطب أعضاء البرلمان رئيس الحكومة بالقول، إن "تعجلكم غير المبرر مع إجاباتكم التي هي محل دراسة من الناحية الدستورية والقانونية خاصة مع إحلالكم مجلس الوزراء محل اللجنة العليا للمناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية".

وكشفت الرسالة عن أن مجلس الوزراء يحل نفسه محل لجنة المناقصات "بحجة عدم تشكيلها لغياب الكوادر المؤهلة بعذر الحرب، وهو عذر لا أساس له في الواقع، لأن الكوادر الحكومية القادرة والمؤهلة لهذا الأمر متوفرة وبالمئات إن لم يكن بالآلاف".

وقالت إن "تعطيل تشكيل اللجنة يعد تعطيلاً لأهم جهاز رقابي على المال العام يملك القرار بالموافقة أو الرفض على إبرام العقود والرقابة بمختلف أنواعها، ضماناً لسلامتها وخلوها من شبهة الفساد وإهدار المال العام أو الهروب من مبدأ الشفافية والمساءلة والحوكمة الرشيدة في إدارة المرافق الاقتصادية والخدمية وسلامة تعاقدات الحكومة".

وكانت الحكومة اليمنية، أبرمت في نهاية ديسمبر الماضي، مذكرة تفاهم مع الإمارات تسمح باستثمار أبو ظبي في مشروعات قطاع الاتصالات في المناطق المحررة، بالتزامن مع إبرام اتفاقية أمنية وعسكرية، دون موافقة مجلس النواب المعني بالأمر.

المصدر: المشهد اليمني

كلمات دلالية: مجلس القیادة الرئاسی إنشاء شرکة اتصالات اللجنة البرلمانیة ملیشیا الحوثی رئیس الوزراء مجلس الوزراء مجلس النواب طارق صالح مع شرکة

إقرأ أيضاً:

حينما يقص ويفصِّل الترزي وثيقة دستورية !!

قصة قصيرة جدا:
بينما قصره الرئاسي محتل ولا يستطيع الوصول اليه ويباشر عمله نازحا في مدينة تبعد مئات الكيلومترات عن عاصمته، عين نفسه امبراطورا!..

المقال

قبل حوالي عام و من المعاقيل "بشرنا" الفريق ياسر العطا ببعض ما خلصت له تعديلات الوثيقة الدستورية دون ان يذكرها بان"القايد العام للقوات المسلحة حتي بعد الانتخابات مش الفترة الانتقالية بس، لثلاث اربعة دورات انتخابية هو راس الدولة للصلاحيات السيادية". حينها كان الجنجاويد قد وصلوا الدندر. و ما لم يقله سعادة الجنرال ان القائد العام سيصبح وحده القائد الأعلى لكل القوات النظامية و أن وجود ود العطا شخصياً و بقية العسكر في المجلس السيادي عدا الرئيس سيكون تمامة جرتق. و أن رئيس الوزاء سيصبح همبول لا صلاحية له حتى لقبول استقالة وزرائه . و أن الدستوريين سيمنحون حصانة لا تنزعها المحكمة الدستورية. و أن البرلمان سيُحذف من أجهزة الحكم الانتقالي و انه حتي اذا وجد برلمان فلا يستطيع تمرير قراراته الا بموافقة السيادي و فوق ذلك لا يستطيع سحب الثقة من رئيس الوزراء او اي وزير. و انه لا مكان عندهم لمفوضية مرأة و مساواة و لا حتي اصلاح قانوني.

منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، يواصل السودان السير في مسار سياسي يعزز من هيمنة العسكر على السلطة، متجاوزًا أي محاولات لإرساء حكم مدني ديمقراطي. آخر هذه المحطات كانت التعديلات الدستورية التي أُقرت في 19 فبراير، والتي لم تكتفِ بتهميش القوى المدنية، بل مضت أبعد من ذلك بإلغاء البرلمان الانتقالي فعليًا، واستبداله بسلطة تنفيذية غير خاضعة لأي رقابة. ما الذي تعنيه هذه التعديلات؟ وكيف صيغت لتناسب مصالح البرهان او من سيخلفه؟
عدم تحديد ..لحين المجلس التشريعي.. أيعني لحين المنتخب ام لحين الانتقالي؟
أحد أخطر جوانب هذه التعديلات هو حذف أي ذكر للمجلس التشريعي الانتقالي كأحد أجهزة الحكم الانتقالي. فوفقًا للمادة (10) المعدلة، لم يعد هناك شيء اسمه “مجلس تشريعي”، بل تم استبداله بصياغة فضفاضة تنص على أن “السلطة التشريعية الانتقالية تتكون من مجلسي السيادة والوزراء إلى حين قيام المجلس التشريعي”. عدم اضافة صفة " الانتقالي" للمجلس التشريعي تعني انه " منتخب".
هذه العبارة الملتبسة تخفي حقيقة واضحة: البرلمان الانتقالي لم يعد موجودًا، بل أصبح مجرد وعد مؤجل حتى إشعار آخر. ليس ذلك فحسب، بل تم أيضًا حذف أي نص يمنح مجلس السيادة صلاحية اعتماد البرلمان الانتقالي، مما يعني أنه حتى لو تم تشكيل مجلس تشريعي، فلن تكون له أي شرعية دستورية. فمن الذي سيعتمد هذا البرلمان؟ و ما هي كيفية تكوينه ابتداء؟ ايضاً غاب تحديد نسبة شركاء سلام جوبا.
و رغم أن المادة (24) الجديدة في بندها الاول تشير إلى وجود “مجلس تشريعي انتقالي” يتألف من 300 عضو، إلا أن هذا لا يعدو كونه طُعمًا سياسيًا لإيهام الناس بوجود برلمان. فالبند الثاني من ذات المادة يعطي مهام السلطة التشريعية للمجلسين السيادة و الوزراء لحين تكوين "المجلس التشريعي"، لتغيب كلمة " الانتقالي" مرة اخري و ليستبدلها أولى العلم ب" المنتخب" فطالما لم يذكر انتقالي اذن فهو منتخب.
و حتى لو تم تشكيل البرلمان بطريقة ما، فإنه سيكون بلا قيمة، لأن التعديلات تشترط موافقة مجلس السيادة على أي تشريع. بأصل الوثيقة الدستورية ، كان البرلمان يستطيع تمرير القوانين و القرارات تلقائيًا بعد فترة اسبوعين إذا امتنع مجلس السيادة عن المصادقة عليها او اهملها. أما في الوثيقة المعدلة، فإن البرلمان لا يستطيع تمرير أي قانون دون موافقة السلطة السيادية، مما يجعل البرلمان هيئة استشارية شكلية لا أكثر. كما لا يستطيع البرلمان الانتقالي سحب الثقة من رئيس الوزراء او حتي وزير بعد شطب البند الثاني من المادة ١٨. عليه، حسنا فعل ترزي القصر باطلاق النار علي عبارة "مجلس تشريعي" اكثر من خمسة عشر مرة في الوثيقة فماذا سيفعل هذا البرلمان اذا لم يكن بامكانه سحب الثقة من وزير و لا حتي رفع الحصانة عنه؟
و خصماً من سلطة التشريع سواء كانت مجلس تشريعي او اجتماعاً للمجلسين، منحت التعديلات مجلس السيادة حق إصدار مراسيم لها قوة القانون، صحيح يمكن الغاوها علي الورق اذا لم توافق عليها السلطة التشريعية و لكن لا يمكن ابطال مفعولها علي الارض باثر رجعي حتى لو رُفِضت لاحقًا، وفقًا للبند الرابع الجديد في المادة (12).

الضمير "هو" والانقلاب السادس
لم يكن انقلاب الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان هذه المرة على د. حمدوك أو محمد الفكي و ثورة ديسمبر ولا حتى على بعض اطراف اتفاق سلام جوبا، بل جاء على رفاقه في المكون العسكري داخل مجلس السيادة نفسه هذة المرة. و لم تقف عند إقصاء المدنيين من السلطة السيادية بزيادة حصة العسكريين و اقتصار مشاركة المدنيين علي مقعدين احدهما للمراة و الثاني للاقاليم بل انقلب على القيادة الجماعية لتستبدل بفرد. ، بالمرور على المادة (11) من الوثيقة نجد نصا جديداً ينص بنده الثالث صراحةً على أن:
“يرأس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة و(هو) القائد الأعلى للقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى.”
بتغيير المادة و اللعب باستخدام قواعد اللغة العربية باستخدام الضمير (هو) الذي يعود للقائد العام لا لمجلس السيادة، أصبحت سيطرة القائد العام للجيش مطلقة على المؤسسة العسكرية والأجهزة النظامية الأخرى. وتم القضاء نهائيًا على أي دور جماعي لمجلس السيادة، سواء من المدنيين أو حتى من العسكريين أنفسهم. و بينما كان ثوار ديسمبر يتطلعون لجيش قومي بقيادة مدنية، نسفت التعديلات القيادة العسكرية الجماعية الموجودة ذاتها لتضعها بيد فرد. و سواء كان أعضاء مجلس السيادة المتبقون موافقون ام ضللوا بهذا الحيلة اللغوية بالضمير " هو" حين وافقوا علي التعديلات، فإن واضعي هذه التعديلات نجحوا في صياغة بند يُكرّس سلطات البرهان الفردية علي كامل القوات النظامية. إذا كان رئيس مجلس السيادة بات هو القائد الأعلى للقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى، فما الحاجة إلى بقية أعضاء المجلس العسكريين في مجلس السيادة أصلًا؟ اذا كان فيما مضي وجودهم ليغلق الطريق امام ترجيح كفة الاعضاء المدنيين، فلا حاجة لذلك الآن بعد ان تمت ازاحة المدنيين .. أما اذا كان الهدف ليكونوا مشرعين في " السلطة التشريعية" فان عددهم "سته" مقابل " سته و عشرين" من الوزراء لا يجعل لهم الاغلبية الكافية لتمرير او اسقاط قرار ما يعني وجودهم أو عدمهم سيان.عدا ان وجودهم يثقل كاهل الدولة بامتيازات السياديين.
“هيئة قيادة القوات المسلحة”: كيان غامض
ما هي “هيئة قيادة القوات المسلحة” المذكورة في التعديلات الدستورية؟ هل هي مؤسسة موجودة فعلا داخل موسسات القوات المسلحة؟ ولها نظم و لوائح و آليات لاختيار أعضائها من داخل الجيش؟ أم أنها مجرد كيان جديد يُراد فرضه ليكون هو الحاكم الفعلي للسودان من خلف واجهة البرهان او خليفته؟.. في النسخة الأصلية من قانون القوات المسلحة لعام 2007، لم أجد أي شيء عن “هيئة قيادة القوات المسلحة”، بل كان هناك فقط: رئاسة و هيئة الأركان المشتركة و مجلس الدفاع. لكن وفقًا للمادة (12) بندها طاء الجديد، فإن هناك “هيئة” هي من ستعين القائد العام و تقيله من منصبه. هيئة بهذة الاهمية لماذا لم تحدد الوثيقة التي تحدد مواصفات رئيس و اعضاء المفوضيات المستقلة لماذا لم تحدد مواصفات اعضاء و رئيس هذة الهيئة ؟ و من سيختارهم؟ هذا التعديل يُعيد إلى الأذهان أخوان حميدتي في “مجلس قيادة الدعم السريع”، الذي لم يكن سوى واجهة تُخفي سيطرة حميدتي وأسرته على مليشيا قوات الدعم السريع ، و الآن من الواضح انه يُراد استنساخ الفكرة داخل الجيش السوداني نفسه من قبل " الاخوان". الامر ما يثير تساؤلات بالغ الأهمية حول هوية أعضائها وآليات عملها، ومن سيملك سلطة تعيينهم من الأساس. هذه التساؤلات ليست ترفًا، بل ضرورية للغاية و حتي لا نتفاجأ يوم ان اعضاء الهيئة هم ابوعاقلة كيكل و المصباح و علي كرتي و سناء حمد!..
مليشة الدولة حتى 2027

لم تكتفِ التعديلات بإعادة هندسة السلطة السيادية، بل منحت المؤسسة العسكرية صلاحيات اقتصادية واسعة، كما جاء في المادة (٢٥ البند ٢) هذا يعني أن الجيش لن يكون مجرد مؤسسة عسكرية ، بل سيتحكم أيضًا في قطاعات اقتصادية ضخمة. بخصوص الحركات المسلحة الموقعة علي سلام جوبا والتي كان يفترض الانتهاء من دمجها او تسريحها منذ يوليو او يونيو ٢٠٢٤م فان التعديلات تعطي هذة الحركات و المليشيات غير الموقعة علي شيء مهلة حتي عام 2027، مما يُكرّس مليشة الدولة لأمد بعيد عدا أن تشرع مفوضية نزع السلاح و الدمج المستحدثة بمباشرة مهامها التي نأمل الا تحتاج لذات المدة التي اقترحها الفريق اول متمرد حميدتي لدمج قواته حسب الاطاري.
بخصوص الشرطة اسال الله ان يزدني علماً.. حيث لم افهم سبب حذف البند الثاني من المادة ٣٦ و الذي يخص تنظيم علاقة الشرطة بالسلطة السيادية وفق قانونا الشرطة و القوات المسلحة.
و بالنسبة لجهاز الامن فان ترزي القصر المحتال ترك الباب موارباً باستبدال كلمة " جهاز" بكلمة" قوى" التي يمكن ان تفيد انه مدني كما يمكن ان تفيد انه مسلح.. علي اية حال بينما كان هذا الجهاز يخضع في الوثيقة الأصل للسلطتين السيادية و التنفيذية حذفت التعديلات خضوعه لرئيس الوزراء.
رئيس الوزراء مريس و متيس!
التعديلات الأخيرة على الوثيقة الدستورية لم تكتفِ بإلغاء دور البرلمان، بل امتدت إلى تقليص صلاحيات رئيس الوزراء بشكل غير مسبوق، حتى أصبح المنصب أشبه بمنصب شرفي بلا أي سلطة تنفيذية حقيقية ، وتحويله إلى منصب شكلي يُستخدم فقط لإضفاء شرعية مدنية على حكم عسكري مطلق.
بموجب المادة (18) المعدلة، لم يعد لرئيس الوزراء أي سلطة في إقالة او حتي قبول استقالة وزير او حتي ترشيحه للوزارة، بل اقتصر دور رئيس الوزراء على مجرد “التوصية”، لمجلس السيادة بذلك. بينما في المادة الخامسة عشر ان رئيس الوزراء " يعين" الوزراء .. أهذا خطأ مطبعي في الوثيقة؟ كلا.. أنه اتباع لذات نظرية "الباب المتاكا" فاذا جئ بوزير مرضي عنه برزت المادة الخامسة عشر واذا جئ بوزير مغضوب عليه ابرزت المادة الثامنة عشر!..
الأمر لم يتوقف عند ذلك، بل أصبح الوزراء أنفسهم يملكون سلطة تعيين ومحاسبة رئيسهم، مما يجعل رئيس الوزراء في وضع أشبه بـ”المريس و متيس”، وفقًا للتعبير السوداني، أي بلا أي قدرة فعلية على اتخاذ القرارات.
أيهم أولا الدجاجة أم البيضة؟ بل رئيس الوزراء أم الوزراء؟
وزراء يختارون و يحاسبون رئيسهم و ليس العكس. واحدة من أغرب التعديلات التي أُدخلت على الوثيقة الدستورية هي تلك المتعلقة بتعيين وإقالة رئيس الوزراء. فبدلًا من أن يكون البرلمان أو القوى السياسية الفاعلة هي الجهة المخولة بذلك، أصبح الأمر في يد اجتماع مشترك بين مجلسي السيادة والوزراء، وهو ما يعني فعليًا أن الوزراء هم من يختارون رئيسهم، وهم من يستطيعون إقالته متى شاؤوا! وليس العكس.
. و ماذا ايضاً؟ بالطبع نزعت مفوضية مكافحة الفساد من يد رئيس الوزراء و كذا حق انشاء اي مفوضيات أخرى ليضع بيد مجلس السيادة. أما مفوضيتى المرأة و الاصلاح القانوني فقد الغيتا كما هو متوقع!
لم تتوقف التعديلات عند إضعاف رئيس الوزراء داخليًا، بل سُحبت منه حتى سلطته على السياسة الخارجية. فوفقًا للنص الجديد، لمجلس السيادة، وليس الحكومة، سلطة “وضع السياسة الخارجية والإشراف على تنفيذها”. هذا يثير تساؤلات حول دور وزارة الخارجية ورئيس الوزراء في هذا السياق، في ظل هذه التعديلات، يصبح السؤال الأكثر إلحاحًا: من هو ذلك الشخص الذي سيقبل بأن يكون رئيسًا للوزراء في ظل هذه الصلاحيات الشكلية؟
هذا الوضع لا يمكن أن يقبل به أي شخصية سياسية لها وزن، فهو يجعل رئيس الوزراء مجرد دُمية بلا تأثير حقيقي. بناءً على هذه التعديلات، فإن رئيس الوزراء الذي يمكن أن يقبل بهذا الدور لن يكون شخصية ذات وزن سياسي حقيقي، بل مجرد موظف محدود القدرات، يتم تحريكه بواسطة مجلس السيادة. أو مجرد ما نسميه في السودان" دلدول" او " همبول". فإذا كان رئيس الحكومة لا يستطيع حتى قبول استقالة وزيره، فما الذي يمكن أن يفعله أصلًا؟
اللي في ايدو قلم ما بيكتب روحو شقي!
حصانة الدستوريين ضد المساءلة:التعديلات الدستورية لم تتوقف عند إلغاء دور البرلمان، بل امتدت إلى تقويض مبدأ الفصل بين السلطات بالكامل. فإلى جانب تغول السيادي علي صلاحيات البرلمان، تم تقييد دور المحكمة الدستورية، بحيث لم تعد قادرة على رفع الحصانة عن المسؤولين الدستوريين، حتى في حال ارتكابهم جرائم جنائية لا علاقة لها بالسياسة. ليقوم بدور رفع الحصانة عن الوزراء و الدستوريين هم زملائهم الوزراء و الدستوريين!
التعديلات لم تكتفِ بإلغاء البرلمان والحد من صلاحيات رئيس الوزراء بل منحت أعضاء مجلس السيادة والوزراء حصانة مطلقة، بإلغاء أي إمكانية منطقية لمحاسبتهم أو محاكمتهم. فمن أخطر التعديلات التي أُدخلت على الوثيقة الدستورية هو إلغاء دور المحكمة الدستورية والمجلس التشريعي في رفع الحصانة عن أعضاء مجلس السيادة والوزراء وحكام الولايات. فبعد شطب بندين من المادة (22)، حتى لو تورط أحد المسؤولين في جريمة جنائية، فلن يُحاسب إلا بموافقة زملائه في المجلس من الوزراء و الدستوريين! ، مما يحوّل القضية إلى لعبة سياسية عنوانها: “شيلني وأشيلك”. و هذا وضع لا يوجد حتى في أكثر الأنظمة استبدادًا! هذا ليس مجرد تعديل دستوري، بل هو نموذج لما كانت ستفعله أي عصابة مافيا لو وصلت إلى السلطة! في بلد سبق ان سجل تهريب حاويات مخدرات ضد مجهول و تتهامس المدينة ان وراء الحاوية سمك قرش كبير الا تعزز مثل هذة التعديلات من صدقية تلك الإتهامات؟..
و كانت صلاحية رفع الحصانة في الوثيقة الاصلية بيد كلا من المحكمة الدستورية او المجلس التشريعي باغلبية بسيطة بل و تعقد جلسة طارئة اذا كان المجلس غائبا. ليجعلها التعديل بيد السلطة التشريعية - المتمثلة في اجتماع مجلسي السيادة والوزراء. هذا يعني ببساطة أن المسؤولين الحكوميين المتهمين بجرائم جنائية سيكونون هم أنفسهم من يقررون رفع الحصانة عن بعضهم البعض، مما يجعل المساءلة القانونية شبه مستحيلة.
وكأن كل ذلك لا يكفي، جاء تعديل آخر ليؤكد أن هذه السلطة لا تسعى فقط إلى حماية المسؤولين من أي مساءلة مستقبلية، بل تسعى أيضًا إلى إلغاء أي تحقيقات جارية قد تطالها. فقد قرر ترزي القصر حذف لجنة التحقيق الوطنية، المدعومة أفريقيًا، حول أحداث مجزرة القيادة العامة من الوثيقة الدستورية. حتى في أكثر الأنظمة السلطوية، تحاول الحكومات الإبقاء على شكل من أشكال المحاسبة الوهمية. أما هنا، فقد وصل الأمر إلى درجة المجاهرة بتقنين الإفلات من العقاب في الدستور نفسه سابقا و لاحقا!
سلطة تمتلك الجرأة على إلغاء حق المحكمة الدستورية في رفع الحصانة عن دستورييها اذا اجرموا، هل ستخجل من الاحتفاظ بوزير يحمل جنسية دولة اجنبية؟ رغم ان تعديل المادة ١٧ البند ١ و الخاص بشروط عضوية مجلس الوزراء اضاف شرط عدم حمل جنسية دولة اجنبية.

في النهاية، نحن أمام نموذج سياسي مشوّه:
جيش و قوات بيد فرد، مجلس سيادة يسيطر على السلطة التنفيذية. رئيس وزراء بلا صلاحيات حقيقية. وزراء يملكون سلطة تعيين وإقالة رئيسهم، بينما هو لا يستطيع قبول استقالتهم عدا التوصية للسيادي. مجلس تشريعي مغيب، و حتى اذا وجد فدوره استشاري و لا يوجد أي نوع من الرقابة المستقلة على أداء الحكومة.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم يمزق البرهان الوثيقة الدستورية بالكامل؟ الإجابة واضحة: لأنه يريد الاحتفاظ بالقشرة المدنية بينما يفرغها من مضمونها. لكن التاريخ يخبرنا أن الأنظمة التي تُبنى على هذا الأساس لا تدوم طويلًا. من يحاول اللعب بالقوانين لتركيز سلطته، غالبًا ما يصبح أول ضحية لها. و من يؤيد التعديلات لانه يدعم البرهان اليوم، ينسى أن السلطة ليست أبدية. و ان هناك شيئا اسمه موت - اطال الله اعمارنا- قد يختفي الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان، لكن صلاحيات المنصب المطلقة ستبقى جاهزة للخليفة القادم ليبدأ تعلم الحلاقة علي رووس اليتامي. اسال الله اللطف ببلادنا و اطفاء نار الحرب و كفي الله المومنين القتال.

lubbona@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • نائب: رئاسة البرلمان الحالية فاشلة بامتياز
  • المالية النيابية: نتوقع وصول جداول الموازنة إلى البرلمان منتصف الشهر الجاري
  • حينما يقص ويفصِّل الترزي وثيقة دستورية !!
  • رئيس مجلس الوزراء يطلع سير العمل في  مؤسسة الاتصالات ومنصة سداد
  • رئيس مجلس الوزراء يطلع خلال زيارته مؤسسة الاتصالات ومنصة سداد على سير أنشطتها
  • رئيس مجلس الوزراء يطلع على سير انشطة مؤسسة الاتصالات ومنصة سداد
  • رئيس مجلس الوزراء يدّشن مشروع التوجه الإستراتيجي نحو قيادة التحول الرقمي باليمن
  • الزرقاء: الاكتفاء بإجراء الانتخابات التشريعية فقط لا يقود لاستقرار البلاد
  • نائب رئيس برلمان الأردن يعلق على قرار الاحتلال بشأن المسجد الإبراهيمي
  • ماذا بعد انتهاء مهام الحكومة السورية المؤقتة؟