تتواصل الاحتجاجات في محافظة السويداء جنوبي سوريا منذ نحو أسبوعين، وبث ناشطون اليوم الثلاثاء صورا لمحتجين في ساحة الكرامة وسط السويداء، وفي بلدات أخرى بالمحافظة، في ظل هتافات تطالب برحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد وجميع رموزه. وتأتي هذه المظاهرات استكمالا لحراك مستمر احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

واندلعت الاحتجاجات الأخيرة عقب قرار سلطات النظام السوري في منتصف أغسطس/آب الحالي رفع الدعم عن الوقود، في خضم أزمة اقتصادية تخنق السوريين بعد أكثر من 12 عاما من حرب مدمرة أعقبت قمعا عنيفا من النظام لمظاهرات تطالب برحيله، مما تسبب في دمار هائل بالبنى التحتية وشرّد أكثر من نصف السكان وأوقع أكثر من نصف مليون قتيل، وفق بيانات حقوقية وأخرى من الأمم المتحدة.

وقد انطلقت الاحتجاجات الأخيرة في محافظتي درعا والسويداء الجنوبيتين، لكن زخمها تواصل في السويداء، ذات الغالبية الدرزية والتي تشهد منذ سنوات تحركات متقطعة احتجاجا على سوء الأوضاع المعيشية.

وشارك بضع مئات في مظاهرة اليوم الثلاثاء في مدينة السويداء، مركز المحافظة، وفق ما أفاد ناشطون لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأظهر شريط مصور نشرته شبكات إعلام محلية مواطنين يهتفون "يسقط بشار الأسد".

#شاهد: قسم الأحرار في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء اليوم الثلاثاء.#إضراب_السويداء pic.twitter.com/qfcesevmIv

— السويداء 24 (@suwayda24) August 29, 2023

وخلال أيام الحراك، أقفل المحتجون مكاتب تابعة لحزب البعث الحاكم، وفق ناشطين في المحافظة.

وبث ناشطون اليوم صورا قالوا إنها لقيام محتجين بإغلاق "مكتب أعضاء مجلس الشعب" في المحافظة. كما شهدت بلدة الكفر في السويداء وقفة احتجاجية مساء اليوم الثلاثاء، تمت خلالها إزالة صورة لبشار الأسد على واجهة مبنى البلدية.

كما شهدت بلدة قنوات بريف السويداء مساء اليوم وقفة احتجاجية بمشاركة العشرات من أهالي البلدة، حيث اختاروا ساحة الآثار لتنفيذ احتجاجهم المطالب بالتغيير السياسي.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن متظاهر قوله عبر الهاتف إن "قلّة لا تزال تركز على المطالب الاقتصادية، فكثر فهموا أن لا وجود لحل اقتصادي من دون حل سياسي".

وخلال الأيام الماضية وأيضا اليوم الثلاثاء، رفع المتظاهرون شعارات مطالبة بـ"إسقاط النظام"، مما أعاد إلى الأذهان المظاهرات غير المسبوقة التي شهدتها سوريا في منتصف مارس/آذار 2011 قبل أن تتحول إلى نزاع دام مستمر حتى اليوم.

#شاهد: إزالة صورة بشار الأسد عن واجهة مبنى البلدية في بلدة الكفر بريف السويداء، خلال وقفة احتجاجية مسائية، اليوم الثلاثاء.#إضراب_السويداء pic.twitter.com/dxbC2R2QN2

— السويداء 24 (@suwayda24) August 29, 2023

خصوصية السويداء

ولمحافظة السويداء خصوصيتها، إذ إنه طيلة سنوات النزاع تمكّن دروز سوريا، الذين يشكلون نحو 3% من السكان، إلى حد كبير من تحييد أنفسهم عن تداعياته. فلم يحملوا إجمالا السلاح ضد النظام، ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة.

وتخلّف عشرات آلاف الشبان عن التجنيد الإجباري، مستعيضين عن ذلك بحمل السلاح دفاعا عن مناطقهم فقط، في وقت غض فيه النظام النظر عنهم.

ويوجد النظام السوري في محافظة السويداء عبر المؤسسات الرسمية، في حين ينتشر جيش النظام حاليا على حواجز في محيط المحافظة، ولذلك يرى ناشطون أن النظام السوري لن يتمكن من تحريك عناصره لقمع المحتجين في السويداء.

وقال ناشط في المحافظة لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف إن "خصوصية السويداء، وخصوصا من ناحية الأقلية الدرزية وعدم وجود مراكز أمنية للنظام وعدم الالتزام بالخدمة الإلزامية، منحتها مجالا أوسع لحرية التعبير".

وأشار إلى أن النظام بعث وسطاء سياسيين للبحث مع وجهاء السويداء في كيفية تهدئة الأمور.

ويدعم المحتجون مجموعات مسلحة محلية، بينها مجموعة تسمى "رجال الكرامة" التي تعد الأكبر في المحافظة.

وقال المتحدث باسم المجموعة أبو تيمور "نقف خلف مطالب أهلنا المحقة"، مشيرا إلى مشاركة عناصر غير مسلحة من المجموعة فيها. وأضاف "لن نسمح بأي اعتداء على المظاهرات".

وبعد أكثر من 12 عاما من الحرب تشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة، فاقمها زلزال مدمر في فبراير/شباط الماضي والعقوبات الاقتصادية المفروضة من الدول الغربية، خسرت معها العملة المحلية أكثر من 99% من قيمتها. ولطالما اعتبرت دمشق العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها سببا أساسيا للتدهور المستمر في اقتصادها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الیوم الثلاثاء النظام السوری فی المحافظة أکثر من

إقرأ أيضاً:

مجرمون بلا قيود.. تحديات الأمن في سوريا بعد الأسد

في خضمّ الفوضى التي اجتاحت سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، برزت مشكلة خطيرة تُلقي بظلالها على الأمن والاستقرار، مع وجود مجرمين خطيرين بين المعتقلين المفرج عنهم من مختلف السجون في البلاد، مما يفرض تحديات جسيمة في ظل غياب الدولة وأجهزتها الأمنية.

وسارعت فصائل المعارضة إلى إطلاق سراح المعتقلين من مختلف السجون منذ بدء العمليات العسكرية التي أطلقتها في 27 نوفمبر (كانون الأول) من إدلب وصولاً إلى دمشق في 8 ديسمبر (كانون الثاني)، بما في ذلك الإفراج عن معتقلين من سجن صيدنايا سيئ السمعة.
وقال الناشط محمد الزعبي، من محافظة درعا، جنوبي سوريا، لـ"24"، إن "التمييز بين المعتقلين السياسيين والجنائيين كان أمراً صعباً عند فتح السجون وإطلاق سراح النزلاء".

الجولاني: سنحوّل سجن صيدنايا إلى متحف - موقع 24صرح قائد "هيئة تحرير الشام"، أحمد الشرع، المعروف باسم "أبومحمد الجولاني"، أنه يجري جمع الأدلة من أجل محاكمة الرئيس السوري بشار الأسد الذي هرب إلى موسكو، بعد إسقاط نظامه الأحد الماضي.

وكشف ناشطون سوريون عن وجود محكومين على خلفية جرائم جنائية خطيرة بين المفرج عنهم، وهو ما يثير القلق، خاصة في ظل غياب أي أجهزة أمنية كالشرطة مع حل جميع الإدارات المحسوبة على النظام السابق. وتتراوح الجرائم التي ارتكبها هؤلاء بين القتل، والسرقة، مما يضيف بُعداً جديداً للمخاطر التي تواجه المجتمع السوري المنهك.
ويقول الناشط الزعبي: "الوضع الأمني كارثي، لدينا أناس يحملون السلاح وينتقلون من منطقة إلى أخرى بلا رادع. كثير من هؤلاء كانوا في السجون بسبب جرائم خطيرة، والآن هم أحرار بلا قيود."
ومع انهيار البنية التحتية الأمنية التي كانت قائمة في عهد الأسد، تجد المجتمعات المحلية نفسها في مواجهة مباشرة مع هؤلاء الأفراد، دون أي آليات لحفظ النظام أو إنفاذ القانون.
ويشير السكان المحليون إلى مخاوف من تصاعد أعمال العنف المرتبطة بالجريمة، والاعتداءات المسلحة، والنزاعات بين الفصائل، ما يجعل الحياة اليومية أكثر خطورة.

محاولات محلية لفرض النظام

وفي ظل غياب الدولة المركزية، ظهرت مبادرات محلية لمحاولة فرض النظام، إذ تعمل بعض الفصائل المسلحة على تشكيل لجان أمنية مؤقتة، لكن هذه الجهود تُقابل بتحديات كبيرة.
يوضح الناشط الزعبي أن "هذه اللجان تفتقر إلى التدريب والتمويل، كما أنها تفتقر إلى الحيادية لأن أغلبها مرتبط بفصائل مسلحة ذات أجندات مختلفة."
إضافة إلى ذلك، فإن انعدام التنسيق بين المناطق والفصائل يزيد من صعوبة تطبيق أي حلول فعالة.

هل من حلول مستدامة؟

يرى المحلل السياسي عامر ملحم، أن الحلول المؤقتة ليست كافية لمواجهة هذه الأزمة.

بسبب الوضع الأمني والإرهاب..أمريكا تدعو رعاياها إلى مغادرة سوريا - موقع 24طالبت الخارجية الأمريكية مواطنيها، اليوم الإثنين، بمغادرة سوريا، لأن الوضع الأمني في البلاد لا يزال متقلباً وغير قابل للتنبؤ.

وأضاف ملحم :" هناك حاجة ماسة إلى إنشاء أجهزة أمنية مستقلة وغير مرتبطة بالفصائل، تعمل على إعادة بناء الثقة في القانون والنظام. كما أن المجتمع الدولي قد يضطلع بدور محوري في دعم مبادرات محلية تهدف إلى إعادة تأهيل المجرمين وتوفير فرص دمجهم في المجتمع".
ومع ذلك، يظل هذا السيناريو بعيد المنال في ظل انعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي، "بدون دعم خارجي وهيكلية وطنية واضحة، سنبقى في دوامة الفوضى"، وفق الزعبي حديثه.
وأعلنت ‏وزارة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال السورية فتح باب الانتساب لإدارة الأمن العام عبر الالتحاق بكلية الشرطة.

مقالات مشابهة

  • وجهاء "الساحل" يطالبون قيادة سوريا الجديدة بوقف التجاوزات
  • من سوريا الأسد إلى سوريا الحرة.. نحو استعادة الهوية الوطنية
  • اكتشاف أكثر من 12 مقبرة جماعية جنوبي سوريا
  • هل باع ضباط الأسد فيديوهات تعذيب المعتقلين عبر الإنترنت المظلم؟
  • برحيل الأسد تزداد خطورة عودة داعش
  • مجرمون بلا قيود.. تحديات الأمن في سوريا بعد الأسد
  • شهادة للتاريخ .. عن سوريا في عهد الرئيس حافظ الأسد
  • صور الأسد بعد سقوطه.. ما سر تكرار الظهور بملابس داخلية؟
  • صحف عالمية: وحشية نظام الأسد تتكشف ومعضلة المختفين بسجونه مستمرة
  • الاحتلال الإسرائيلي يشن أكثر من 60 غارة على سوريا خلال أقل من 5 ساعات