بين الإرهاب وموجات اللاجئين.. الجزائر تعلن مبادرة جديدة لحلحلة أزمة النيجر
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
منذ بداية أزمة النيجر والوسطاء يحاولون بقدم وساق من أجل حلها حقنًا لإراقة الدماء، ومنع المزيد من الزعزعة الناجمة عن الصراعات، لذلك تسابق الجزائر الزمن لإفشال أي مخطط للتدخل العسكري في النيجر، خوفًا من تداعيات هذا التدخل، لا سيما فيما يتعلق بملف الإرهابيين وموجات اللاجئين، والذي من شأنه أن يعطل مشروعها الاقتصادي المتمثل في الغاز.
مبادرة جزائرية
وفي سياق متصل، قال أحمد عاطف وزير الخارجية الجزائري، إن الجزائر تقترح مبادرة جديدة لحلحلة الأزمة السياسية في النيجر تتضمن فترة انتقالية مدتها ستة أشهر بقيادة مدني، وذكر أنه سيتم عرض المبادرة على المجتمع الدولي لحشد الدعم لها.
وأضاف عاطف أن الجزائر تؤكد أن الرئيس المعزول محمد بازوم هو الرئيس الشرعي للبلاد والدعوة إلى تمكيينه وممارسة مهامه من جديد، ولعبت الجزائر دورًا كببرًا في مختلف الانقلابات التي شهدتها النيجر، وأن الجزائر صد أي تدخل عسكري ولن تفتح مجالها الجوي لهذه التدخلات.
علاقات اقتصادية كبرىوتجمع الجزائر بالنيجر حدود يصل طولها إلى ألف كم، ومصالح اقتصادية وأمنية مشتركة باعتبارها دولة جوار، لذلك فأن أي قلق في النيجر سيؤثر بشكل كبير على الجزائر.
وأفصحت وزارة الخارجية في الجزائر عن موقفها الرسمي تجاه الأزمة، حيث أنها تتابع الوضع بقلق بالغ، وأدانت الجزائر الانقلاب.
ودعت الجزائر إلى التمسك بالمبادىء الأساسية التي توجه العمل الجماعي للدول الإفريقية داخل الاتحاد الإفريقي، بما في ذلك الرفص القاطع للتغيرات غير الدستورية للحكومات، ونوهت أن المنطقة تواجه أزمات متعددة ذات حدة غير مسبوقة.
وجمع الجزائر والنيجر في إبريل الماضي اتفاقًا لتيسير دوريات مشتركة على الحدود، وذلك لمواجهة التهديدات الأمنية التي تشمل الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية، وجاء هذا الاتفاق مع تناني أنشطة المنظمات الإرهابية في المنطقة، وقيام مثل هذا الصراع قد يعطل هذه المصالح أو يهددها.
مشروع اقتصادي مُهددوتخشى الجزائر من أن تؤدي عملية الانقلاب في النيجر إلى نشر الاضطرابات فيها، خاصة وأن الأمور في النيجر قد تنزلق إلى منحدر يصعب التنبؤ به، مما قد ينطوي أيضًا على تداعيات أمنية مثل تصاعد الإرهاب في جوار النيجر، لا سيما مالي وبوركينا فاسو.
وأثارت مسألة الهجرة غير النظامية قلق الجزائر، لأن أي اضطرابات في النيجر قد تكون بابًا لموجات جديدة من المهاجرين، لذلك فأن الجزائر لا تريد أن ترى نفسها في وضع مؤسف يهدد استقرارها ويسمح بتدفق المهاجرين إلى أراضيها، وتوجس الجزائر خيفة من أن تمتد عملية شد وجذب بين أطراف دولية لديها حساباتها التي لا تراعي مصالح النيجر أو مصالح دول المنطقة بشكل عام.
وعلى الصعيد نفسه، فإن هناك مشروع ضخم نحو العمق الإفريقي يمر بالجارة الجنوبية، النيجر، وهناك مصالح عُليا بين الطرفين تتمثل في اتفاق شركة " سوناطراك" الجزائرية وحكومة النيجر للتنقيب عن البترول شمالي الأخيرة، وأن المشروع الضخم الذي تراهن عليه الجزائر وكل دول المنطقة، هو أنبوب الغاز عابر للصحراء، ويمتد من نيجيريا مرورًا بالنيجر وصولا بالجزائر، ومنها إلى أوروبا.
وتدخل الجزائر مصالحها في عين الاعتبار، مشيرة إلى أن من يأتي في السلطة إلى النيجر لديه حسابات، ولا يمكن أن يتصور أن يذهب قادة الإنقلاب نحو اختيارات قد تسقط هذه المصالح الكبرى بين البلدين.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: النيجر العمل الجماعي وزارة الخارجية الرئيس المعزول المجتمع الدولي البترول الاقتصاد وزير الخارجية الدستورية انقلابات النظامي مشروع ضخم فی النیجر
إقرأ أيضاً:
جدل في الجزائر بعد تغييرات جديدة على رأس المؤسسة العسكرية
منذ تعيينه قبل أيام وزيرا منتدبا لدى وزير الدفاع الوطني بالإضافة لرئاسة أركان الجيش الوطني الشعبي في الجزائر، بدأ الجنرال السعيد شنقريحة حركطة تغييرات في المناصب القيادية في المؤسسة العسكرية، أثارت جدلا في الأوساط السياسية والعسكرية.
وبينما أكد الفريق أول السعيد شنقريحة أن هذه التغييرات في المناصب القيادية تأتي ضمن المسار الطبيعي لوزارة الدفاع الجزائرية، فقد رآها نشطاء سياسيون تأتي في سياق صراع محتدم بين أجنحة الحكم في الجزائر.
واليوم أشرف الفريق أول السعيد شنقريحة الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، على مراسم التنصيب الرسمي للواء ناصر الدين فضيل قائدا للناحية العسكرية الثالثة ببشار.
وأمس الأربعاء أشرف شنقريحة، على مراسم التنصيب الرسمي لقائد القوات البرية الجديد اللواء مصطفى سماعلي، خلفا للواء عمار عثامنية.
وجاء هذا التنصيب بعد أقل من يومين من تعيين الرئيس عبد المجيد تبون شنقريحة وزيرا منتدبا لدى وزير الدفاع ـ (الذي يشغله تبون) ـ مع احتفاظ شنقريحة برئاسة أركان الجـيش الجزائر، وذلك في التعديل الحكومي الذي أجراه الرئيس الجزائري أول أمس. واعتبر تعيين شنقريحة في هذا المنصب تطورا لافتا.
عرف تقليديا في الجيش الجزائري أن قائد القوات البرية هو من يتولى رئاسة الأركان في حالة شغور هذا المنصب لأي سبب
وعرف تقليديا في الجيش الجزائري أن قائد القوات البرية هو من يتولى رئاسة أركان الجيش في حالة شغور هذا المنصب لأي سبب.
وحسب بيان وزارة الدفاع، جرت مراسم التنصيب بمقر قيادة القوات البرية الشهيد يدوش مراد.
قال شنقريحة في كلمته، "حرصت شخصيا على جعل من هذا التداول على الوظائف والمناصب تقليدا متواصلا وثقافة سائدة ينبعث من خلالها نفس جديد بين الصفوف وديناميكية متجددة لاسيما على ضوء التحولات المتسارعة التي تشهدها منطقتنا والتي تحمل في طياتها تحديات أمنية مستجدة وتهديدات أكثر تعقيدا تستوجب منا التكيف معها باستمرار".
كما حذّر مما أسماه "الأصوات والأبواق التي تُحاول من خلال تأويلات وتحليلات خاطئة إثارة الشك والبلبلة في أوساط الراي العام الوطني"، مؤكدا عزم الجزائر "بفضل أبنائها المُخلصين على الحفاظ على سيادتها ووحدتها الوطنية والتصدي بحزم لكل الأعمال العدائية التي تستهدف كيان الدولة الوطنية ورموزها".
وفي لندن أكد القيادي في حركة "رشاد" المعارضة الديبلوماسي الجزائري السابق محمد العربي زيتوت، أن الفريق شنقريحة يتخوف من جدية ولاء اللواء عمار عثامنية للمؤسسة العسكرية، خصوصا أنه التقى سريا بجناحي المخابرات والرئاسة، على نحو يجعله الشخصية الأكثر ترشيحا لخلافته.
وقال زيتوت: "كان شنقريحة يخشى أن جماعة المخابرات أو الرئاسة قد يقلبون رأيه ويستعملونه، وأنه شخصية تنفيذية قليلة الخبرة، ويمكن استخدامه، ولذلك تم استبداله بالجنرال مصطفى سماعلي وهو كبير في السن، وهو من الناحية المهنية أفضل ما بقي من الجنرالات الموجودين الآن.. خصوصا بعد المعارك الطاحنة التي أودت بكثير من الجنرالات إلى السجون، وجزء منهم سجنه شنقريحة نفسه".
وأضاف: "لقد التقى سماعلي مع شنقريحة مرتين، مرة أولى في العام 2003، حين كان شنقريحة مسؤولا على الفرقة الأولى التي كانت في البويرة، وهذا يعني أن سماعلي لم يشارك في المجازر التي قام بها شنقريحة في تسعينيات القرن الماضي، وفي 2018 حيث عين شنقريحة سماعلي في بشار كقائد للناحية العسكرية الثالثة".
وأشار زيتوت إلى أن السبب الرئيس لتعيين شنقريحة للجنرال مصطفة سماعلي قائدا للقوات البرية، هو أن هذا الأخير أثبت بعد توليه رئاسة الناحية العسكرية الثالثة خلفا لشنقريحة، أنه وفي له، حيث أنه ورث عن شنقريحة حالات فساد كبيرة لكنه رفض الكشف عنها وإعطائها لوزير الدفاع السابق قائد صالح.
وفي رد على الهجوم الذي شنه الفريق أول السعيد شنقريحة الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، على ما أسماه بالأبواق في الخارج واتهامها ببث أخبار خاطئة هدفها إثارة البلبلة، قال زيتوت: "لقد تحدثنا عن وجود 44 جنرال في السجن، وأسماؤهم خرجت في الصحافة الجزائرية المحلية، وتحدثنا أيضا عن توجه السعيد شنقريحة لإحداث تغييرات كبرى في المناصب القيادية في المؤسسة العسكرية، وذكرنا الأسماء التي تم تعيينها بالفعل.. فهل هذه إثارة للفتنة أم تنوير للرأي العام؟"، وفق تعبيره.
من جهته رأى الإعلامي الجزائري محمد بشوش، في تعليق له في برنامجه "خارج الصندوق"، الذي تبثه قناة "المغاربية" أن الإجراءات التي أقدم عليها السعيد شنقريحة تشير إلى نوعية الصلاحيات الجديدة التي حصل عليها تحت "القبعة السياسية".
وقال: "تحت "القبعة السياسية"، انطلق شنقريحة "الوزير المنتدب" في تغيير هياكل المؤسسة العسكرية بدءا بتعيين اللواء مصطفى سماعلي قائدا جديدا للقوات البرية خلفا للواء عمار عثامنية، بمرسوم كان قد تم التوقيع عليه من قبل الرئيس تبون قبل أسبوع كامل".
واعتبر بشوش هذه التعديلات بداية لعنوان سياسي جديد للحكم العسكري في الجزائر.
أما صحيفة "الشروق" الجزائرية في الداخل فقد اعتبرت أن حظوة الفريق أول، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، السعيد شنقريحة، بمنصب وزاري وفق التعديل الحكومي الذي أجراه رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، في حكومته الأولى من عهدته الرئاسية الثانية، ستتيح للفريق أول، السعيد شنقريحة، ممارسة صلاحيات سياسية وعسكرية واسعة، كونه يحوز على عضوية الحكومة، كما أنه سيتم تفويضه بجزء من صلاحيات وزير الدفاع الوطني، من خلال التمثيل في اجتماعات الحكومة واقتراح مخططات التحويل والترقية والتعيين في مختلف المناصب، وتمثيل وزارة الدفاع الوطني في اللقاءات المتعلقة بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية حول الأسلحة المختلفة، الاتصالات السلكية واللاسلكية والفضاء والأجهزة الحسّاسة.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها نشرته يوم الإعلان عن التعديل الوزاري الجديد، أن المؤسسة العسكرية حققت في ظل عهدة الوزير المنتدب لدى وزارة الدفاع الوطني، الفريق أول السعيد شنقريحة، أشواطا عملاقة في سبيل تطوير المنظومة الدفاعية، انطلاقا من كونه ركيزة أساسية في صون السيادة الوطنية والحفاظ على أمن وسلامة ووحدة التراب الوطني.