«صلاح أبوسيف علّمنى كيفية كتابة السيناريو فى أول فيلم اشتركنا فيه معاً وهو عنتر وعبلة، وعرفت منه كيف أقسّم السيناريو إلى نقاط، بمعنى أننى بدأت معه خطوة خطوة، حتى عرفت أسرار هذا العمل من الألف إلى الياء»، كان هذا اعترافاً من «أديب نوبل» بفضل المخرج صلاح أبوسيف عليه، فى كلمة أخيرة نشرها الأول ينعى الأخير فى مجلة الهلال بعدد أغسطس 1996.

كان «نجيب» سابقاً إلى السينما، أول أديب يكتب لها، وبدأ بمغامرات عنتر وعبلة، فكتب سيناريو الفيلم عام ١٩٤٥، وتبعه بكتابة سيناريو فيلم «المنتقم»، وعُرض الفيلمان عامى 1947 و1948، ثم واصل كتابة السيناريو بصفة شبه منتظمة، الأمر الذى أخذه من الرواية، خصوصاً بعد ثورة 1952، ومع عام 1960 بدأت رواياته وقصصه الأدبية تتحول إلى أفلام يجرى عرضها بشكل منتظم، وأولها «بداية ونهاية» عام 1960.

دخلت بعد ثورة 52 فى صمت عن «الرواية» لمدة 5 سنوات لصالح الكتابة السينمائية

وفى حوار معه بجريدة الأهرام فى 6 ديسمبر 1996، قال نجيب محفوظ إنه بعد قيام «ثورة 52» وجد أن الرغبة فى الكتابة لديه قد ماتت: «كنت أفسرها بأن الثورة قد حققت آمالنا، وصححت ما كنا نكتب عنه من أخطاء، وأنها فى السبيل لتحقيق ما ننشده من عدل ورخاء، لكن مدة الصمت هذه طالت لأكثر من 5 سنوات، وفى هذه السنوات انشغلت فى كتابة السيناريو، بدلاً من كتابة الرواية، فكتبت عنتر وعبلة، والمنتقم، ولك يوم يا ظالم، وريا وسكينة».

يتابع «محفوظ»: «كان صلاح أبوسيف قد طلب منى أن أكتب السيناريو، ولم أكن أعرف وقتها ماذا يعنى، فشرح لى الفكرة وأعطانى بعض الكتب، ووجدت فى هذا العمل عزاءً نفسياً عن موت رغبتى فى الكتابة الروائية، وهناك صلة كبيرة بين العملين، فكلاهما إبداع وصنعة، مثل معالجة الشخصيات وعمل الحبكة والحوار، وغيرها..».

والحقيقة أن علاقة «نجيب» بالسينما، وولعه بها، قد بدآ مبكراً جداً كمتفرج، قبل أن ينتقل إلى مقاعد صُنَّاعها، وقد قال عن تلك المرحلة: «كنت ما أزال فى الخامسة من عمرى عندما دخلت سينما الكلوب المصرى فى خان جعفر المقابل لمسجد سيدنا الحسين، ومنذ اللحظة الأولى عشقت السينما وواظبت على الذهاب إليها مع الشغالة، حيث كانت أمى ترسلها معى، وتظل ملازمة لى حتى انتهاء العرض، ثم تصحبنى إلى المنزل، وكانت كلمة النهاية على آخر الشريط من أشقى اللحظات على نفسى».

عشق الطفل «نجيب» السينما، وكان أكثر ما يُعرض فى طفولته أفلام شارلى شابلن، إلى أن قرر يوماً شراء سينما بدائية فى بيته، وكان يحتاج لتشغيلها إلى فرش ملاءة بيضاء على الحائط، ثم توجيه عين العلبة نحوها بعد أن ثبت شريطاً لفيلم عن رعاة البقر، ثم وضع شمعة مشتعلة فى المكان المخصص لها، ليبدأ بعدها تتابع الصور الصامتة فى آلة العرض البدائية، ولتبدأ رحلته مع السينما وعشقه لها.

السينما العالمية لم تنصفه والمكسيكية قدمت له «بداية ونهاية» و«زقاق الأحلام»

ومن حب «محفوظ» للسينما، إلى المشاركة فى صناعتها بالرواية والسيناريو وكتابة القصة، انتقل «أديب نوبل» إلى العالمية، فكان أول أديب مصرى تخرج رواياته إلى السينما العالمية، إذ قدمت السينما المكسيكية له، بعد حصوله على «نوبل»، فيلم «زقاق المدق»، الذى عُرض فى مهرجان برلين السينمائى الدولى بعنوان «زقاق الأحلام» أو «زقاق المعجزات» ولعبت فيه الفنانة سلمى حايك دور «حميدة»، مع اختلاف المعالجة المكسيكية للفيلم، ثم قدمت بعده كذلك السينما المكسيكية فيلم «بداية ونهاية».

كان الكثير من النقاد والأدباء يتوقعون أن يحظى «محفوظ» بمساحة أكبر فى السينما العالمية، تضاهى عالمية نوبل، كما حدث مع غيره ممن سبقوه إلى الجائزة، ومنهم الناقد الفنى عبدالنور خليل، الذى نشر مقالاً له بعنوان «نجيب الفن السابع» فى مجلة الهلال عدد ديسمبر 2005 قائلاً: «أعترف أن أملى قد خاب فى السينما العالمية، فعندما فاز محفوظ بنوبل فى الأدب أملت وحلمت بأن تعامله السينما العالمية بنفس المنطق الذى تعاملت به مع أديب سبقه للفوز بالجائزة هو جارسيا ماركيز، الذى شقت له السينما العالمية طريقاً ممهداً لتقديم رواياته فى أفلام عالمية ضخمة».

لم تلقَ روايات «محفوظ» رواجاً كما تستحق فى السينما العالمية، غير أنها راجت وتعاظمت محلياً وعربياً، حتى أصبح صاحبها ماكينة كتابة لا تهدأ ولا تتوقف، وكان أكثر الأدباء المصريين أعمالاً فى السينما، سواء برواياته التى تحولت إلى أفلام، أو الأفلام التى كتب لها السيناريو، أو شارك فى كتابته، أو التى كتب قصتها، عشرات الأعمال حملت اسمه على «أفيشاتها»، إلى جانب أعظم المخرجين، وعلى رأسهم صلاح أبوسيف وكمال الشيخ وعاطف سالم ويوسف شاهين وحسام الدين مصطفى، ارتبطت أعماله بالمجتمع المصرى، رصدت الناس وغاصت فى دقائقهم، اتسمت بالشعبية، كانت حُبلى بالرمزية، وبالنقد الاجتماعى والسياسى والفكرى، وكانت نموذجاً للحبكة الدرامية، وبناء العمل الفنى.

ومجدداً اتخذ «محفوظ» لنفسه مكاناً جديداً فى صناعة السينما، إذ ارتبطت وظيفته بها هذه المرة بشكل مباشر، منذ عام 1959، حيث عمل مديراً للرقابة على المصنفات السينمائية، ثم مديراً لمؤسسة دعم السينما، ثم مستشاراً لوزير الثقافة لشئون السينما، إلى أن أُحيل للمعاش سنة 1971.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: نجيب محفوظ أديب نوبل السینما العالمیة فى السینما

إقرأ أيضاً:

الأونروا: إسرائيل تقتل طفلاً في غزة كل ساعة

شمسان بوست / متابعات:

كشفت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، اليوم الثلاثاء، عن مقتل طفل فلسطيني كل ساعة في قطاع غزة، على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وأكدت الأونروا في بيان لها، أن عدد الأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بلغ 14500 طفل في غزة، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”.

وأشارت إلى عدم وجود مبررات لقتل هؤلاء الأطفال في قطاع غزة، الذين يخسرون حياتهم ومستقبلهم ومعظم آمالهم.

مقالات مشابهة

  • تعالى الجونة.. محمد رمضان يحتفل بالكريسماس مع نجيب ساويرس – صورة
  • المرأة ﻓﻰ ﻋﻴﻮن "ﻣﺤﻔﻮظ"
  • إيمان أيوب تكشف تفاصيل عودتها للتمثيل بعد غياب سنوات: انتظر السيناريو المناسب
  • استفادة 180 طالبا وخريجا من ورش "كتابة السيرة الذاتية" في المصنعة
  • عيد ميلاد مجيد| محمد رمضان يحتفل بالكريسماس برفقة نجيب ساويرس.. صور
  • إزالة حالتي تعد بالزينية بحري ورفع ٤٥ طن تراكمات بالأقصر
  • ما الذي يكشفه طعن نجيب محفوظ عن السلطة في مصر ؟
  • الأونروا: إسرائيل تقتل طفلاً في غزة كل ساعة
  • اليمن “الجريح” في مواجهة السعودية لمواصلة مشواره في كأس الخليج
  • وزير العمل يبحث مع رئيس المركزي للتنظيم والإدارة آليات تنفيذ سد العجز الوظيفي