«نجيب السينما»: عاشق ومتفرج طفلا وسيناريست في شبابه.. ورقيب ومسئول بختام مشواره الوظيفي
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
«صلاح أبوسيف علّمنى كيفية كتابة السيناريو فى أول فيلم اشتركنا فيه معاً وهو عنتر وعبلة، وعرفت منه كيف أقسّم السيناريو إلى نقاط، بمعنى أننى بدأت معه خطوة خطوة، حتى عرفت أسرار هذا العمل من الألف إلى الياء»، كان هذا اعترافاً من «أديب نوبل» بفضل المخرج صلاح أبوسيف عليه، فى كلمة أخيرة نشرها الأول ينعى الأخير فى مجلة الهلال بعدد أغسطس 1996.
كان «نجيب» سابقاً إلى السينما، أول أديب يكتب لها، وبدأ بمغامرات عنتر وعبلة، فكتب سيناريو الفيلم عام ١٩٤٥، وتبعه بكتابة سيناريو فيلم «المنتقم»، وعُرض الفيلمان عامى 1947 و1948، ثم واصل كتابة السيناريو بصفة شبه منتظمة، الأمر الذى أخذه من الرواية، خصوصاً بعد ثورة 1952، ومع عام 1960 بدأت رواياته وقصصه الأدبية تتحول إلى أفلام يجرى عرضها بشكل منتظم، وأولها «بداية ونهاية» عام 1960.
دخلت بعد ثورة 52 فى صمت عن «الرواية» لمدة 5 سنوات لصالح الكتابة السينمائيةوفى حوار معه بجريدة الأهرام فى 6 ديسمبر 1996، قال نجيب محفوظ إنه بعد قيام «ثورة 52» وجد أن الرغبة فى الكتابة لديه قد ماتت: «كنت أفسرها بأن الثورة قد حققت آمالنا، وصححت ما كنا نكتب عنه من أخطاء، وأنها فى السبيل لتحقيق ما ننشده من عدل ورخاء، لكن مدة الصمت هذه طالت لأكثر من 5 سنوات، وفى هذه السنوات انشغلت فى كتابة السيناريو، بدلاً من كتابة الرواية، فكتبت عنتر وعبلة، والمنتقم، ولك يوم يا ظالم، وريا وسكينة».
يتابع «محفوظ»: «كان صلاح أبوسيف قد طلب منى أن أكتب السيناريو، ولم أكن أعرف وقتها ماذا يعنى، فشرح لى الفكرة وأعطانى بعض الكتب، ووجدت فى هذا العمل عزاءً نفسياً عن موت رغبتى فى الكتابة الروائية، وهناك صلة كبيرة بين العملين، فكلاهما إبداع وصنعة، مثل معالجة الشخصيات وعمل الحبكة والحوار، وغيرها..».
والحقيقة أن علاقة «نجيب» بالسينما، وولعه بها، قد بدآ مبكراً جداً كمتفرج، قبل أن ينتقل إلى مقاعد صُنَّاعها، وقد قال عن تلك المرحلة: «كنت ما أزال فى الخامسة من عمرى عندما دخلت سينما الكلوب المصرى فى خان جعفر المقابل لمسجد سيدنا الحسين، ومنذ اللحظة الأولى عشقت السينما وواظبت على الذهاب إليها مع الشغالة، حيث كانت أمى ترسلها معى، وتظل ملازمة لى حتى انتهاء العرض، ثم تصحبنى إلى المنزل، وكانت كلمة النهاية على آخر الشريط من أشقى اللحظات على نفسى».
عشق الطفل «نجيب» السينما، وكان أكثر ما يُعرض فى طفولته أفلام شارلى شابلن، إلى أن قرر يوماً شراء سينما بدائية فى بيته، وكان يحتاج لتشغيلها إلى فرش ملاءة بيضاء على الحائط، ثم توجيه عين العلبة نحوها بعد أن ثبت شريطاً لفيلم عن رعاة البقر، ثم وضع شمعة مشتعلة فى المكان المخصص لها، ليبدأ بعدها تتابع الصور الصامتة فى آلة العرض البدائية، ولتبدأ رحلته مع السينما وعشقه لها.
السينما العالمية لم تنصفه والمكسيكية قدمت له «بداية ونهاية» و«زقاق الأحلام»ومن حب «محفوظ» للسينما، إلى المشاركة فى صناعتها بالرواية والسيناريو وكتابة القصة، انتقل «أديب نوبل» إلى العالمية، فكان أول أديب مصرى تخرج رواياته إلى السينما العالمية، إذ قدمت السينما المكسيكية له، بعد حصوله على «نوبل»، فيلم «زقاق المدق»، الذى عُرض فى مهرجان برلين السينمائى الدولى بعنوان «زقاق الأحلام» أو «زقاق المعجزات» ولعبت فيه الفنانة سلمى حايك دور «حميدة»، مع اختلاف المعالجة المكسيكية للفيلم، ثم قدمت بعده كذلك السينما المكسيكية فيلم «بداية ونهاية».
كان الكثير من النقاد والأدباء يتوقعون أن يحظى «محفوظ» بمساحة أكبر فى السينما العالمية، تضاهى عالمية نوبل، كما حدث مع غيره ممن سبقوه إلى الجائزة، ومنهم الناقد الفنى عبدالنور خليل، الذى نشر مقالاً له بعنوان «نجيب الفن السابع» فى مجلة الهلال عدد ديسمبر 2005 قائلاً: «أعترف أن أملى قد خاب فى السينما العالمية، فعندما فاز محفوظ بنوبل فى الأدب أملت وحلمت بأن تعامله السينما العالمية بنفس المنطق الذى تعاملت به مع أديب سبقه للفوز بالجائزة هو جارسيا ماركيز، الذى شقت له السينما العالمية طريقاً ممهداً لتقديم رواياته فى أفلام عالمية ضخمة».
لم تلقَ روايات «محفوظ» رواجاً كما تستحق فى السينما العالمية، غير أنها راجت وتعاظمت محلياً وعربياً، حتى أصبح صاحبها ماكينة كتابة لا تهدأ ولا تتوقف، وكان أكثر الأدباء المصريين أعمالاً فى السينما، سواء برواياته التى تحولت إلى أفلام، أو الأفلام التى كتب لها السيناريو، أو شارك فى كتابته، أو التى كتب قصتها، عشرات الأعمال حملت اسمه على «أفيشاتها»، إلى جانب أعظم المخرجين، وعلى رأسهم صلاح أبوسيف وكمال الشيخ وعاطف سالم ويوسف شاهين وحسام الدين مصطفى، ارتبطت أعماله بالمجتمع المصرى، رصدت الناس وغاصت فى دقائقهم، اتسمت بالشعبية، كانت حُبلى بالرمزية، وبالنقد الاجتماعى والسياسى والفكرى، وكانت نموذجاً للحبكة الدرامية، وبناء العمل الفنى.
ومجدداً اتخذ «محفوظ» لنفسه مكاناً جديداً فى صناعة السينما، إذ ارتبطت وظيفته بها هذه المرة بشكل مباشر، منذ عام 1959، حيث عمل مديراً للرقابة على المصنفات السينمائية، ثم مديراً لمؤسسة دعم السينما، ثم مستشاراً لوزير الثقافة لشئون السينما، إلى أن أُحيل للمعاش سنة 1971.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: نجيب محفوظ أديب نوبل السینما العالمیة فى السینما
إقرأ أيضاً:
العدل: 1,4 مليون عملية عبر ”كتابة العدل الافتراضية“ في 2024 بنمو 60%
كشفت وزارة العدل عن تحقيق خدمة ”كتابة العدل الافتراضية“ قفزة نوعية في حجم العمليات المنجزة خلال العام الماضي 2024، حيث تجاوز إجمالي عدد العمليات التوثيقية التي أجريت عبر الخدمة من خلال منصة الوزارة للخدمات الإلكترونية ”ناجز“ أكثر من 1,4 مليون عملية.
وأوضحت الوزارة أن هذا الرقم يمثل نسبة نمو لافتة بلغت 60% مقارنة بإجمالي العمليات التي تمت خلال العام 2023، مما يعكس الإقبال المتزايد من المستفيدين على الخدمة التي عززت بشكل كبير جودة الخدمات المقدمة وسهولة الحصول على جميع أنواع التوثيقات عن بعد دون الحاجة لمراجعة المقرات العدلية.
أخبار متعلقة إدارات التعليم تؤكد على الانضباط المدرسي واستكمال المناهجاقتلاع أشجار وقطع مسيجات.. ضبط 8 أشخاص لمخالفتهم نظام البيئةوتصدر مسار ”الحالات الاجتماعية“ قائمة الخدمات الأكثر استخداماً خلال 2024 بأكثر من 500 ألف عملية توثيق، تلاه مسار ”عقود الزواج“ بأكثر من 260 ألف عملية، ثم مسار ”العقارات“ الذي سجل أكثر من 220 ألف عملية، فيما بلغ مسار ”الوكالات والإقرارات“ أكثر من 110 آلاف عملية توثيق خلال نفس العام.
منهجية إلكترونية موحدة
وتعمل خدمة ”كتابة العدل الافتراضية“ وفق منهجية إلكترونية موحدة تضمن معالجة التحديات السابقة وتعزيز حوكمة كافة الإجراءات، مما يمكن الأفراد والمنشآت من الاستفادة من خدمات التوثيق المتنوعة التي تشمل الوكالات، والإقرارات، والعقارات، والحالات الاجتماعية، بسهولة ويسر عبر القنوات الرقمية المتاحة على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، الأمر الذي يختصر عليهم الكثير من الوقت والجهد.
ويمكن للمستفيدين الاستفادة من خدمة كتابة العدل الافتراضية عبر منصة ”ناجز“ بخطوات رقمية بالكامل، تبدأ بتسجيل الدخول عبر النفاذ الوطني الموحد، ثم اختيار ”خدمات التوثيق“ من الواجهة الرئيسية، ومنها اختيار ”كتابة العدل الافتراضية“.
ويقوم المستفيد بتعبئة النموذج التوثيقي المطلوب وإرساله ليتم تدقيقه من قبل فريق مختص بالوزارة. وتكتمل العملية بمصادقة الأطراف المعنية على النموذج عبر رمز التحقق المرسل من خلال نظام ”أبشر“، لتصدر بعدها الوثائق المطلوبة بشكل رقمي آمن وموثوق.