ماذا وراء الحركة غير العادية للقوات الأميركية على الحدود العراقية السورية؟
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
ثمة حركةٌ غير اعتياديةٍ لطائرات شحن عسكرية أميركية في قاعدة عين الأسد العراقية بناحية البغدادي بمحافظة الأنبار، بحسب ما يقول سكان المنطقة.
وبحسب السكان أيضا، فإنه كلما زاد هبوط الطائرات الأميركية، زاد اختفاء الميليشيات العراقية التابعة لإيران من شوارع المنطقة المجاورة للقاعدة العسكرية.
فماذا يجري هناك قرب الحدود العراقية-السورية؟ وهل تسعى واشنطن إلى قطع "الهلال الإيراني" من طهران إلى بيروت؟.
برنامج "عاصمة القرار" من قناة "الحرة" ناقش هذه المسألة مع ضيفيه: جويل رايبرن، مؤسس ومدير المركز الأميركي لدراسات بلاد المَشرِق، المبعوث الأميركي الخاص السابق لسوريا، وجوناثان لورد، مدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الأميركي الجديد.
كما شارك في جزء من الحوار من بغداد، حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء العراقي، ورامي عبد الرحمن، مدير المركز السوري لحقوق الإنسان من بريطانيا، والبرلماني العراقي السابق عمر عبد الستار محمود، من إسطنبول.
شائعات معروفة المصدر والغرضوفقاً لتقارير إخبارية، فإن القوات العسكرية الأميركية المتمركزة في قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار بغرب العراق، تخطط لإغلاق الحدود الطويلة بين العراق وسوريا، كما يرسل الجيش الأميركي قوافل جديدة من الشاحنات العسكرية التي تنقل الأسلحة والإمدادات اللوجستية من العراق، إلى محافظة الحسكة في سوريا .
وتضيف التقارير أن القوات الأميركية المتمركزة في القاعدة العسكرية ذات الموقع الاستراتيجي في منطقة التنف السورية، تتلقى قوافل متعددة من المعدات العسكرية من قاعدة عين الأسد، لتنفيذ برنامج سري في المنطقة.
صمت واشنطن وبغداد بشأن الموضوع، لم يقطعه سوى النفي.
ويقول بات رايدر، المتحدث باسم البنتاغون: "ليس هناك أيّ تغيير كبير في وضع القوات التي تواصل مهمة هزيمة داعش في سوريا. كان هناك بعض التقارير غير الدقيقة القادمة من المنطقة تشير إلى أن القوات الأميركية منخرطة بشكل ما في تأمين الحدود بين العراق وسوريا. هذا الأمر غير صحيح. ليس هناك أي تأمين للحدود فنحن لا نوفر أمن الحدود وهذا الدور يعود للحكومة العراقية".
"إنها مجرد شائعات" على حد تعبير اللواء ماثيو ماكفرلين، قائد قوات التحالف الدولي في سوريا والعراق.
ويشدد الكاتب الأميركي، جاريد زوبا، على أن "البنتاغون يراقب عن قرب زيادة التعاون الإيراني الروسي في سوريا، وفي منطقة الحدود العراقية السورية خاصة، لا سيما بعد التحرشات الروسية بالقوات الأميركية في قاعدة التنف مؤخراً.
ويختم بالقول: إنه من شبه المؤكد أن التحرك الأميركي العلني في البوكمال - التي تسيطر عليها قوات النظام السوري، سيؤدي إلى تصعيد كبير".
يتمنى جويل رايبرن أن تكون التحركات العسكرية الأميركية صحيحة، لكنها حسب ما يقول "مجرد شائعات. على واشنطن ردع النظام السوري والميليشيات الإيرانية، لكن هذا لا يحدث الآن. إنها شائعات غير صحيحة، وربما أطلقتها أجهزة دعائية تابعة لمجموعات متشددة في المنطقة. وربما يروج لها النظام الإيراني وميليشياته في العراق".
ويتفق جوناثان مع رأي لورد على أن هذه "مجرد شائعات غير صحيحة، وإنه لا تغيير في التموضع العسكري الأميركي. وفي كل سنة مثل هذا الوقت يتم التبديل الدوري للقادة العسكريين لمهمة العزم الصلب لمواجهة داعش. وفي هذا الإطار، سيحل اللواء فاويل هذا الأسبوع محل اللواء ماكفرلين قائدا لقوات التحالف الدولي في سوريا والعراق، وهذا شيء روتيني".
ويضيف جوناثان لورد: "ليس هناك وجود عسكري أميركي في القائم أو البوكمال. هناك وجود عسكري أميركي فقط في التنف، وفي المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا دعماً لقوات سوريا الديمقراطية.
ويشدد جويل رايبرن على أن "الوجود العسكري الأميركي في العراق وسوريا يركز على المهمة ضد داعش والمجموعات الإرهابية فقط".
ويقول حسين علاوي: "هذه بروباغاندا (دعاية) إعلامية واضحة جدا، الغرض منها تحدّي العلاقات العراقية الأميركية، خاصة بعد نجاح زيارة الوفد العراقي لواشنطن مؤخراً. إن ما جرى مؤخراً على الأرض هو تبديل روتيني في البعثة الاستشارية الأميركية التدريبية داخل القواعد العسكرية العراقية".
ويرى رامي عبد الرحمن أن "هناك توتراً مستمراً بين ضفتي الفرات الشرقية والغربية، بين مناطق انتشار قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف في شرق الفرات، وميليشيات إيران التي تحشد غرب الفرات على الحدود السورية العراقية. وإن النظام السوري يريد الهرب من فشله في حلّ المشكلات الداخلية عن طريق إلقاء اللوم كله على القوات الأميركية، وربما مهاجمة مناطق شرق الفرات، وإيران ليست بعيدة عن هذا التوجه".
ويقول البرلماني العراقي السابق عمر عبد الستار محمود إن هناك انشطارا ولائيا في العراق بين ميليشيات إيران. والولايات المتحدة تركز على علاقة إيران وميليشياتها مع روسيا. وإن واشنطن تريد استئصال العلاقات الإيرانية الروسية، وهذه ورقة تفاوضية أميركية مع إيران".
الشائعات وتظاهرات السويداءيقول جويل رايبرن إن هذه "الشائعات مرتبطة بالتظاهرات ضد النظام السوري، وبالأزمة الاقتصادية في سوريا. لكن السوريين يعرفون أن بشار الأسد ونظامه مسؤولون عن دمار سوريا. وتظاهرات السويداء تقول هذا لبشار الأسد".
ويوافق جوناثان لورد على ارتباط الشائعات بشأن التحركات العسكرية الأميركية باندلاع الحراك الشعبي ضد نظام بشار الأسد، الذي قتل مليون سوري إلى الآن، والذي يبدو مستعدا لقتل مليون آخر للبقاء في السلطة. لكنه لن يستطيع تجنب تحمّل مسؤوليته عن كل مآسي سوريا والسوريين".
ويضيف رامي عبد الرحمن إن ثمة "ارتباط بين هذه الشائعات وبين تجدد التظاهرات ضد النظام في الداخل السوري. فهذا النظام غالبا ما يلجأ للإرهاب وداعش وغيرها لتأمين حشد لمناصرته. وإن الميليشيات التابعة لإيران في العراق هي من أطلقت شائعة التحركات العسكرية الأميركية على الحدود مع سوريا، من أجل تحضير الجبهة الداخلية قبل افتعال أزمة على الحدود العراقية السورية". على حد تعبير مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان.
كانت تلك أبرز الإجابات على التساؤلات بشأن هل هناك تحركات عسكرية أميركية فعلية أم مجرد شائعات عنها؟ بينما تلك المؤكد أن لهذا الموضوع فصولاً مستقبلية، فالأزمة في سوريا قد تخلط الأوراق الدولية من جديد، وتغير الحسابات الأميركية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الحدود العراقیة السوریة العسکریة الأمیرکیة القوات الأمیرکیة النظام السوری على الحدود فی العراق فی سوریا
إقرأ أيضاً:
نهاية معامل المخدرات.. حزب الله يخسر معاقله في القصير السورية
في منطقة جبلية خلابة ذات مسالك ترابيّة شديدة الوعورة قرب الحدود اللبنانية، يوعز مسؤول أمن سوري لعناصره بإطلاق النار على أقفال زنّرت باباً حديدياً لمبنى مهجور، ويقول بعد تمشيط المكان "هذه مصانع كبتاغون ومخدرات".
وأطلقت السلطات السورية الجديدة الأسبوع الماضي حملة في منطقة القصير في محافظة حمص لمكافحة التهريب عبر الحدود السورية اللبنانية المتداخلة. وتتهم تنظيم حزب الله، حليف الرئيس السابق بشار الأسد، برعاية عصابات تهريب مخدرات ونقل سلاح عبر الحدود.
في قرية حاويك على بعد مئات الأمتار من الحدود اللبنانية، يقول مدير أمن الحدود في منطقة حمص الرائد نديم مدخنة: "نبدأ الآن تمشيط المصانع التي استخدمها حزب الله وفلول النظام البائد، بعدما أصبحت المنطقة تحت سيطرة الإدارة العسكرية وإدارة أمن الحدود".
قبل اندلاع النزاع السوري، كان الآلاف من اللبنانيين يقيمون منذ عقود الى جانب السكان السوريين في منطقة القصير التي تتداخل حدودها مع منطقة البقاع الشمالي في شرق لبنان، وتضم الكثير من المعابر غير الشرعية التي كانت تستخدم منذ عقود للتهريب.
بعد اندلاع النزاع في سوريا، أقر حزب الله في نهاية أبريل (نيسان) 2013، بمشاركة مقاتليه في المعارك دعما لحكم الأسد، وتحديداً في القصير التي شكلت معقلاً بارزاً حينها للفصائل المعارضة.
وبعد أسابيع، سيطر الطرفان إثر معارك ضارية تسببت بتهجير آلاف السوريين من المنطقة، حيث أنشأ الحزب تباعا مقرات ومراكز وأنفاق ومستودعات سلاح، أعلنت إسرائيل استهدافها مراراً.
ويوضح مدخنة "في زمن النظام البائد، كانت المنطقة تعدّ الشريان الاقتصادي لحزب الله وتجار المخدرات والسلاح".
في المبنى الذي دهمه عناصر إدارة أمن الحدود، شاهد مراسلو فرانس برس أكياساً تحتوي على حبوب الكبتاغون، وعاينوا في المبنى ذاته وفي مبنى آخر معدات تستخدم وفق المسؤول الأمني في صناعة المادة المخدرة ذات الشهرة الواسعة.
وتوحي صحون الطعام المحضّر والمتروكة في مطبخ أحد هذين المبنيين على أن مستخدميه غادروه على وجه السرعة.
وما زالت المسالك الترابية المغطاة أطرافها بالثلوج، والمؤدية لهذه المنشآت تحمل آثار سواتر ترابية نصبها المهربون على عجل "لتأخير تقدمنا"، بحسب المسؤول في إدارة الحدود.
وخاضت القوات السورية في الأيام الماضية، وفق مدخنة معارك عنيفة مع مسلحين "موالين لحزب الله وفلول النظام" بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مشيراً إلى أنه "كان لديهم أيضاً راجمات صواريخ".
وتشهد الآليات المحترقة على جانب الطرقات في حاويك، والأضرار في المباني والقصور الفارهة "التي بناها تجار المخدرات في الأراضي السورية"، كما يقول سكان محليون، على ضراوة المعارك.
وإضافة إلى "تفكيك" مصانع المخدرات، يوضح مدخنة أن قواته تعمل على مكافحة أنشطة مهربي السلاح والسلع. وهم وفق السكان من حاملي الجنسيتين اللبنانية والسورية.
وتنسّق قوات الأمن السورية مع الجيش اللبناني الذي أعلن السبت تعزيز انتشاره عند الحدود الشمالية الشرقية وإيعازه لعناصره بالرد على مصادر النيران التي تطلق من الجانب السوري تجاه الأراضي اللبنانية، من دون أن يحدد مصدرها.
ويتشارك لبنان وسوريا حدودا بطول 330 كيلومتراً غير مرسمة في أجزاء كبيرة منها وخصوصاً في شمال شرق البلاد، مما جعلها منطقة سهلة للاختراق من جانب مهربين أو صيادين وحتى لاجئين.
وأقرّ الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في ديسمبر (كانون الأول) بأنّ الحزب "خسر في هذه المرحلة طريق الإمداد العسكري عبر سوريا" بعد إطاحة بشار الأسد.
بعد إطاحة الأسد وإخلاء حزب الله لمقراته في سوريا، بدأ سكان بلدة القصير العودة إليها بعد سنوات تهجير طويلة هرباً من القصف وملاحقة السلطات السابقة، وسط دمار واسع.
ينهمك حسن عامر بطلاء جدران منزله المُرمّم حديثا بمساعدة أقرانه في الحي الذي يستعيد حياته ببطء، بعدما أمضى وعائلته نحو نصف عمره لاجئا في بلدة عرسال اللبنانية القريبة من الحدود.
ويقول "خرجت من هنا صغيراً، لا أعرف كثيرا عن القصير". ويضيف بينما تتعالى حوله أصوات جيرانه وهم يرفعون الركام أو يدخلون بعض الأثاث إلى بيوتهم "هُجرنا رغما عنّا (..) لكننا عدنا في اليوم الثاني لسقوط النظام".
ولا يخفي امتعاضه من حزب الله الذي منذ العام 2013 "استوطن القصير، وحوّلها مدينة له وكان يُمنع على أهلها العودة إليها"، وجعل من مدارسها ومؤسساتها الرسمية مقاراً له.
وفي عام 2019، دعا حزب الله أهالي القصير للعودة إليها "بناء على قرار القيادة السورية ورغبة" الأهالي "من السوريين ومن اللبنانيين".
وكان محمّد ناصر مع والدته من بين محظيين قلائل أتيحت لهم العودة عام 2021، لأن "جدي المسن كان وحيداً هنا، وكنت دون الثامنة عشرة"، ما جنّبه خطر الملاحقة الأمنية، فيما بقي والده في لبنان خوفاً من الاعتقال.
ويوضح "كنا هنا مع جدي وحولنا عائلتان فقط في الحيّ (..) وكان في جوارنا عائلات من الموالين لحزب الله يقيمون في البيوت التي كانت أقل تضرراً".
ويروي سكان كثر لفرانس برس أن العديد من العائلات اللبنانية سكنت المنطقة منذ 2013، وغادرت ليلة إطاحة الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول).
ويقول محمّد، جدّ ناصر، لفرانس برس "يوم التحرير هربوا.. وبدأ أهل البلدة يأتون، في الليل، قبل أن يطلع الصباح، وكانت المساجد تكبّر".