مساعي حظر العباءة في المدارس.. هل تحذو دول أخرى حذو فرنسا؟
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
تعتزم فرنسا حظر ارتداء العباءة (العباية) - التي ترتديها مسلمات فوق الملابس العادية- في المدارس الحكومية.
تتخذ فرنسا خطوة أخرى نحو حظر الرموز والملابس التي تظهر الانتماء الديني، وتعتزم حظر ارتداء العباءة (العباية) -التي ترتديها مسلمات فوق الملابس العادية- في المدارس الحكومية.
. مجلس أوروبا يسحب حملة مؤيدة للحجاب
بعد توليه منصبه في نهاية يوليو/تموز، صرح وزير التربية الفرنسي غابرييل أتال أن الذهاب إلى المدرسة بالعباءة "مظهر ديني"، مؤكدًا أنه يريد اتخاذ إجراءات ضد ذلك.
وفي السابق، دعت نقابات المعلمين إلى اتخاذ قرار واضح بهذا الشأن مع ازدياد عدد الطالبات اللواتي يرتدين هذا الثوب في الصفوف الدراسية. ففي العام الماضي تم تسجيل نحو 4700 حالة لتلميذات يرتدين العباءة في المدارس. واحتج المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، مؤكدًا أنه لا يعتبر ارتداء العباءة مظهرًا دينيًا، كما احتج السياسيون اليساريون، لكن بدون جدوى.
التأكيد على علمانية فرنسا
وتعتبر فرنسا نفسها دولة علمانية ينبغي فيها فصل الدين عن الدولة بشكل صارم. تم سن القانون الخاص بهذا الشأن في عام 1905 وكان يهدف في الأصل إلى مواجهة تأثير الكاثوليكية.
اليوم، يرتبط فصل الدين عن الدولة في الغالب بالإسلام، حتى لو كانت نسبة المسلمين من إجمالي عدد السكان لا تزال صغيرة إلى حد ما، إذ يقدر أن نسبتهم تبلغ نحو 8 بالمائة.
ما المسموح به؟ وما الممنوع؟
دخل قانون حيز التنفيذ في فرنسا عام 1994 يحظر ارتداء الرموز الدينية الواضحة في المدارس، وتلاه في عام 2004 حظر كامل على الحجاب في المدارس. كما يُحظر استخدام "الكيباه"، وهو غطاء رأس للرجال اليهود، والصلبان المسيحية الكبيرة في الفصول الدراسية.
منذ عام 2010، يُحظر أيضًا ارتداء الحجاب الكامل مثل البرقع خارج المدرسة أيضًا. ومنذ عام 2018، يتعهد النواب الفرنسيون أيضًا بالامتناع عن استخدام الرموز التي يمكن أن تشير إلى الانتماء الديني.
وباستثناء منطقة الألزاس (الحدودية مع ألمانيا)، يُحظر ارتداء الحجاب في المباني العامة أيضًا، ولا توجد دروس دينية عامة أو عروض عيد الميلاد المسرحية التقليدية ولا يوم عطلة ثان في عيد الميلاد. كما يُسمح للشركات الخاصة أيضًا بفرض حظر على ارتداء الحجاب فيها.
ومنذ العام الماضي، لم يعد يُسمح للنساء بارتداء البوركيني، أي ملابس السباحة التي تغطي الجسم بالكامل، في حمامات السباحة العامة.
يزداد عدد الطالبات اللواتي يرتدين العباءة في المدارس الحكومية الفرنسية
علاقة ألمانيا المعقدة بالدين
وبذلك فإن فرنسا لديها على الأرجح أكثر القواعد صرامة بهذا الشأن داخل الاتحاد الأوروبي. لكن إلقاء نظرة على الدول الأوروبية الأخرى تظهر صورة غير متسقة إلى حد ما، بل إن ألمانيا تتراجع حاليًا عن موقفها (المتشدد تجاه الحجاب) – ولكن بشكل عام، لديها في الوقت نفسه علاقة أكثر تعقيدًا بالدين.
إن ألمانيا بعيدة كل البعد عن العلمانية الفرنسية، فالقانون الأساسي لا ينص على الفصل الصارم بين الدين والدولة. لكن يجب أن تكون الدولة محايدة ومتسامحة تجاه كافة الأيديولوجيات والأديان.
ومع ذلك، ترتبط الدولة والكنائس المسيحية ارتباطًا وثيقًا وتتعاونان في العديد من المجالات - على سبيل المثال في تحصيل ضرائب الكنيسة، أو في التعليم الديني في المدارس العامة أو في حماية الأعياد المسيحية.
أما عند التعامل مع الإسلام، تبدو الأمور مختلفة بعض الشيء. فالجدل حول الحجاب مستمر منذ عقود، وقد أثارته شكوى تقدمت بها المعلمة الألمانية الأفغانية فيريشتا لودين، التي مُنعت من دخول المدرسة بسبب حجابها.
فرنسا تنوي أن تحظر على الفتيات ارتداء العباءات في المدارس الحكومية.
ورغم أن الدعوى القضائية التي رفعتها في ذلك الوقت فشلت، إلا أن الوضع تغير بالنسبة للنساء المسلمات اللاتي يرتدين الحجاب منذ ذلك الحين. وبالتدريج تم تغيير لوائح الولايات الاتحادية، وكانت برلين هذا الصيف آخر ولاية تقبل توظيف المعلمات المحجبات.
ومع ذلك، فإن ارتداء الحجاب في قاعة المحكمة لا يزال محظورًا في بعض الولايات، رغم أنه لا يزال هناك صلبان في قاعات المحاكم في كثير من الحالات.
وفي بعض الأماكن تبدو الصورة غامضة، ففي ولاية شمال الراين-ويستفاليا، يوجد تعليم ديني إسلامي منذ عدة سنوات، كما يتواصل تدريس العلوم الإسلامية في الجامعات.
لكن في الوقت نفسه، لا تزال العديد من الجمعيات الإسلامية غير معترف بها بشكل رسمي كمنظمات رسمية، كما لا يزال هناك جدل حول استعانة الجيش الألماني بأئمة مسلمين لتقديم الإرشاد والنصح الديني للجنود الألمان المسلمين.
بلجيكا تحذو حذو فرنسا
وفي بلجيكا كذلك، وهي دولة تتميز أيضًا بتاريخ استعماري طويل، وتبلغ نسبة المسلمين فيها 5% من إجمالي السكان، هناك جدل حول ارتداء الرموز الدينية منذ فترة طويلة. فمنذ عام 2011، هناك حظر على ارتداء الحجاب الكامل في الأماكن العامة.
وكانت بلجيكا ثاني دولة أوروبية بعد فرنسا تحظر البرقع. ومن لا يمتثل للقانون قد يواجه حتى عقوبات بالسجن لعدة أيام. ومع ذلك، لم يعد هناك حظر عام على ارتداء الحجاب، وذلك بعد شكوى من أولياء أمور الطلاب. كما تم السماح بالبوركيني مرة أخرى بعد حكم قضائي في عام 2018.
ارتداء العباءة في المدارس الفرنسية.. انتهاك للعلمانية؟
في أي الدول الأخرى هناك حظر على الحجاب؟
وفي بلدان أخرى أيضًا، يُحظر الحجاب الكامل على الأقل، ومنها البرقع الذي يغطي الوجه، في المؤسسات التعليمية، كما هو الحال في هولندا ولوكسمبورغ والنرويج والنمسا والدنمارك.
ومن ينتهك ذلك، تفرض عليه غرامة تصل إلى 150 يورو في هولندا ودول أخرى. بالنسبة للمنتقدين، يعتبر الحظر سياسة رمزية بحتة، نظرًا لأن نسبة النساء اللاتي يرتدين البرقع صغيرة جدًا في كل مكان، ونادرًا ما يعاقب عليه في الممارسة العملية.
لكن في العديد من البلدان، لا يوجد حظر عام على الحجاب - أو حتى على العباءة - عند الذهاب إلى المدرسة. إلا أنه في هولندا، يمكن فرض الحظر في المدارس الخاصة.
وعلى غرار بلجيكا، كان هناك حظر على الحجاب في المدارس بالنمسا. لكن المحكمة الدستورية أبطلت ذلك في عام 2020 لأن القضاة اعتبروا أن ذلك ينتهك مبدأ المساواة.
شتيفاني هوبنر/م.ع.ح
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: حظر العباءة في فرنسا العباءة فرنسا حظر العباءة في فرنسا العباءة فرنسا فی المدارس الحکومیة العباءة فی المدارس ارتداء الحجاب فی ارتداء العباءة على الحجاب حظر ارتداء حظر على فی عام
إقرأ أيضاً:
الخارجية الروسية: "فيتو" الولايات المتحدة يعقّد مساعي السلام في غزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
انتقدت وزارة الخارجية الروسية، اليوم الخميس، القرار الأمريكي باستخدام حق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، مؤكدة أن موسكو تواصل سعيها الحثيث لإنهاء القتال وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وقالت الخارجية الروسية في بيانها إن استخدام واشنطن للفيتو يعكس موقفًا يُسهم بشكل مباشر في تفاقم الأزمة في الشرق الأوسط، معتبرة أن السياسات الأمريكية هي العامل الرئيسي في التصعيد المستمر في المنطقة وأماكن أخرى في العالم.
وأشارت إلى أن الموقف الأمريكي لا يساعد في خفض حدة العنف، بل يفاقم معاناة المدنيين في مناطق الصراع.
كما أكدت الوزارة الروسية أن روسيا ستستمر في توجيه جهودها عبر منصات الأمم المتحدة وغيرها من الساحات الدولية، بهدف دفع المجتمع الدولي نحو اتخاذ خطوات جادة لوقف القتال، معربة عن إصرارها على منع أي تصعيد إضافي في النزاع القائم.
وأوضحت أن موسكو تسعى لتحقيق تسوية سلمية دائمة للنزاع العربي الإسرائيلي، تستند إلى المبادئ القانونية المعترف بها دوليًا، وتضمن حقوق كافة الأطراف.
وفي ختام بيانها، شددت الخارجية الروسية على أن مواقف الولايات المتحدة تزيد من تعقيد الوضع، داعية إلى تحرك عاجل لإيجاد حلول سلمية ووقف المعاناة التي يعاني منها المدنيون في المنطقة.