مشروعات التحول الرقمي ..تحديات تحتاج إلى حلول
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
بدأ العديد من وحدات الجهاز الإداري للدولة منذ أكثر من 10 سنوات تنفيذ مشاريع في مجال التحول الرقمي وتم تأسيس هيئة تقنية المعلومات (التي دُمجت لاحقا في وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات) لتسريع التحول الرقمي في القطاع الحكومي، وتم تنفيذ المئات من المشاريع ذات العلاقة بهذا المجال إلا أن مستوى الإنجاز في هذا القطاع لا يزال يواجه تحديات عديدة، وقد لاحظنا خلال اليومين الماضيين إشكاليات عديدة واجهت أولياء الأمور لتسجيل أو نقل أولادهم من مدرسة لأخرى عبر البوابة التعليمية التابعة لوزارة التربية والتعليم وهي مشكلة تتكرر مطلع كل عام دراسي، ووزارة التربية والتعليم ليست هي الجهة الوحيدة التي تواجه مشروعاتها في التحول الرقمي تحديات، فوزارة الإسكان والتخطيط العمراني لديها نفس الإشكاليات خاصة في مديرياتها في المحافظات، والأمر نفسه نجده في وزارة العمل والمواقع الإلكترونية الخاصة ببعض الجامعات والكليات والعديد من الجهات الحكومية الأخرى.
صحيح أن هناك إنجازات تم تحقيقها في مجال التحول الإلكتروني سواء في وزارة التربية والتعليم أو الوزارات الأخرى التي أشرتُ إليها سابقا وغيرها من وحدات الجهاز الإداري للدولة، غير أن الخلل الذي يصيب الأنظمة الإلكترونية من حين لآخر وتوقفها عن العمل خاصة في الأوقات التي تحتاج فيه الفئات المستهدفة لهذه الأنظمة لإنجاز معاملاتها له أضرار اقتصادية واجتماعية عديدة، إضافة إلى إهدار الوقت في انتظار لا طائل منه، وإذا نظرنا حولنا إلى العديد من التطبيقات الإلكترونية العالمية فإننا لا نجدها تتعطل بهذا الشكل على الرغم من أن ملايين الأشخاص يستخدمونها بشكل يومي، وهذا يعني أن على الجهات الحكومية أن تبحث الأسباب التي تؤدي إلى توقف خدماتها في أوقات الذروة؛ عندما يلجأ الناس إليها لإنجاز أعمالهم.
ولا يخفى على أحد أن هدف التحول الإلكتروني هو أن تنجز أعمالك بكل سهولة ويسر ووسط إجراءات تتسم بالعدالة والشفافية، وهو ما يعني أن يتمكن الجميع من الوصول إلى النظام في نفس الوقت وبأقصى سرعة ممكنة ليحصلوا على حقهم من الخدمات المقدمة في أي قطاع اقتصادي أو اجتماعي، ولكن إذا كانت الأنظمة تتعطل من حين لآخر فإن البعض سوف يحصل على ما يريد والبعض الآخر لن يتمكن من ذلك وهو ما يتنافى مع الأهداف الأساسية لأي خدمة يتم تقديمها إلى الجمهور.
ومن القضايا ذات العلاقة بموضوع التحول الرقمي هو أن بعض الجهات لم تصل حتى الآن إلى أتمتة جميع أعمالها، وهناك جهات تتأخر في إنجاز الأعمال إلكترونيا مما يضطر طالبي الخدمة للتردد عليها لتسريع إنجاز معاملاتهم، كما أن بعض الجهات تمنح نفسها الكثير من الوقت لإنجاز المعاملات إلكترونيا مع أنه من الممكن إنجاز العمل خلال أقل من ساعة.
هذه الإشكاليات وغيرها تعد تحديات حقيقية على الجهات الحكومية إيجاد الحلول الناجعة لها حتى تستطيع تعظيم الاستفادة من التقنيات الحديثة وتسريع إنجاز المعاملات، وهو ما سوف ينعكس إيجابا على أداء الجهاز الإداري للدولة والاقتصاد الوطني بشكل عام.
محمد الشيزاوي كاتب عماني في الشؤون الاقتصادية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التحول الرقمی
إقرأ أيضاً:
تحديات جمَّة تواجه مسيحيي العراق
بغداد- يمارس المواطن المسيحي رائد ميخائيل بحرية كاملة في بلده العراق، شعائره وطقوسه الدينية كواحد من آلاف المسيحيين. ويشهد في السنوات الأخيرة تطورا في حياتهم الدينية ونشاطا بمواقعهم الدينية والتاريخية، بالرغم من تراجع ملحوظ لحضور المكون المسيحي في العراق وتناقص أعدادهم وغياب ما يحفزهم على البقاء أو يعيد المهجرين منهم، بفعل التراكمات السياسية والأمنية.
ويشعر ميخائيل بتزايد ملحوظ في الأنشطة الكنسية بعد سنوات من عدم الاستقرار، ويقول للجزيرة نت: "العراق يشهد الآن استقرارا أمنيا واجتماعيا نسبيا، يفسح المجال أمام مختلف المكونات للتعاون ببناء الوطن".
وتقدر منظمة حمورابي لحقوق الإنسان (منظمة أهلية) عدد المسيحيين في العراق حتى عام 2000 بنحو المليون ونصف المليون نسمة، وبعد سقوط نظام صدام حسين وبفعل عمليات التهجير لم يبق منهم سوى 450 ألفا، معظمهم بمحافظات إقليم كردستان.
ومع ذلك، يوضّح ميخائيل أن الهجرة التي نجمت عن الحروب "وتعسُّف" تنظيم الدولة لا تزال تشكل تحديا كبيرا. كما يضيف أن عودة المُهجَّرين تعتمد أساسا على تحسّن الأوضاع الاقتصادية وتوفير فرص العمل، خاصة بالمناطق التي يعتمد سكانها على الوظائف الحكومية، ودعا "لتقديم دعم حكومي أكبر للأعمال الحرة".
وبالرغم من أن الهجرة لا تزال خيارا مطروحا أمام الشباب بسبب "الظروف الاقتصادية الصعبة"، إلا أن ميخائيل يأمل في "استمرار الاستقرار والتطور الاقتصادي لجذب الغائبين لديارهم".
وكذلك إيفان شمعون، وهو مواطن مسيحي، يقول إن العراق يشهد تطورا ملحوظا واهتماما بالأماكن الأثرية والدينية، مثل "أور" و"بابل"، واصفا ذلك بـ"المشجع".
إعلانوتطلَّع شمعون في حديثه للجزيرة نت لتسريع الجهود وتوفير مراكز إيواء اقتصادية وسياحية دينية لاستيعاب "الأعداد المتزايدة من الزوُّار"، وقال "كان لزيارة البابا فرنسيس 2021 للعراق أثرا كبيرا في تسليط الضوء على هذه المواقع"، ودعا الحكومة لاستمرار دعم هذه المبادرات.
ورغم ذلك، لا تزال نبيلة عبد الله (مسيحية من الموصل)، تعيش معاناة التهجير التي فرضت على عائلتها، جراء هجمات "تنظيم داعش الإرهابي" كما تقول، حيث هاجر إخوتها الثلاثة إلى أميركا و أستراليا وكندا وبقيت هي وشقيقتها بالعراق تتجرعان "ألم الشعور بالوحدة، وصعوبات بفعل تشتت العائلة".
لكن هذه الغربة أحدثت تأثيرها، كما الحال مع المسيحي المغترب أسيل عسكر، الذي يستبعد عودة جميع المغتربين من المسيحيين حتى مع تحسن الأوضاع بالعراق، بفعل "التزامات الحياة وتقدم السن"، ويقول للجزيرة نت "فرص العمل والتعيين للمغتربين كبار السن محدودة".
وأضاف "ربما يكون لدى الشباب نظرة مختلفة رغم وجود صعوبات أيضا تتعلق بالدراسة والعلاقات المجتمعية".
من جهته، يتحدث السياسي والنائب السابق عن المكون المسيحي جوزيف صليوا، عن استمرار تهميشهم سياسيا وأمنيا ومجتمعيا، مشيرا إلى غياب الجهود لإعادة النازحين، وأن المسيحيين لا يزالون يبحثون عن الهجرة مرغمين بسبب الانفلات الأمني والتسلط وغياب القانون.
وقال صليوا للجزيرة نت، إن السريان الآشوريين المسيحيين يواجهون مشاكل إهمالهم منذ بداية كتابة الدستور، ما يشعرهم بأنهم "ليسوا مواطنين حقيقيين" بالعراق بسبب التجاوزات الدستورية والإهمال السياسي وانفلات القانون ووجود السلاح المنفلت.
وأضاف أن المشاكل لا تزال قائمة والقوانين ضدهم، وهناك تجاوز على ممتلكاتهم ويواجهون محاربة سياسية وقانونية ومن خلال السلاح، مبينا أن عدد الكلدان السريان الآشوريين المسيحيين بالعراق يقدر بمئات الآلاف، ينتشرون بعموم العراق، ويتركزون أكثر بالشمال في إقليم كردستان.
إعلانوفيما يخص التمثيل البرلماني أكد صليوا، عدم وجود تمثيل برلماني حقيقي لهم لا في برلمان الإقليم ولا في البرلمان الاتحادي، وقال إن تمثيلهم النيابي انحصر بـ5 مقاعد ووزارة "يتيمة"، وأن الحقيبة الوزارية لم تعد تمثل الآشوريين بحكومة الإقليم وإنما تحدد من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وتابع أن مقاعد الكوتا الأخرى تسرق من خلال الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفي بغداد الأمر متشابه أيضا، إذ إن مقاعد الكوتا لا تُمثِّل الكلدان الآشوريين بل تسرقها الأحزاب الشيعية "المتسلطة"، كما أن الوزارة المخصصة للمكون "الهجرة والمهجرين" هي الأخرى "مسروقة".
وأوضح أن "التمثيل الشكلي لا يرتقي إلى تاريخهم وعطائهم وتضحياتهم بتاريخ بلاد ما بين النهرين"، وأن "هذا التمثيل ليس له أي قيمة لأنه في الجوهر مسروق والإرادة السياسية الأخرى مصادرة".
وأشار إلى أن الخطر قائم بالنسبة للمسيحيين، طالما ليس هناك ثقة بين القوى السياسية التي تمثل العراقيين، وبظل خروقات أمنية وطائفية متغلغلة بمؤسسات الدولة العراقية. وحذَّر من العودة إلى ما حدث بعد 2003 و2014، بعد اجتياح تنظيم الدولة؛ حيث تخلَّت عنهم كل المؤسسات الأمنية الرسمية وقوات البيشمركة والجيش العراقي.
كما أن الخطر موجود، وفق النائب، ما دام ليس هناك قوات أمنية حقيقية مرتبطة بالحكومة الاتحادية تحمي نفسها بنفسها من أبناء المناطق. مبينا أن هناك بعض القوات باسم المسيحيين ولكنها في الحقيقة لا تخدم هذه المناطق، وليس لها أي قرار أو كلمة من أجل حماية هذا المكون، وهي "تابعة لقوات البيشمركة ولا كلمة لها ورواتبهم تتأخر".
وبالتالي تبقى المخاوف قائمة وحقيقية في ظل غياب قوات تُؤتمر بأمر القائد العام للقوات المسلحة، وتكون مرتبطة بالأحزاب المسيحية بغية الحماية الذاتية.
من ناحيته، أكد الناشط المسيحي المقيم بإقليم كردستان العراق، عماد صبيح جورجيس، أن المسيحيين في العراق أصبحوا "أقلية" بسبب الحروب وعمليات التهجير التي تعرضوا لها، ويعيشون حاليا في سهل نينوى. ويقول إن "عددهم في كل العراق لا يتجاوز حاليا 150 ألفا".
وأوضح جورجيس للجزيرة نت أن "التمثيل الحكومي للأحزاب المسيحية لم يحقق مطالب شعبنا"، مطالبا بـ"حصر التصويت داخل المكون المسيحي لضمان تمثيل حقيقي".
إعلانوأشار إلى أن "ملفات النزاعات على الأملاك لا تزال قائمة، حتى على ممتلكات الكنائس"، داعيا الحكومات المتعاقبة للتحقيق بهذه القضايا.
وأكد أن "عدد المسيحيين انخفض بشكل كبير نتيجة للقتل والتهجير وعدم توفر فرص العمل"، واتهم "بعض الأحزاب التي تدعي تمثيل المسيحيين بالعمل على تهجيرهم للاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم".
وطالب الناشط جورجيس بـ"خلق بيئة حاضنة للمسيحيين"، رافضا "الخطابات التي لا تترجم إلى أفعال على أرض الواقع". وأشار إلى أن "سيناريو التهجير" مستمر منذ عام 2003، وطالب رئيس الوزراء بالنظر إليهم "كمواطنين من الدرجة الأولى".