جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-19@00:27:05 GMT

دعوها يا بني وطني.. دعوها!

تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT

دعوها يا بني وطني.. دعوها!

د. خالد بن حمد الغيلاني

Khalid.algailni@gmail.com

@khaledalgailani  

 

منذ قديم الأزل والعرب تدرك أنَّ حرب أبناء العمومة أكثر شراسة، وأشد وقعًا، والشاعر طرفة بن العبد يقول:

وظلم ذوي القربي أشد مضاضة // على المرء من وقع الحسام المهند.

فحرب البسوس استمرت قرابة الأربعين عامًا بسبب ناقة، وحرب داحس والغبراء لم تقل مدتها، رغم أن السبب لا يرقى حتى لمُجرد التشاجر، ولكن هكذا هي نزاعات أبناء العمومة تشتد وتكبر.

وحينما مَنَّ الله تبارك وتعالى علينا- أعني العرب قاطبة- بالإسلام، كان الحرص على أن يكون الرابط بين بني الإسلام رابط الدين والمحبة، وأن تعلو أخوة الدين فوق عصبية الجاهلية.

وعند هجرة الحبيب المصطفى إلى المدينة بترحيب من أوسها وخزرجها؛ الذين دارت بينهم حرب طال أمدها، واستعر لهيبها، وأخذت من الحيّين ما أخذت. جاء الإسلام وأزال العداوة، وتحول البغض إلى أخوة ومحبة، وإيثار وحسن صحبة.

ساء اليهود هذا الود وهذه المحبة، وهم من كان أكثر المستفيدين من حرب بني العمومة. فأشار أحدهم يومًا كما تذكر كتب السير كسيرة ابن هشام والطبري؛ إلى غلام له وهو يرى الألفة بين القوم أن ذكرهم بيوم "بُعاث" وهو يوم مشهود بين القبيلتين قبل الهجرة. ومع وجود الرسول الهادي نبي الرحمة والسلام بين أظهر القوم إلا أنهم تداعوا للقتال، بعد اشتداد التلاسن بينهم، فقال صلى الله عليه وسلم قولته المعروفة؛ "أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم". مثل هذه الأحداث لا تُذكر عبثًا، وإنما ليعتبر النَّاس منها، ويعلمون أن العصبيات لا طائل من ورائها إلا الشتات، وفساد الأمر، وسوء المنقلب.

وبعودة إلى تاريخنا العُماني؛ نجد أحداثا عديدة مماثلة تداعى القوم فيها إلى عصبية القبيلة، وسالت إثرها دماء، كان حفظها أولى وأجدى. ولا يخفى على الكثير أن هناك عصبيات أشد فتكًا من عصبيات النسب والقبيلة، وهي الدعوة للطائفية والمذهبية، هذه الدعوات والنعرات التي إن ظهرت في مجتمع أهلكته، وفتت عضده، وشتتت شمله، وأرهبت أهله، ولنا في العديد من الدول عبرة يعتبر بها أولو الألباب، ويراها ذوو البصائر والعقول.

المجتمع العُماني منذ أمد بعيد وعى أولو الأمر فيه وأهله لمثل هذه المخاطر والآفات؛ فتجنبوها وتركوها، لعلمهم بخطرها وشدة أثرها، ولبعد نظرهم، وحضور أفئدتهم بأن ما يجمع بين الناس أكثر مما يفرق، وأن الإسلام دين الأمن والسلام، و أن لا خير ولا صلاح إن ظهرت بؤرة تشد على يد داعٍ لمثل هذه العصبيات المذهبية المقيتة، والنار من مستصغر الشرر.

وجاء نظامنا الأساسي في دولتنا الحديثة المجيدة ليضرب بيد القانون النافذ على مثل هذه الدعوات العصبية المذهبية والتي لا مجال للتساهل مع من يفكر مجرد التفكير في إثارتها من قريب أو بعيد.

إنَّ عُمان الغالية في عصرها الحديث دولة عظيمة، وسلطنة مجيدة، أرسى دعائم الوحدة الوطنية والإخاء فيها المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد طيّب الله تعالى ثراه، الذي أشار إلى نقاء التربة العُمانية، ورفضها لكل عصبيات مقيتة، وحرصه على أن يجرم القانون كل ساعٍ لمثل هذه العصبيات، وأوكل أمر الفتوى في البلاد لعلماء عظام، يدركون أن اختلاف العلماء رحمة، وأن ما يجمع بين الناس أكثر بكثير مما يفرقهم، حتى وصلت مسؤولية الفتوى لعالم فذٍ، مجتهدٍ، صاحب خلق رفيع، وتواضع جم، له في قلوب أبناء عُمان منزلة عظيمة، ومكانة عالية، وهو الذي يفتح قلبه وجوارحه لكل أبناء الوطن على اختلاف المذاهب، فنال محبة العباد، وثقة أهل الحل والقياد.

وتولى أمرنا مولانا السلطان هيثم بن طارق المعظم في مسيرة خير مستمرة، ونهضة متجددة؛ ليؤكد على هذه الثوابت الوطنية، واللحمة العُمانية، لعلمه ويقينه- حفظه الله ورعاه- بضرورة الثبات على الأصول، والمحافظة على وحدة الكلمة والصف، فلا تنمية ولا تقدم ولا رخاء ولا استقرار ولا استثمار ولا تجاوز لأي تحدي اقتصادي واجتماعي دون خلفية مجتمعية متراصة ومتعاونة ثابتة على نسيج وطني متداخل تداخل المحبة والألفة والسلام.

وما يحدث هذه الأيام من إثارة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وإشادة من هذا لذاك، أو نقد من ذاك لهذا، وانقسام هؤلاء إلى فسطاطين كلٌ يدّعي أحقيته وواجبه وسلامة نيته فيما يقول، وكلٌ يَضرب على وتر المحبة والوطن، ورغم أنني واثق من وطنية الجميع، لكن واجبات هذه المواطنة تجاه هذا الوطن ترى مجرد الخوض وعبر حديث عابر في أمر المذاهب هو لعب بالنار، وفتح لباب شر لا يسد، وسعي نحو مسار لا تحمد عواقبه، ولا يستهان بنتائجه.

وما استعار النار في عديد من الدول بسبب هذه الفتن الطائفية والمذهبية، نار أكلت رطبهم ويابسهم إلا كانت في بدايتها تراشق من هنا ورد من هناك، والمتربصون كثر، فهذا يؤجج هذا، وذاك يثير ذاك، والبغضاء تنتشر، والعداوة تشتد، فكان ما ترون وتعلمون.

وهنا المسؤول الذي أعنيه وأخاطبه كل عُماني تربّى على السمت العُماني الذي يُضرب به المثل، وتخلق بالأخلاق العُمانية الرفيعة، وأقولها بصوت عالٍ: دعوها يا بَنِي وطني، دعوها فإنها دعوى جاهلية، وإنها نتنة لا خير فيها ولا صلاح منها، والفضاء المستخدم رحب منتشر؛ فالحذر الحذر.

ثم المسؤول الآخر الذي أريده ذلك المعني بحفظ الأمن والنظام، وتحريك الدعوى المجتمعية تجاه كل من يعبث ويثير مثل هذه الأمور ولو كان مازحًا؛ فالإدعاء العام جزء من سلطة قضائية متينة، ودوره في هذا دور من يرعى مصالح المجتمع، ويحفظ الحقوق.

وفي الختام.. لا مساس بوحدة الوطن وأبنائه، ولا إمكان لكائن من كان أن ينفذ من هذه اللحمة الوطنية، أو أن يفت من عزمنا، ووحدة صفنا، وسواءِ كلمتنا، فنحن أبناء عُمان جميعا من أقصاها إلى أقصاها،  ديننا الإسلام من عهد النبي، كرامًا أوفياء من خير العرب، على قلب رجل واحد، خلف سلطان واحد، نعشق وطنًا واحدًا.

وأختم مقالي بأني فخور بسلطان البلاد المعظم، عزيزٌ بأبناء وطني الكرام، نقول جميعًا "يا ربنا احفظ لنا عُمان".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: الع مانی ع مانی

إقرأ أيضاً:

ما أسباب الدوار الذي أصاب رئيس الوزراء اليوم؟

القاهرة - مصراوي:

أصيب الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بحالة "دوار" لبضع دقائق أثناء المؤتمر الصحفي الأسبوعي، اليوم الأربعاء، مما أثار تساؤلات بشأن الأسباب الطبية لذلك.

كان "مدبولي" يتحدث عن اللقاءات التي أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرًا ضمن جولته الأوروبية، وكذلك لقاءاته المحلية، قبل أن يتوقف بشكل مفاجئ عن الحديث بعد شعوره بالدوار، ليطلب إيقاف المؤتمر الصحفي قائلًا: "اسمحولي نوقف"، مما أدى إلى وقف المؤتمر وقطع البث المباشر لبضع دقائق، ثم عاد لاحقًا لاستكمال المؤتمر، مشيرًا إلى أن ما حدث كان بسبب "دوخة بسيطة نتيجة الجهد المبذول".

وقال المستشار محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس الوزراء، في بيان، إن رئيس الوزراء تعرض لدور برد شديد منذ أيام، ورفض أخذ راحة.

وأوضح الحمصاني أن رئيس الوزراء تناول عدة أدوية ومضادات حيوية، وغادر مكتبه في وقت متأخر مساء الأمس، ثم عاد صباح اليوم لعقد عدة اجتماعات قبل اجتماع مجلس الوزراء، مما تسبب في إجهاد شديد وحالة الدوار التي أصابته لبضع دقائق.

ما أسباب حالة الدوار طبيًا؟

من جانبه، قال الدكتور محمود عبد المجيد، استشاري الأمراض الصدرية ومدير مستشفى صدر العباسية سابقًا، إن الإصابة بنزلات البرد مع القيام بمجهود كبير قد تسبب في بعض الحالات "دوار" أو "دوخة"، مما يستلزم الحصول على راحة مناسبة وتناول العلاج اللازم.

وبيَّن عبد المجيد، في تصريحاته لمصراوي، أن حالة الدوار قد تكون لها العديد من الأسباب الطبية الأخرى، مثل ارتفاع ضغط الدم، انخفاض نسبة السكر في الدم، أو الإصابة بمشكلات في الأذن الداخلية.

وشدد على ضرورة إجراء قياس للضغط وإجراء بعض الفحوصات الطبية لتحديد أسباب حالة الدوار. وبشكل عام، يتطلب الأمر الراحة المنزلية لحين التعافي والحصول على العلاج المناسب لنزلات البرد.

كيف يتم تشخيص الدوار؟

الدوار هو مصطلح يُستخدم لوصف مجموعة من الأحاسيس، مثل الشعور بالإغماء، الوهن، الضعف، أو اختلال التوازن، وفقًا لموقع "مايو كلينك" الطبي المتخصص.

قد يصف الأشخاص المصابون بالدوار حالتهم بمجموعة من الأحاسيس، مثل الشعور الزائف بالحركة أو الدوران (دوار)، الإصابة بالصداع مع الدوار أو الشعور بالإعياء، فقدان التوازن، أو الشعور بثقل في الرأس.

وأشار موقع "مايو كلينك" إلى أن أسباب الدوار تتنوع حسب الأعراض، فقد ينتج عن دوار الحركة، مثل الشعور بالغثيان أثناء التنقل بالسيارة، أو اضطراب الأذن الوسطى، أو تضاؤل تدفق الدم. كما قد يكون الدوار أثرًا جانبيًا لبعض الأدوية.

من جهة أخرى، أوضحت مؤسسة "كليفلاند كلينك" الطبية الأمريكية أن هناك فرقًا بين الدوار والدوخة؛ إذ يشير الدوار إلى الشعور وكأنك تتحرك أو أن محيطك يدور، بينما الدوخة هي شعور عام بفقدان التوازن.

وأشارت المؤسسة إلى أن أفضل طريقة لعلاج الدوار هي معرفة سببه الطبي. فعلى سبيل المثال، إذا كان الجفاف يسبب الدوار، فيجب شرب كميات كافية من الماء. وإذا كان دواء معين يسبب الدوار، قد يوصي الطبيب بتغيير الدواء أو تعديل الجرعة. ومع ذلك، لا يمكن التنبؤ أو الوقاية من جميع أسباب الدوار.

وأضافت المؤسسة أن الدوار قد يبدو عَرَضًا بسيطًا، لكنه قد يكون علامة على مشكلة أكثر خطورة إذا لم يُعالَج، إذ قد يكون الدوار عَرَضًا لمشكلات طبية قد تتفاقم إذا تُركت دون علاج.

الدكتور مصطفى مدبولي الدوار الذي أصاب رئيس الوزراء ما أسباب الدوار حالة دوار رئيس مجلس الوزراء

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الخبر التالى: بعد وعكة مدبولي.. أحمد موسى: "مافيش رفاهية لدى المسئولين" أخبار مصر بعد وعكة مدبولي.. أحمد موسى: "مافيش رفاهية لدى المسئولين" منذ 19 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر ما أسباب "الدوار" الذي أصاب رئيس الوزراء اليوم؟ منذ 21 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر رئيس الوزراء يخالف النصائح الطبية: حصل على مضاد حيوي لعلاج "نزلة برد" منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر حكم تصوير الكتب دون إذن صاحبها.. أمين الفتوى يوضح منذ 5 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر بعد أحداث بني سويف.. قرارات عاجلة لنقابة المحامين في اجتماعها اليوم منذ 6 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر مدبولي يتابع مع وزير الاتصالات مستجدات تنمية صناعة التعهيد وبناء القدرات منذ 6 ساعات قراءة المزيد

إعلان

إعلان

أخبار

ما أسباب "الدوار" الذي أصاب رئيس الوزراء اليوم؟

أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات

© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى

إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك 21

القاهرة - مصر

21 13 الرطوبة: 59% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • شاهد | ما الذي يخطط له العدو في الضفة، وكيف يستفيد من التناقضات الفلسطينية؟
  • ما أسباب الدوار الذي أصاب رئيس الوزراء اليوم؟
  • دويّ قويّ تسبّب بحالة من الهلع... ما الذي حصل؟
  • برلمانية: إطلاق أول دفعة من الأنسولين المحلي جلارجين ممتد المفعول إنجاز وطني
  • مشروع وطني
  • حكام العصب الجهوية يستنكرون إقصاءهم من اجتياز مباريات الترقية إلى درجة وطني
  • أنا صاحب مشروع وطني.. بيان منسوب لبشار الأسد يروي ملابسات فراره من سوريا
  • بشار الأسد: لم أكن في يوم من الساعين للمناصب واعتبرت نفسي صاحب مشروع وطني
  • الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا تطلق مبادرة لبدء حوار وطني شامل
  • الذي سيحدث للتمرد في مدني ليس مجرد هزيمة .. فلم رعب